وقائع ..ومشاهدات : من داخل سرادق عزاء خليل إبراهيم بالخرطوم..نجل خليل يروي قصة تلقيه خبر مقتله هذا.. ما قاله الترابي

مشاهدات ينقلها :عزالدين ارباب:عمر الفاروق:

كان منزل زعيم حركة العدل والمساواة الراحل، خليل ابراهيم، بحي عد حسين الشعبي جنوبي العاصمة الخرطوم عشية مقتله ، يمثل مسرحا ربما غلبت عليه كل انواع الدراما، والاجواء النادرة، رغم انك حين تصله تعتقد بأن الامر لا يعدو ان يكون منزل عزاء عادي ليس لشخصية مهمة مثل خليل الذى ملأ الدنيا وشغل الناس ، فمنزل الراحل الذي يقع على مفترق طرق بمربع 4 بحي عد حسين، وتحيطه الاشجار الظليلة، ويميزه لونه الليموني، وبناؤه الجميل وتربو مساحته على 1000 متر، كان يقبع وسط حي تلمس شعبيته من الوهلة الاولى، وكانت المنازل من حوله مفت?حة، والجيران كانوا حضوراً، فالشيء الذي احسسناه من الوهلة الاولى ان السودانيين يميزون عادة، بين الاشياء، فالمناسبة برغم اختلاف الكثيرين، كانت سودانية خالصة. فنفس المناظر المألوفة كانت طاغية على المشهد، عشرات من الشبان امام ابواب المنزل وكل السحنات السودانية كانت حضوراً، غير ان الاختلاف الوحيد كان يتمثل في عدم وجود سرادق عزاء (صيوان) كما عرف في المناسبات السودانية كافة. حينما كنا نتجاذب اطراف الحديث مع اسرة الراحل داخل صالون الاستقبال بمنزله الذي كانت الناحية الجنوبية منه تحتضن مكتبة زاخرة بالكتب وتنتشر كراس? الجلوس الفخمة، وكان يجلس معنا، المحامي ادم بكر وابناء عمومة خليل واصدقاء ومعارف الاسرة. وبدأت الاسرة تحكى لنا كيف استقبلت خبر وفاة والدها ، ومتى ، وماذا سيفعلون. وبدأ سرد القصة ابنه الاكبر محمد الذى قال عندما كانت عقارب الساعة تشير الي السادسة صباحا من تاريخ امس الاول السبت رن الهاتف في منزل خليل ابراهيم بالخرطوم، ورفعت الهاتف ولم تكن في الجانب الاخر من المكالمة اخبار جيدة فقد كان في الجانب الاخر احد اقربائه يخبره انه سمع خبرا بوفاة والده خليل ابراهيم في الساعات الاولي من الصباح. بدا محمد والذي يدرس القان?ن بجامعة الخرطوم غير مستوعبا للخبر ولكنه قال في حديثه لـ(الصحافة) انه كان لا يستبعد ابدا وفاة والده لجهة ان الحرب يتوقع فيها حدوث اي شئ وان والده ثوري يكون دائما في الحرب في الصفوف الامامية. لم يشاء محمد ان يخبر الاسرة ولكن الاسرة عرفت بمجرد بزوغ الشمس وتناول جميع وسائل الاعلام الامر وهي تتلو بيان القوات المسلحة الذى اشار الى مقتل خليل ابراهيم.وكذلك عندما بدأت جموع المعزين واسرتهم واقاربهم من النساء والرجال والاطفال يتوافدون الي منزلهم الكبير بالخرطوم.
