مقالات سياسية

فوات الأوان‎

كمال الهِدي

تأمُلات

لم نُصاب برمد يمنعنا من رؤية (عوج) هذه الحكومة منذ أسابيعها الأولى.
وحين كنا ننتقد فيصل وينبري لنا البعض مدافعين بحجة أن الوقت ما زال مبكراً، وجدنا لهم بعض العذر.
ووقت أن رفضنا فكرة تعيين دكتور حمدوك لبعض موظفي مكتبه من خارج دائرة الحدث الثوري وأرتضى البعض لم يضايقنا ذلك كثيراً بإعتبار أن الأيام سوف تعلمهم أن تكرار ذات الأخطاء مرات عدة والصمت على الأخطاء في بداياتها ستكون عواقبه وخيمة.
أما الآن وبعد أن إنكشف المستور عن الكثير جداً من المتقاعسين في حكومة الثورة وأولهم حمدوك نفسه فليس أمامي سوى القول أن البعض قد استمرأوا فكرة دفن رؤوسهم في الرمال.

من حق أي سوداني أن يؤمن بما يؤمن به وأن ينتظر السراب كيفماء شاء.
لكننا لم ولن نكون من هذه الفئة في يوم.

المدافعون عن حمدوك بالحق وبالباطل لا يستندون على أي ثوابت أو إنجازات للرجل، بل كل ما لديهم هو أنه رئيس حكومة الثورة وأن مناصرته واجبة على الجميع.

أستغرب كثيراً لهذه الفئة، فليس هناك ثورة تضيع بين عشية وضحاها.
فالثورات تُضيع تدريجياً ويبدأ ذلك بالصمت عن الأخطاء وجوانب القصور الواضحة وضوح الشمس.
أما لماذا غضبنا على حمدوك فقائمة الأسباب والمبررات لا سقف لها.
لكنني سأسرد بعضاً منها في هذا المقال.

أولاً حدثنا الرجل منذ يومه الأول عن العبور معاً، لكنه سرعان ما توجه بكل قوته للخارج متجاهلاً تماماً حقيقة أن لهذه الثورة التي نصبته رئيساً الكثير من الرجال والنساء الذين قبضوا على الجمر على مدى سنوات قبل أن يتحقق مرادهم.
وثانياً دفع تعويضات ضخمة ليفتح بذلك باباً لم ينسد دون أن يتحقق من وراء تلك التعويضات شيئاً يذكر.
فأمريكا التي قالوا أنها منحتهم 20 مليوناً كدفعة أولى من (منح وهبات) مؤتمر برلين قدمت المليارات لحُكام آخرين مثل السيسي وغيره.

وثالثاً وعد حمدوك الشباب بمنحهم فرصاً وظيفية لتشمير سواعدهم والمساهمة في بناء الوطن، لكنه في الواقع عين في مكتبه المعارف والأصدقاء بدون اللجوء لمفوضية الاختيار، وهذا واحد من الأخطاء التي ما كان من المفترض أن يسكت عليها السودانيون ولو ليوم واحد، لأن الأساس الخاطيء يستحيل أن يؤدي لنتيجة الصحيحة.

ورابعاً تحدث وما زال عن الشراكات مع العالم الخارجي ومنظماته، لكنه اعتمد على المعونات، فأسماء الدلع هذه لا تهمنا كثيراً، بل نقف أمام التصرفات الفعلية.

وقد سمعتم جميعاً وزيرة المالية المُكلفة وهي تقول بالفم المليان أنهم (يشحدون) الآخرين لتسيير العمل الخدمي في البلد، وكأننا بلد فقير لا يملك قوت يومه.

