في زمان (يوتيوب).. “واتس اب” و(فيس بوك) تراجع أشرطة (الكاسيت).. الحنين إلى الماضي

الخرطوم- صديق الدخري
بسبب التطور والتقدم في المسائل الحياتية أصبح استخدام أشرطة “الكاسيت” في الوقت الحاضر أمراً أشبه بالمستحيل، وإن لم يكن نوعاً من ضروب التخلف، كما يصفها “العصريون”، فأصبح بالإمكان أن تتحول إلى “سي ديهات” وأقراص مدمجة سهلة الحمل والاستخدام تحت أي ظرف مهما كان.
حتى لوقت قريب كانت أجهزة الكاسيت هي الوسيلة الوحيدة التي تسمح لملايين البشر الاستمتاع بالقدرات الطربية العالية التي أنتجها هؤلاء في تلك الأشرطة، فقد كانت الوسيلة التي تهدئ النفوس في القرى والحضر، وأصبحت المسيطرة على الوضع تماماً داخل البيوت والأسواق السودانية نظراً لتعلق المحبين و”مجانين” الطرب بها.
إنتاج ضخم
هناك عدد كبير من المطربين استطاعوا أن ينتجوا ملايين الأعمال الفنية، وسعو إلى حفظها في أشرطة بغرض التوثيق والمحافظه على منتوجهم الفكري والأدبي ليستمر إلى سنوات، وتعلم الأجيال القادمة الاستماع والاستمتاع به في وقت أصبحت تضج فيه الساحة الغنائية بساقط الغناء وهابط القول.. وخلقت أشرطة الكاسيت سمعة طيبة وسط الكثير من المحبين، وسهلت لكثير من المطربين أن تتمدد شعبيتهم وسط الجماهير العريضة نظراً لانتشارها الواسع في أجزاء السودان المختلفة، فتلك ميزة جيدة تميزها عن بقية أدوات التقنية الحديثة. حيث إن الحصول عليها لا يكلف أي مال أو وقت، فمن الممكن أن يحصل عليها المرء في أي وقت وبأقل مجهود.
انقلاب كبير
ولكن هذا الأمر انقلب رأساً على عقب وأغلقت معظم شركات الإنتاج أبوابها وأعلنت إفلاسها النهائي بفعل عوامل عديدة طرأت عليهم، جعلتهم يتخلون عن إنتاج المزيد من “الكاسيت” والتحول إلى استخدام تقنية جديدة تمكنهم من مواصلة عملهم دون اعتراض.. فقد أوضح لـ(اليوم التالي) مدير شركة البيادر للإنتاج الفني البشرى محمد سعيد أن أشرطة الكاسيت تقلص دورها وتراجعت كثيراً عما كانت عليه في السابق بفعل التحديثات التي طرأت على الكثير من نواحي الحياة، وأبان أن هذا الأمر له العديد من الانعكاسات السلبية على أصحاب الشركات. وأشار إلى توقف أعداد كبيرة منها وتعرضها إلى خسائر مالية لا حصر لها، وبين البشرى أن أشرطة الكاسيت تعتبر المرجع الأول للتوثيق في الكثير من الأمور سواءً كانت فنية أو غيرها، وأشار إلى جزئية مهمة مفادها أن الفضاء المفتوح والذي بات يستخدمه العديد من المطربين في ترويج أعمالهم بات يشكل عوائق أدبية ومالية كثيرة جداً.
عصر التكنولوجيا
وأرجع مطرب الجاز كمال كيلا تراجع أسواق الكاسيت إلى ما أسماه حداثة العلم والتكنولوجيا، مبيناً في حديثه لـ (اليوم التالي ) أن الإنسان دائماً يبحث عن الجديد والمبتكر. وأشار إلى أن التكنولوجيا الحديثه أثرت كثيراً على العديد من المطربين. وأضاف أن كلفة الأغنية الواحدة في الفضاء الإسفيري لا تتجاوز قيمتها الخمسة جنيهات. وأردف أن هذا المبلغ ضئيل جداً مقارنة مع الاجتهاد الفكري الذي ينتجه هؤلاء المطربون. وأكد أن هنالك الكثير من أصحاب تلك البرامج يلجأون لاستنساخ الآلاف من الأغاني والتصرف فيها بطريقتهم الخاصة دون الرجوع لصاحب الحق الأصلي.
تجاوزات صريحة
وواصل كيلا حديثه قائلاً: هذا تجاوز واضح للقانون والأعراف المتفق عليها في حفظ الأعمال الأدبية، وكشف كيلا عن عمليات قرصنة وسرقات منظمة تقوم بها مجموعات كبيرة من محترفي استخدام الحاسب الآلي. وأضاف بالقول: إذا كانت أشرطة الكاسيت موجودة لما حصل كل ذلك، وأشار إلى أنها السبيل الوحيد لحفظ الأعمال التي خلدها عظماء الأغنية السودانية للجيل القادم، وتخوف كيلا من كيفية توصيل أعماله الجديدة لمحبيه المنتشرين في أقاصي السودان. وأضاف أنه يتوقع أن تتم سرقة كل أعماله الجديدة والتصرف فيها من قبل قراصنة العصر الحديث، مطالباً الدولة بأن تراعي مثل هذه الأمور الدقيقة التي قال إنها تمثل مستقبل أمة بأكملها
اليوم التالي