من المسئول عن تقسيم السودان؟

الاسلام اليوم / ياسر الزعاترة

الأَرجَح أن انفصال الجنوب السوداني سيكون الحلقة الأولى من حلقات الحصاد المرّ لمسلسل التراجع العربي أمام الولايات المتحدة منذ هجمات الحادي عشر من أيلول، وبشكلٍ أكثر وضوحًا منذ ملامح احتلال العراق في العام 2003، وفيما يمكن تحميل المسئوليَّة للنظام السوداني، إلا أن نصيب النظام المصري لا يقلُّ أهميَّة، بل ربما كان أكبر تبعًا لأهميَّة مصر ودورها في المحيط العربي والإقليمي.

تبدأ قصَّة الانفصال منذ سنوات طويلة، ربما منذ هجمات الحادي عشر من أيلول، حيث وقع ابتزاز النظام السوداني بملفات الإرهاب ورعايته تبعًا لخروج أسامة بن لادن من السودان، إلى جانب عددٍ من رموز القاعدة تاليًا (أعني قادة تنظيم الجهاد المصري)، فضلا عن التورُّط في محاولة اغتيال الرئيس المصري، وهنا لم يكن أمام رموز النظام سوى الشروع في تسجيل تراجعات متوالية أمام واشنطن، بدءًا بوضع كل ما لديهم من ملفات حول المجموعات الإسلاميَّة بين يدي الأجهزة الأمريكيَّة، ومرورًا بفضّ الشراكة مع شيخهم الترابي، مما أدى إلى إضعاف النظام بشكلٍ عام بسبب انحياز جزء كبير من قواعد الحركة الإسلاميَّة للشيخ.

بعد ذلك تواصل الابتزاز، أولا من خلال الضغوط السياسيَّة، وثانيًا من خلال دعم التمرُّد العسكري، الأمر الذي أفضى إلى شعور القوم بالهزيمة، ولم يكن أمام رموز النظام الذين باعوا شيخهم وتناقضوا بالكامل مع قوى الشمال غير الخضوع للابتزاز، فكانت اتفاقات "نيفاشا" وما قبلها التي نصَّت أولًا على منح حركة التمرد كامل السلطة في الجنوب مع حصة معتبرة من الشمال، وثانيًا على استفتاء حق تقرير المصير، الأمر الذي كانت نتيجته محسومةً كما يعرف الجميع، وإن وقع تسويق اللعبة في حينه بالقول إن الانفصال ليس محسومًا، وأن ثمة خطوات ستتخذ من أجل جعل الوحدة خيارًا جاذبًا.

لم تتوقفْ عملية ابتزاز النظام، ودائمًا بسبب أخطائه من جهة، وإصراره على التفرد بالحكم من جهة أخرى، فكانت قضيَّة دارفور التي لم تنتهِ فصولها بعد، ولا يعرف إن كانت ستفضي إلى انفصال جديد أم لا، مع أن احتمال الانفصال يظل واردًا.

على أن النظام لم يكن المذنب الوحيد، فالتراجع كان سمة الوضع العربي برمته بقيادة الشقيقة الكبرى التي تراجعت أمام ضغوط الدمقرطة والإصلاح التي ابتدعها جورج بوش، ثم قايضها بالدفع من جيب القضايا الرئيسيَّة، وفي مقدمتها العراق وفلسطين والسودان.

هكذا لم تقدمْ مصر أية مساهمة إيجابيَّة في وقف تدحرج السودان نحو الانفصال رغم إدراك سائر العقلاء لحقيقة أن أمرًا كهذا سيكون مصيبة على مصر أيضًا، كما سيشكِّل سابقةً في المنطقة قد تتلوها مصائب أخرى على ذات الصعيد، ذلك أن نشوء كيان متحالف مع الكيان الصهيوني في جنوب السودان سيضع الأمن القومي المصري في مهبّ الريح، وستكون مياه النيل هي العنوان، الأمر الذي بدأت ملامحه منذ شهور بحديث الدول التي تشترك مع مصر والسودان في مياه النهر عن إعادة النظر في حسبة توزيع الحصص.

كان بوسع النظام المصري أن يكون سندًا للنظام السوداني في معركته لمواجهة الضغوط، لكن ذلك لم يحدثْ، بل ربما وقع العكس، الأمر الذي أفضى إلى النتيجة التي نحن بصددها، والتي لا تهدِّد وحدة ما تبقى من السودان بعد انفصال الجنوب فحسب، بل تهدّد بشكل أكثر وضوحًا الأمن القومي المصري.

لم تفلح الصحوة المتأخرة للنظام السوداني نفسه، وكذلك التحرُّك المصري في خلق أجواء أخرى تسمح ببقاء السودان موحدًا، والأرجح أن انفصال الجنوب سيفتح الباب أمام مصائب جديدة في دارفور وسواها.

من الطبيعي أن يحسب بعض القوم هذه التجربة البائسة على الحركة الإسلاميَّة، لكن واقع الحال لا زال يشير إلى أن شهوة السلطة تبدو أقوى من الأيديولوجيا في كثيرٍ من الأحيان، بل إن الشيخ الترابي الذي أخرج من السلطة بسبب اقتراحه نظامًا تعدديًّا ضمن المرجعية الإسلاميَّة حتى لو جاء الصادق المهدي رئيسا للوزراء، لم يلبث أن دفعته مناكفات السياسة إلى تبنِّي سياسات خاطئة في دارفور بتحريضه على التمرُّد المسلَّح هناك.

