مقالات وآراء

وجاءكم .. (يونيو) .. شهر المحن والكوارث .. والمصائب السودانية

بكري الصائغ

هناك الكثير والمثير من الاحداث السودانية التي وقعت في شهر يونيو من أعوام سابقة مازالت عالقة في أذهان الملايين ، شهر يونيو تعودنا منه الا يمر دون ان يخلف وراءه حدث سوداني كبير يهز الأرجاء ، هو شهر متقلب المزاج لا يستقر علي حال واحد ، ويتحفنا دومآ أثناء وجوده خلال اليوم بمجموعة من الأحداث الكبير المثيرة بعضها إيجابي ومفرح واغلبه سلبي يدمي القلب ويدمع العين ، رأيت وتنشيط للذاكرة (وكالعادة كلما حل شهر جديد علينا) ان اعيد نشر بعض الأحداث السودانية الهامة التي وقعت فيه ، والهدف من المقال أن يلموا اولادنا واحفادنا بوقائع هامة دخلت في تاريخ بلدهم ، ورغم أنها احداث بالغة الأهمية لم تدخل في مناهج التدريس بالمدارس والجامعات ، وشيء أخر مؤسف للغاية أن كثير من الصحف لا تهتم بإحياء ذكراها ولو بسطر واحد!! .

الكثيرين من علماء التاريخ لهم وجهة نظر عن عما يُقال عن شهر مارس وإنه شهر الكوارث والخطوب الكبيرة ، فهم يقولون أن الذي يتمعن بدقة ويرصد وقوع الأحداث الدامية والخطوب الجسام ، التي اقلقت راحة العالمين قديماً وحديثاً ، فسيجد أنها أحداث مريعة ما وقعت أصلا في شهور مارس من اعوام مضت ، وأن الإله (مارس) قد ظلم شديداً بافتراءات هو بريء منها ، هؤلاء العلماء التاريخيين والمؤرخين للأحداث يقولون ، أن شهر (يونيو) هو بحق وحقيق ، شهر المحن والبلاوي (المدنكلة) ومليء بأحداث الغزوات والانقلابات الدموية هو شهر ـ بحسب وجهة نظرهم ـ مليء بخسة ودناءة وفجور أهل السياسة ونكران الملوك والرؤساء لشعوبهم ، هو أيضا شهر تفوح منه دوما رائحة الفضائح والفساد المالي والسياسي والإداري، ويلقى فيه أصحاب الشخصيات اللامعة الكبيرة حتوفهم. هو -بحسب وجهة نظرهم (يونيو)- شهرا مكروها عربيا وعالميا وإسلامياً ومسيحياً-، لأنه ترك بصماته الدموية في تاريخ كل الأمم والشعوب والأديان. وارصد بعض هذه الأحداث الهامة:

اولا:-
يستند هؤلاء العلماء والمؤرخين في كره المسلمين لهذا الشهر (يونيو) فيقولون: “ في يوم الإثنين ٨/ يونيو من عام ٦٣٢ ميلادية ، انتقل إلى الرفيق الأعلى ، النبي العربي محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) . وتقول بعض الكتب الدينية في وصفها لآخر دقائق عاشها النبي الكريم:
إنه في ذلك اليوم ، كانت قد أصابته رعشات قوية وتصبب العرق الغزير منه بلا توقف وكان السيدة عائشة (أم المؤمنين) بجانبه ، تحاول أن تخفف عنه وطأة تلك الرجفات التي كانت تلازمه باستمرار وتمسح وجهه الكريم بالماء وهي تبكي في صمت ، وهو يردد بصوت خافت ويقول “اللهم أعني على سكرات الموت، ثم سكت قليلا واضطرب ، ونظرت عائشة في وجهه ، فإذا بصره قد شخص وهو يقول بصوت خافت “بل الرفيق الأعلى”. وأسلم بعدها روحه الطاهرة بعد عشرة أيام من المرض ، الذي أصلاً كان قد بدأ معه في ٢٦ مايو.

ثانيا:-
تقول كتب التاريخ ايضآ ، ان الخليفة/ عثمان بن عفان قد انتقل الي الرفيق الاعلي في يوم ٨/ يونيو من عام ٦٥٦م.

