مقالات وآراء

لابد من قناة فضائية ناطقة باسم الثورة

د. محمد عطا مدنى

منذ قيام ثورة ديسمبر المباركة واسقاط الحكم الشمولى المستبد، والذى اختطف الدولة والشعب لأكثر من ثلاثين عاما منذ عام 1989م وحتى الآن، وتسبب فى خراب الدولة وتدميرها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وصحيا وتعليميا، ثم اشعل بقاياه وأذياله هذه الحرب كى يعود من خلالها إلى الحكم فوق أشلاء وجماجم الآلاف ممن بقى من أبناء الشعب المظلوم بعد تدمير مقدرات دولته، ووضع بقاياها على حافة الانهيار، وتحويل الشعب إلى مجموعات من الجوعى والمرضى والمشردين إلى دول الجوار، والتسبب فى قتل الآلاف بالرصاصات الطائشة، أو بتدمير منازلهم فوق رؤوسهم بدانات المدافع وصواريخ الطائرات، حيث وصل عدد القتلى من المدنيين حسب آخر إحصائية طبية إلى حوالى عشرة آلاف شهيد. أما عدد القتلى من العسكريين من الجانبين المتحاربين فقد يزيد عن 20 ألف قتيل على أقل تقدير فى حرب طاحنة لا تبق ولا تذرمن أجل سلطة دنيوية لا تستحق أن يبذل فى سبيلها كل هذا الخراب . فقد نُهبت البنوك وحرقت المصانع، واستبيحت المدن ونُهبت بيوت وأملاك المواطنين، فى مؤامرة مدبرة اختفت خلالها قوات الشرطة والأمن المركزى وقوى المخابرات التى كانت مسلطة على رؤوس الشعب المسكين الذى اكتوى بنار هذه القوى كثيرا، ولم يجدها وقت الحاجة للدفاع عنه وحمايته من اللصوص والمخربين.

كل هذا ونجد الصوت الأعلى إعلاميا هو صوت الذين أشعلوا نار هذه الحرب ويريدون استمرارها للقضاء على دولة السودان بالكامل، لأن ادبياتهم لاتعترف بالأوطان، فالوطن فى نظرهم لا قيمة له، وساعدهم على ذلك تحكمهم فى السلطة وفى الأموال التى نهبوها من ثروات الشعب السودانى، ولهذا ملأ إعلامهم الكاذب الفضاء من حولنا، تشويها لثورة السودان وشعبه ووصفه بأفظع الصفات، والحط من قيمة طلائعه، وهم لجان المقاومة، والحرية والتغيير، وتجمع المهنيين والذين يشكلون أكبر تجمع فى تاريخ السودان حيث يزيد عددهم على 20 مليون مواطن على أقل تقدير، ولكن فى غياب إعلامهم . نشط الإعلام الظالم لتهديد قوى الشعب والثورة، واحباط عزيمته باستمرار، وذلك بنشر الأكاذيب وقلب الحقائق طوال 24 ساعة. ومحاولة هزيمته معنويا وهو يدافع عن وجوده وكينونته وحريته وحرية وطنه.

ولمواجهة هذا الإعلام الضال أعرض هذه الفكرة، بضرورة إنشاء قناة فضائية ناطقة باسم الثورة والتحول الديموقراطى المدنى، والتى يجب أن تركز أهدافها على السودان الواحد بكل مكوناته وقبائله وجهوياته، بصرف النظر عن اختلاف الجنس واللون والعقيدة والثقافة، فالكل سواسية أمام القانون، كما يجب أن تركز على الاستفادة من ثروات السودان للجميع، على أن يعمل بالقناة لفيف من الشباب السودانى من كل مناطق السودان المختلفة، شرقا وغربا وشمالا وجنوبا.

