قلة إحسان وطول لسان

من المدهش في السياسة السودانية أن الحكومة لا تهتم بأمر ذي بال يهم خاصة الناس أوعامتهم إلا إذا إستفحل وبلغ أذاهـ حد مدي المنتهي . فمنذ إنفصال جنوب السودان عن السودان أو نيله إستقلاله كما يحلو للبعض ظلت الحالة الإقتصادية تتردي والأسعار تتصاعد بصورة جنونية والجنيه تنخفض قيمته بصورة مخيفة حتي بلغت قيمته اليوم مقابل الدولار 7.250 ولم نري من التدابير المتخذة من قبل الدولة متمثلة في البنك المركزي ووزارة المالية ما يكبح جماح هذا الهبوط الغير مسبوق في تاريخ البلاد ولا في أحلك الظروف التي شكلت خطرا علي الاقتصاد الوطني . ورقما عن تأثر الاقتصاد بأزمة النفط الذي ذهب مع الجنوب إلا أن الحكومة قللت في حينها من تأثيره في مع العلم أنها رفعت الدعم عن السلع والخدمات وعلي رأسها المحروقات علي مرحلتين حتي تتجنب السخط الشعبي والان تحاول رفع الدعم نهائيا (عشان يحكموا مرتاحين والشعب يروح في ستين) بل قالت ؟إن النفط أصلا مستبعد من الموازنة العامة للدولة خصوصاً للسنتين الماليتين المنصرمة والحالية . طيب إذا كان النفط مستبعد من الموازنة لماذا هذه الزيادات المفاجئة في الأسعار؟ ولماذا كلما إشتدت وطأة الضائقة الإقتصادية يخرج علينا مسئولوا النظام بتصريحات العاجز( أن الرزق من الله ويجب أن تقوى صلتنا بالسماء وآخيرا والينا الخضر يطالبنا بتقوية الإيمان لمواجهة غلاء الأسعار!!) ولماذا هذا الهبوط الحاد للعملة المحلية مقابل العملات الأخري؟ إن الإنسان لا يموت حتي تستوفي نفسه رزقها والله سبحانه وتعالي لو شاء لأطعمنا ونحن جلوس في بيوتنا ولكنه قدر الرزق وترك السبب في الحصول عليه عليك أنت شخصيا كنت فردا أو جماعة أو دولة وكما قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاهـ لأناس يعتكفون في المسجد عندما سأل من هؤلاء ومن الذي يطعمهم فقالوا له هؤلاء هم المعتكفون ويطعمهم المصلون فقال لهم : إن السماء لا تمطر فضة ولا ذهبا إذهبوا إلي أعمالكم وأشغالكم.
اليوم الدولة السودانية عاطلة من أي مشروع يعول عليه في المستقبل القريب أو حتي في المستقبل البعيد. والدولة عاجزة عن إنتاج أي فكرة تحول دون الخراب الشامل للإقتصاد الوطني والدولة غير مهتمة بنسبة إرتفاع التضخم وغير معنية بالآثار السالبة المترتبة علي هذه الحالة الاقتصادية الخانقة من غلاء لأسعار السلع والخدمات وإنعدام الضروريات خصوصا في مجال الدواء والخدمات التقنية . بل الدولة غير صادقة حتي فيما تتخذه من قرارات لتحجيم الآثار السالبة للوضع الاقتصادي المنهار والمشارف علي الهبوط في الهاوية .
وقد اصدر الرئيس قرارا بزيادارت علي المرتب والمعاش وحتي اليوم وزارة المالية تماطل وقد شهد شاهد من أهل النظام وهو رئيس إتحاد عمال ولاية الخرطوم حيث قال: إن العاملين يعانون من الجوع ووزارة المالية تمارس التسويف بشأن الزيادات وتماطل في أمرها والأدهي والأمر أن تستمع كل مرة لكلام مكرر من مسئول مغمور لولا سماحة السودانيين ما جلس علي الكرسي ساعة (قلة فهم .قلة علم .قلة أدب) تشدق وعواء وإدعاء حتي كاد أحدهم يقول نحن أولياء الله حيث إستمعت لكثير من هذه الخزعبلات وقد قال لي أحدهم أن السيد صاحب عبارة (لحس الكوع) قال لهم ذات مرة وهم جلوس يتناولون ملفات الفساد التي تصدر قائمتها وزير نفطي قال لهم أنا مثل مريم العزراء يأتيني رزقي في مكاني فضحكت وقلت له يأتيه رزقه مظرفا من مال اليتامي وعرق الكادحين ولكن ليس كمريم التي تولاها الله برعايته وحفظها بحافظ من عنده تبارك وتعالي.