في صبيحة امس والذي بدا فيه مشهد المعزين حزينا وخاصة من النساء اللائى كن يدخلن الي المنزل ويقابلن اسرة وزوجة خليل وهن في حالة من البكاء والصراخ و. وعندما زادت اعداد المعزين قرر اقارب اسرة خليل اقامة سرادق للعزاء امام المنزل لاستقبال المعزين ، وهو الامر الذي منعته الشرطة ا لتى كانت تتمركز امام بيت خليل على متن اربع حافلات كبيرة و13 سيارة صغيرة ، وعندما احتد النقاش بين الشرطة التى تريد منع اقامة السرادق واسرة خليل التى تريد ان تقيمه ، وعند ازدياد عدد الناس استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المعز?ن بحسبما ذكر محمد خليل ابراهيم في حديثه للصحافة امس ، وقال ان الشرطة صادرت الصيوان والذي اصرت الاسرة على نصبه امام المنزل ومنعت .مما دفهم الي استقبال المعزين في حوش المنزل، وهو ما استنكره بشدة ابن عم خليل عزالدين الزبير . وتجمع جميع ابناء خليل والذين يبلغون خمسة ابناء اولاد وبنات اكبرهم محمد والذي تخرج في كلية القانون بجامعة الخرطوم هذا العام بينما ابن خليل الاخر ابراهيم و يدرس بكلية الهندسة بجامعة الخرطوم، وتخرجت ايثار في جامعة بحر الغزال بينما تدرس الابنة الاخري لخليل اسمها ايلاف بكلية الطب بجامع? الخرطوم، واخر العنقود من اسرة خليل ابراهيم تدعي الاء وهي تدرس في المرحلة الثانوية. وكان ابناء خليل ابراهيم يقفون في باب المنزل لتلقي العزاء وكان ملاحظا ان المعزين لم يكونوا من جهة محددة بل كانوا من قبائل مختلفة في السودان وعندما قابلنا ابنه ابراهيم والذي كان عائدا مع شقيقه من المسجد وبدا انه ملتزم وينتمى الى احدى الجما عات الدينية . وعندما سألته كيف عرفت نبأ مقتل والدك؟ اجاب بصوت منخفض انه سمع عندما ابلغته الحكومة بذلك ولكنه الي الان ليس متأكدا من حقيقة وفاة والده خليل ابراهيم وكان يقول تقبله الله من ا?شهداء بينما يقول في احيان اخري تقبلة الله .
امس في بيت العزاء كان جميع اقارب خليل وانصاره يستهجنون منعهم من اقامة صيوان لخليل ابراهيم مشيرا الي انه رجل مسلم وطبقا للقرآن والاسلام لا يجوز انتهاك حرمة الميت.
ويقول ابن شقيقة خليل ابراهيم ، ابوبكر تواب بعد ان استعرض امامنا العشرات من بقية الغاز المسيل للدموع انهم استغربوا بشدة منعهم اقامة الصيوان وقال ان هذا ليس سلوك دولة مسلمة وقال ان الشرطة كانت من الصباح جوار المنزل منذ السابعة صباحا لافتا الي انهم تحدثوا مع الضابط الذي يقود الشرطة ولكنه اجابهم ان لديه تعليمات بمنع اقامة الصيوان خشية اندلاع اعمال شغب، بينما كان متواجدا في العزا منذ الصباح الباكر محامٍ من منسوبي العدل والمساواة والمقرب من اسرة خليل والذي يدعي ادم ابكر والذي اشار في حديثه للصحافة انهم كأسرة خ?يل ليسوا متأكدين من مقتل زعيم العدل والمساواة لافتا الي ضرورة عرض جثة الفقيد للتأكد لافتا الى ان عرض الجثة يمكن ان يقطع اي شك بمقتله او عدمه.ومع مرور الزمن وميول الشمس الي المغيب بدأت الشرطة التي كانت موجودة بكثافة في الرحيل .
وصول الترابى وتغير العزاء
