هل تحاول أميركا إعادة تأهيل الأسد؟

تراهن إيران على تمييز الغرب بين إيرانيين يناكفونها سياسيا بحثا عن دور، وجهاديين لا هم لهم سوى الإرهاب. ها هي تحفر لها دورا اقليميا معترفا به أميركيا من داخل الأزمة السورية.

بقلم: أحلام أكرم

الرئيس الأميركي باراك أوباما، وبالرغم من فشله السابق في الإيفاء بوعوده في السياسة الخارجية والداخلية، ورغم تغيير موقفة الأساسي في عزمه على توجيه ضربة عسكرية لسوريا عقابا لها على إستخدام السلاح الكيماوي، إلا أن قراره في التوافق مع العرض الروسي ? الإيراني لحمل سوريا على تدمير ترسانتها الكيماوية حقق له ثلاثة أهداف إستراتيجية في السياسة الأميركية لعقود قادمة.

الهدف الأول هو تجنيب الولايات المتحدة الدخول في حرب لا ناقة لها فيها ولا بعير، والثاني إلتزام أميركا بقرار الأمم المتحدة على تجنب الحرب، والثالث والأهم هو الإلتزام بالرغبة الشعبية الأميركية في عدم الدخول في مواجهة عسكرية في سوريا.

وهنا يأتي السؤال الأهم: هل تشاركت الدول الغربية في الأمم المتحدة حينما أصدرت قرارها الأممي باستبعاد الحرب على سوريا ، من الواجهة والإعتماد فقط على الحل السلمي كما جاء في قرار الأمم المتحدة رقم 2018 الذي أصرت المادتان 16-17 فيه على أهمية الحل السياسي، حتى ولو تطلب الأمر جلوس المعارضة مع النظام برغم ما إقترفه من جرائم مروعة، تصل إلى الإبادة الجماعية؟

هل تشتت المعارضه وتمزقها، ودخول عناصر القاعدة والسلفية هما من جعل الغرب يفضل التعامل مع النظام الذي أجرم في حق شعبه بينما فصائل من هذه المعارضة أجرمت في حق الشعوب الغربية وتتطلع إلى نشر الإرهاب العالمي؟

هل إشتداد قوة التنظيمات الجهادية التي تريد إرساء الدولة الإسلامية العابرة للحدود هو ما جعل اميركا تقول “”فخار يكسر بعضه”؟

أم هو حساب المصالح، وكما المثل القائل “النحس اللي تعرفه أفضل من النحس اللي ما تعرفه”؟

وبناء على ذلك توجهت اميركا إلى الحوار مع إيران، للتخلص من عبء مسئولية القيادة العالمية، وبعدما يئست من محاولة إصلاح الوضع في المنطقة العربية، إضافة إلى تأكدها من تغلغل الوجود الإيراني في العديد من الدول العربية.

القرار الإستيراتيجي لفتح قنوات الحوار يستند إلى بعد نظر في العلاقات الدولية، وقد يكون تمهيدا لتهميش المنطقة العربية الإسلامية وإدارة ظهره لها، ويستند إلى قدرة الولايات المتحدة على التخلي عن البترول العربي، نظرا لإكتشاف حقول نفطية وغازية كبيرة فيها، قد تجعلها في مكانة الإكتفاء الذاتي إن لم تضعها في مصاف أولى الدول المصدرة للنفط والغاز.

الإعتراف الأميركي بالدور الإيراني في المنطقة سببه الرئيسي أن إيران وبرغم طموحاتها لتصدير الثورة الإسلامية إلى دول الجوار، والهيمنة الإقليمية عليهم، إلا أنها لم تصدّر أي إنتحاريين إلى الدول الغربية. فلم نسمع في كل العمليات الإنتحارية التي تمت عن إيراني واحد إشترك بمثل هذه العمليات، إضافة أن الإيرانيين المقيمين في الغرب لم تظهر من بينهم أية خلية إرهابية عملت على زعزعة الأمن الداخلي في أميركا أو في أي من الدول الغربية المضيفة، بل إن الكثير منهم أثروا في الإقتصاد وقليلون منهم ممن يظهرون علامات التعصب او التطرف، عكس الأقلية المسلمة الأخرى المتواجدة في الغرب.

إضافة إلى ان النظام الإيراني أبدى ترحيبا بتغييرات إستراتيجية في مواقفه الرسمية وفي محاولة الوصول إلى الشعب الميركي عن طريق إعترافه التام بالمحرقة اليهودية، وإعترافه المقابل بمعاناة الفلسطينيين من الإحتلال، وإستعداده للتفاوض فيما يتعلق ببرنامجه النووي.

