المنوعات

الدين أم الدينار؟.. سر استهداف الميلشيات لمحلات الخمور في بغداد

أثارت الهجمات المتصاعدة على متاجر الخمور القليلة في العاصمة العراقية بغداد، ذعر أصحاب المحلات الذين يخشون أن يستعرض الإسلاميون المتشددون عضلاتهم ضد استهلاك الكحول.

لكن قد تكون هناك قصة أكبر وراء تفجيرات بغداد، حيث يعتقد البعض أن الغرض منها هو رغبة هذه الجماعات لبسط نفوذها على هذا السوق والسيطرة على هذه التجارة المربحة.

على مدار الشهرين الماضيين، تعرض ما لا يقل عن 14 متجرًا لبيع المشروبات الكحولية في جميع أنحاء المدينة للقصف بالقنابل الحارقة في منتصف الليل أو قبل الفجر بقليل، مع ثلاث هجمات متزامنة في مناطق مختلفة ليل الإثنين وحده.

يدير معظم الشركات مسيحيون أو إيزيديون، وهم أقليات مُنحوا لعقود التراخيص اللازمة لبيع الكحول في العراق.

وقال أندريه، وهو مسيحي عراقي، إن متجره تعرض لقنابل حارقة قبل بضعة أسابيع من قبل شخصين على دراجة نارية قبل الفجر بقليل، وفقًا لتصوير كاميرات المراقبة في المتجر، وأكد أن الأمر كلفه آلاف الدولارات لتعويض البضاعة المدمرة وإصلاح المحل.

وصرح أندريه لوكالة فرانس برس، بينما كان شقيقه يكدس زجاجات ويسكي جديدة على الرفوف التي تم ترميمها “هذه الجماعات تريد أن يغادر آخر المسيحيين البلاد. إنهم يستهدفوننا”.

وألقى باللوم على قوات الأمن في الإهمال، قائلاً إن دورية للشرطة كانت منتشرة في مكان قريب تركت موقعها لساعات أثناء الهجوم، مما أعطى المهاجمين فرصة.

وسأل أندريه بغض “لماذا لا تعتقلهم الحكومة؟”، مضيفا أنه زود السلطات برقم لوحة ترخيص السيارة المهاجمة من لقطات كاميرات المراقبة.

وأشار إلى أن المهاجمين كان لديهم “وقت لوضع المتفجرات والتقاط الصور قبلها وبعدها ونشرها على فيسبوك”، وتابع “أنت حقا لا تستطيع متابعة هؤلاء الرجال؟”.

كل ما تبقى
وقال صاحب شركة آخر، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته خوفا من هجمات انتقامية، إنها كانت محاولة لسحق مجتمع العلمانيين العراقيين المتقلص.

وأضاف “كل ما تبقى من أسلوب حياة ليبرالي يريدون قتله. هذه محاولات لقتل هذا الجانب القديم من بغداد – إذا انتصروا، ستكون بغداد قد فقدت جانبها الليبرالي”.

في الأسابيع الأخيرة، كثفت مجموعة من الجماعات الإسلامية خطابها ضد متاجر الخمور في بغداد وغيرها من المؤسسات التي يصرون على انتهاكها للفتاوى الدينية ضد الشرب وغيرها من المهن التي تعتبر آثمة.

وأعلنت إحدى هذه الجماعات وتدعى “ربع الله” مسؤوليتها عن مداهمة صالون للتدليك في قلب بغداد والاعتداء الجسدي على النساء في الداخل. كما أعلنت جماعة أخرى تطلق على نفسها اسم “أهل القرى” أنها قصفت ملهى ليلي تحت الأرض.

وبالرغم من أن هذه الجماعات تدعي أنه ليس لها صلة سياسية رسمية، إلا أن المهاجمين حملوا علم الحشد الشعبي، الموالية لإيران، أثناء عمليات التفجير.

وفي يونيو الماضي، أشاد المستشار الأمني لكتائب حزب الله العراقية الموالية لإيران بهذا التفجير، وكتب في تغريدة على موقع تلغرام: “مع صوت قرآن الفجر، أطرب أرواحنا قبل مسامعنا، صوت تخريب محلات الخمور في الكرادة. سلمت أياديكم الطاهرة، اعملوا لرفع الحٌرمة عن إخوانكم القاعدين”.

وأضاف: “مواجهة المنكرات واجب لا يقل أجرا عن قتل عصابات داعش والاحتلال. أعيدوا لبلدكم ثقافة الأصالة والشرف ولا تهنوا ولا تحزنوا”.

المال أم الأخلاق؟
ويقول آخرون إن المال، وليس الأخلاق، هو السبب وراء موجة الهجمات الأخيرة على متاجر الخمور. لسنوات، دفع أصحابها رسوم حماية للجماعات الإسلامية المسلحة لضمان استمرار بيعها.

وقال عضو بارز في إحدى هذه الجماعات: “لا تتورط كبار هذه الجماعات في الابتزاز، لكن الشخصيات الأصغر تستخرج بشكل فردي أموال الحماية”. حتى أنه اتهم قوات أمن الدولة بالتورط وطلب آلاف الدولارات شهريًا لحماية متجر.

وأشار بعض أصحاب المتاجر المسيحيين والإيزيديين إلى منافسة جديدة من رجال الأعمال المسلمين الذين يسعون للحصول على حصة في سوق المشروبات الروحية دون تراخيص قانونية.

ولفت أصحاب متاجر الأقليات لوكالة فرانس برس إلى أن هذه المؤسسات الجديدة لم تتعرض لهجمات بالقنابل.

وانتشرت الشرطة الفيدرالية العراقية وحتى قوات الجيش بقوة على طول الشوارع الرئيسية التي تستضيف متاجر الخمور، بما في ذلك طريق أبو نواس على ضفاف النهر.

ويهدف وجودهم إلى طمأنة أصحاب المتاجر، لكنهم قاموا أيضًا بإغلاق المتاجر والنوادي الليلية وصالات التدليك التي ليس لديها تراخيص تشغيل.

وقال بيان صادر عن أجهزة المخابرات العراقية إنه تم إغلاق ما لا يقل عن 91 متجرا لبيع الخمور وملهى ليليا لأنهم ليس لديهم ترخيص، في الشهرين الماضيين.

ويخشى رجال الأعمال في الحي من أن تؤدي موجة الهجمات إلى عودة بغداد إلى الأيام الأكثر دموية، عندما تهز العديد من القنابل المزروعة على جانب الطريق العاصمة كل يوم.

وقال سعد محمد، الذي يدير بقالة بالقرب من عدة محلات لبيع الخمور: “أعيش في حالة خوف دائم”، وتابع “في كل دقيقة، أعتقد أنه سيكون هناك انفجار سيدمر كل شيء”.

فرانس برس

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..