ورغم طابع الحزن الذي كان باديا على وجوه الجميع، الا ان الحديث كان يدور بنسق طبيعي بين الجميع رغم اجواء الحزن الغالبة والمؤثرة، ولكن بعد حين تم ابلاغنا بأن الدكتور حسن الترابي في طريقه الى المنزل لتقديم العزاء في روح زعيم حركة العدل والمساواة، وبعد ان ابلغنا، المحامي بارود صندل بحضور عراب الحركة الاسلامية الدكتور حسن عبد الله الترابى ، لم تمر أكثر من عشر دقائق، وكان الترابي حضوراً في سرادق العزاء، وسط هالة وضجة منحها له الحضور يقدم تعازيه الحارة لاسرة خليل فرداً فرداً، وبعدها تم استضافة الشيخ الترابي في صال?ن منزل الدكتور خليل، على كرسي منفرد، وبعد هدوء المعزين اطرق الترابي وصمت لما يقارب الدقيقتين، ولم ينبس ببنت شفة، وهذا ما بادله الحضور بالصمت، الذي كان يقدر بالعشرات بعد ان تم تقديم واجب الضيافة له وكافة المعزين (ماء وشاي)، وما ان بدأ الترابي الحديث، حتى تحلق اغلب الحضور واقفين، فالترابي ابتدر حديثه بالرحمة والاشادة بما وصفها بمجاهدات ومناضلات زعيم العدل والمساواة، مشيداً بقوميته وشجاعته التي جعلته يقود الصفوف ، وقال الترابي، ان خليل لم يكن جباناً، وما كان يقاطع حديث الترابي دائماً، الا توافد المعزين الذين? خصوا الترابي بتقديم التعازي، والمشهد الذي كان لافتا للنظر هو القصة التي بدأ يرويها ذوو الراحل للدكتور الترابي، فلم يكن بعيداً موقف الشرطة التي قامت باقتلاع صيوان العزاء، وكيف انهم شرحوا لهم الموقف، فابنه ابراهيم وابناء عمومته ولفيف من اقاربه، كانوا يتحدثون تباعاً للرجل باثين شكاواهم من موقف السلطات التي بحسب قولهم انتهكت كل الاعراف السودانية السمحة وتعاليم الدين الحنيف، بفض صيوان العزاء ورميهم بالغاز المسيل للدموع رغم ان الامر لم يكن الا سرادق عزاء لمواطن سوداني. والمشهد وهو يسير بذات النسق، تم ترتيب ل?اء خاطف للدكتور حسن الترابي مع ارملة زعيم العدل والمساواة قبالة باب غرفة داخلية متاخمة للصالون بمعية ابناء الراحل ولفيف من اقاربه، لم يتعد تقديم التعازي لارملة الراحل اكثر من ثلاث دقائق، وبعدها خرج الترابي بذات الصالون الذي دخل به، وبالخارج في باحة المنزل كان المنظر أكثر درامية وألما وحزناً، وهو يعزي احدى كريمات الراحل والعشرات يضفون على المشهد دراما حزينة، فابنة زعيم العدل والمساواة والتي يبدو على ملامحها حزن دفين، كانت تصغي الى الدكتور الترابي وهو يواسيها في فقدها الجلل بكل رباطة جأش ويقين رغم دموعها الت? لم تجف.
وكانت الخمسين دقيقة التي امضاها زعيم الحركة الاسلامية السودانية، الدكتور حسن الترابي، في منزل العزاء قد وضعته في موضع كان فيه هو الكبير الذي عليه ان يقول ويحدد، في ظل سيل من الاسئلة اللا متناهية والمؤلمة، حول ما حدث وما سيحدث، لكن الرجل الذي عرف بابتسامته التي لا تغيب في احلك الظروف لم يخيب ظن بشاشته، رغم الحزن والصمت اللذين بلغا به مبلغا كان ظاهراً للعيان، وكان لافتا انه وطيلة مكوثنا في منزل زعيم العدل والمساواة لم يرد الى مسامعنا صوت بكاء ونحيب كما عرف في (بيوت البكا) السودانية، وكان أغلب الناس عاديي?، الا ما تلاحظه العين من ذهول في وجوههم وقسماتهم، وبعد اداء صلاة المغرب، وبعد دعوة طويلة بالرحمة له، كان المشهد طبيعيا ومعتاداً، حين تم تقديم وجبة العشاء للضيوف، وهكذا كان سرادق العزاء عاديا وغير عادي .
الصحافة

