الحركات المسلحة السودانية تهدر فرصة اندماجها في الحياة السياسية

تجاهلت القوى المدنية والمكون العسكري وجهات دولية معنية بالأزمة السودانية مبادرة عضو مجلس السيادة، رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال مالك عقار، التي طرحها قبل أيام خلال لقائه أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين بالخرطوم.
وحاول عقار الاقتراب من القوى السياسية، على رأسها تحالف الحرية والتغيير (المجلس المركزي) بتقديمه رؤية قريبة من طرحها، لكنه حافظ في الوقت ذاته على حضور المؤسسة العسكرية في السلطة وترك الأمر لما أسماه بالحوار السياسي بين مختلف الأطراف، وهي صيغة ترفضها القوى الثورية وقادت إلى فشل الآلية الثلاثية.
وتضمن المقترح الذي قدمه عقار السير نحو الحل السياسي وفقًا لثلاث مراحل، تشمل الأولى قادة الجيش والحرية والتغيير والحركات الموقعة على اتفاق السلام لتحديد مهام كيانات الدولة، ومتغافلا عن الدور الحيوي للجان المقاومة والقوى الثورية في الشارع.
وخصصت مبادرة عقار المرحلة الثانية لتكوين حكومة كفاءات وطنية توكل إليها مهام معالجة الوضع الاقتصادي واستكمال السلام والتصدي للفساد وإصلاح الخدمة المدنية والتحضير للانتخابات، وقال إن الثالثة تُعتبر بمثابة مرحلة حوار وطني شامل يُشارك فيه الجميع، فيما عدا حزب المؤتمر الوطني.
وبدت مبادرة عقار الذي طالما وجه انتقادات إلى القوى الثورية والمدنية منذ الانقلاب على السلطة بعيدة عن الواقع السياسي الراهن في البلاد، والمستهدف منها الحفاظ على حضور الحركات المسلحة ضمن التركيبة السياسية في أي تسوية مستقبلية، بعد أن فقدت الحركات جزءاً كبيراً من الزخم الشعبي الذي حققته طيلة فترة حكم الرئيس السابق عمر البشير والفترة التي تلت الإطاحة به وحتى التوقيع على اتفاق جوبا للسلام.
وقال المحلل السياسي شوقي عبدالعظيم إن جملة من الظروف المحيطة بالحركات المسلحة دفعت عقار للإعلان عن المبادرة، حيث اكتشفت أن مجلس السيادة بعد ثمانية أشهر من عمله عقب الانقلاب على السلطة يفتقر إلى الفاعلية السياسية، وتمكن رئيسه عبدالفتاح البرهان من إقالة عدد من قياداته، والأمر ذاته قد ينسحب على بقية الأعضاء، بالتالي فأعضاء قادة الحركات يواجهون مصيرا غامضا.
وشدد في تصريح لـ”العرب”على أن الوزارات التنفيذية التي يقبع عدد من قيادات الحركات المسلحة على رأسها معدومة الفاعلية مع عدم القدرة على تشكيل حكومة مدنية، ولم تعد الحركات جزءاً من الحراك الجماهيري الآن، ما يدفع نحو إعادة التموضع مجدداً، لكن التعاطي مع المبادرة بالتجاهل أثبت أن الحركات مرفوضة.
وأشار إلى أن الحركات المسلحة أهدرت مستقبلها السياسي بيدها، وإن حافظت على حضورها في مستقبل المعادلة سيكون على الهامش دون رضاء القوى الفاعلة، وأن السبب الرئيسي يرجع إلى أن اتفاق جوبا للسلام جرت صياغته بصورة خاطئة وقادة الفصائل حافظوا على تعهداتهم غير المعلنة التي منحوها للعسكر وتخوفوا من خسارة الاتفاق وكان الأفضل إعادة هيكلة الاتفاق بعد أن أصبح غير قابل للتطبيق.
ومن المتوقع أن تقبض القواعد الشعبية التي لديها حس ثوري داخل الحركات المسلحة على مفاتيح الحل والعقد في الفترة المقبلة، وأن القادة الحاليين عليهم إعادة ترميم الشروخ التي تسببوا فيها، غير أن ذلك لن يكون بالأمر السهل وسوف يقود إلى المزيد من الانقسام جراء الصراع على القيادة الذي تحول إلى جزء من الصراع على السلطة.
من المتوقع أن تقبض القواعد الشعبية التي لديها حس ثوري داخل الحركات المسلحة على مفاتيح الحل والعقد في الفترة المقبلة
وتثير مواقف الحركات المسلحة التي لعبت دور الحاضنة السياسية للمكون العسكري تساؤلات حول الأسباب الحقيقية التي قادتها نحو رفع السلاح في وجه النظام السابق، وما إذا كان الهدف إسقاط النظام وبناء دولة المواطنة أم أنها سعت إلى الحصول على نصيب من تركة السلطة، ما يجعل الأساس البنيوي الذي يقوم عليه مشروعها يمكن أن يهدم في نظر المواطنين وأبناء الهامش الذين فقدوا الثقة في توجهاتها.
