مقالات وآراء سياسية

إعادة تدوير التاريخ Recycling))..!ا

حديث المدينة

إعادة تدوير التاريخ Recycling))..!!

عثمان ميرغني

كأنما التاريخ يعيد نفسه.. بالله لاحظوا معي هذه التقاطعات المتناقضة.. في نفس صباح مثل هذا اليوم من العام 1898.. وبالتحديد في منطقة كرري.. دارت المعركة الشهيرة التي فقدنا فيها وفي ثلاث ساعات فقط أكثر من خمسة عشر ألف مقاتل سوداني جسور.. بينما خسر الغازي البريطاني بضعة عشر جندياً.. كرمهم بنصب تذكاري يقف شاخصاً على يمين شارع الوادي بعد (الخور) وعلى المسلة كُتبت أسماء الجنود والضباط البريطانيين الذي سقطوا صرعى في تلك المنطقة.. و يا للحسرة.. شهداؤنا الآلاف لم تكرمهم لافتة واحدة أو نصب تذكاري ولا حتى إطلاق اسم معركتهم التاريخية على الكبري الجديد في المنطقة. لاحظ المفارقة.. المهدي وبضعة عشرات من المقاتلين انتصروا على نفس هذا الجيش في الجزيرة أبا.. ثم واصل مسلسل انتصاراته إلى فتح الخرطوم في 26 يناير 1885..في أضعف حالات الضعف، انتصر المهدي.. منطلقاً من منصة الثورة بلا دولة.. وفي أقوى حالات القوة انهزم جيش الخليفة عبد الله التعايشي.. منطلقاً من منصة الدولة.. والسبب هو ذاته السبب الذي يهزمنا اليوم.. التشاقق الداخلي.. كأننا اليوم في ذات المواجهة التي حدثت في مثل هذا اليوم قبل أكثر من مائة عام.. تقترب المعركة التاريخية الحاسمة في عمر سوداننا.. في مفترق الطريق الخطير الذي (ربما!) يؤدي إلى تقسيم البلاد والشعب.. نقترب من هذه اللحظة ونحن في ذات الوضع الذي كانت عليه حكومة التعايشي في ذلك الزمن.. فرقة وشتات وتناحر داخلي.. حكومة نصفها (الوطني) يكابد نصفها (الشعبية).. ومعارضة تشتكي من الحكومة بشقيها.. وبين هذا وذاك شعب أرهقه طول السهر.. سهر الشوك (لا سهر الشوق) في العيون الكحيلة.. بالدم.. المهدي انتصر رغم قلة حيلته المادية واللوجتسية والتسليحية لأنه كان يتسلح بوحدة شعبه معه.. من أقصى الجنوب إلى أقصى الغرب والشرق والشمال.. كان قادته من كل أنحاء السودان وكذلك جنده.. والتعايشي انهزم.. لما صار هناك (معنا.. وضدنا).. من ليس معنا فهو ضدنا.. وفتحت أبواب السجون للمعتقلين السياسيين ونضبت الرحمة وقل العفو والتهبت النفوس في المرارات السياسية.. لما نصبت المشانق وأغلق الحوار الوطني.. وصار الرأي واحدًا لا يقبل الجدل ولا النقض. ليت الحكومة ـ وقبل فوات الأوان ـ تدرك أن الأوطان لا تتسع بمساحاتها الجغرافية.. بل بمساحات التعاضد الوطني.. إسرائيل دويلة صغيرة الأرض والشعب.. ومع هذا تملي سيطرتها علينا بكل مساحات بلاد العرب وشعوبهم وثرواتهم.. فالقوة الكامنة في الشعب.. هي الأقوى.. ولا يمكن أن تصنع شعباً قوياً.. من شعب يرتعد.. يخشى كلمة الحق ويعلم أن لها ثمنًا.. ويستسهل النفاق والخوف والسلامة في السكون.. بالله عليكم (بلاش حكاية) استكمال بناء أمة سودانية موحدة، آمنة، متحضرة، متقدمة، متطورة.. مثل هذه الكلمات لا تصنع الأمم.. يصنعها الفعل المبني على فكرة ذكية.. فكرة تستلهم التاريخ بأخطائه وصوابه.. فعل مثل التخفيضات التي أعلنت عنها ولاية الخرطوم في رسوم الخدمات.. أفضل من ألف خطبة وبلاغة الملافظ.. وهذا هو المطلوب.. أفعال.. لا أقوال..