ومن فوائد هذه القناة التعرف على امكانات الشعب السودانى البشرية المتواجدة داخل السودان وفى بلدان العالم شرقا وغربا، والتى نستطيع استثمارخبراتها لتنمية السودان، ففى غيبة الإحصاءات المحايد طوال ثلاثين عاما، والتى ركزت على هدف واحد هو (هذا معنا.. وهذا ضدنا)، ومن خلال هذا الهدف العنصرى ضاعت المعلومات البشرية الحيوية التى تركز عليها الدول من أجل توجيه اقتصادها وسياساتها الوجهة السليمة، عن طريق استنهاض همم وجهود العناصر البشرية الجادة والمؤمنة بوطنها، وأدى ذلك التخريب والتجريف البشرى إلى طرد العناصر الجيدة إلى الخارج، وصعود الخاوين والفاسدين إلى مراكز السطة واتخاذ القرارات، وكانت النتيجة غياب الدولة بمعناها المعروف تماما.

الآن أصبح إنشاء هذه القناة واجبا على كل سودانى وسودانية من الأغلبية الصامتة، حتى يسمع العالم صوت ثورتنا المدنية، الذى يعبر عن آمالنا فى تكوين مجتمع مدنى ديموقراطى، يتيح اختيار القيادة الوطنية الفعالة التى تضع هذه الدولة الغنية بمواردها فى الطريق الصحيح، الذى يقود إلى تحقيق الأمان والرفاه لشعبها الصابر. وبالتالى دحر جهود أقلية عنصرية فاسدة لا تريد خيرا لهذا المجتمع.

ونحن كشعب، لسنا أقل ثقافة أو وطنية من بعض شعوب الدول الأفريقية المجاورة، فقد بنت
أثيوبيا سد النهضة بجهود أبنائها المغتربين، ولم تستدن دولارا واحدا من دول الغرب أو الشرق، وجمعت رواندا بعد توقف حروبها الأهلية من شعبها فى الداخل والخارج الملايين، وأطلقت لنفسها بمساعدة فرنسا قمرا صناعيا راونديا لنشر العلوم والانترنت المجانى لأفراد الشعب وللمدارس والجامعات، حيث ركزت فلسفتها على نشر العلم والقضاء على الجهل الذى يؤدى إلى العنصرية البغيضة التى تسبب الحروب التى تقضى على الأخضر واليابس.

أدعو من خلال هذا المقال إلى تكوين لجنة تمهيدية للتبشير بالموضوع والقيام بالاتصالات اللازمة لاستنفار جهود المغتربين فى الولايات المتحدة وأوروبا ودول الخليج، والقوى القادرة ماليا داخل السودان، ولن نستطيع تنفيذ هذه الفكرة إلا بتكاتفنا معا فى سبيل تحقيق الحلم. وهو دولة لجميع السودانيين، ليكونوا جميعا شركاء فى الحكم، وفى ثروات البلاد واستغلالها على الوجه الصحيح لتطوير البلاد والعباد.

أتقدم بهذه الفكرة إلى صحيفتنا الوطنية الرائدة (الراكوبة) صوت المهمشين والمظلومين وصوت الأقلام الحرة التى مُنعت من نشر آرائها طوال أكثر من ثلاثين عاما داخل السودان. لتبنى هذه الفكرة، والاشراف على تكوين لجنة تمهيدية تتولى عملية الاتصال بالقادرين داخل السودان وخارجه، وأنا أول المتبرعين بجهودى فى هذا الشان، إيمانا منى بدور الإعلام – جنبا إلى جنب- مع تكثيف النشاط المدنى السياسى فى تحقيق أمنية الشعب فى دولة مدنية ديموقراطية حرة.

 

‫3 تعليقات

  1. القناة كان تكون. ايام. الإنقاذ. والفترة. الانتقاليه

    اتذكر. مره. عملوا قناة. سموها. المقرن لكنها. لم ترى النور والسبب انها كانت عنصريه

  2. نثمن حروفكم واستعدادكم العطاء المنتظر من المهنيون القادرون على تقديم الاضاءات المطلوبة فى مسيرة الانتقال المدنى كل حسب تخصصه…الخطأ الأكبر الذى واكب الثورة هو اختيار وزير غيرةثورىوباهت الملامح متردد ومتساكن مع قوى الارتداد وابتخذييل والتضليل..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..