خطر النفايات المشعة.. على الأمن القومي..!!

. كنا نسمع حديث يتردد عن دفن نفايات كيماوية في صحاري الولاية الشمالية إبان حكم (الدكتاتور) نميري، وظلت الجهات الرسمية تدرج هذه الاقوال ضمن الشائعات التي تتحرك بين المواطنين لغرض معارضة الأنظمة..!!

. ولكن مع مرور الأيام ثبت لنا بوجود هذه النفايات، وتسببت في انتشار الأمراض والأوبئة في معظم بقاع السودان، ومهما كانت المبالغ المدفوعة لدفن هذه النفايات في الأرض السودانية، لن يكون هناك أي مبرر أخلاقي لأي مواطن سوداني مهما بلغ من السوء بأن يقبل بأمر كهذا..!!

. ولكن للأسف الشديد، هناك من قبل بأن تدفن النفايات المشعة على الأراضي السودانية، وقبلوا بأن تصبح أراضينا مكب لنفايات و أوساخ العالم، وكثيرا ما تردد في الأخبار عن ضبط حاويات تحمل مواد مشعة، وبعد مرور أيام تختفي الحاويات ويندثر الخبر، وكأن هناك مافيا تدير هذا الأمر، واذا بررنا لمسألة إختفاء حاويات المخدرات، وحفظ ملفات القضية ضد مجهول، لن نستطيع ان نبرر لمسألة دخول نفايات مشعة تفتك بالانسان والحيوان والنبات على حد سواء، وتدمر إقتصادنا القومي الذي انهار اساسا بفعل السياسات الخاطئة، فنحن في زمن إختيار الخيار الأقل سوء من بين الخيارات السيئة..!!

. بعد أن أثير موضوع ال 60 حاوية نفايات مشعة، والتي دخلت من الصين أيام بناء سد مروي، عبر مجلس تشريعي الولاية الشمالية، في تقديرنا أصبح الأمر معترف به رسمياً، وهذا تحذير مباشر لكل سكان الولاية الشمالية، بأخذ الحيطة والحذر من خطر هذه النفايات، واتخاذ القرار بين البقاء تحت تهديد السرطانات والأمراض أو الرحيل من الديار، وكل خيار أصعب من الآخر..!!

. تخيلوا معي عندما نتألم لعدم دفن كل الحاويات بطريقة آمنة على أراضينا، فالإستهتار بلغ بدولة الصين أن تترك 20 حاوية تحمل نفايات مشعة في العراء بعد دفن 40 منها، ومن المعروف طريقة دفن هذه المواد المشعة لها تكاليف عالية جداً، لأنها تدفن بطريقة معينة، حتى لا تتسرب داخل الأرض، لانها نفايات لا تدمر ولا تذوب وتبقى أبد الدهر، فما بالكم بترك 20 حاوية في العراء!!! ولكن نعود ونقول، اذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة أهل البيت الرقص والطرب، نعم نحن فرطنا في أمننا القومي وفي سلامة مواطنينا، بإدخال هذه المواد، وربما بثمن بخس قد لا يتجاوز ثمن تمويل سد مروي، فكيف ننتظر من الصين بان تقوم بواجبها الاخلاقي ودفن النفايات بطريقة آمنة..!!

. المسألة في مجملها، وكأنها خيال لا علاقة له بالواقع، ولكن هذه هي الحقيقة، لدرجة اننا نفكر الأن (بدفن آمن للنفايات) وليس في إثبات وجودها من عدمها، أو في تنديد وشجب وإدانة.. وعلى ما يبدو، أساليب الشجب والإدانة وبيانات الرفض والوقفات الإحتجاجية هي اليوم من شيم (نباح الكلاب) فالنظام يعمل بهذا المثل (الجمل ماشي والكلب ينبح).. ولن يؤثر هذا النباح مهما علا أو كثر على مسيرة الجمل، فكل ما يحدث مجرد نباح لا يقدم ولا يؤخر، ولطفا بإنسان الشمالية خاصة.. وانسان السودان وأمنه القومي.. أدفنوا النفايات بطريقة آمنة، وهذا هو أضعف الإيمان..!!

دمتم بود

الجريدة
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. * * *
    في غَيَابَةِ الجُبِّ،
    وفي المستنقعِ العَطِنْ
    هوى وطنْ
    وأنتَ، نحن،
    كلُّنا قابيلُ،
    مَنْ أفصح بالقولِ ومن رطَنْ
    و كلُّنا “نيرون” ضاحكين
    فوق كومة الرمادِ
    من بقايا جُثّة الوطنْ.
    * * *
    نهارُكَ مِن حُمّى، و ليلُكَ مِن شَجَنْ فَلِمْ تشتري الأحزانَ يا أيها الوطنْ
    و ليلٍ كموجِ البحرِ أرْخَى سـدولَهٌ عليك بألوانِ التّباريحِ والمِحنْ
    تمرُّ بك الأحداثُ من كـلِّ جانـبٍ كأنك جلمودٌ من الصخر أو وَثَنْ
    أ مِتَّ فَلَمْ تحفلْ بمن ضجَّ أو سكنْ؟ أ صبرٌ؟ فهذا الصبر أيَّانَ يُمْتَحنْ؟
    * * *
    يمِيعُ وطنْ
    كقطعة الثلجِ، وقد شواها
    لهَبُ الظهيرَةْ
    و نحنُ حوله،
    على رؤوسنا الطيرُ
    وفي العيون حيرةٌ
    مُطْفأةٌ، ودمعةٌ كسيرةْ
    نُساقُ كالشِّيَاهِ للمذبحة الكبيرةْ
    عُمْياً مُكبّلين،
    في غيبوبة الأسى،
    وفي حبائلِ الشجنْ.
    نجولُ بين الحبلِ و الجلاّدِ
    منفيين في البلادِ
    هَدَّنا الوهَنْ،
    وفي الجوانحِ الإحَنْ.
    نُسائلُ الدِّمنْ،
    هل التي تعَمَّمَتْ أرجلنا؟
    أم الرؤوس انتعلتْ أحذيةً؟
    هل القميصُ ما نلبسُ أم كفنْ؟
    و أيُّنا الفَطِنْ؟
    هذا المُقَهْقِهُ الغارق،
    في ضحكته،
    أم السادر في الأوهامِ والوسنْ؟
    وطنْ،
    وطَنْ،
    كان لنا وطنْ!
    * * *

    (مقطع من “مرثية الوطن”؛ 1999)
    عالم عباس

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..