المأزق الوجودي للسلطة

المأزق الوجودي للسلطة

عبد اللطيف عوض الضو

بعد ان خاب عشم الحكومة ورجع بصرها السياسي خاسئاً فيما يخص مشاركة بعض الاحزاب المعارضة لها(الأمة ، الاتحادي) في الحكومة المزمع تشكيلها خلال الايام القادمة ، وفي ظل حيرة الحكومة المتمثلة في مأزق وجودها ، ترشح ارهاصات التشكيل الحكومي القادم متحدثة عن الابقاء على اغلب الوزراء والتنفيذيين الحاليين مع بعض التعديل الطفيف ، ولا احد كان يتوقع غير ما ظل يردده الاعلام من أسماء ستمثل الحكومة القادمة ، لأن هذا هو كل ما (لديها) ، ومن أين ستأتي الحكومة برموز أو قيادات مقبولة لدى الجماهير وتقدم نفسها كبش فداء وضحية تحت طائلة المشاركة في حكومة فاشلة وفاسدة يتمحور مصيرها وعلى المدى القريب وبآلية الجماهير وغضبها الذي بات يغلي كالبركان ? من الذي يقدم على المشاركة في حكومة وكل ما أعلن عن أحد من يمثلونها تفوح رائحة الفساد الذي ازكم أنوف جماهير شعبنا وأضرها كثيراً بل واصابها في مجمل تفاصيل حياتها ? من الذي يجرو على ان يكون جزءاًَ أو واحداً من (مجرمي) افظع وابشع جرائم ارتكبت في حق هذا الشعب ولفترة تجاوزت العشرين عاماً ونيف ? من مِن العاقلين والوطنيين الخلص يرمي بنفسه في هذا المصير الصعب ؟ الاجابة وبثقة تامة لا أحد .

وبرأيي اذا كان هنالك تثمين لموقف الاحزاب الوطنية التي رفضت المشاركة في الحكومة ومن باب الانتقاد ، لابد من التوقف عند الخوض في أمر المشاركة وما تبعها من محاصصات سياسية أفضت الى انسداد الطريق امام المشاركة ? وثمة تحية واشادة كبيرة بجماهير شعبنا وبمختلف انتماءاتها السياسية لموقفها المبدئي من النظام ، وفي ذلك لابد من التطرق الى ان منحى الصراع الاجتماعي السياسي وبتعقيداته المختلفة هو واضح جداً ، ويبقى الرهان فيه قائم على ما بلغه الحال من فرز اجتماعي طبقي ، ولذلك فإن الرهان على زوال النظام قائم طالما انه افضى الى ان اكثر من 90% من جماهير شعبنا هم تحت خط الفقر ويتعرضون الى الوفاة والمرض بسبب الجوع ، وفي وقتٍ تم فيه سلب تام لحريتهم وارادتهم ، وفوق هذا وذاك وفي ظل الاجواء السياسية المفتوحة امام الخيارات المختلفة ، تحاول السلطة عبثاً تجميل نفسها مثل الاعلام عن خفض ميزانية الأمن او الحديث عن تعديل بعض القوانين (الصحافة) ، وبرغم الانتقادات التي وجهت للتصريح عن خفض ميزانية الأمن وعن غياب الارقام في ذلك ، إلا أن ما يجب قوله في ذلك هو ان الحكومة الحالية لن تقدم عملياً على خفض ميزانيات الأمن وسائر الاجهزة القمعية ، لسبب بسيط هو أن الحكومة القائمة هي حكومة أمنية وقمعية ،ولذلك فهي لن تمضي في اتجاه ينخر أو يقلل من طبيعتها القمعية ، والاهم من ذلك بالكاد هو ان الامن وبحسب تناقضات الواقع الذي يحيط بالسلطة ويلاحقها اين ما ذهبت لم يعد بمقدوره حماية السلطة نفسها ، ايضاً ومن ضمن المحاولات التي تقوم بها السلطة لأجل تجميل نفسها في صورة لا تخلو من اسفاف وسذاجة كتأييد الثورات التى اجتاحت العالم الشرق اوسطي ، مصورة بذلك انها صاحبة قبول جماهيري وهي (مرضى عنها) في وقت لم يغيب فيه عن بال أحد ان حكومة الانقاذ وبمشروعها الحضاري هي نظام شمولي ودكتاتوري وإن الثورات التي انتظمت العالم العربي هي ثورات ضد الانظمة الديكتاتورية والشمولية ? عليه فقد خلت موقف حكومة الانقاذ من ثورات الربيع العربي مثل الذي يشجع نادي الهلال في مباراة للقمة السودانية وقام بحجز مقعده في المساطب الخاصة بجماهير نادي المريخ ، أو العكس من ذلك ? يا لها من سذاجة وعبث ، فليعلم هؤلاء (الدراويش) وبحسب الانتفاضات الشعبية التي تسود ان كل جماهير العالم تنادي وبصوت واحد بضرورة سيادة الدولة المدنية الديمقراطية ? بل تعدى الأمر ذلك في أن العالم جله يتجه الى بلورة موقفه من النظام الاقتصادي الذي يمثل أس البلاء الاجتماعي والسياسي ، ولذلك نقول اليهم ان الشعوب المختلفة بما فيها الشعب السوداني هي في مزاجها وطبيعتها ديمقراطية ، لذا فإن جماهير الشعب السوداني ووفقاً لمزاجها وطبيعتها في التفكير والرأي تتجه الآن الى الإدلاء بقولها ورأيها في النظام القائم وبصورة (عملية) ، بعد ان وضح جلياً عجز السلطة القائمة تجاه تحديات الواقع ، فبعد التجربة السياسية للحكم وفي فترة تجاوزت العقدين حيث كانت سمتها الاساسية الفساد والفشل والنهب والافقار ، وبالدرجة التي فقدت فيها الحكومة وبشكل تام دورها في استبدال أو اصلاح الحال والواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي نحو الافضل ? للسبب الاساسي المتمثل في العجز التام عن إدراك الظروف التاريخية التي احاطت بالواقع ، بل كانوا سبباً في تفاقمها والسير بها نحو الأسواء وبالدرجة التي جعلت من أن البؤس بات يجهز على كل أمل في الحياة ، وذلك عن طريق النهب المباشر والمقنن لخيرات الشعب ، الشئ الذي انعكس على أن مستوى المعيشة لدى فئات محددة ينمو على حساب فقر الشعب ? وبالتالي فإن السلطة القائمة الآن قد اعاقت وبدرجة كبيرة كل الخطوات التي يمكن ان تقود وتؤدي الى التطور والتقدم سواءً كان على المستوى السياسي او الاجتماعي او الاقتصادي او الثقافي ? وهذا ما يشكل مآزق وجودها الراهن ? ولأن في عقلها الباطن تحضر سيناريوهات ? تونس ? مصر ? ليبيا ، عذراً جماهير شعبنا ? نود أن نخطب عقل السلطة في كيف الدبارة وما العمل مع استصحاب أن الخيارات المتاحة مسقوفة ب (مجاري للصرف الصحي) ? كما ان هنالك فرصة للاستعانة بصديق سادن لأجل (المخارجة) .

الميدان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..