#القضارف_لازم_تشرب

عزالدين فضل آدم
في هذه الأيام تنشط حملة لأهلي سكان ولاية القضارف بخصوص العطش الذي يقتل سكان الولاية؛
بينما ينشغل أنسان الولاية بتقديم أعظم التضحيات في محاربة المليشيات في ولايات السودان الأخرى….
حرص منظمو الحملة على إبعادها من أي نشاط سياسي بجملة:
(مطالبنا خدمية وليست سياسية اي زول عاوز يمارس السياسة يبعد بعيد)
وأتبعوا هذا الإطار المطلبي بهشتاق: #كل_المطلب_عاوزين_نشرب
أقول لأهلي البسطاء الأنقياء ولاية القضارف:
هل تدرون بأن السبب الرئيسي في تهميشكم وعدم الاستجابة لمطالبكم الخدمية المشروعة، والتي تعتبر من الحقوق الأساسية وضروريات الحياة هو بعدكم عن دائرة الفعل السياسي المؤثر في البلاد….!
لا زلت أذكر ذلك الوالي الذي تم تعيينه من خارج الولاية في بدايات حكم الإنقاذ،
وكان أول قراراته هو مطالبة الحكومة المركزية برفع اسم الولاية من قائمة الدعم المركزي ..!
وذلك بحجة أن الولاية غنية بالموارد، ولا تحتاج لدعم، وأن الوالي بحكم عبقريته وقيادته الراشدة حقق في عهده الزاهر أعلى مؤشرات الإنتاج ، ومزق فاتورة الدعم الاتحادي …
بينما يصرخ سكان الولاية آنذاك من العطش والتفشي الموسمي للكوليرا وندرة المعلمين في مدارس من رواكيب القش .. رغم استخدامهم كأدوات أنتاج ..
وقطعاً فعل الوالي ذلك ليكبر نفسه عند البشير… في الوقت الذي يزيد فيه إنسان الولاية صغاراً بالفقر والجوع والعطش والمرض ..!
وأيضاً اذكر والياً آخر، خصص كل مشروعات التنمية في الولاية لصالح شركاته الخاصة وعندما فاحت رائحة الفساد تمت مكافأته بنقله ليكون والياً لولاية الخرطوم ..!
ورغم غنى الولاية بالموارد وأنها تمثل أكبر رقعة للزراعة الآلية المطرية في السودان ..فهي:
لا تملك امداداً دائماً لمياه الشرب؛
وهي تغرق في موسم الأمطار ولكنها تعطش صيفاً؛ أي تموت بالمياه مرتين كل عام؛ مرة بالغرق والمرض في موسم الأمطار، ومرة أخرى بالعطش في موسم الصيف…!
حيث أن معظم القرى تعتمد على مياه الحفير الناتجة من التجميع السطحي للمياه في موسم الامطار …
ويشرب الأنسان وحيواناته من ذات المصدر؛
ومع ذلك؛ فأن ولاية القضارف تعوم فوق حوض ضخم ن المياه، فيه مخزون هائل من المياه السطحية والجوفية، تبلغ مساحته ٥٢ ألف كم مربع (أي ضعف دولة جيبوتي)، وهو يمتد من أدقرات – الي القضارف في المنطقة بين السودان وإثيوبيا…
ضعف المؤشرات التنموية في ولاية القضارف تمتد الى ما هو ابعد من المياه…!
هل تدري ان في كل محليات الولاية، لا يوجد طريق واحد يربط بين أطراف اي محلية يوصل مناطق الإنتاج بمناطق الاستهلاك والطريق القومي، او يسهل حركة السكان للحصول على الخدمات الصحية والخدمات الأخرى… خصوصاً في موسم الخريف الذي تنعزل فيه مناطق واسعه من إجزاء الولاية لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر …!
عدا طريق القضارف – دوكة المتهالك الذي تم إنشاءه من أجل عيون أثيوبيا وليس من أجل سكان الولاية،
وكذلك طريق الفاو – القرية (3) الذي تم إنشاءه منذ السبعينات كجزء من حزمة ربط محصول القطن بالمحلج في الفاو من أجل التصدير …
هل تدري بأن كثير من القرى ليس بها مدارس ومعظم المدارس يجلس تلاميذها على الأرض لتلقي الدروس؛ او ليس بها مراكز صحية ويهاجر سكانها وطلابها لقرى أخرى من أجل التعليم والعلاج .. ؟
وأن المدارس والمراكز الصحية التي تبدو أفضل من رصيفاتها والتي أفتتحها الرئيس جعفر النميري في السبعينيات بقرى مشروع الرهد الزراعي لم ترى أي نوع من أنواع التأهيل والصيانة الشاملة الي يومنا هذا ؟
ولك إن تتخيل ان الولاية يزيد سكانها على المليون والنصف ويتوزع السكان في الولاية من حضر – قرى- رحل
بنسبة 25%- 73% -1.3% مما يعنى أن حوالي ثلاثة أرباع سكان الولاية يعيشون في قرى ونسبة ضئيلة من الرحل..
وهذا المؤشر يعني إن مفتاح التنمية في القضارف هو الاهتمام بالخدمات في القرى مثل مياه الشرب النقية والمراكز الصحية وخدمات الأصحاح البيئ والتعليم والكهرباء …
أن إنسان ولاية القضارف يحتاج الي التحرر من مثاليته وأن يستخدم كل أدوات السياسة من أجل الحصول على مطالبه المشروعة وليس العكس؛
فالسياسة وسيلة لحشد أمكانيات البشر، وتنظيم تفكيرهم الجمعي، وتطوير إمكانياتهم لتوفير خدماتهم واساسيات حياتهم؛ وهي ليست وسيلة ترف ومتعة وتنازع حول الحكم للفوز بالكرسي؛