وخامساً تجاهل حمدوك دعوات تغيير العملة منذ أيامه الأولى، ولو تحقق ذلك حينها لعادت الكثير من الأموال المسروقة طائعة مختارة لخزينة الدولة، ولما وجد حمدوك أو غيره مبرراً لتنظيم حملات ( جنيه حمدوك) و( القومة للوطن) التي لم تعيد للسودانيين كرامتهم المهدورة، طالما أن وزيرة المالية تتحدث عن الشحدة، وبما أن حمدوك نفسه يتخلى عن رئاسة المفوضية الإقتصادية لأن حميدتي يملك المال، وكأنه ورث هذا المال عن أجداده.
وسادساً وعد في أسابيعه الأولى بتقييم أداء الوزراء بعد مائة يوم، لكنه لم يفعل.
وحتى حين أقال (واحداً) وأستقال آخرون بعد عام كامل لم يتم ذلك وفقاً لأي منهجية تقييم أداء علمية، وإلا فليشكف لنا عنها الآن.
وسابعاً لم يتحمس لا هو ولا حاضنته السياسية لإكمال أهم هياكل السلطة ( البرلمان) ولو أنهم فعلوا ذلك لما خاض شعبنا بالأمس في الوحل نتيجة تعيين الولاة، ودعكم من مبرر رفض الحركات المسلحة فقد كان من الممكن تشكيل المجلس التشريعي بشكل مؤقت لو أرادوا فعلاً تشكيله.

وثامناً حدثنا كثيراً عن ثورة المفاهيم وضرورة إزالة التمكين لكنه وبعض وزراء الحكومة استعانوا في الواقع بشخصيات لم تجلس في قاعات الدرس أو تتمتع بالكفاءة التي تمكنها من تولي المناصب القيادية، كما ظل يرسخ لتمكين الكيزان في العديد من الوزارات ومؤسسات الدولة، وظلت عملية إزالة التمكين انتقائية بشكل واضح ومفضوح.

وما تعيين سفير في الهند تخرج من الجامعة أيام حُكم المخلوع ليعين سكرتيراً ثالثاً هناك قبل أن يعود لأرض الوطن.. ما تعيين هذا والإبقاء على سفراء مثل جمال الشيخ الذي كان من المقربين جداً من البشير خلال أصعب مراحل الثورة إلا أبلغ دليل على أن حمدوك غير جاد في إزالة هذا التمكين.

وتاسعاً أثار هو وحاضنته (المفترضة) جدلاً كثيفاً بطريقة اختيار الولاء وهذا ما نتخوف أن يكون بمثابة القشة التي تقصم ظهر البعير، ما لم يغلب أهلنا بكافة مناطق الوطن العقل.

لا أعني المحاصصة ولا اختيار فلان وتجاوز علان، لكن ما يُرعب في الأمر هو الأسس غير السليمة التي أُتبعت في تعيين هؤلاء الولاة.
فإختيار كوز لولاية لا شك أنه يمثل طامة كبرى.
والأنكى والأمر أن تستعين بوالِ يتبع لقبيلة عاشت صراعاً طويلاً مع قبائل أخرى في ذات الولاية.
ما تقدم يعد كارثة حقيقية ويظهر حمدوك ومعاونيه وكأنهم يريدون تمزيق ما تبقى من هذا البلد.
وقد سمعت بالأمس حواراً على سودانية 24 كان ضيوفه إبراهيم الشيخ والصديق الصادق المهدي و( محمد لطيف)، أي نعم لطيف الواحد ده!!

قدم الصديق مرافعة موزونة لرفضهم التعيينات وحثهم لمنتسبي حزبهم بالإستقالة.
أتفق مع معظم ما جاء في تلك المرافعة بإستثناء نقطة واحدة تتعلق بضرورة أن يكون الولاة عسكريين متقاعدين بسبب التهديدات الأمنية في الولايات ذات الهشاشة.
فالعسكر لم يحققوا الأمن طوال سنوات حُكم (المقاطيع) وليس بالضرورة أن يكون أداء الوالي العسكري أفضل من نظيره المدني من الناحية الأمنية.

لكن المهم في مرافعة حزب الأمة هو قولهم أنهم كانوا يطالبون بإعداد القانون الذي يعين هؤلاء الولاة في تصريف أعمالهم.
وهنا قال إبراهيم الشيخ أن موضوع القوانين (في البال) وأنهم سيعملون على إعداد هذه القوانين!!
وهذا مثال جديد على أن حمدوك وحاضنته (ناس كلام ساي)، إذ كيف تنصب والياً على ولاية تعاني من مشاكل لا تحصى ولا تعد وتقول له انتظر علينا حتى نزودك بالقانون الذي ستدير به ولايتك!!