ثالثا:-
تقول كتب التاريخ الإسلامي (في يونيو من عام ١٢٣٦ ميلادية سقطت “قرطبة” حاضرة الخلافة الأموية في الأندلس في يد فرناندو الثالث ملك مملكة “قشتالة” بعد ان تخلى عنها محمد بن يوسف بالرغم من انه كان في الامكان نجدتها ولكنه لم يفعل.

رابعا:-
في يونيو من عام ٦٢٩ ميلادية بدأت أولى معارك المسلمين ضد العالم المسيحي ممثلا في الدولة البيزنطية.

خامسا:-
هؤلاء العلماء التاريخيين قالوا ايضا عن شهر يونيو أنه شهر مكروه تماما عند المسيحيين ، فهو يذكرهم بما كان يجري في الأيام الأولى عند ظهور المسيحية ، وكيف أن الحكام الرومانيين الأوائل القدامى ، الذين حاربوا بشدة هذا الدين الجديد ، راحوا يسومون المسيحيين أنواعاً من العذاب والتصفيات الجسدية ، وصاروا يجلبون هؤلاء (الكفار) إلى ساحة (الكوليسيوم) ، وهناك يتسلون بتعذيبهم ، وتجري مباريات رياضية عليهم طابعها التصفية الكاملة لهم بواسطة جلادين عمالقة محترفين أو يكونون طعاماً للأسود والنمور الكاسرة الجائعة.  أما لماذا تقام هذه الاحتفالات وتحديداً في هذا الشهر (يونيو)، فذلك مرده ـ وبحسب نظريات هؤلاء المؤرخين ـ إلى أن هذا الشهر قد أخذ إسم الإله (يونيون ـ JUNION) ، إله الزواج والخصب. وجرت العادة عند الرومانيين وقتها ، أنه موسم الزواج والمناسبات السعيدة فتقوم الحكومة بزيادة مباهج الجماهير بإقامة حفلات (التعذيب والإبادة) ليستمتعوا بها!!! هو أيضا شهر مكروه عند الأوروبيين.

سادسا:-
جاء في كتب التاريخ ، أنه في يوم ٢٨/ يونيو ١٩١٤م ، اندلعت الحرب العالمية الأولى ، التي كلفت أوروبا وقتها نحو (٥) مليون قتيل ، ففي هذا اليوم لقيا معاً الأرشيدوق فرنسو فرديناند ، ولي عهد إمبراطور النمسا وزوجته مصرعهما في سراييفو برصاصات من قاتل محترف ، فأعلنت النمسا الحرب على صربيا ، ثم قامت ألمانيا بتهديد فرنسا وروسيا واكتسحت أراضي اللكسمبورج، فقامت انجلترا بإعلان الحرب على ألمانيا وبعدها (ولّعت أوروبا) حتى عام ١٩١٦م.

سابعا:-
في يونيو من عام ١٩٤١م قامت القوات الألمانية النازية ، بغزو مفاجيء لأراضي الاتحاد السوفيتي (سابقا) ، وهو الأمر الذي ما خطر ببال ستالين ، خصوصا وإنهما (ستالين وهتلر) كانا قد وقعا على اتفاقية صداقة وعدم اعتداء ألمانيا علي روسيا. لقد اعتبر كتاب التاريخ، أن هذا الغزو كان هو البداية الحقيقية للحرب العالمية الثانية ، والتي كلفت العالم (٥٠) مليون قتيل ، وبسببها تغيرت تماماً خريطة العالم القديمة ، وظهرت بعدها دول جديدة ما كانت أصلاً موجودة من قبل.

ثامنا:-
وإذا ما قلبنا كتب التاريخ الآسيوي ، فسنجد أن أحداثاً “يونيوية” كثيرة قد ضربت بشدة كثير من هذه الدول ، ونذكر ، على سبيل المثال ، أنه في يونيو عام ١٩٥٠م ، قامت القوات الكورية الشمالية بغزو كاسح كبير على أراضي جارتها كوريا الجنوبية ، الأمر الذي لم يعجب أميريكا فقررت أن تحمي حليفتها “سيول”، فوجدت دول المعسكر الاشتراكي ، أنه لابد من تضامن أممي “لحماية” “بيونغيانغ”. لقد كلفت هذه الحرب ما بينهما نحو مليون قتيل من الجانبين ، بجانب أعداداً كبيرة من الجنود الأمريكيين ، وما زال لاوضع متفاقماً حتى اليوم، وقابلاً للاشتعال في أي لحظة ، خصوصاً بعدما أعلنت كوريا الشمالية أخيراً أنها تمتلك أسلحة نووية.

