السيسي مقابل مرسي. نكتة أخوانية

يثبت الاخوان أنهم لم يتعلموا من درس الثلاثين من يونيو شيئا. لا تزال الرغبة في الانتقام هي التي تزود ماكنتهم بزيت لم يعد قادرا على تشغيل كافة مفاصل تلك الماكنة بسبب نفاد صلاحيته.

بقلم: فاروق يوسف

يحاول الغرب الان انقاذ ما تبقى من مكانة جماعة الأخوان المسلمين في مصر. وذلك بسبب شعوره بأن الجماعة وقد ارتكبت أخطاء فادحة في حق الشعب المصري خلال سنة واحدة من حكمها قد تواجه خطر الانقراض والانكفاء على الذات، بسبب اصرارها على الاستمرار في عزلتها عن الحياة السياسية المصرية وتمسكها بمطلب صار جزءا من ماض لا يمكن استعادته الا وهو عودة ابنها محمد مرسي الى كرسي الرئاسة.

الغرب لم يعد ينظر إلى ما جرى في مصر بعد الثلاثين من يونيو السابق على أنه انقلاب عسكري. وهو ما شكل نهاية موجعة لآمال جماعة الأخوان، حيث كان الظن السائد يؤدي إلى قناعة مفادها ان الغرب لن يؤيد انقضاض العسكر على حكومة مدنية منتخبة. غير أن موقف الغرب الذي جاء متأنيا قد خيب تلك الآمال. وهكذا وجدت الجماعة نفسها معزولة داخليا وعالميا.

الزيارات المتلاحقة التي قام بها مسؤولون غربيون كبار لم يكن الغرض منها اعادة عقارب الساعة الى الوراء كما كانت الجماعة تحلم، بل دفع الجماعة الى التخلي عن مطلبها الذي بات مستحيلا والعودة الى الحياة السياسية من موقع المشاركة الايجابية في خارطة الطريق التي وضعها الجيش.

في وقت سابق سعى اخوانيون سابقون مثل سليم العوا وابو الفتوح إلى اخراج الجماعة من عزلتها المحرجة من خلال مبادرات طغى عليها جانب الولاء للجماعة، لذلك لم تنظر القوى السياسية المصرية الفاعلة إلى تلك المبادرات بطريقة جادة، فظلت معلقة في فضاء اعلامي، هو نفسه الفضاء الذي تتعالى فيه هتافات أتباع الجماعة في رابعة العدوية.

بالنسبة للغرب فان ما حمله مسؤولوه إلى القاهرة لم يكن يعبر عن مبادرة لحل الأزمة عن طريق ارضاء الأخوان كما فعل الاخوانيون السابقون.

لملمة الأخوان قبل أن ينفرط عقدهم أو تأخذهم العزلة إلى مكان قد تكون عودتهم منه إلى الحياة السياسية السوية مستحيلة هو كل ما يفكر الغرب فيه وهو يرى الجزء الأكبر من خطته لاحتواء الشارع العربي عن طريق جماعات الاسلام السياسي قد تهشم وصار عداؤه لتطلعات الشعب مكشوفا أكثر مما يجب.

من وجهة نظر غربية فان خسارة الجماعة الدينية الكبرى في العالم العربي فرصتها في الحكم ينبغي أن لا تقودها إلى أن تخسر كل ما تملكه من رصيد شعبي. كما ينبغي أن لا تكون تلك الخسارة فاتحة لانهيار المخطط الغربي القديم والذي يقوم على أن تتولى الجماعات الدينية حكم العالم العربي.

غير أن جماعة الاخوان وبالرغم من كل الكلام الدقيق الذي قيل لها بصراحة لا تزال غير قادرة على تجاوز شعورها بالهزيمة من خلال خطوات عملية يمكن أن تقدمها للمجتمع المصري باعتبارها شريكا في العملية السياسية.

لهذا فقد تفتقت عبقرية الجماعة عن طرح فكرة استبعاد السيسي من اي حوار وطني مستقبلي مقابل رضاها بعزل مرسي. متناسية أن الرجل الذي تطالب باستبعاده لا يزال يمثل ضمانة لنجاح التغيير الذي اطاح بدولتهم.

وبهذا يثبت الاخوان أنهم لم يتعلموا من درس الثلاثين من حزيران/يونيو شيئا، فلا تزال الرغبة في الانتقام هي التي تزود ماكنتهم بزيت لم يعد قادرا على تشغيل كافة مفاصل تلك الماكنة بسبب نفاد صلاحيته.

وكما يقال في مصر فان جماعة الاخوان وبسبب اصرارها على أن تستعرض وجودها في مواجهة المصريين صارت تخسر تدريجيا حماسة المتعاطفين معها. فلم يعد مقبولا بالنسبة للكثير من الدول أن يتم دعم جماعة سياسية ضد ارادة شعب بأكمله. فالسلوك الأخواني كان ولا يزال بمثابة فضيحة لأية قوة أو دولة تسعى إلى اسناد الجماعة في رهاناتها الخاسرة.

ومن هنا فإن محاولات الغرب لانقاذ جماعة الاخوان من مصيرها لن يُكتب لها النجاح، وذلك لان الأخوان أنفسهم كانوا قد تجاوزوا الخطوط التي يمكن أن تجمعهم بالتيارات الوطنية وتجعلهم يقفون جنبا إلى جنب مع أخوتهم المصريين.

فاروق يوسف
ميدل ايست أونلاين

تعليق واحد

  1. الغرب لا يهمه ان تحكم جماعة الإخوان المسلمين أو الفريق السيسي فالمهم من هو الذي سينفذ سياسته كما يجب ومن هو الذي سيحافظ علي امن إسرائيل ولم يتدخل الغرب إلا عندما أحس ان خروج الإسلاميين من المشهد السياسي بهذا الشكل سيعود بالإسلاميين الي خانة الجماعات المسلحة وتهديد امن المنطقة وتضرر حلفائهم من العرب والتأثير المباشر علي امن إسرائيل … والانقلاب الذي نفذه السيسي كان بمباركة من أمريكا وذلك واضح وضوح ردود فعل الإدارة الأميركية تجاه ما يحدث في مصر بفتور وتريث ليس الزمان زمانهما

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..