هذا يؤكد أن هؤلاء القوم غير جديرين بالكثير مما كُلفوا به.
ما تقدم قليل من نواقص وأخطاء كثيرة وقع فيها حمدوك منذ توليه منصبه، ومن يرون له إنجازات غير الكلام المعسول يفترض أن يأتوننا بها.
البلد دي حا تضيع وتتمزق وسنموت جميعاً إن لم نكف عن هذه العواطف (العبيطة).
لابد من ضغوط هائلة على حمدوك وحاضنته التي يهملها أحياناً ويلجأ له في أوقات أخرى.. لابد من ضغوط بواسطة شباب الثورة الفاعلين ومن وطأوا الجمر طوال أعوام مضت حتى تعود الأمور لنصابها الصحيح قبل فوات الأوان.

كمال الهِدي
[email protected]

‫6 تعليقات

  1. حمدوك ماعنده اي حاجه يقدمها والافضل ان يستقيل او يقال…سنه كامله عدت والحل كل يوم ماشي اسواء…وصبرنا بدا ينفد…

  2. اولا وبعد عنونك السابق الصادم عن السيد حمدوك رئيس وزراء الثورة وأول خيارات الثوار .. صدقنى ان كثيرا من الناس وانا من ضمنهم اعتقدنا خطاء انك سوف تنفذ وعدا سابقا وتتخلى عن الهتر والكتابة الغير مسؤولة .. وقد استبعدت انا حسن النية من مثل هذا النهج الخطابى وأن البعض يريد أن يجر الناس الى ميادين العبث والفوضى عل أن تضيع القضية إن يقصد او لا يقصد ولو حتى بثمن مقبوض .. !!
    وعلى كل سوف تسير القافلة وتنكس امامها كل العوائق بإذن الله فقط لنهمس فى أذن اللعض أن الشعب السودانى لايقف مع السيد حمدوك لشخصه – بعضهم لم يسمع به من قبل – ولا مع أى من يتم اختياره فى خدمة الثورة إن نجح او فشل إن غادر او بقى .. فالخيار الوقوف القوى مع الثورة وخياراتها .. نعم الوقوف بإيمان مع الثورة وإختياراتها وهذه نقطة لها من الأهمية مالها فمن يحسن نقول احسنت والى الأمام ومن يخفق او تعيقه العوائق والمتاريس التى تحاك ضد الثورة فليذهب والعذر معه لأننا على يقين أن المستهدف الثورة وليس ذلك الفرد وسوف نشكره ونحفظ له أجر هذه التضحيات العظيمة دون التقليل من مجهوده او إساءة الادب والفجور لحضرته ..!!