وقال عضو هيئة محامي ضحايا دارفور نصرالدين يوسف إن حركة تحرير السودان جناح مني أركو مناوي وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم فقدتا القدرة على التحرك في أماكن نفوذهما التقليدية في دارفور، ويبحث كلاهما عن تحالفات جديدة بعيدة عن الشعارات التي رفعت خلال سنوات الكفاح ضد نظام البشير.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن الحركات المسلحة كانت أمامها فرصة مواتية لتكون ضمن مكونات التغيير الاجتماعي في السودان نحو الديمقراطية والدولة المدنية، غير أنها تحولت برغبة قياداتها إلى أداة داعمة لرغبات المؤسسة العسكرية، وفقدت السند الشعبي الذي كانت تحظى به في مناطق نفوذها.
ولفت إلى وجود خلاف ظاهر بين مساعي قادة الحركات للوصول بشكل سريع إلى السلطة وبين القواعد الشعبية التي مارست النضال ضد نظام البشير وترى أن انعدام تكافؤ الفرص بين المركز والهامش والأهداف التنموية التي ناضلت لأجلها لم يتحقق، ونتائج هذا الخلاف قد لا تكون في صالح الحركات بوجه عام.
متابعون يرون أن البعض من قادة الحركات المسلحة لا يؤمنون أصلا بجدوى العمل السياسي السلمي وسط الجماهير ويعتبرون وسائل الكفاح المدني مضيعة للوقت
ويقول متابعون إن البعض من قادة الحركات المسلحة لا يؤمنون أصلا بجدوى العمل السياسي السلمي وسط الجماهير ويعتبرون وسائل الكفاح المدني مضيعة للوقت، والوسيلة الوحيدة المجدية في نظرهم هي الكفاح المسلح، وهي معضلة تقف حائلاً أمام الاندماج في الحياة السياسية ويكون البحث دائماً عن التقارب مع الأطراف الفاعلة التي تحقق رؤيتها سواء أكان ذلك مع القوى المدنية التي ظهرت قوية في مواجهة نظام البشير أو مع العسكريين عندما أصبحوا الطرف المتحكم في السلطة.
ويضيف المتابعون أن هشاشة التكوين الفكري لبعض قادة الحركات جعلهم أسرى للفهم الإثني والمناطقي طبقًا لمفهوم المركز والهامش، ودائما ما تبقى فكرة استحواذ المركز على الهامش حاضرة حتى بعد أن باتوا ضمن هياكل السلطة المركزية.
ويرتبط التغيير في نظر بعض القيادات بقسمة السلطة والثروة وإن حافظت الدولة على ركائزها السياسية والاقتصادية القديمة دون وجود قناعة تامة نحو تدشين عقد اجتماعي جديد عبر صياغة مشروع للبناء الوطني وإعادة هيكلة الدولة.
ولذلك تقف الحركات المسلحة السودانية الموقعة على اتفاق جوبا للسلام في منطقة مجهولة بعد أن فقدت التأييد الشعبي الذي حظيت به في أثناء نضالها ضد نظام البشير وخسرت تحالفها مع القوى الثورية الفاعلة في وقت لم تستطع فيه تحقيق أهدافها بشأن ملف الترتيبات الأمنية جراء تنسيقها مع المكون العسكري.
وأهدرت فرصة ثمينة للاندماج في الحياة السياسية، لأن تأييدها لاستحواذ العسكر على السلطة جعلها تقف في خندق واحد مع جناح انقلابي واجه طوفانا من الغضب الشعبي لا يتوقف منذ الانقلاب العسكري في أكتوبر الماضي، ما يجعل محاولة مالك عقار تقديم حل وسط لإرضاء جميع الأطراف أمرا عديم الجدوى.
العرب
علي نفسها جنت براغش.
عقار( نجفة) مرواغ وكان منتظر منه الانحياز للثورة لا للجهة والتى يفشل حتى الأن في معالجة قضاياها…جبهة ثورية(شنك)
يفشل طرحه لنه لم يقصد به سوي ما حدث من فشل لكنه تسجيل موقف ليس الا( كتر خيرك)
لم يعقد اي مؤتمر لمشاكل الاقليم انما ظهر بثوربه الفضافاض الذي يحمل فيه( السمك واللبن وتمر هندي) والهم هو المعايدة( ونشوفكم االسنة ( بباية حال ) …أو (عدت يا عيدى بدون زهور_)