مقالات سياسية

فيمَ ستنفق تبرعات القومة؟

د. محمد عبدالقادر سبيل

مبادرة (القومة للسودان) التاريخية التي اطلقها دكتور حمدوك اقتربت في يومها الخامس من 50 مليون جنيه ونتوقع ان تصل في نهاية مطافها الى 100 مليون جنيه حال دخول مؤسسات وشركات كبرى قائمة الشرف وهذا ممكن من خلال الاتصال والحث المباشر على اعلى المستويات ( خاصة شركات الجيش والامن والدعم السريع).

كما نتوقع ان تصل حصيلة تبرعات المغتربين الى 40 مليون دولار … وهذا المبلغ كما نرى رغم انه دليل على نجاح الحملة لناحية عدد المشاركين ( حوالى 100 الف متبرع) وهو عدد معتبر في ظل ظروف صعبة يمر بها الوطن والعالم كما يعكس شدة تمسك الشعب بحكومته واجندته الثورية.. الا ان الحصيلة نفسها سوف لن تحل اياً من مشاكل السودان الماثلة والمستعصية حتى اذا استبعدنا تماما مواجهة جائحة كرونا من الحسبان رغم الحاحها.

عموما فإن السيد رئيس الوزراء قد اعلن انها ستخصص للبناء والتعمير…
بناء ماذا بالتحديد؟ وتعمير ماذا؟ لا احد يدري كما ان دولة الرئيس لم يقل ماذا ينوي ان يعمر…ربما لأنه لا يضمن كم ستبلغ الحصيلة ومن حقه ان يتحفظ…

ولكن من حقنا ايضا أن نستعرض سيناريوهات التخصيص المحتملة في ظل مؤشرات التحصيل الماثلة..
فما عسى ان نبني ونعمر فيما اذا جمع صندوق القومة للسودان 100 مليون جنيه و 40 مليون دولار؟
سيكون المبلغ متواضعاً امام هدف واحد مثل اعادة اعمار مشروع الجزيرة مثلا
او اقامة مشروع زراعي في الشمالية للاكتفاء الذاتي من القمح أو شراء اسطول طائرات لاستعادة سودانير ناقلنا الوطني المضيع او انشاء مسالخ حديثة ضخمة او تأهيل ميناء بورتسودان وتحريره من الارتهان …لأن أياً من هذه المشاريع – كلاً على حدة – يحتاج الى اضعاف هذا المبلغ لانفاقها فقط على البنيات الاساسية من طرق وقنوات ومحطات وتمديدات كهربائية وخطوط مياه ومخازن الخ…
ففيم ستنفق الحكومة هذه الاموال حسب توقعنا إذاً؟
نعتقد انها ستكون مضطرة للصرف اولاً على القطاع الصحي المتردي و استحقاقات كرونا الوقائية.
وثانيا على بند المرتبات الذي التزمت الحكومة بزيادته اعتمادا على فرضية رفع الدعم.

وثالثا ستضطر لانفاقه على سداد فواتير المحروقات والدواء وشراء القمح من الداخل والخارج خاصة في ظل تعنت لجنة قحت الاقتصادية بخصوص رفع الدعم . فليس امام الحكومة مصادر ايرادات اسهل واسرع من هذا الصندوق وهي تحت مطرقة الظروف الصعبة الراهنة وسندان عجز الموازنة العامة وتلكؤ الدعم الاجنبي.

وسوف لن (يحوق) هذا المبلغ
ورغم ذلك فمن العدل ان نقول : لقد انقذ الثوار حكومة حمدوك في الوقت المناسب.
ونسأل الله ان يوفقها ويهديها الى خير هذا الشعب العظيم.

د. محمد عبدالقادر سبيل

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..