  3. أعود و أكرر أن عنوان المقال السابق كان خطيئة بكل معنى هذه الكلمة ( حمدوك أن لم تستح فافعل ماشئت)، مثلما ذكر الأخ عامر عثمان في تعليقه أعلاه، وقلنا أن كلمة (استحي ) تقال للص، للسكران، للمجرم، للخائن، للزاني… ولا تقال لرئيس وزراء، أنا طلبت منك سيدي أن تعتذر عن تلك السقطة، سامحني في كلمة (سقطة) لأنها الحقيقة، و الكل يسقط، والعاقل من ينهض و قد أرسلت لك طلب للإعتذار على الايميل بتاعك و الله لا لشيئ إلا لأني من قرائك المداومين، ولكن لم يحدث شيئ من جانبك، لا رد ولا إعتذار، و أنت حر ، معذور، لك مشاغلك. أنا أرى أن أي صحفي أو كاتب في الصحف يفقد قارئاً واحداً فهو خاسر. أن فقدت قارئاً اليوم فستفقد آخر غداً و ثالث بعد غدٍ و رابعاً بعد يومين، حتى تصبح (أباطك و النجم)، الكاتب الذي يفرّط في قرائه يفرط في رأسماله، نحن، هؤلاء الدهماء، غمار الناس، رأس مال كل صحفي، مهما علا شأنه، نحن من نجعله يصعد إلى القمة أو تهوي به الريح من مكانٍ سحيق، الكاتب الصحفي بدون قراء لا يساوي شيئاً. لقد ودعتنا قبل أيام أستاذ كمال و قلت أنك قررت أن تتوقف عن الكتابة، إحترمنا إرادتك فلك عملك و لك عائلتك، و قلنا معليش يرتاح و يرجع لينا أقوى وأفعل و أنشط، ولكن للأسف رجعت عنيفاً تريد أن تهدم كلما أمامك، كل الناس غلط، حمدوك المفروض يستحي، الوزراء فاشلين، فيصل كذاب، البدوي غبي، أكرم لا يفهم، مدني عباس ما نافع،الشعب غافل، قحت ضيعت الثورة، الحركات المسلحة نصابين، وكلو على كلو، عمال على بطال، مش معقول كدا يا أستاذ كمال، الجميع سيئ إلا كمال الهدي؟. وحده الذي يرى والبقية عُميان؟ ما الذي حدث لك يا سيدي منذ أن عدت؟ هل تريد أن تحبطنا؟ أن تثبط همتنا؟ هل تريدنا أن نخرج مطالبين بسقوط الحكومة و نذهب للتيه و الضياع و المجهول؟ هل كنت تتوقع من حمدوك أن يضرب بعصاه البحر فينفلق و يكون كل فرقً كالطود العظيم؟ أستاذ كمال أنا من المتابعين لك، و دارت بيننا عدة مراسلات حول مقالاتك أرسلتها لك بالأيميل، كنت لطيفاً و رددت على بعضها، تجاهلت بعضها و أنا أبحث لك عن عذر، الراجل مشغول، الراجل مسافر، الراجل مع عايلته …. وهكذا، و طبعاً من حقك ألا ترد، أنا في النهاية (حتة) قارئ، (عاجز بمفرده، جبار بمن معه) . و أقولها لك و أنا أحبك، والله على ما أقول شهيد، أنك في عودتك ضيعت الطريق، ر(اح ليك راس خيطك) كما يقول شاعر الثورة (أزهري محمد علي) صار شعارك التخذيل، التجريح، التثبيط،….. و الإساءات و النرجسية، أكرر النرجسية و أعلم أنها ستُغضبك، أرجو ألا تغضب، لانني أحسها في كلماتك، أتذوقها بين سطورك، أشمها في عباراتك، و أكرر لا يمكن أن يقبل منك أي مواطن، و أكرر، مرة اخرى: أي مواطن، و اقولها لك بالفم المليان، أن تقول : يا حمدوك أن لم (تستح) فافعل ما شئت، هذه كارثة والله يا أستاذ كمال، أتوقعها أن تصدر من الطيب مصطفى أو إسحق فضل الله أو الهندي عز الدين، فهل ترضى أن تكون مثل هؤلاء؟؟ و أنت سيد العارفين يا أستاذ: الكلمة أمانة. و خدها نصيحة من أخوك، راجع نفسك، أترك العنف، ضع نفسك في مكان من تسيئ إليه، أعلم أنك ستقول أنك ما أسأت لأحد، و أنا أقول لك: لقد أسات لرئس وزراء يخاطبه الناس في كل العالم بلقب (دولة) السيد رئيس الوزراء، أو (فخامة) السيد رئيس الوزراء، ولا يقولون له استحي، معليش أعذرني في التعبير: إنت كترت المحلبية، كما تقول النكتة. هذا الرجل كاد أن يدفع حياته في سبيل وطنه، لم يأت جائعاً و لا عاطلاً و لا مطروداً، جاءكم بعزته، بعلمه، بعلاقاته، بشهرته، بماله، فلنحترمه، أو ليخرج الشارع ليقيله، و أنا متأكد أنه لن يرفض للشارع طلباً، سيفعلها (ON THE SPOT) ويعود لوظيفته المرموقة، و بيته العصري، وسيارته الفخيمة، ويجد كل الإحترام عند الغير، الذين يعرفون قيمته……….. وعندها لن يفيدنا البكاء، وسيشمت فينا المتربصون. أكرر سيدي أرجو ألا تغضب من كلامي لأنه كلام صادق من شخص يحب لك الخير، و اسمعها مني: في مقالك القادم أكتب في السطر الأول: فخامة السيد رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك ،،،، سامحني غلطان بعتذر.

