فضائياتنا بين الإعلام الحر وإعلام صالات الأفراح

حسن احمد الحسن

ما أن تمسك بالريموت وتتنقل بين الفضائيات العربية والأجنبية الإخبارية والمنوعة والثقافية والمتخصصة المختلفة حتى تكون في حيرة من أمرك أين تنيخ زاملتك وتلقى بالريموت لتستمتع بحسن الأداء وعمق المعنى اهذه ام تلك .

مجموعة من البرامج الحوارية والإخبارية المشوقة التي تتناول كل صغيرة و كبيرة بعيدا عن تدخل العسس او توجيهات من يخشون على مناصبهم صحفيون واعلاميون يتحدثون في طلاقة دون خوف او توجس حول مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى قضايا الفنون والإبداع تستقدم المبدعين وتحاورهم وتجادل السياسيين من كل طيف ولون وتستجوبهم دون خشية او مهادنة او ملق تلتقي بأهل الفكر والعلم والفن وتستجلي باطنهم وتظهر اجمل ما لديهم من ثمار ، أدباء ومفكرون ومسؤولون ومحللون وأصحاب رأى تنطبق صفاتهم على حسن أدائهم ووعيهم وثقافتهم .

وحين تطلق العنان لخيالك الإعلامي وتستبد بك الآمال أن يتجسد هذا المشهد في فضائياتنا المملوكة للدولة والتي يفترض ان تكون ملكا للشعب وتيمم شطر إعلامنا سرعان ما يرتد إليك طرفك خاسئا وهو حسير ففضائياتنا في حالة من الفرح لا تحسد عليه لا ينقطع بين نقل حفلات الصالات المتناثرة والمكتظة بفيالق المغنين واللقاءات الفنية مع مطربين مغمورين وغيرهم وأغاني الحماسة التي تجسد ثقافة العنف بمنطق اليوم تتوالد من حولها فرق الاستعراض التي أصبحت مهنة من لا مهنة له بين حملة السيوف من شيوخ وشباب وأطفال سيوف صدئة ما قتلت ذبابة وحملة الدفوف والطنابير وصفوف الراقصين والراقصات بنهج ممل أجهض قيمة إحياء التراث وأحال تلك الفضائيات إلى مجرد كازينوهات أفراح شعبية وحلبات رقص بغير حساب وبشكل مستمر وغير لائق برامجيا وفنيا .

هل أنجز إعلامنا مهامه الأساسية في توعية المواطنين وتثقيفهم وتبصيرهم بحقوقهم هل أنجز اعلامنا مهامه باستزراع قيم الديمقراطية وثقافة الحوار بين المواطنين هل انجز اعلامنا مهامه ببناء وتعظيم قيم الوحدة الوطنية هل نجح اعلامنا في تقديم صورة افضل عن الفنون تنم عن وعي وثقافة وتحضر اهل السودان ام أنه يساهم بمثل هذه الممارسات في تجسيد الصور النمطية السالبة عن السودان والشخصية السودانية لدى بعض المشاهدين من خلال برامج بائسة لا ترتقي ولا تتناسب مع قدرات كوادرنا الإعلامية المدربة والتي لديها القدرة على تقديم مواد وبرامج تنافس بها اكبر الفضائيات بدليل ان بعض تلك الكوادر تدير وتعمل فعلا على إنجاح فضائيات عربية تنافس بما تقدمه شكلا ومضمونا .

إذا كانت الكوادر الإعلامية السودانية في وسائل الاعلام السودانية عاجزة عن تقديم برامج سياسية وثقافية وإخبارية حرة بسبب عدم توفر حرية العمل الإعلامي بسبب ما يعانونه من قيود في ظل الواقع الماثل أو رقابة محكمة ممن نصبوا أمراء على الإعلام ووسائله رغم واقع الأزمة السياسية في السودان وما توفره من مادة إعلامية متنوعة تتسع فيها المعالجات والصور إلا أن السودان أيضا يمثل بكل تنوعه مادة إعلامية خصبة متنوعة ثقافيا واجتماعيا وفنيا وسياحيا وأدبيا وغيره من أنماط الثراء التي يمكن أن يتبارى فيها المعدون والمنتجون كان يمكن أن تجعل الاعلام السودان في الفضاء العربي منافسا متميزا بمايقدم دون رتابة أو بؤس او ملل وذلك أضعف الإيمان .