تاسعا:-
تقول كتب التاريخ، أن شهر (يونيو) قد دخل تاريخ العرب ، كشهر مليء بالنحس والنكبات والهزائم المرة. صفحات كتب التاريخ المصري تقول، “إنه في يوم ٥/ يونيو ١٩٦٧م ، قامت الطائرات الإسرائيلية ، بقصف جوي مركز على المطارات الحربية والمنشآت العسكرية وجراجات الطائرات، فدمرتها تماماً ، وعادت بعدها هذه الطائرات إلى قواعدها دون أن تتلقى رصاصة مصرية واحدة ، وجاءت الأخبار في هذا اليوم ، أن مصر قد فقدت (١٠٦) طائرة حربية (صناعة سوفيتية) بعد تدميرها وهي جاثمة على أرض المطارات ، نها الحرب التي يعرفها العرب بعدة مصطلحات وأسماء متعددة ومختلفة ، فهي أحيانا (الحرب الخاطفة) ، ويسميها المصريون (حرب النكسة) ، ويطلق عليها الإسرائليون (حرب الست أيام)، وأحيانا (حرب حزيران) كما يقولها أهلنا في الشام ، وعالمياً اشتهرت باسم (حرب ٥/ يونيو). هو شهر النحس السوري ، فقد استطاعت إسرائيل أيضا في هذا اليوم (٥/يونيو) وفي أقل من (١٢) ساعة أن تكتسح أراضي “الجولان” وتحتلها تماماً، بدون اي خسائر تذكر (وهو الأمر الذي ما زال لغزاً كبيراً يحير علماء السياسة الحربية ، فالجولان كان بها أكبر قاعدة عسكرية ومطار مليء بالطائرات الحربية الحديثة)!!.

عاشرا:
هو أيضا شهر نحس على الأردن ، التي فقدت جزءاً كبيراً من أراضيها في حرب يونيو ٦٧، فقد قامت القوات الإسرائيلية بهجوم كاسح على المواقع الحربية الأردنية ودكتها ، واستولت على المواقع الهامة وطردت منها آلاف الأسر الفلسطينية ، (الغريب أنه اتضح فيما بعد أن القوات الأردنية لم تكن في كامل استعداداتها العسكرية لمواجهة القوات الإسرائيلية ، ومع ذلك كان الملك الراحل حسين يصر على الاشتراك مع مصر وسوريا في قتال الإسرائيليين). بعد هزيمة مصر في هذه الحرب ـ تقول كتب التاريخ المصري أن الرئيس عبد الناصر قد قام بإعلان التنحي عن السلطة في نفس الشهر (يونيو ٦٧)، متحملاً كافة المسئولية عن هزائم القوات المسلحة المصرية ، وخلف نائبه (وقتها) أنور السادات ، بإدارة أعباء الدولة وإجراء انتخابات جديدة بعد ستة أشهر ، إلا أن الجماهير المصرية الوفية رفضت هذا التنحي، فخرجت الجماهير في كل مدن مصر وملأت الشوارع بالملايين تردد “يا أنور يا سادات .. إحنا عاوزين جمال بالذات ”. وظلت باقية في الشوارع لمدة ثلاثة أيام بلياليها. عندها ونزولاً عند رغبة الجماهير ، عاد عبدالناصر للسلطة في ١١/ يونيو، كسير القلب والخاطر ، فقاد حملة شرسة ضد المخادعين في أجهزة الدولة، وطرد الكثيرين من الوزراء وكبار العسكريين ، وشمل الطرد والعزل من كل مناصبه العسكرية والحزبية، صديقه في السلاح والنضال والثورة “عبد الحكيم عامر”، الذي حمله عبدالناصر تهمة الخداع والتضليل. وأبقاه عبدالناصر في الحجز الإجباري ولكن -ولغرابة أحداث يونيو- قام عبد الحكيم عامر بمحاولة عمل إنقلاب في نفس هذا الشهر يونيو!! مستعينا بعدد كبير من الضباط الكبار المسرحين، للإطاحة بنظام عبدالناصر الجديد ، وفشلت خطته تماماً ، فلجأ عبد الحكيم للانتحار- ولكن كثير من المصادر الرسمية أكدت أن المخابرات المصرية هي التي قامت بتسميمه ومات مسموما.

