مقالات وآراء

إعادة إعمار ، أم إعمار/ بِنَاء؟

الحسن النذير
معلوم أن الأولوية الآن هي لإيقاف الحرب. إيقاف هذه الكارثة غير المسبوقة التي نعاني من ويلاتها منذ أكثر من عام. في نفس الوقت يجب أن نفكر فيما بعد توفف الحرب. نفكر في ذلك الآن ، لأننا لا  يمكن أن ننتظر توقفها ثم نفكر فيما يجب فعله بعد ذلك ؛ لأن ما يجب فعله لا يحتمل الإنتظار. وبديهي أن توفير العلاج ، مياه الشرب التعليم ، استتباب الأمن . قضايا ذات أهمية بالغة لا تحتمل التأجيل ، لأنها مرتبطة ببقاء الانسان علي قيد الحياة. وفي نفس الوقت وبالضرورة يجب أن نتفق علي ترتيب أولوياتنا العاجلة ، دون ان نعيد أخطاءنا السابقة . أو بالأحري ، دون ان نعيد بناء ما بنينا سابقاً بطريقة خاطئة.
والذي يتبادر إلي الذهن أولاً ، كيف نحدد الأولويات العاجلة؟ والإجابة علي هذا السؤال المهم ، ليست بالأمر الصعب ، لأنها تنبع من الشكوي اليومية للمواطنين المكتوين بصورة مباشرة بنير الحرب اللعينة الآن في معسكرات اللاجئين والنازحين وأماكن تجمعاتهم. الشكوي من انعدام مياه الشرب الآمنة ، الأدوية والخدمات الطبية المنقذة للحياة ، الغذاء الضروري ، والمأوي. نعم ، الأولويات تحدد بما هو مطلوب لضروريات البقاء علي قيد الحياة. لذلك توفير العون الإنساني هو الاولوية القصوي ليس بعد توقف الحرب فقط ، بل أثناءها الآن.
إذا ً، مياه الشرب ، الطعام ، الدواء والخدمات الطيبة والتعليمية والإيواء هي ما يجب أن يكون علي رأس أولوياتنا. ويجب ان يكون علي رأس الأهداف التي ينبني عليها برنامج الإعمار/ البناء وليس “إعادة الإعمار”! ببساطة لأن ليس كل ما بني سابقاً كان صحيحاً علي الأقل من منظور التنمية التي تضع العيش الكريم  للإنسان في مقدمة أهدافها. نذكر هنا بأن بلادنا كانت تنتج عشرات الانواع من المشروبات الغازية وتستورد القطن الطبي وقلم الرصاص من الخارج! والمولدات الكهربائية تتوفر لصالات الأفراح / الجرتق ، الفاخرة وتنعدم في المرافق الطبية والتعليمية! والقائمة تطول إذا تطرقنا لأساطيل عربات الدفع الرباعي الحكومية وانعدام المياه الصالحة للشرب في المناطق التي تنتج صادر الماشية والصمغ العربي التي بعائدها تستورد هذة الكماليات! وينعدم الإمداد الكهربائي في المناطق المجاورة لسدود الانتاج وآبار النفط! لكل ذلك يبدو من المنطقي أن نتحدث عن إعمار وليس إعادة إعمار ، أي إعادة أخطاء!
بطبيعة الحال ، أمر الإعمار ليس بالأمر السهل ، لكنه أيضاً ليس بالمستحيل إذا توفرت الإرادة وآلت السلطة المناط بها قيادة الإعمار/ البناء إلي من يعبر عن آمال الجماهير صاحبة المصلحة في الإعمار/ البناء. صاحبة المصلحة في السلام والحرية والعدالة.
ولا نختم هذا الحديث دون التطرق لكلمة “لكن”! التي نتوقعها من “اللاكنين”! لكن: من أين تأتي الموارد؟
حتماً وبالضرورة أن توفير الغذاء يتم أولاً بالإهتمام بانتاج المحاصيل الغذائية، وليس فقط بانتظار العون الانساني. ويجب التحكم في عائد الصادر والتعامل مع انتاج الذهب كسلعة سيادية مثلها مثل النفط ووقف الفوضي والتهريب الكارثي الذي أدخلنا في مأساة اليوم.  نعم ، بلدنا بخيره إن أحسنت إدارته وسخرنا موارده العديدة لمصلحة إنسانه ونمائه.  ولنتعامل مع العالم ومؤسساته المالية ولكن حسب واقعنا وما تمليه علينا ظروفنا ؛ وحسب ما نتوافق عليه بطرق ديمقراطية وليس بنصوص محفوظة تكرر ببغاوياً. ولنا في دول كثيرة تجارب يمكن الاستفادة منها.
ليس من المستحيل أن نعمر/ نبني لكن من الخطأ الفادح ان نعيد بناء ما بنيناه بالطريقة السابقة. طريقة انتاج عشرات الأصناف من المشروبات الغازية والتسول في سوق الدواء والغذاء! .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..