هذا الواقع يؤكِّد أن الحرية ينبغي أن تسبق كل شيء كما ذهب الشيخ القرضاوي، وبالطبع حتى يتمكن المجتمع من بناء إجماع على مرجعيتِه الإسلاميَّة من جهة، وعلى نظامه التعددي من جهة أخرى، الأمر الذي قد يستغرق وقتًا قد يكون طويلًا بعض الشيء، وقد يتطلب تضحيات كبيرة، تمامًا كما حصل في أوروبا التي جاءت فيها الديمقراطيَّة والتعدديَّة نتيجة مساومات وحروب أهليَّة طاحنة.

مؤسف هذا الذي يجري في السودان، وندعو الله أن لا يكون محطة باتجاه مزيد من الشرذمة والتفتيت في المنطقة، فالأمَّة التي أفشلت الغزو الأمريكي للعراق وأفغانستان لا ينبغي أن تستسلم لخيارات التفتيت والشرذمة الطائفيَّة والعرقيَّة الأكثر خطورة من الغزو والاحتلال.

تعليق واحد

  1. نقول للبشير وداعا لخطابات تحت جزمتي ومركوبي وعلى بالطلاق والدبابين والكلام الما بتقدر عليهو ده خليك في الرقيص والإنبطاح ودع الشعب السوداني ينسى ما قلته في البيان الانقلابي بأن إتفاقية الحكم الذاتي بين المرغني وقرنق اتفاقية خيانة كبرى وأن النظام الحاكم آنذاك فشل في الحفاظ على السودان ووحدة أراضيه … يا البشير الرقاص أبو جاعورة أرقص شاء الله لك أن ترقص وجعّر واستعرض الهبالة والقوة أمام البسطاء وإنبطح للأمريكان بعد أن تنزل من منصات الإحتفال كما جرت العادة ونسأل المولى عز وجل أن ينعم على هذا الشعب بمزيد من إنبطاحاتك ولكن دون التفريط في الوطن الغالي ووحدة أراضيه التي نراها تتقلص يوما بعد يوم بقول سيدنا إمام المرسلين (ص) (اللهم من ولي أمر من امور امتي فشق عليهم اللهم فاشقق عليه)

  2. الرقاص ابو جاعورة مفتت البلاد مفرق النخب والاحزاب والنقابات .. قاتل الأنفس في الاشهر المحرمات … حامي اللصوص سارقي اللقيمات من أفواه الفقراء والمسنات .. لا يرحم صغار ولا يتيمات .. بجمع الضرائب والرسوم والجبايات .. لبناء الفلل والعمارات .. وامتلاك الشاليهات في ماليزيا والامارات .. بارع في الرقص في المهرجانات .. الى أن صارت ارجله معوجات .. ناثراَ فيها السباب والشتيمات .. مرة بالمراكيب والكيعان ومرة بالجزيمات …مستعرضاَ بالكباري والمشروعات .. المشيدة بأدنى المواصفات .. والتي لم تكلف سوى بضع مليونات … ليتم تضخيمها بالمضاعفات .. عشان عمولة المتعافي والحرمتين الملهوفات .. نسأل المولى أن يكفينا شر الجايات .. من ظلاماتهم ونشرهم للعصبيات .. فينقسم الوطن الى كنابي ومعسكرات

  3. الجنوب دوله مسيحيه والامريكان حيطوروها المشكله في شمالنادا لا دوله مسلمه تراعي حقوق المواطنين بالتساوي كما امر الاسلام ولا دوله مسيحيه المشكله الشمال دوله قبليه عشائريه هذه هي الحقيقه المره وستنفصل دارفور وجبال النوبه والشرق هذه القبائل لن تتحمل عنصرية الشماليين واستحوازهم علي جميع حكومات السودان كما هو واضح تماما علي ارض الواقع ولقد وضح اختلال ميزان العداله بين قبائل السودان منذ الاستقلال الي يومنا هذا كما جاءفي صفحات الكتاب الاسود والذي عمل الشماليين لاخفائه وبل تجريم حامله وقارئه مثل الصهيونيه تماما التي تعمل علي اخفاء جرائمها وتجريم وبل اتهام من يتكلم بماجاء من حقائق صرفه في الكتاب الاسودالذي يحكي مرض السودان الحقيقي لقد اتهم بالعنصريه 0هذا هو السودان الدوله الظالمه الذي كان سلة غذاء العالم واصبح بفضل العنصريه القبليه افقر بلاد العالم0مهما تهربتم من الحقيقه فان فشل الدوله السودانيه ملاقيكم0ان الله لا ينصر القوم الظالمين0اتمني ان ينهض السودان ولكن

    الصهيونيه تفعل كل شئ معادي ومخل بالعداله ولكن اذا حاولت ان تظهر افعلها تتهمك بالعنصريه ومعادات الساميه 0السودان بين البحث عن العداله وسندان الصهيونيه المحليه:rolleyes:

  4. يفكر الفاتيكان فى منح المشير العوير عمر نيشان الصليب الذهبى نسبة لخدماته الجليلة للمسيحيين باهدائهم دولة مسيحية من رحم دولة اسلامية تدعى تطبيقها شرع الله وتعيينه بابا للفاتيكان خلفا لبندكت لانه لم يقدم الخدمة التى قدمها لهم المشير العوير عمر وما كانوا يحلموا بها حلما يكفيهم خزيا المتامر الوطنى هذه الهدية القيمة للصليب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..