إخفاقاتنا الوطنية..وشماعة الهوية والعنصرية

بسم الله الرحمن الرحيم
أبدأ بتهنئة القراء الكرام بحلول الشهر الفضيل ..ونتمنى من الله جل شأنه أن يعم فيه بلادنا الخير والأمان..والاهتداء إلى سوي الصراط..وبالعودة إلى موضوع مقالنا..ففي عمق أزمتنا الوطنية ..تكثر الاجتهادات في التوصيف..والاثنتان اللتان عنونا بهما المقال ..ظلتا تُرددان كثيراً حتى أن الهوية قد خصصت لها لجنة مستقلة ..في حوار الوثبة..وبالرجوع إلى كل المخرجات ..لن تختلف عما عرفه الناس..فدعاة عروبة السودان ..يدركون الفارق الكبير في عند هجرتهم إلى الدول العربية ..وكذلك دعاة الأفريقانية في توغلهم إلى بقية الدول الأفريقية..ولم تمر بي عبارة أوسم من عبارة الراحل قرنق والتي تفيد بأن الهويتين لا تسعاننا..فلنقبل أنفسنا كسودانيين وكفى.. وسيكون محبطاً جداً إذا ما اتفق السودانيون ..ليضعوا في صدر الدستور كلاماً عن أن العروبة والأفريقانية والإسلام وبقية الديانات وكريم المعتقدات وتاريخنا لتتجمع لوكون هوادينا ومرتكزاتنا التي تبنى عليها كل قوانين حياتنا لينهض السؤال ..وما الجديد ؟ فقد كانت هذه المفاهيم تزين دساتيرنا بعد الاستقلال..فلم تطاولت الأزمة ؟
أما العنصرية وإحالة إشكالاتنا إليها..فإنها تحمل أكثر مما تحتمل في تقديري..فبعيداً عن السجال السياسي ..الذي أقحمت فيه العنصرية عجزاً وكسلاً ذهنياً في اعتقادي..ودون إنكار لوجودها في الخطاب اليومي بين المجموعات السكانية لغواً في لحظة فقدان المنطق ..إلا أن تعايش كل هذه المجموعات في حالة التساكن في مناطق فيها مظلة القانون ..يبين ضعف هذا الأثر..فاجتماعيات أهل الحي الواحد في المدن ومدى التداخل ..لا يحكمها إلا معيار القيم الاجتماعية ..وكذلك أماكن العمل. والدراسة.أما أروع الأمثلة لدي ..فهي في الأوساط الحرفية..التي تعتمد على المجهود البدني الشاق..فتجول يا رعاك الله وامعن النظر في مهن مثل الميكانيكية والحدادين وكهربجية السيارت كمهن متداخلة مثلاً ..ثم تأمل كيف تنزوي الفروق القبلية والعرقية وتتحول إلى مجال للمداعبات والطرف يكون صاحب اللسان الذرب والبديهة السريعة والأيادي البيضاء هو الأكثر شعبية بينهم ..وتأمل كيف يتبعون أعقلهم دون النظر إلى أي جانب آخر..وقل مثل ذلك بين بقية الحرف والمهن ..وتأمل في العلاقة بين المزارعين والعمال الزراعيين ولحظة اشتراكهم في العمل المشترك ..وقطاع البناء والتشييد وكل العاملين فيه..فإذا كان ذلك الحال في هذه المجتمعات التي تشكل غالبية السكان فأين تكمن الإشكالات العنصرية ؟
إن العامل الاقتصادي وفشل الساسة في إحداث التنمية ..هو العامل الأساسي في تزكية الصراع القبلي الذي يصور جانب منه على أنه عنصري. ..فصراعات القبائل الدموية ..بين قبائل ما نسميها عربية بين بعضها البعض وكذلك المجموعات الأخرى ينهض دليلاً على ذلك.. فهي في الأساس صراع موارد..سواء أكانت مراعي أو صراع بين الرعاة والزراع.. وقد دخل دعاة الاسلام السياسي عاملاً أساسياً في تزكية الصراعات..فالاسلاموية تأخذ العروبية وجهاً آخر لعملتها مهما كانت جذور المنتمي العرقية ..وكونها حامية لنشاط رأسمالي طفيلي ..لا يتورع المنتمي إليها من استخدامها عند ما تقتضيه الضرورة ..فالحاج آدم مثلاً..ذكر بعد المفاصلة أن طلبات الولاة في الولايات الشمالية ..تجاب بسرعة في وصمه للنظام بالعنصرية ..لكنه ينسى كل ذلك عندما يعود إلى الحزب الحاكم ويجلس ضمن الكابينة ..ولا يفسر ذلك إلا بحماية المصالح المترابطة لمنظومة الاسلام السياسي..حتى مثلث حمدي سيئ الصيت..فإنه يعبر عن جبن رأس المال ( الذي يسيطر عليه الاسلامويون ) في الإستثمار في المناطق التي قد تشكل خطراً عليه أكثر من الدواعي العنصرية..وهو ربط للدولة وتحجيم لمسئولياتها وتقاعس عن استحقاقات التنمية المتوازنة ..التي هي حق لجميع المواطنين أياً كانت مواقعهم ..بل إن دواعي التنمية ..أدعى للبحث عن السلام في هذه المناطق..ولكنه وضع العربة أمام الحصان..
أخلص إلى أن الخطاب العنصري مهما كان حقيقة تسم مجتمعات كثيرة ..إلا أن الدولة الراشدة التي تقف علي مسافة واحدة من جميع مكوناتها ..تقلل كثيراً من أثره..ولا يتأتى ذلك إلا في نظام ديمقراطي حقيقي تنتفي في الطائفية والاستغلال الديني بكل صوره
[email][email protected][/email]
مقال رائع…
مقالة جيدة تشخص وتعالج بعيدا عن التعصب لهذا الطرف أو ذاك
مقالة جيدة تشخص وتعالج بعيدا عن التعصب لهذا الطرف أو ذاك