
ماذا سنجني اقتصادياً من العلاقة مع اسرائيل؟
بغض النظر عن الموقف بجانب او ضد التطبيع، هل درست الحكومة الانتقالية الجدوي الاقتصادية من العلاقة مع اسرائيل؟ ام لم يسعفها الوقت؟
يبدو ان الإجابة علي هذا السؤال، لا لم تفعل وذلك للآتي:
اذا كانت الحكومة الانتقالية في حيرة من امرها حيال السياسة الاقتصادية اللازمة لخروج السودان من أزمته المستفحلة، فهل يمكنها ان تقوم بدراسة لجدوي العلاقات الاقتصادية مع اسرائيل او غيرها؟ وهل يوجد اصلاً قسم بحوث اقتصادية مؤهل في وزارة والمالية والاقتصاد او وزارة التجارة او غيرها؟
في المقابل من البديهي ان اسرائيل، بالضرورة تكون قد درست وتوصلت الي ماذا ستجني من تطبيع علاقتها مع السودان والدول الاخري، علماً بأنها ، اي اسرائيل تنفق 4.9% من ناتجها المحلي الاجمالي علي البحث العلمي.
لعلم الذين يعولون علي جدوي العلاقات الاقتصادية مع اسرائيل دون تبرير اقتصادي او سياسي، نورد الحقائق التالية:-
– ان الدول الافريقية تأتي في ذيل قائمة الشركاء التجاريين لاسرائيل، بنسبة اقل من 3% من حجم تجارتها مع العالم في العام 2018.
ومن ذلك، نجد ان 91% من الواردات من افريقيا رغم قلتها، تاني من 4 دول أفريقية فقط (جنوب افريقيا، مصر، انقولا، اثيوبيا). وفيما يخص الصادرات لأفريقيا توجه 82% منها الي 5 دول أفريقية فقط (جنوب افريقيا، نيجيريا، مصر، زامبيا وكينيا).
– تأتي الحجارة الكريمة والمعادن النفيسة المجهزة في صدارة صادرات اسرائيل للعالم. وبعدها تأتي الادوية، البترول المصفي، الإلكترونيات ثم معدات القياس.
– ياتي خام البترول في مقدمة واردات اسرائيل من العالم، ثم الأحجار الكريمة الخام ، السيارات،البترول المصفي , الآليات ، المعدات الكهربائية ومعدات التصوير والمعامل.
– تنتج اسرائيل 93% من احتياجاتها الغذائية، وتستورد الباقي: القمح والحبوب الزيتية بما فيها بذرة القطن من الولايات المتحدة الامريكية والمكسيك ونسبة قليلة جداً من توغو وأوغندا وزمبابوي وملاوي.
من جانب آخر، تستورد اسرائيل اللحوم من امريكا اللاتينية ودوّل اخري غير أفريقية (حسب مجموعة أدوم Adom الاسرائيلية لاستيراد وتصنيع اللحوم.
من البيانات الواردة أعلاه، تبدو فرص العلاقات التجارية او الاقتصادية بين السودان وإسرائيل ضعيفة للغاية. وحتي في مجال الزراعة التي روج لها محبو التطبيع من حكام الفترة الانتقالية، تبدو الفرص ضيقة ايضاً، علماً بان القطاع الزراعي يشكل2.3% فقط من الناتج المحلي الاجمالي لإسرائيل (إحصائية عام 2017)
واذا كان المقصود هو التقنية والسبل المتقدمة في مجال الزراعة، فهناك من سبقوا وما زالوا متقدمين علي اسرائيل في هذا المجال (امريكا، هولندا، فرنسا، ألمانيا، كندا، الهند، الصين، ماليزيا، تركيا ، اليونان، إيطاليا الخ…..). وحتي جيراننا المصريين، ودوّل أفريقية كجنوب افريقيا لها باع طويل في مجال الزراعة. وحتي داخلياًاثبت خبراؤنا الزراعيون نجاحاً نعتز به في مجال انتاج القمح والقطن المحور وعباد الشمس والذرة الهجين. إذاً لماذا الحديث بالتحديد عن الحوجة لخبرة دولة لا تزرع القطن او السمسم او الفول السوداني او الدخن؟ولا حاجة لها بهذة المنتجات.
من زاوية اخري، معلوم بان اسرائيل ، تعتبر اكبر دولة متلقية للعون المالي الامريكي، لذلك ومن البديهي انها لن تقدم اي عون مالي لا للسودان او لغيره، اللهم الا اذا كانت هدية صغيرة، للصديق الجديد، كما سمعنا حول حفنة قمح بخمسة ملايين دولار!
من الواضح مما تقدم ان فرص الشراكة الاقتصادية مع دولة اسرائيل وعلي ضوء معلوماتنا المتواضعة عن خصائص اقتصادها وتركيبة تجارتها الخارجية، تبدو هذة الفرص ضئيلة جداً، والحديث عنها يبدو تبريراً سياسياً فطيراً، مع الاعتذار لعلماء الاقتصاد المروجين للتطبيع!.
ننصح الحادبين علي الشراكة الاقتصادية مع اسرائيل ان يكونوا فريقاً اقتصادياً لكي يبحث لهم عن مبررات لهذة الشراكة، حتي لا يظهروا مظهر الساذج قليل المعرفة امام الاسرائليين أنفسهم وامام العالم.
نحن لسنا ضد إقامة علاقات طبيعية مع اي دولة في العالم، ما دامت تحترم مباديء الشرعية الدولية وحقوق الانسان وحق الشعوب في الحرية والسلام والعدالة، والوقوف علي مسافة واحدة من كل الأديان والمعتقدات الكريمة. اليست هذة هي مباديء وشعارات ثورة ديسمبر، او المباديء التي استندنا عليها في وقوفنا ضد نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا؟! ام اننا تركناها جانباً باسم البراغماتية، ومن اجل الخروج من قاءمة دعم الاٍرهاب واملاً في الحصول علي بعض الخبز؟
اخيراً، نحن علي ثقة بأننا سننتج غذاءنا من الفترينة والدخن ونشرب من حليب ثروتنا الحيوانية ومن مياه انهارنا العذبة التي يشتاقها االآخرون ، ولن نموت جوعاً جراء هذة الازمة الاقتصادية الخانقة. ولنا مخرج منها طال الزمن ام قص. ونحن لسنا باي حال من الأحوال دعاةً للارهاب او عنصريين عرقياً او دينياً. عندنا في السودان إرث عظيم في الاحترام والتعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين واليهود. أتذكرون ابراهام والياهو يوسف عبودي التجار في سوق امدرمان، ود. اسحق اشخانس وبسيوني وبنيوتي وعزيز كفوري ومعلوف وجورج مشرقي وأجراس ماري جرجس التي تدق حتي اليوم؟ تلك هي سماحة السودانيين التي لم يلو ذراعنا او يغصبنا عليها احد في يوم من الأيام .
اللهم قونا بسماحتنا وتسامحنا وشجاعتنا وسلميتنا، وقونا بتماسكنا وعزتنا واجعل اللهم طعامنا من ترابنا ومياهنا واجعل يدنا عليا ولا تجعلها سفلي انك سميع مجيب .
د. الحسن النذير
[email protected]
بس اقيف في إقامة علاقات طبيعية قائمة علي الاحترام المتبادل.