وعد الرئيس

لا يختلف اثنان أنَّ الوضع الذي يعيشه السودان اليوم ما كان له أن يصله، إن حافظ المؤتمر الوطني على موارده وجعلها في منأى من أيادي العابثين والفاسدين. فالأموال التي أهدرت خلال 29 سنة يمكنها أن تبني السودان عشر مرات، وتجعل منه دولة لها مكانة تصول وتجول في العالم، ولما تصدقت عليه دول هو من أنار لها الطريق وعرفها كيف تبني نفسها .
ولا يختلف اثنان أيضاً أنَّ المؤتمر الوطني حزب تأسس بطريقة غير طبيعية، وجمع في عضويته الكثير من أهل المطامع .
قبل فترة انتقد الرئيس بشدة أداء الحزب تنظيمياً وسياسياً، وقال هناك غياب شبه تام للمبادرات وتقديم الحلول الاقتصادية والسياسية بالبلاد، وتوفير الآليات التنفيذية المطلوبة. وهذا يؤكد أنَّ الحزب غير مؤهل لإدارة شؤون البلاد، ولا أعتقد أنَّ هناك دليلاً يمكن أن يؤكد هذا أكثر من شهادة الرئيس نفسه. فهو دائماً يوجه مسؤوليه للقيام بمهامهم، ورغم ذلك لا يفعلون. ويبدو أنه قد قرر اليوم أن يلجأ إلى آخر علاج وبعدما وعد بوعد عظيم نتمنى أن يتحقق.
في خطابه أمام الهيئة التشريعية القومية قبل أيام قال الرئيس، سنوالي مراجعة وتفتيش وتقويم البنوك الخاصة والعامة وعلى رأسها بنك السودان المركزي، الذي سوف نتخذ فيه إصلاحات هيكلية، وسنتابع إجراءاتنا ومعالجاتنا حتى نسترد أموال الشعب المنهوبة، وأنه لن يفلت أحد من العقاب وأنها ستكون حرباً على الفساد في كل مكامنه ومخابئه، وسنطبق قانون الثراء الحرام ومن أين لك هذا بصرامة للكشف عن المال الحرام والمشبوه وغسيل الأموال، وسنظل في متابعة إجراءاتنا لملاحقة المتلاعبين داخل وخارج البلاد، حتى يسترد اقتصادنا الكلي عافيته.
أعتقد هذه الخطوة يجب أن تنفذ بحزم وجدية، ولكن لا بد من أن يصاحبها علاج سياسي يتم خلاله الاستغناء عن جميع المسؤولين الفاشلين، الذين لا يستطيعون تقديم المبادرات والحلول الاقتصادية والسياسية ولا يمتثلون للتوجيهات. فالسودان أكبر منهم جميعاً ويجب أن يقدموا قرباناً لعافيته، فهم لم يهن عليهم السودان، فلا يجب أن يهونوا هم على الرئيس. والسؤال ومن أين لك هذا يجب أن يوجه لكل أثرياء المؤتمر الوطني، والذين بطرفهم وبعض المواطنين وكل من جاء به التمكين.
إذا تحقق وعد الرئيس وتمت إعادة كل الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة وتمت محاسبة كل (النهابين)، وتم إبعاد كل الفاشلين سياسياً، لا شك أن السودان بعد عام واحد فقط سيصنف ضمن أكثر الدول رفاهية ونزاهة في العالم. وهذا الحل استعان به رئيس تنزانيا ونجح، وأعتقد الرئيس البشير يمكنه أن يفعل هذا اليوم، خاصة وأنه سبق وأن قال إنه يرغب في تسليم السودان بلا مشاكل بحلول العام 2020. ورغم أنَّ المؤتمر الوطني حزب مليء بأصحاب المصالح الشخصية والنفوس الضعيفة وأعداء الإصلاح، ولكن أعتقد أنَّ الرئس قادر على حسمهم جميعاً وإنقاذ السودان، وتسليمه للشعب محرراً من الفساد والمفسدين.
التيار