مقالات سياسية

قبل أن تحل الذكرى الأولى للحرب اللعينة ،، الأولى إخمادها وليس تحديد من أطلق الرصاصة الاولى ..!!؟؟

د. عثمان الوجيه

عندما خلد السودانيون للنوم مساء الجمعة الرابع عشر من أبريل 2023م ، كانوا ينتظرون بفارغ الصبر الانطلاق إلى الشوارع في صبيحة اليوم التالي للاحتفال بتوقيع منتظر على اتفاق ينهي الأزمة السياسية المستمرة منذ وقوع انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر 2021م ، لكنهم استيقظوا – قبل 4 ساعات من الموعد المنتظر – على أصوات الرصاص المنهمر من منطقة المدينة الرياضية بجنوب العاصمة الخرطوم ، مما طرح سؤالا حول الجهة التي أطلقت الرصاصة الأولى والأسباب والأجواء التي سبقت اندلاع هذه الحرب، التي سرعان ما انتشرت شرارتها لتعم بعد عام من اندلاعها 70 في المئة من مناطق البلاد ، وتؤدي إلى مقتل نحو 15 ألفا وتشريد 10 ملايين من بيوتهم وتحدث دمارا هائلا في كافة قطاعات الحياة ، ففي خضم تفاقم الحرب المستمرة منذ أكثر من 350 يوما في السودان ، جددت تصريحات أطلقها شمس الدين الكباشي ، نائب قائد الجيش ، الأسبوع الماضي ، الجدل المحتدم حول الطلقة الأولى والأجواء التي سبقتها والجهة المستفيدة من إشعال الحرب ، حيث رصد موقع “سكاي نيوز عربية” أكثر من 10 مقاطع فيديو لأحاديث أدلى بها مؤيدون ومعارضون للاتفاق الذي كانت تجري الاستعدادات للتوقيع عليه في نفس يوم اندلاع الحرب ، وهو اتفاق كان ينص على نقل السلطة للمدنيين وخروج الجيش والدعم السريع عن العملية السياسية ودمجهما سويا في جيش مهني واحد يضم قوات الحركات المسلحة بعد عملية دمج وتسريح تتم وفقا لمعايير الأمم المتحدة وإطلاق عملية سياسية واسعة تستثني حزب المؤتمر الوطني – الجناح السياسي للإخوان ، والذي أطاحت به ثورة شعبية في الحادي عشر من أبريل 2019م ، بعد أن حكم البلاد على مدى ثلاثين عاما ، تخللتها عمليات فساد ضخمة وحالات قتل خارج إطار القانون طالت المئات وانتهاكات واسعة في الحروب، التي دارت في دارفور وكردفان والنيل الأزرق وأدت إلى قتل وتشريد الملايين ودفعت بالمحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار مذكرة توقيف في حق رأس النظام عمر البشير وعدد من معاونيه ، حيث ركز مؤيدو الاتفاق ، خلال ندوات ومقابلات شارك فيها قياديون في تحالف قوى الحرية والتغيير ، على مطالبة قائدي الجيش والدعم السريع بإعلاء المصلحة العليا وتجنيب البلاد المآلات التي يمكن أن تنجم عن الفشل في الوصول إلى اتفاق ينهي الأزمة ، أما في الجانب الآخر ، فقد ركز الرافضون للاتفاق ، معظمهم من عناصر تنظيم الإخوان ، على التهديد بالحرب وتحريض قائد الجيش بعدم القبول به ، وقبل نحو أسبوع من اندلاع القتال، طالب القيادي في الإخوان أنس عمر ، عناصر التنظيم بالاستعداد والتجهيز لما وصفه بـ”الجهاد”، وقال “هذا الاتفاق لن يوقع إلا على جثثنا”، وهي ذات العبارة التي كررها قياديون آخرون في التنظيم ، من بينهم الناجي عبدالله ، الذي حرص في آخر مخاطبة له قبل الحرب على استدعاء “عبارات جهادية” صريحة ، كذلك أبرز دليل على تورط تنظيم الإخوان في إشعال الحرب جاء على لسان محمد علي الجزولي المعروف بولائه لتنظيم داعش ، حيث قال في مقطع فيديو : “كنا ننسق مع قادة الجيش وتم تنويرنا بأن ساعة الصفر ستكون يوم السبت الخامس عشر من أبريل وبالفعل ذهبت مجموعة من كتائب الإخوان بقيادة أنس عمر ومعهم قوات من الجيش إلى منطقة المدينة الرياضية عند السادسة والنصف صباحا وأطلقت الرصاصة الأولى وهاجمت قوات الدعم السريع”، أما الدليل الثاني فقد جاء على لسان مصطفى عثمان ، وهو ضابط برتبة عقيد في الجيش السوداني ، لكن (وآه من لكن هذه) فمع انشغال السودانيين بالتداعيات الكارثية الناجمة عن الحرب، قال الكباشي ، مخاطبا مجموعة من الجنود في شرق البلاد ، الأسبوع الماضي: “الحرب أولها كلام وهي لا تبدأ بالرصاص فقط”، فما هو (الكلام !!؟؟) الذي كان يعنيه كباشي!!؟؟ .. هنا تحضرني طرفة فليسمح لي القارئ الحصيف بأن أوجزها في هذه المساحة وبهذه العجالة وهي:- عادتي أن أستثمر أي ثانية تجمعني بمن يكبرني ولو بثانية ، فأسعى لإشباع فضولي ومعرفة ما أجهله لأكمل توثيقي في الحياة ، لا يقتصر هدفي على إتمام كتابي “مسافر زاده الطريق” الذي سينشر قريباً بإذن الله ، بل ينبع من إيماني بأهمية المعرفة ورفض الجهل ، وفي إحدى المرات ، سألت أحد آخر نواب برلمان سوداني منتخب قبل أن تأتي حكومة الإنقاذ بنظامها البائد وتجهض الديموقراطية ، عن طرائف آخر أيامهم الأخيرة بالمجلس النيابي ، فأخبرني أن (عمر نور الدائم) كان آخر وزير مالية لحكومة منتخبة حتى 30 يونيو 1989م ، وفي آخر ميزانية يقدمها للبرلمان ، اعترض عليها زعيم المعارضة زمنذاك (علي عثمان محمد طه) بقوله: “أليس ال30 من يونيو بقريب؟”، فقاطعت محدثي ممازحاً : “إذن الرجل أوفى بوعده حينما جاءكم بدبابة الجمعة المشؤومة ، بالرغم من مسرحية (حسن الترابي / عراب الحركة الإسلامية السودانية – الذي قال للبشير : إذهب للقصر رئيساً وسأذهب للسجن حبيساً) فلماذا تصفون (الكيزان) بالكذب؟”، فأجابني: “هم صادقون في الغدر والخيانة فقط ومفون بعهدهم لمصالحهم الشخصية حتى ولو أضرت مصالحهم بالبلاد والعباد”، حقيقة ، لقد أثار هذا الرد تأملي في مفهوم الصدق والوفاء ، وكيف يمكن استغلالهما لتحقيق مصالح شخصية على حساب مصلحة الوطن..

