قصر السلطان علي دينار.. معلم علمي وتاريخي.. أمبايا ومرايم

الفاشر – درية منير
يُعد قصر السلطان علي دينار أحد أبرز معالم مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور، ويضم بين ظهرانيه متحفاً يزوره طلاب الجامعة والأسر والأجانب العاملين بالمنظمات الدولية بالولاية، ويُعد السلطان على دينار من أشهر من السلاطين الذين حكموا دارفور في فترة المهدية، علاوة على أنه كان يقوم بكسوة الكعبة سنويا، حيث عُرف عن والده التديُّن الشديد.
سرقتنا أصوات الطبول التي كانت تضرب داخل القصر، فوجدناهم طلاب الجامعة جاءوا لزيارة تاريخية ترفيهة بعد أن قضوا أربع سنوات من الدراسة، ليودع بعضهم بعضاً في قصر السلطان الذي يعود تاريخ إنشائه إلى أكثر من مئة عام تحت إشراف الحاج عبد الرازق الملقب بباشا بوك البغدادي ذي الأصول التركية، والذي بناه رجلان من أولاد الريف هما أحمد موسى وعطية.
طراز معماري متقدم
بينما قام بأعمال النجارة أغريقيان، هما توماس وديميتري، طراز مميز قام على قصر السلطان، فصنعت أبوابه من الخشب الذي يسمى الصهب، وصممت الشبابيك من أخشاب القمبيل، ويمثل القصر ثاني متحف بالسودان بعد المتحف القومي، ويحتوي على عدد من الغرف والطوابق والقطاطي التي شيدت بطراز متميز عن بقية القصور في تلك المنطقة وفي ذات الحقبة. وتوجد في مبانيه هدايا خاصة بالسلطان بجانب أغراضه، وكل ما يمتلكه من الطبول النحاسية الكبيرة التي تم تسويرها بحديد يتم طلاؤه من حين لآخر عندما تقرع عند الأفراح والأتراح.
على مرّ الزمان
على مدخل القصر توضع نبذه تعريفية توضح تاريخه، الذي تحول بتوجيه من الرئيس الراحل جعفر نميري إلى متحف، وذلك في 29 مايو 1977م، ويوجد داخل القصر عدد من الآثار المصنوعة من المرمر والفخار والنحاس والبرونز الصغير تعود إلى حضارة كرمة ومروي وعبري ومعبد كشك بدنقلا، وبعض الحضارات القديمة من النيل الأزرق، التي تم استقطابها من المتحف القومي، تعزيزا للمتحف، حيث تعرض على فترينات تحتوي على اسمها وتاريخها، وتماثيل من الطين، منها تماثيل يعود تاريخها إلى ما قبل الميلاد، كما يتوفر القصر على تبوتا والسلة، وهي عبارة عن أوانٍ خاصة بالميارم جمع ميرم، بجانب الأمبايا التي تنحت من سن الفيل أو العاج، وكذلك الساعة التي كانت هدية من أحد السلاطين، إضافة إلى المكحلة الخاصة بزوجاته، وتضم غرفته (الجبة) التي يلبسها في المناسبات الخاصة به، فهي مصنوعة من الخيط ومبطنة بالحرير الملون، وأخرى أهداها إلى ابنه السلطان سليمان، حيث تم استردادها بعد افتتاح المتحف لتكون ذكرى وتاريخاً للسلطان علي، علاوة على جبة أخرى تسمى (الجوخ) وتلبس عند تنفيذ الأحكام، وأيضا الفؤوس المطلية بالفضة والنحاس.
سلالة السلاطين
وفي السياق، يقول عمر حسين من كبار زعماء الفاشر إن هذه اللوحة تبين تاريخ الأسرة الضارب في الجذور، وهي أسرة كيرا أو كما تسمى عندهم (خيرا)، التي تبدأ منها سلالة السلاطين الذين حكموا دارفور منذ العام 1640م، وحتى تاريخ السلطان علي دينار منذ العام 1896- 1916م، وكان الأخير من الأنجال الـ (60). ويضيف: يحتوي المتحف على قائمة بأسماء السلاطين الذين تعاقبوا على حكم دارفور منذ القرن الرابع عشر، كما تحوي الغرفة الخاصة به التي نحتت أبوابها من القمبيل المطعمة بالعاج والتي لم تشهد أي تغيير منذ 1911م حتى الآن، تحوي الغرفة أدوات الحرب، وقد زين حائط القصر بصورة الكعبة التي كان يقوم بكسوتها.
قصر الضيافة الجديد
من جانبه، يقول علي النور (موظف) إن متحف قصر السلطان يشد له الزوار والأجانب الرحال لقضاء أوقات جميلة تحت أشجاره، فهو يضم جزءاً من وزارتي الصحة والمالية، وشيد خلفه قصر الضيافة الجديد على أعلى طرازن حيث يستقبل فيه الوالي كبار الزوار، ويحتوي على صالات كبيرة وقاعة مؤتمرات وحدائق بها غزلان وطيور عدة، بما فيها صقر الجديان، الذي يوضع على شعار السودان حالياً

اليوم التالي