إن تجربة الحكم التي حظي بها الإسلاميين في السودان دون غيرهم ودونشريك مشاكس كانت خصما علي إدعائهم الزائف بأنهم حماة الشريعة ودعاة العقيدة حيث تبين للناس أن هؤلاء القوم إن كانوا يجيدون شيئا إنما يجيدون الكذب والنفاق والتبريرات الغير مقنعة وطمس الحقائق . وإيهام الناس بأنهم متوكلون علي الله وأن كل شئ لله وهم يمارسون سياسة التمكين علي حساب صحة وتعليم وعلاج محمد أحمد السوداني وعندما ترتفع الأصوات أوتنطق الأقلام بحالة البلد وحالة الناس البسطاء وتصوّر معاناتهم يخرج عليك الوالي بان الناس يجب أن تزيد من قوة إيمانها ونقول للوالي :قوة الإيمان مطلوبة والصبر نعمة ولكن ليس في مثل هذه الحالات لان الذي يجري من صنع كيدكم الماكر وعجزكم عن الإبداع ونهبكم للثروات والقدرات ثم إن الناصح يجب ان يكون أمينا فكيف تدعونا للصبر علي الغلاء والبلاء والجوع والمرض وانت لا تتذوق طعم الجوع كما نتذوقه ولا تشتكي من الحرمان كما نعيشه . هل عجزت عن إرسال أطفالك للمدارس لأنك لا تستطيع أن توفر لهم وجبه الفطور؟ وهل جلست ترقي إبنتك بفاتحة الكتاب لأنك لا تستطيع شراء بندول يخفض حرارة جسدها النحيل ؟ وهل بت القوي؟ وهل جاء وزوجك المخاض وانت لاتملك قيمة رقشة توصلها للمشفي؟ أنا اعرف من سكان ولايتك من يعيشون علي اللاشئ لكنهم يتعففون. ولا ينصحونك بإتقاء الله فيهم ولكنني اليوم أفعل وأقول لك إن قلّ إحسانك فكف لسانك وإتق الله فينا.
إن واجب المسئولية التي قبلتها ك (والياً ) علينا يتطلب منك أن تكون أول من يظمأ ويسغب وأخر من يرتوي ويشبع وكيف تحلو لك الحياة ويطيب لك العيش ويلذ و80من ولاية الخرطوم يرفعون الأكف للسماء يدعون عليك ليلا ونهارا في هذا الشهر المعظم لتصريحاتك الإستفزازية . ولنقلك موقف المواصلات وعجزك عن توفير مياه صالحة للشرب حيث يقضي المواطنيين الساعات الطوال ليظفروا بماء نصفه رمل وحصي وتلوث ويحمل في داخله مسببات المرض ومعاول الموت . اللهم إليك أشكو ضعف قوتنا ، وقلةَ حيلتنا ،وهواننا على أهل الإنقاذ يا أرحم الراحمين . أنت رب المستضعفين . وأنت ربنا .. إلى من تكلنا ؟ إلى بعيد يتجهمنا .. أم إلى عدوٍ ملكته أمرنا ؟؟ إن لم يكن بك عليّنا غضبٌ فلا نبالي ..غير أن عافيتك هي أوسعُ لنا…أعوذ بنور وجهك الذي أشرقتْ له الظلمات ، وصلحَ عليه أمر الدنيا والآخرة أن يحلّ عليّنا غضبك ، أو أن ينزلّ بنا سخطك .. لك العتبى حتى ترضى ..ولا حول ولا قوة إلا بك
[email][email protected][/email]