قمة التغابي

قمة “التغابي” هو أن تمتك القدرة على حمل الآخر للظن أنك على درجة من الغباء … غباء يحمله حملاً للاعتقاد الجازم بأنك أيضاً تعيش بلا ذاكرة، وليس هذا فحسب بل أن هذا “التغابي” المصنوع يمنحه ـ أي الآخرـ مساحة تجعله “يتذاكى” وهو موقن بغبائك وضعف ذاكرتك… أن تفعل كل ذلك وأنت في قمة الذكاء والوعي فإنك تصنع سحراً يجعل هذا الآخر يرقص عارياً مجرداً من كل الثياب ولا يرى عورته لأنك سحرته بـ ” التغابي” وحسن التجاهل، بينما أنت تتفرج على عوراته دون أن تُشعره بـ “العُري” الذي يبدو على أقواله حينما ينتشي ويُصرح، ولا بـ “العُري” الذي يبدو على أفعاله حينما يفعل ويمارس نشاطه…ولا بـ “العُري” الذي يبدو على سلوكه وأخلاقه…

الشعوب البسيطة ـ ملح الأرض ـ هي وحدها التي تمتلك القدرة على “التغابي” وتتفنن في صناعة السحر العظيم الذي يجعل “الآخر” الفخيم يرقص عارياً، ويقول كل شيء في لحظة “السكرة” ولا يلقي بالاً لما يقول ويظن كل الظن أن هذه الشعوب البسيطة تعيش بلا ذاكرة بينما هي تُدوّن وتحفظ كل شيء.. وسُكارى السياسة هم وحدهم من يقعون في شباك ذاكرة الشعوب المتمردة التي تبدو بالية بينما هي في كامل لياقتها وعنفوانها…

الشعوب البسيطة ـ ملح الأرض ـ هي التي تمتلك القدرة لأن تكون كـ “الطفل” الذي نبه فرعون إلى عُريِّه ـ إن أرادت ـ ولكنها لا تفعل لأنها غالباً ما تكتفي بالتصفيق والهتاف حُباً في ممارسة فضيلة “التغابي” لأن الفراعنة العراة يمتلكون حساسية مُفرطة تجاه الأذكياء.. فالتغابي في هذه الحالة هو ما يمنحك الحياة كي تعيش بين الفراعنة العراة…. لذلك فإن التغابي هو ما يلجأ إليه الكثيرون، وأما القلة هم من يصطدمون بأقدارهم، ويا لها من أقدار.

في واحدة من النجوع البعيدة جاء نائب الدائرة في موسم الانتخابات فأعاد وعداً قديماً وأعطى ميثاقاً غليظاً وفي غمرة الهتاف وعاصفة التصفيق سألت أحدهم: وهل تُصدقون هذا الكذاب الأشر، فأجابني :(نحنا والله عارفنو كضاب وما بسوي الحبة دي، لكن زي ما هو بتاع تمثيل نحنا برضو نمثل عليهو…)… بعض الساسة الفراعنة حينما يستقبلهم الناس بالهتاف والتهليل يظنون أن الشعوب تُقدسهم و”تألههم”، فيتوهمون كل الوهم أنهم ماكثون .. …اللهم هذا قسمي فيما أملك…

نبضة أخيرة:

ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

الصيحة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..