إحدي عشر:-
وإذا ما قلبنا صفحات أخرى من أوراق يونيو ودخلت كتاب التاريخ العربي ، كصفحات سجلت أحداثا مأساوية ضاربة في العنف والألم ، فسنجد تلك الرواية التي تقول ، أن الرئيس اليمني لجمهورية اليمن الديمقراطية (وقتها) ، قد قرر أن يصفي جسديا رئيس جمهورية اليمن الشمالية ، نسبة لما يشكله له من متاعب هو وحكومته في صنعاء. فأرسل له مبعوثا يحمل مظروفا كبيرا يحتوي على قنبلة مخبأة داخل المظروف على ألا يسلمه إلا للرئيس اليمني يداً بيد. وما أن فتح الرئيس الغشمي (هذا هو إسمه) المظروف حتى انفجر ليقتل معا الرئيس الغشمي والمبعوث الشخصي. لقد دخلت هذه الحادثة باسم (قنبلة الشيوعيين) ، على أساس أن اليمن الجنوبية وقتها كانت تسير على الخط الاشتراكي. (وقعت هذه الحادثة في يونيو ١٩٨٧م) ، ولكن الغريب ، أنه في يونيو من عام ١٩٩٥م ، قرر اليمن الشمالي أن ينهي وجود دولة اليمن الديمقراطية بصورة كاملة ويمسحها من الوجود (بحسب تعبيرات الحكومة اليمنية وقتها) ، وبالفعل ، صدرت الأوامر للجيش بالزحف على عدن ، ودارت معارك ضارية واقتتال رهيب ما بين الطرفين. لقد تدخلت بعض دول الخليج لصالح صنعاء وأمدتها سراً بقوات ضاربة وسلاح جديد لم يكن معروفاً في المنطقة العربية ، وسقطت عدن ، وتم إعلان الوحدة ما بين البلدين بعد هروب رئيس الوزراء وكبار ضباط القوات المسلحة.

إثني عشر:-
جاء خبر في يونيو١٩٩٥م ، أن الشيخ/ حمد بن خليفة آل ثاني ، في دولة قطر ، قد قاد انقلابا أبيضاً أطاح فيه بوالده الشيخ/ خليفة بن حمد ، وأنه وبعد استتباب الأمور للإبن وتسلمه تماما كامل السلطة ، رفض عودة والده للإقامة في قطر وأبقاه منفياً في جنيف.

ثلاثة عشر:-
حتى الصومال ، هو الآخر ، رغم ما عنده من محن ومآسي ، أبت أخبار إلا وتأتينا في يونيو عام ٢٠٠٣م بوقوع انقلاب قاده عبدالله ديرو ، رئيس البرلمان ، ضد الرئيس عبد الله صلاد ، الذي نصب نفسه رئيسا جديداً للبلاد بالقوة.

اربعة عشر:-
الأفارقة أيضا يكرهون تماما شهر يونيو، لأنه دائما يجيء لهم بالأحداث الجسام ، فأفريقيا ما زالت تذكر انقلاب يونيو١٩٩٤م ، في بوروندي ، والذي كلف البلاد نحو (٧٥٠) ألف قتيل ، وتشريد أكثر من ربع مليون مواطن ،  وجاءت الأخبار بعدها وأفادت أن  قبيلة “الهوتو” لا تستطيع أن تجد لها بقعة في أرض الوطن.

خمسة عشر:-
إذا ما دخلنا لتاريخ السودان ، نجد أن أسوأ الكوارث والمحن قد وقعت في شهور يونيو ؛ ففي ٢٢/ يونيو عام ١٨٨٥م ، توفي محمد أحمد المهدي، والذي ما زالت أسباب وفاته غامضة ومبهمة ، فهناك من يقول أنه مات مقتولاً ، بعد تناوله طعاماً مسموماً ، وأنه ـ بحسب ما هو مكتوب في كتاب “تاريخ السودان” للمؤرخ نعوم شقير ـ طبعة (١٩٨١م ، صفحة ٦٠٣) ـ أن بنت أبي بكر الجركوك ، هي التي دست له السم في الطعام انتقاما لأبيها وزوجها ، اللذين قتلا في فتح الخرطوم.
في يونيو من نفس العام ١٨٨٥م ، وقبيل وفاة المهدي ، والذي كان غاضبا بشدة من وسوء سلوك كثير من الأشراف أهله ، أعلن عن تمام تبرؤه منهم ، وكان هذا التبرؤ جهاراً نهاراً في آخر جمعة من شعبان ٢/ يونيو ١٨٨٥م.