التيار

تعليق واحد

  1. اهلتا بقولوا اليد الواحدة مابتصفق وحبوبتي لمن سمعت باخوان مسلمين قالت الكافر ليكم منو ادعاء امتلاك الحقيقة والتمسح بالدين والك\ب بالدقون سبب لنتيجة ماثله امامنا فمتي يعترف الاخر بالخطا ويعترف بان هناك اخر !

  2. رمضان كريم
    البناء الفعلى لاياتى بالاحتفالات والنقزى والرقيص واليكم تجربة اليابان وكثير من دول العالم هل رايت او سمعت عن رئيس طول العام منتشئ ويرقص اربعه وعشرين قيراط ومبتسم وبلده ثالث اواخر بلد فى كل شئ والغريبه يقولو ليك هى لله الصحابه ابوبكر وعمر كانوا يبكوا الدم من المسؤوليه وهم المسلمين وامورهم المعاشيه

    مشكلة السياسيين فى السودان وكلهم بدون فرز لم يتعلموا ان السياسة فن الممكن والمعقول وخيار بين السئ والاسوأللاسف نعقد الامال على مشروع وبمجرد وضع اللوحه نعتبر المشروع انجز وتم ولله الحمد ونحتفل كمان ونطرب ونرقص

    ……………تصبحوا على وطن

  3. اهو دى مشكلتنا الحقيقية تعرض وتصول وتجول وتايد وتعاضد ولما اتكالبت الخطوب نصبت نفسك مصلح اجتماعى ووطنى غيور
    مشكلة السودان الحقيقية فى امثالك من العائمين حسب التيار

  4. فكرت فى هذا يا هذا يوم حملت رشاشك مدافعا وممّكننا لهذا النظام تذكرت الرأى الاخر يوم كنت تشوى و تجلد وتعذب فى الشرفاء داخل بيوت الاشباح لا لذنب سوى رأى مختلف عنك
    ولكن عندما تقترب السفينةمن الغرق تهرب الجرذان . كان الاحرى بك الاعتذار لهذا الشعب يوميا و انتقاد نفسك يوميا على ما فعلته فى هذا الشعب عندما اعطوك رتبت عقيد عشية الانقلاب:mad: :mad: :mad:

  5. الان ياعثمان ميرغنى قلت الحقيقة والمرة دى بجرأة شديدة وماك خايف من العواقب لكن باين عليك حسيت بزوال هذه العصابة وبقيت تلعب بذيلك اعمل حسابك يا رجل والله ديل ماعندهم امان ابدا الله يكفيك شرهم وقالوا االما بخاف الله خافو بقيت تتكلم عن الحقائق مباشرة بدون تورية او كناية وانشا الله تكون عندك حاسة سادسة اوحت لك برحيل هذه العصابة الطاغية لكن صدقنى مقالك دا محسوب عليك حايختوه ليك لليوم الاسود وانشا الله ربنا يجعل كيدهم فى نحرهم ويرينا فيهم عجائب قدرته ويسلمك ويسلمنا من شرهم وغدرهم

  6. أخ بابكر موسى يبدو أنك تعرف الكثير عن خلفيات عثمان ميرغنى…أرجو تأكيد منحه رتبة عقيد فى بدايات أنقلاب الجبهة , فمعلوماتى محدودة فى هذا الموضوع!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..