الغاز البجيب النار.. مشقة رحلة البحث عن أسطوانة

الخرطوم – أماني خميس
استيقظت فاطمة إبراهيم من نومها ومارست عادتها اليومية بتجهيز شاي الصباح لأسرتها الصغيرة قبل تفرقهم إلى أماكن عملهم المختلفة وما إن همت بإشعال البوتاجاز حتى فوجئت بانتهاء أسطوانة الغاز ولكي لا تضيع زمنها حملتها إلى أقرب موقع لبيع الغاز من مسكنها فوجدته موصد الأبواب فذهبت إلى محل آخر ففوجئت بعدم وجوده ومن محل إلى محل ضاع يوم فاطمة ولم تستطع الرجوع بأسطوانة للغاز تقيها شر استخدام الفحم وصعوبة الطبخ عليه..
المشهد أعلاه ليس سيناريو لأحد المقاطع الدرامية بل هو حقيقة يعيشها سكان ولاية الخرطوم منذ فترة لا تقل عن ستة أشهر رغم الوعود المبذولة والتدخلات من قبل الجهات ذات الصلة.. رغم وجود حلقة مفقودة في دائرة الوكلاء وأصحاب المحلات من جهة والحكومة والشركات من جهة أخرى (أرزاق) وقفت على ظاهرة شح الغاز لفك طلاسم الأزمة التي طال أمدها.
وضع منفرج
بحسب عبدالرحيم إبراهيم صاحب محلات للغاز فإن هناك شركة جديدة لم يسمها دخلت في قطاع الغاز كانت سبب أساسيا في شح الغاز ومحاربة الوكلاء في توزيع حصصهم وكشف عن زيادة حصة شركة (أمان غاز) والتي كانت في السابق ضعيفة وأصبحت توفر الغاز من 30-50 أسطوانة غاز للمحل في الأسبوع بجانب شركة سندس التي توفر كل أسبوع (20) أسطوانة للمحل والتوزيع يكون على حسب حاجة المواطن وشكا في الوقت ذاته من اختفاء أسطوانات إيران غاز.
الوصول إلى مرحلة الانعدام
(مواهب جمعة) وهي طالبة جامعية ترى أن الغاز منعدم في إحدى الداخليات الخاصة بولاية الخرطوم الأمر الذي أدى إلى تناول الطلاب في كل وجباتهم الفول والطعمية وأكدت على معاناة الداخلية من شح الغاز منذ ما يقارب الشهرين وقالت إنه أصبح منعدما تماما حتى في محلات الوكلاء المجاورين للداخلية خلافا للفترة السابقة التي كثر فيها الغاز في كل محلات الوكلاء.. ونوهت مواهب إلى اتجاه معظم الطالبات لاستخدام الموقد الكهربائي لافتة إلى أنه لا يوفي احتياجات الطبخ نسبة لاستهلاكه كهرباء كثيرة، لذا ينحصر استخدامه في صنع الشاي، الأمر الذي يضغط على الدخل كون كهرباء الهيتر نمثل عبئاً إضافياً على الأسر.
من جهتها تؤكد هناء الطيب موظفة في إحدى الدوائر الحكومية عدم توفر الغاز لا في الأحياء ولا عند الوكلاء خاصة وبالرغم من وجود شح في سلعة الغاز تشير إلى أن أسعاره متفاوتة من مكان لآخر أو من منطقة لأخرى وترى أن الارتفاع في الأسعار غير مبرر منتقدة في الوقت ذاته تفاوت الأسعار بحيث نجد أن سعر الأسطوانة في في جبرة (35) جنيها في حالة الوفرة أو من الوكيل وبعد يومين فقط تجد الغاز معدوما عند الوكيل وتبدأ رحلة البحث عن غاز وتحمل الأنبوبة على ركشة وتجوب الأماكن المجاورة وتبحث وتتعب حتى تصل مستودع الشجرة فعلا السعر من المستوع بـ(25) جنيها لكن تكلفة الترحيل أو الركشة تقابل الـ(25) جنيه ب(20) جنيها يعني التكلفة كلها تصبح (45) جنيها.
البحث عن بدائل
فاطمة حسن صاحبة كافتيريا قالت: الغاز في منطقة الخرطوم وسط غير متوفر وعندما يتوفر ترتفع أسعاره بحيث يصل سعر الأنبوب (60) جنيها لعبوة (10) كيلو.. وأكدت أن أصحاب الكافتريات أصبحوا يبحثون عن بدائل للغاز في ظل معاناتهم من شحه المستمر وتكلفته وقالت: بدأنا نفكر في جلب بوتجاز يعمل بالكهرباء ومع الأسف لم نجد بوتاجاز
بخيارات الأربعة مواقد والذي يعمل بالكهرباء والمتوفر في الأسواق بموقدين فقط وبالرغم من أن هذا يستغرق زمنا أطول إلا أنه نظيف وتكلفته أقل وأشارت إلى عزمهم الاتجاه للاستعانة بالهيتر لصنع الشاي كبديل للغاز.
شركات خارج الخدمة
الصادق الطيب رئيس شعبة وكلاء الغاز لم يسره الحال الذي آل إليه الغاز
وفي ذات الوقت بشر بوجود مخزون استراتيجي كبير من سلعة الغاز وأشار إلى
تغير شركة إيران غاز التي اشترتها جاسكو وكانت في الأصل شركة إيرانية اسمها البنفسج للبترول واسمها التجاري إيران ومع التطورات الأخيرة تغيرت، أما في شركة (النيل للبترول) فالغاز متوفر بجانب شركة الوطنية إلى حد ما وكذا (سندس وأجب وأمان غاز وأبرسي) وقال: الآن تجاوزنا مرحلة الأزمة وانحصرت الشركات في أجب وأمان وابرسي.. مبينا أن الوضع الآن في مرحلة الندرة وغير متوفر في شركات (إيران ? سوداغاز ? قادرة) وأصبح يأتي في الأسبوع مرتين وأصبح المخزون الاستراتيجي فوق الوسط وأكد على توفر الغاز فيما ما عدا في الشركات الثلاث الأخيرة.
قرارات خاطئة
غير أن رؤية الخبير محمد الرفاعي تكمن في أن هناك قرارا صدر في ديسمبر من العام الماضي يقضي بتوزيع الغاز عبر اللجان الشعبية ومحطات الوقود والأمن في الميادين الأمر الذي نتج عنه اختفاء الغاز عند الوكلاء في الأحياء فهم الأقرب للمواطن في مكان سكنه مما يوفر تكلفة الترحيل وقال الرفاعي لـ(أرزاق): البحث عن سلعة الغاز يزيد من تكلفته عبر استقلال المواطنين لوسائل النقل المختلفة مما يرفع من التكلفة لتصبح أضعاف سعر أنبوبة الغاز وكشف عن صدور قرار آخر في شهر فبراير الماضي يقضي بتوزيع 60% من حصة الغاز عبر الطلمبات و40% عبر الوكلاء إلا أن هذا التوجيه لم يتم الالتزام به ولم يستلم الوكلاء سوى 5% من حصصهم المقررة وانتقد الرفاعي القرار الأول القاضي بحصر التوزيع في الطلمبات والميادين ووسمها بأنها إهدار للوقت المستهلك مطالبا الجهات ذات الصلة بالعمل على توفير الغاز عبر الوكلاء في الأحياء.
اليوم التالي