ستة عشر:-
بعد وفاة محمد أحمد المهدي ، آلت كامل السلطات -بعد انقلاب ذكي- للخليفة/ عبد الله التعايشي وفي نفس يوم الوفاة ، حيث كان لعبد الله التعايشي أقوى راية من الرايات الأخرى ، وأقواها عدة وعتاداً لقد قام عبدالله التعايشي بعدها بإقصاء الكثيرين من مناصبهم العسكرية القديمة ونفاهم أو أرسلهم في مهام بعيدة ، وجرد كل أهل المهدي من كل امتيازاتهم وأعطاها لأقاربه من أهله (التعايشة) ، كان حكمه من أسوأ أنواع الحكومات العسكرية التي شهدتها البلاد في ذلك القرن الماضي ، كان هو القاضي ، والحاكم، والقائد ، وإمام الجامع ، قام بتعيين أخيه ، يعقوب في منصب قائد الجيش وايضا مدير أشغاله العسكرية.

سبعة عشر:-
بل والأغرب من كل هذا ، أنه وبعد (١٢٠) عام من حكم عبد الله التعايشي
جاء حكم إسلامي آخر ـ قاده أعضاء في “الجبهة الإسلامية” – يونيو ١٩٨٩م- وحمل الكثير من نفس ملامح وسلبيات حكم التعايشي، هذا الإنقلاب الإسلامي امعن في ديكتاتورية لم تعرف البلاد لها مثيل من قبل ، كان حكم فيه التسلط وامتاز عن بقية الانقلابات التي عرفتها البلاد بعد الاستقلال ، أنه قد وقف ضد كل أنواع الحقوق الإنسانية وحقوق الأقليات ، وصفى وقتل من السودانيين ، ما يفوق عددهم عشرات الالاف المرات أعداد السودانيين الذين ماتوا في الحرب العالمية الثانية.

ثمانية عشر:
لقد استخدم النظام الجوع في الجنوب والغرب كسلاح للتصفية، كان نظام وصلت شهرته السيئة السمعة والصيت إلى كل بقاع العالم مما حدا بالأمم المتحدة أن تسارع إلى نجدة من هم ما زالوا أحياء، وإرسل قوات من كل أنحاء العالم لنجدتهم السريعة قبل الفناء. (جاء خبر في يونيو ٢٠٠٥م أن الجوع بعد ان ضرب مناطق في الغرب والجنوب قاموا اطفال مدينة رومبيك رومبيك بحمل حملوا لافتات أثناء زيارة أنان الأخيرة لهم ، يناشدونه بسرعة التدخل قبل أن ينقرضوا).