تعليق واحد

  1. من عد حسين الى اهل الفقي\د في دارفور الى اصهاره في الجزيرة كان العزاء والموت للاحرار حياة عاش خليل بعد ان سجل اسمه بحروف من نور ومن يمس ابناء خليل فسيدفع الثمن فالثورة لن تكون في دارفور بل هي قريبة منهم في الجزيرة

  2. ليت ألنظام سمح لعائلة ألفقيد بتلقى ألعزاء والمواساه وقاموا هم بالواجب الاخلاقى والاجتماعى والانسانى السودانى ( فالعفو عند ألمقبره) وهاهو (خليل) فى جوار ربه وفى رحابه وللرجل اسره وعائله وزوجه وجيران وأصدقاء قد يتفقون معه ولكن يجمعون على حقه كأنسان ورجل صاحب قضيه …

    والرئيس مسؤول عن أمن وأمان هذه العائله ومن حقهم أن يفترشوا ويتلقوا العزاء بغض النظر عن خلفيته من يكون وكيفما يكون فمصادرة ألصيوان ومنع ألتجمع فيه استهانه وعدم احترام لقيم سودانيه معروفه ..

    ففى قضايا الجرائم العاديه تكون عائلة واقارب الجانى موجوده وتسجل حضوراً كثيفاً ومساهمه واضحه فى ترتيب لوازم (بيت البكا) مما يكون له أبلغ ألاثر فى تخفيف المصاب الجلل .. فبالعقلانيه تهدأ النفوس وتتحول القضايل لأمور خلافيه واختلافيه ..

    ولكن أكرمنا ألمولى بقياده ( أمنيه ) محدودة ألسقف ألعقلى لا تؤمن سوى بالحلول والمعالجات الامنيه العقيمه التى ما قتلت ذبابه ..

    نشكر قيادة البلد السياسية التى لم تتكرم بالقيام بالواجب تجاه أسره مكومه فقد راعيها ..
    كما نزجى الشكر للدكتور حسن الترابى وكل من أم بيت العزاء فواجب القياده أن تكون متواجدة دوماً إلى جانب المواطنين وفي جميع المناسبات وهذا ما رأيناه من اهتمام واضح من الرئيس البشير وكبار المسؤولين الدوله وفي الحرص على التواجد فى كل المناسبات ..

    كنا نتمنى أن تنعى قيادة الدوله (خليل) فالنعي هو الإعلام بموت الميت، منه ما هو جائز كإعلام الأهل والإخوان وأهل الفضل ليتمكنوا من الحضور لتجهيز الميت، وتشييعه، والصلاة عليه، والاستغفار له، ودليل ذلك ما صح عن أبي هريرة أنه قال: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، خرج إلى المصلى فصفَّ بهم وكبَّر أربعاً". هكذا فعل النبى صلوات ربى وسلامه عليه ..

    أدعو البشير وكل رموز البلد بالقيام بالواجب … وكفى ..

    وخليل فى رحاب ربه … وللرجل أسره وأطفال وعائله ماذنبها ياأخ عمر ..

    فأنت كبير البيت السودانى .. والكبير ببقى كبير .. ويتسامى فوق الصغائر ..

    فالرجل كان منكم ومن رجالات النظام .. فلا تنسوا العُشــره والملح والملاح ..

    أللهم أرحم كل شهداء الواجب وأشفى الجرحى .. وأجعل بلدنا آمنا مستقراً ..

    وللحديث بقيه

    الجــــــعــــــلى .. البعدى يومو كلو خنق …

    ودمدنى السُـــنى ..

  3. جهل مدقع فما الغريب في منزل عادي جدا في عد حسين وعلي فكرة لو ما بتشوف كويس يا عامل تربية المواشي فالبيت سطوح وليس قصر أو فيلا في قلب الخرطوم,,,ولعلمك فخليل ابراهيم طبيب وعمل في عدة مواقع وفي يوم من الايام كان وزيرا في هذه الحكومة قبل اختلافه معها كما وانه يمتلك ما يمتلك من الأبل وكان دائما يفتخر بأنه راعي وليس طالب سلطة ,ولو كنت بتسأل أسأل عن النعمة التي اصبحت سمة لحتي صغار صبية المؤتمر العفني ناهيك عن كبارهم والذين يكنزون العملات الصعبة في اطراف قصورهم وانشأوا الشركات زرافات وهرّبوا اموال البلد للخليج وماليزيا وغيرها مما ادخل البلد في نفق مظلم..ودونك العقود التي توقع بالملايين لمن لا يستحقونها..والفساد المالي والاداري الذي فاحت رائحته حتي ازكمت الانوف

  4. عندما كان خليل دبابا تم أيضاً منع اسر شهداء رمضان من اقامة سراديب العزاء وتم اعتقال زوجاتهم واطفالهم …… فعلا كما تدين تدان كوز وهلك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..