صحيح أن غياب حرية العمل الإعلامي تقتل الأداء الإعلامي وتحيله إلى صور نمطية مصنوعة فارغة المحتوى وبائسة الشكل وصحيح أن الإعلامي المهني السوداني قادر على إبداع الصور الفنية المختلفة في مختلف أنشطة العمل الإعلامي غير أن ما هو متاح حاليا من مساحة نسبية يمكن أيضا من إحداث اختراق ما يتطلب الجرأة والرؤية الفنية حتى تكتمل صورة المشهد الإعلامي السوداني الذي يستحقه في مساحات أوسع من الحرية الإعلامية غير المشروطة بطاعة الحاكم .

وصحيح أن حلبة الفضاء الإعلامي العربي تشهد تنافسا نوعيا حادا في تقديم اجمل ما لديها تلعب الإمكانيات في ذلك دورا مهما كما تلعب حرية العمل الإعلامي أيضا دورا بارزا فيه وحتى يقيض الله لا علامنا فرجا ومخرجا فليعيد مخططو البرامج قراءة خارطة برامجهم بما يتسق مع وعي المشاهد السوداني ورغباته والارتقاء بها لا الانحدار مع بعضها وحتى لا يكون اعلامنا وفضائياتنا مجرد صالات للمناسبات وحلبات للرقص في وقت تتقافز فيه خطوط الفقر ووتيرة الإحتراب وتعلو فيه أصوات المنادين بإشاعة الحريات ويشهد السودان فيه حصارا لامثيل له لكل هذا وذاك وإلى حين اشعار آخر ندعو إلى تنظيم هذه الفوضى الإعلامية إن كان لا أمل في وقفها .
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. ( هل أنجز إعلامنا مهامه الأساسية في توعية المواطنين وتثقيفهم وتبصيرهم بحقوقهم ؟ )
    شكرا لتناولك هذا الموضوع الهام و العشم ان يجد من يهتم به من القائمين علي اعلامنا :
    فالإعلام كما هو معروف اكثر الوسائل تاثيرا في الناس ، فلا يكاد يخلو منه منزل تلفزة او راديو .
    إذن لابد من ان نجعل منهم وسيلة للوصول الي عقول الناس بطريقة نحافظ بها علي قيمهم و مبادئهم و ثقافاتهم ، و نجعل منه دافع للتمسك بالعادات و الثقافة السودانية بطريقة سهلة دون تكلف . المشاهد لبرامج القنوات الفضائية السودانية لاول مرة تنتابه الحيرة ” فلا تدري اي دول العالم تنتمي اليها القناة التي تشاهدها ، خلطة شملت حتي برامج الاطفال ….
    يجب ان يقوم الاعلام علي خطط مدروسة و هادفة و بعيدة عن الابتذال و التفاهة و العبث .
    كلام فارغ ….

  2. انتو تغلق كل ابواب السعادة لشعب لا يجد ادنى مقوامات الراحةوتنشرون كل ما هو مرعب ومخيف زورا وبهتانا للعكننة على الشعب والنظام ما شغال بيكم شغلةاعملو حاجة للشعب عشان يعرف انتو تسعو لمصلحتو اعملو حاجة واحدة بس

  3. اصلو نحنا غير الرقيص ونقل الافراح واستضافة السودانيين المتزوجين من اجنبيات او ملاحقة السودانين العايشين برا ماعندكم اى فكر اعلامى شعب معقد يبحث عن هويتو ولم يجدها ..

  4. صراحة قنوات السوان لا يشاهدها الا القلة القليلة وميزانيتها كان اولى بها صحة ولا تعليم لان ان فكرت تشوف قناة سودانية حتى تجد الغناء والطرب 24 ساعة لا تكن ولا تون حتى الواحد يستحى صراحة لان الغناء اصلا حرااااام وكيف نطلب الفرج من ربنا وهذا هو حالنا
    شعب جعان لكنوا جباااااااااااااااااان

  5. المؤسف اعلامين أمثال عمر الجزلي والفاتح الصباغ وغيرهم من المذعين الكبار لم نري لهم أي موقف بل ساهموا في تدمير الاعلام السوداني , اعلاميين أمثال علي شمو لم يحركوا ساكناً ما يدل علي ان القضية ليست بقضية نظام يحكم بلد بل هناك سبب اكبر من ذلك ليدفع كبار الإعلاميين في البلد للسكوت

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..