تاسع عشر:-
ما هي الأحداث الدامية التي وقعت في  شهور يونيو ـ وكانت (صناعة أهل الإنقاذ):
١- في يونيو من عام ١٩٩٤م ، جاء للبلاد لأول مرة الإرهابي أسامة بن لادن ، وكان في استقباله الرسمي بالمطار كثير من أهل الحكومة الحالية.
٢- في يونيو١٩٩٤م، سافرت إلى جنوب البلاد ، أكبر قافلة عسكرية (ترحيل قسري) من الطلاب والتلاميذ ، وكان وراءهم حسن الترابي ، الذي وعدهم بالجنة ومفاتيحا ، وبنات الحور (البيض) والغزلان التي تسبق الشهداء.
٣- في يونيو من عام ١٩٩٥م تم نشر كل تفاصيل فضيحة ترحيل الفلاشا لأول مرة ، وعرف الناس خفاياها وأسرارها ، والغريب ، أن حسن الترابي أيام سطوته في سنوات التسعينات أصر على تعيين اللواء معاش (صاحب الفضيحة) الفاتح عروة ، عضوا في البعثة السودانية الدائمة بالأمم المتحدة ، إن منصبه الكبير في وزارة الخارجية كان لغزا كبيرا رفض وقتها وزير الخارجية التعليق عليه.
٤- تجيء في هذا الشهر الحالي يونيو ٢٠٢٤م الذكرى(٣٥) عام على مقولة حسن الترابي الشهيرة ”أنا اروح السجن سجينا… وأنت تروح القصر رئيسا”.
٥- من منا نحن السودانيين لا يعرف قصة محاولة محاولة اغتيال الرئيس المصري السابق/ حسني مبارك في أديس ابابا، والتي جرت في يوم ٢٥/ يونيو ١٩٩٥م بتخطيط من النافع علي النافع رئيس جهاز الأمن ومدير “بيوت الاشباح” وقتها ، وايضا بمشاركة فعالة من علي عثمان الذي كان وقتها وزيرا للخارجية وقام بارسال الاسلحة والقنابل لسفارة السودان بأديس أبابا عبر الحقيبة الدبلوماسية وتسليمها للإرهابيين المصريين الذين ينتمون للجماعة المصرية”، هي معلومات قديمة حفظناها عن ظهر قلب.
٦-رد الفعل المصري الرسمي علي محاولة الاغتيال كان قويآ، فسارعت القاهرة بوضع يدها علي منطقة “حلايب” واعلنت علانية وجهرا انها منطقة مصرية (١٠٠%) في المائة ، وأن اي كلام سوداني يخالف الرأي المصري لن تقبله القاهرة و”حلايب تحتها الف خط احمر .. ومن يتعداها جني علي نفسه!!..سكت البشير كما سكت من قبل عن احتلال “الفشقة “.
٧-وعلى الصعيد الافريقي ، وبعد فشل محاولة اغتيال الرئيس المصري عام ١٩٩٥م، قامت الحكومة الأثيوبية كرد فعل وعقابا النظام الانقاذي الذي تجرأ وارتكب خطيئة محاولة الاغتيال داخل عاصمتها باحتلال منطقة “الفشقة” المتاخمة مع حدودها بجهة الشرق ، واحتلتها عنوة ومع سبق الاصرار ، واقامت فيها “تكنة” عسكرية ضاربة وملكت الاراضي الخصبة للمزارعين الأثيوبيين الذين استوطنوا فيها وبنوا فيها منازلهم تمامآ وشبيهة بحال المستوطنات الاسرائيلية داخل الأراضي الفلسطينية . والشيئ المخجل في الموضوع، ان البشير ومنذ عام ١٩٩٥م قد التقي بالرئيس الاثيوبي عدة مرات ، وسافر اليه في اديس ابابا ولكنه “البشير” و”ياعيب الشؤم” كما يقول المصرييون لم يفتح فاه بكلمة حول الأراضي المحتلة ، ولاناقش مع منظمة “الوحدة الافريقية” موضوع النزاع السوداني – الإثيوبي حول “الفشقة”!!
٨-وايضآ ، كما قلنا سابقا عن زيارات البشير لاديس ابابا- كان دومآ يزور الرئيس المصري السابق/ حسني مبارك بالقاهرة و”شرم الشيخ”، ولكنه ولا مرة واحدة ولو عن طريق الخطأ فاتح الرئيس المصري في موضوع النزاع السوداني- المصري!!….بل وحتي بعد خلع مبارك ما تجرأ البشير ان يتكلم مع المجلس العسكري الحاكم في مصر ولزم الصمـت المهين … وراحت بطانته الفاسدة في الخرطوم بدون خجل أعلنت ان “حلايب” ستكون منطقة تكامل!!، وكانوا يعرفون في قرارة نفوسهم انهم يلعبون باوراق خاسرة ، وأن “حلايب” ما عادت سودانية!!
٩- هذا ماجناه علينا علي عثمان وعلي النافع في يونيو من عام ١٩٩٥م وبدلا وان تكون هناك محاسبة جادة لهما، تم تعيين علي عثمان نائبا اولآ لرئيس الجمهورية ، وتعيين النافع مساعدا للبشير!!

عشرين:
وبما اننا ومازلنا بصدد الحديث عن محن وبلاوي شهر يونيو وخاصة في السودان أسأل: لماذا كذب عمر البشير في بيانه العسكري رقم واحد بتاريخ ٣٠/ يونيو ١٩٨٩م وقال انه يجتث الفساد من جذوره ويحاسب كل من أفسد وارتشي!!…اين اختفت وعوده التي قطعها علي نفسه وامام الملايين من اهل بلده والتزم بتنفيذ ما وعد بها?!!، لماذا تراجع عن مالتزم بها وترك الجمل بما حمل لأهل الفساد من بطانته وزوجتيه وإخوانه بصورة خاصة؟!!…هناك مثل عربي معروف يقول “الرجل كلمة”،  وايضا هناك مثل سوداني معروف يقول “الرجل بمسكوه من كلامه”،  ومثل ثالث يقول ” وعد الحر دين عليه” فأين انت ياعمر البشير من هذه الأمثال?!! ، لقد انتقم الله تعالى شر انتقام نتيجة ما قامت بها من أهول ضد الشعب ، وها انت لا احد لك مكان وإن كنت حي ترزق ام في احدي ملاجئ العجزة في بورتسودان؟!! .