  4. والله يا عزوز أخوي إنت والمعلق القبلك أناس عاطفيين ستقتلونا بعاطفيتكم هذه كما قال الهدي! نحن يا عزوز نتكلم عن ثورة ومصير شعب عانى الأمرين خلال ثلاثين عاماً حسوما وقدم شبابنا وأمهاتهم وآباؤهم أغلى ما عندهم أرواحهم وأعراضهم ودماءهم لتولية الأمر لأشخاص ثوريين صادقين مكتوين بالظلم مثلهم، أمينين على تحمل الأمانة ورد الأمور لمستحقيها ثم نكتشف سذاجتنا كوننا ساوينا جميع من عانى من قهر النظام السابق وليس البائد كما لاحظ الدكتور وجدي كامل في مقالاته، ساوينا بين الذين هاجروا وترك البلاد وأهلها للنظام الأمني اللصوصي الباطش وعاش حياته متنعما في الغربة وبين من آثر البقاء والقتال للبقاء رغم صروف العذاب والإهانة والمنع من ممارسة حق الحياة وما يلزمه من حقوق عمل وعلاج وتعلم وكرامة إنسانية وغيرها من حقوق الإنسان، ومن ثم قاسى وتعلم أساليب وفنون الانجاس في السلب والنهب وخبر سياساتهم وصار أدرى ممن هاجر وغاب عن ساحة الحدث كل هذه السنين فاخترناه وفضلناه على من ظل باقياً بين ظهرانينا عالماً بالأدواء التي حلت بالبلاد والعباد وبعلاجها طبيب ونسينا مثلنا القائل أسأل مجرب ولا تسال طبيب عالم بعلم الأمراض ولكنه لم يجرب أو يتعاطى العلاج وهذا بالضبط ما يوصف به حمدوك وشلته (اقصد طاقمه) التي أتى بها من المهجر وهم لا يعرفون حتى رموز النظام السابق وربائبهم من اللصوص الملكية ولا العسكر ولا يعلمون ما يخفون من أموال وسلاح وقوانين ومؤسسات وكيانات وكائنات ومفاهيم وأخلاقيات منحرفة عن أخلاقنا السودانية السليمة، واختيارنا هذا كان خطئا عظيماً يجب الاعتراف به إذ كيف نكلف من لايعرف ولم يعايش الواقع في أرض الحدث كما يقول الأخ الهدي، وأن ما بني على خطأ يستحيل أن ينتج صحيحاً كما قال أيضاً وعليه لابد من التصدي لتصحيح هذا الخطأ اليوم قبل الغد ولا تجدي العواطف ولا يجدي التعاطف ودفن الرؤوس في الرمال!

  5. حمدوك ليس مبرّأ من الخطأ أو العك، وأكبر ما يعاب عليه هو انعدام الشفافية والمصادمة، ولكن في المراحل الحساسة من تاريخ الدول، يستطيع السياسي التحدث عن 10% فقط مما يحدث، ويعطي إشارات للناشطين وقادة الرأي لقراءة 40% من بين السطور، أمّا الـ 50% فتظل في الظلام خوفا على الاستقرار ونجاح الخطط. المشكلة أن قادة الرأي عندنا هم معاقو حقب الظلام. إعلام النظام البائد ما زال نشيطاً، وإعلام الثورة “مسكين” يحدد له إعلام الكيزان مواضيع الساعة: كل شئ مدروس ومخطط له بعناية، النقد الظالم والمستعجل لحكومة الثورة الأولى “الغلبانة” لم يكن إلا تمهيداً لتحطيم طواطم الثورة، ومن ثم الانقضاض على رمز وحدتها- وهو ما يقوم به المقال. ورمزيته لا تأتي من قدراته الخارقة أو انقطاع النظراء، ولا من سموّه الأخلاقي أو رصيده النضالي، ولكن من أننا تجاوزنا مرحلة الوحدة الثورية إلى مرحلة الاختلاف على كل شئ.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..