هل يلهمنا ترامب بفوزه ؟

بسم الله الرحمن الرحيم
لا أخفي ارتياحي بفوز ترامب .. ليس لأن فوزه يعنيني بأي زاوية ..ولكن بالنظر إلى السباق الرئاسي الذي فرض نفسه على العالم..ولمن لا مصلحة له فيما يجري..تكون كمن يشاهد مبارأة في كرة القدم.. فريقك الذي تشجعه ليس طرفاً فيها..هنا ..إما أنك ستشجع اللعبة الحلوة..أو تنحاز للفريق الذي تراه مضغوطاً من الحكم وعوامل أخرى.. ولانعدام اللعبة الحلوة ..يقف المرء في وجه الاستهداف ..وهذا كان حالي. فكل من تابع الحملة على ترامب..وجده مستهدفاً بالكامل من الإعلام..حيث معظم القنوات وكبار كتاب الأعمدة ضده..كان الاعلام الأمريكي يريد صناعة رئيس كما يراه..فأصبحوا يتصيدون خصوصياته مثل التسجيل الصوتي المسرب عن نسائياته .. من حديث خاص بين أصدقائه..ثم شهادات من عارضات ازياء وغيرهن باتهامه بالتحرش..
فانحدرت المناظرات إلى هذا المستوى..لكن لم تكن هذه تشكل مأخذاً حقيقياً بالنسبة لمن صوتوا له..ربما برأيي لأنهم أدركوا نفاق من يدعون الطهارة وشفافيته في المقابل.وغير
ذلك من آرائه في الأقليات والهجرة غير الشرعية واللجوء..فرغم محاولة الإعلام وحملة كلنتون رسم صورة وردية للواقع الأمريكي تناقضها تصرفات الشرطة تجاه السود في ظل حكمهم ..وبالتالي محاولة استمالة الأقليات إليها..أتضح أن 70% من التاخبين من البيض..فخاطب مخاوفهم ففاز ..ليس على كلنتون..فقط..بل على الآلة الإعلامية الضخمة متحدياً لها بوضوح ومباشرة وكذلك استطلاعات الرأي العام وكل المحللين السياسيين..ما سيفرض لاحقاً تغييراً في أساليب وقواعد هذه الاستطلاعات..وبفوزه ..جعل المحللين الذين كانوا يتبارون في تبيان اسباب فشله ..تائهين في دروب البحث عن أسباب نجاحه.
من كانوا في حملته أدركوا أن الاقتصاد والمهمشين كانوا نقطة تصويبه..فنهض المهمشون لتأييده..وكانت الحملة ذكية في حثهم على الصمت وعدم الإفصاح لمن سيصوت بملصق ذكي كتب عليه (هسسس ..صوت لترامب) حتى لا يكونوا تحت ضغط الخجل من التصويت لمرشح ملئ بالعيوب والجهل كما ارادت الحملة المضادة.
لكن أهم معاني فوزه..وهي ما تعنينا..كانت فوزه من خارج القوالب ..فهو ليس جمهورياً ولكنه نال ترشيحه..وهو ليس من النخب السياسية والثقافية فاستهدفها باتهامات الفساد..ذهب إلى اليهود وقال لهم لست محتاجاً لتبرعاتكم لذلك سأقول رأيي لا كما يودون سماعه كما اعتادوا..وهو ليس متديناً وفاز بأصوات المتدينين.
لو تفرس كل شخص في ملامح وجه فشلنا..فسيجد القوالب والرموز والنخب..التي تأطرنا فيها طوال سني استقلالنا..حتى أصبح يصور لنا بأنه لا حل لنا خارج هذه الأطر..فيجب أن يلهمنا فوز ترامب على النخبة والقوالب والإعلام الفاسد على التأسي به..فمن يأتي من خارج الصندوق؟؟؟..فالصامتون عندنا ليسوا أقل إحساساً بزيف واقعنا السياسي الذي أوردنا الفشل فيكل المجالات..نتابع خلاف الصادق مع مبارك.واختلاف الحسن الميرغني مع قيادات حزبه.وانشقاق الشيوعي..وتشظي الحركات المسلحة