ولكن ماذا يمثل وجود النظام الأسدي للجمهورية الإيرانية، بينما كلاهما كذب في مشروع الممانعة وفي القضاء على إسرائيل كما إدعيا؟

الأسد واهم حين يظن بأنه سيبقى سيدا في دمشق، لأنه أصبح تابعا كما كان لإيران، وستضحي به الأخيرة حينما تتأكد من الإرادة الشعبية السورية في الإنتخابات المقبلة ويصبح عبئا عليها.

ألأسد واهم إن كان يظن بأن إبنه سيخلفه، لأن إيران نفسها سترفض ذلك تماشيا مع رغبة الشعب السوري الذي سيكون ثمن سيطرتها في سوريا، نعم قد يكون إكتسب شيئا من الوقت، ولكنه وقت قليل جدا، لأنه حتى ولو حاول القيام بالإصلاحات الضرورية في سوريا، فإن وجوده كمجرم حرب لن يحميه طويلا، سواء من أم أو أب فقدوا أغلى ما يملكون بالكيماوي، أو خرجوا لمواجهة حياة أخرى بلا أمل ولا يقين في شيء. ولن يستطيع الغرب ولا إيران إعادة تأهيله مرة أخرى،، لأن كلاهما يضع الأولوية لمصالحه مع الآخر، ولن يعجزا عن تلميع صورة أحد المشاركين في المعارضه المشهود لهم بالقدرة على فهم وتقبل الأوضاع الدولية والسيطرة على العناصر المتطرفة بل وربما القضاء عليها ضمن الهيمنة الإيرانية.

السؤال هنا، ماذا تريد إيران من الزعامة الإقليمية، هل هو الإنتقام من العرب البدو الذين قهروا الحضارة الفارسية في مطلع التاريخ الإسلامي، أم هي حقا جادة في قيادة الشعوب الإسلامية لما فيه تحقيقا لمصالحهم، ولآمالهم في الحياة الكريمة؟

أم أن إيران تريد الإرتقاء بالإسلام السياسي لتؤكد للعالم أجمع أن فيه مبادئ تصلح لكل البشر وتفيد الإنسانية برغم كل الصور العنفية التي خرجت من المنطقة العربية والتي تهدد الأمن الإقليمي، والأمن العالمي.

الجواب هو النظر إلى الشعب الإيراني نفسه، ومقارنة معيشته بمعيشة أؤلئك الذين في السلطة وفي الحكومة، والذين لا يعيقهم الحظر الإقتصادي، النظر أن إيران التي تعمل على إمتلاك السلاح النووي، بينما هناك قرى وبلدات تتضور جوعا ومحرومة من البنى التحتية. الجواب هو فشل الدولة الدينية في أي مكان في توفير الحريات، وقدرتها على تزييف الديمقراطية بالشورى لتجعلها على مقاسات دينينة ثبت بالدليل القاطع عجزها عن مجاراة العصر، وتحقيق أحلام المواطن الإنسان أينما كان.

العالم الغربي بل وكل العالم على إستعداد للتخلي حتى عن اهم مبادئه، في سبيل أن يحافظ لمواطنيه على امرين: الأمن، والرخاء الإقتصادي. وبينما تؤكد كل الصور الخارجة من المنطقة الإسلامية العربية بتهديد الأمن المحلي والإقليمي والعالمي، نجحت إيران في المحافظة على الأمن بقتل الحريات، ولكنها وبرغم مواردها النفطية فشلت في تحقيق الرخاء الإقتصادي.

التعاون والتنسيق الإقليمي بل والدولي أيضا هما الطريق لتحقيق الآمال الإقتصادية، والأمنية لكل الشعوب، ولكن الهيمنة، والسيطرة بأي شكل من الأشكال مرفوضة من كل الشعوب.

أحلام أكرم

بصيرة للحقوق الإنسانية
ميدل ايست أونلاين

تعليق واحد

  1. بشار ورقة محروقة بالنسبة للأمريكان وبعد ازالة الأسلحة النووية سنرى …. فيما اعتقد التاريخ سيعيد نفسه كما فعل بصدام ، وجود بشار يمثل توتر مستمر فى المنطقة وقد ينتج عنه توليد ارهابيين يهددوا امن المنطقة واسرئيل وهزا لن يكون موجود ازا زهب بشار …

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..