واحد وعشرين:
مجزرة القيادة العامة:- فض اعتصام القيادة العامّة وتُعرف أكثر باسمِ مجزرة القيادة العامة فيما عُرفت في وسائل الإعلام الغربيّة باسمِ مجزرة الخرطوم هي مجزرة حصلت في يومِ الإثنينِ الموافق للثالث من يونيو/ ٢٠١٩م حينمَا اقتحمت قوات مسلحة تَتبع للمجلس العسكري وبدعمٍ كبيرٍ من قوات الدعم السريع السودانية مقرّ الاعتصام مُستعملةً الأسلحة الثقيلة والخفيفة وكذَا الغاز المسيٌل للدموع لتفريق المتظاهرين السلميين. استغلت القوات التي فضٌت الاعتصام الانفلات الحاصل جرّاء تدخلها العنيف فقامت برمي (٤٠) جثة على الأقل في نهر النيل بغرض إخفاء «معالِم الجريمة» حسب ما سرّبته وسائل إعلام عربيّة وغربية في وقتٍ لاحقٍ ؛ وقد تمّ في هذا الصدد تداول فيديوهات على نطاقٍ واسعٍ تُظهر أفرادًا من الشعب السوداني وهم بصددِ إخراج بعض الجثث التي رُميت في النهر.
بالإضافةِ إلى جرائم الترويع والقتل العَمد ومحاولة التخلص من الجثث؛ أفادت وسائل إعلام أخرى عن قيامِ عناصر تابعة لقوات الدعم السريع التي يقودها حميدتي – وهوَ نائب رئيس المجلس العسكري – باغتصابِ حوالي (٧٠) شخصًا من كلا الجنسين بهدفِ ترويع المتظاهرين ومنعهم من العودة مُجددًا للاحتجاج. وقامت بعد المجزرة بقطع الإنترنت عن كامل السودان بهدفِ خلق «تعتيمٍ إعلاميّ» وهوَ ما نجحت فيه إلى حدٍ ما في ظل التضارب بينَ العدد الحقيقي للقتلى والجرحى وما جرى بالضبط خلال الأحداث الداميّة للمجزرة.
المصدر- “ويكيبيديا”- الموسوعة الحرة-

اثني وعشرين:
كل هذه الاحداث الدموية وقعت في يونيو من أعوام مضت … فهل هي محض صدف ام تدابير أقدار وان تقع- تحديدا- في هذا الشهر بالذات دون الشهور الاخري؟!!، علما بأن هناك الكثير المثير عن احداث اخرى وقع في هذا الشهر ، منعا للطالة اكتفى برصد ما هو أعلاه.

ثلاثة وعشرين:
اتوقع في هذا الشهر الحالي يونيو ٢٠٢٤م ، أن يطيح الفريق أول ركن/ ياسر العطا برفيق سلاحه البرهان ويجرده من كل صلاحياته العسكرية والسياسية ، ويعود بنا التاريخ نفسه مرة أخري الي مقولة الترابي ولكن بشكل أخر ويقول ياسر لبرهان : “انت تذهب الي تركيا منفيا .. وأنا الي الرئاسة رئيسا”.

‫3 تعليقات

  1. والله يا استاذ بكري الصائغ يبدو ان كل شهور السودان المنكوب وعلي مدار العام هي شهور بلايا ومصائب وكوارث ..
    وفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها !!
    عبر تاريخه الحافل، ما مر شهر الا والسودان فيه كارثة ما !!
    بلد اظن اسعد شخص فيه هو عابدين خضر “درمة” الحانوتي

  2. لقد وصلنا بنا الحد من الخوف والحياة القاسية ان نجزم بان كل شهور سنة السودانية وما ادراك ما السنة السودانية ان كل شهورها علي نفس القدر من التشائم والمصائب والكوارث وان لاري شهر مارس مظلوم لانه سميه بشهر الكوراث

  3. كما قالت المذيعة فى احدى القنوات مقولتها المشهورة ( اجيب ليك من وين اخبار سعيدة حبيبتي انا)

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..