#اوقفوا – الحرب #Stop-The-War على قول جدتي:- “دقي يا مزيكا!!”.
خروج :- تواصلت حملة الاعتقالات في مصر ضد النشطاء الذين يشاركون في فعاليات التضامن مع الشعب الفلسطيني ، حيث ألقت السلطات المصرية القبض على أكثر من 20 ناشطًا شاركوا في وقفة احتجاجية أمام مقر نقابة الصحافيين في القاهرة ، حيث أدانت الأحزاب المعارضة ومنظمات حقوقية هذه الحملة واعتبرتها انتهاكًا للحق في التظاهر السلمي المكفول دستوريًا وقانونيًا ، لكن ، تطرح هذه الحملة تساؤلات حول دوافع توقيتها خاصة في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ، وتزايد التضامن الشعبي العربي مع الفلسطينيين ، فما هي أسباب توقيت ودافع تهافت الأحزاب المصرية لنصرة أشقاءهم الفلسطنيين:

1/ التضامن الشعبي العربي مع الفلسطينيين : حيث تشهد المنطقة العربية موجة واسعة من التضامن مع الفلسطينيين ، خاصة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة ، وتسعى الأحزاب المصرية إلى استغلال هذه الموجة الشعبية لكسب التأييد الشعبي.

2/ الضغط على الحكومة المصرية: حيث تحاول الأحزاب المعارضة الضغط على الحكومة المصرية لتغيير موقفها من القضية الفلسطينية، وتعتبر الحكومة المصرية أن التطبيع مع إسرائيل هو مصلحة وطنية ، بينما ترى الأحزاب المعارضة أن ذلك يمثل خيانة للقضية الفلسطينية.

3/ تحسين صورة الأحزاب المعارضة: حيث تسعى الأحزاب المعارضة إلى تحسين صورتها أمام الرأي العام من خلال إظهار دعمها للقضية الفلسطينية، وتحظى القضية الفلسطينية بتأييد شعبي كبير في مصر ، مما يجعل دعمها ورقة رابحة للأحزاب المعارضة. 4/ استغلال الأوضاع الداخلية في مصر: حيث تعاني مصر من أزمات اقتصادية وسياسية ، مما يجعل الأوضاع الداخلية مواتية لحشد التأييد الشعبي ، وتسعى الأحزاب المعارضة إلى استغلال هذه الأوضاع لزيادة نفوذها على الساحة السياسية ، لذلك ، يُعد توقيت حملة الاعتقالات هذه مثيرًا للريبة ، خاصة في ظل تصاعد التضامن الشعبي العربي مع الفلسطينيين ، ويُمكن القول أن دوافع هذه الحملة متعددة ، منها التضامن الشعبي العربي مع الفلسطينيين ، والضغط على الحكومة المصرية ، وتحسين صورة الأحزاب المعارضة ، واستغلال الأوضاع الداخلية في مصر ، ولكن يبقى السؤال الأهم هو : هل ستنجح هذه الحملة في تحقيق أهدافها؟ وهل ستؤدي إلى تغيير موقف الحكومة المصرية من القضية الفلسطينية؟، وهل ستساهم في تحسين صورة الأحزاب المعارضة أمام الرأي العام؟، هذه أسئلة يطرحها الواقع ، ولا يمكن الإجابة عليها إلا بمرور الوقت .. ولن أزيد،، والسلام ختام.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..