أخبار السودان

سياسات حميدة في إدارة شؤون الصحة تلقي بأعبائها على المواطنين

الخرطوم ـ الزين عثمان
خمسة أيام تفصل البلاد عن الذكرى الخامسة لاستفتاء جنوب السودان، ففي التاسع من يناير للعام 2011 بدأ الجنوبيون قطع (تذاكر) مغادرة السودان الكبير مكونين دولتهم الخاصة، ظن البعض أنه بذهاب الجنوب ستتوقف المطالبات باستفتاء جديد في البلاد المهددة (بالتفكيك)، لكن مع استمرار سياسة التفكيك التي تنفذها وزارة الصحة بالخرطوم بقيادة الدكتور مامون حميدة خرجت أصوات أطباء تطالب بضرورة قيام استفتاء للإجابة عن سؤال بقاء الوزير في منصبه أو ذهابه. ويقول هؤلاء بأن السياسات التي يتبعها الوزير في إدارة شؤون الصحة تلقي بأعبائها على المواطنين. مؤكد أن هذه الأصوات ارتفعت في أعقاب آخر خطوات الوزارة في سعيها لتجفيف مستشفى الخرطوم التعليمي عبر مستشفى الحوادث.
بالنسبة للمطالبين بإقامة استفتاء من أجل تغيير نمط إدارة الصحة بالخرطوم فإنهم يرون أن الخطوة في الأساس نبعت من حالة عدم الرضاء عن الأداء العام في الوزارة وعن الطريقة التي تتم بموجبها إدارة الشأن الصحي.
عليه فإن خطوة الاستفتاء تبدو الخطوة السابقة لإزاحة حميدة عن كرسيه، فالرجل الذي صعد للمنصب معيناً من قبل والي الخرطوم المنتخب عبد الرحمن الخضر في أعقاب انتخابات 2010 وبقي في منصبه عقب تعيين الفريق عبد الرحيم محمد حسين واليا للولاية يعتبر رأس الرمح في تنفيذ استراتيجية نقل الخدمات الصحية للأطراف؛ ويرى أنها الاستراتيجية الأمثل لتحقيق تطلعات المواطنين في توفير خدمة صحية في متناول الجميع. لكن المتابعين للمشهد الصحي ومعهم عدد لا يستهان به من الأطباء يضعون عبارة (الفشل) كمقدمة للسياسات طوال خمس السنوات الماضية.
ويقول الدكتور سيد قنات، وهو عضو في اتحاد الأطباء السابق، إن التوصيف المنطقي لما يحدث في الواقع الصحي هو (التخبط) وعدم وضوح الرؤية.
ويعلق قنات على خطوة المضي في اتجاه استفتاء من أجل استمرار حميدة في الوزارة من عدمه بالقول إنه قرأ هذا الأمر في الصحف مثله والآخرين، ويصفه في حديثه لـ(اليوم التالي) بأنه (سباحة عكس التيار).. ويضيف: الأمر لا يمكن أن يصلح ما أفسدته السنوات الخمس الماضية.. ويردف متسائلا: أين كان هؤلاء قبل خمس سنوات؟ يضع استفهامه حول أعناق كبار الأطباء والاستشاريين ولماذا أحجموا في وقت سابق عن تقديم (النصيحة)؟ فالواقع السيئ لم يبدأ أمس، حسب قوله، بل هو ماثل للعيان منذ بدء السياسات الجديدة، وأن الوزارة تعاني نقصاً في المعدات والتدريب ولم يحرك أحد ساكنا، كما أن الوزارة تبدو الآن بلا خطة ولا استراتيجية واضحة في العام 2016.
ويؤكد محدثي أنه وغيره من الأطباء لا يرفضون مبدأ نقل الخدمات للريف، ولكن لابد أن يكتمل هذا الأمر وفقاً لخطة واضحة.. المؤكد الآن هو أن وزارة الصحة ستستمر في نظرية (رزق اليوم باليوم) وأن المعاناة ستتجدد كل حين ولن تجد علاجاً ناجعاً لها.. ويبدو قنات غير متفائل من نجاح تجربة الاستفتاء حول استمرار الوزير، باعتبار أن التعيين نفسه خيار سيادي خاص بالحكومة، وتتداخل فيه عوامل يصفها بالسياسية.. بل إنه يرى أن الخطوة المنطقية كانت هي الاتصال بالمؤسسات السياسية، والتفاكر حول الواقع الصحي باعتباره واقعاً يهم الجميع وعليهم التكاتف من أجل إيجاد أفضل الفرص لتقديم خدمة صحية للمواطنين باعتبار أن الأمر حق وليس منحة.
وتنفي الدكتورة حياة الحاج الفكي عضو نقابة الأطباء لـ(اليوم التالي) علمها بخطوة الترتيب لإجراء استفتاء من أجل استمرار أو إقالة دكتور حميدة في منصبه وزيرا للصحة، لكنها تضيف أن الاستفتاء الحقيقي والذي لا يحتاج لورقة وتوقيع هو الصورة المرسومة في مستشفيات البلاد، الصورة التي تعكس الواقع الذي يعيش فيه الأطباء، قبل أن تضيف ساخرة: الأطباء السودانيون وقعوا على الاستفتاء بتأشيرات مغادرتهم للبلاد، حين يدفع الأطباء ثمن (تذاكر) الطيران ورسوم مغادرة البلاد فإنه لا نتيجة أكثر وضوحاً على ذلك في ما يتعلق بردة الفعل على ما تقوم به الوزارة ووزيرها، وتكمل محدثتي بالقول: الجميع يرفض الطريقة التي تدار بها الصحة في البلاد على المستويين الولائي والاتحادي، وهو أمر يؤكد في اتجاه آخر على الطريقة التي تتعاطى بها السلطة مع المواطنين بشكل عام.. حياة تقول إنها على المستوى الشخصي ترفض الطريقة التي يدير بها حميدة وزارة الصحة وترى أن النتائج الكارثية التي حدثت أو تلك المنتظرة كلها تمثل نتاجاً طبيعياً للسياسات المتبعة.
غض النظر عن قيام الاستفتاء من قبل الأطباء من عدمه فإن المشهد المستمر هو ذلك المتعلق باستمرارية مامون حميدة في منصبه لسنوات قادمة واستمراره في الوقت نفسه في استراتيجيات نقل الخدمة للأطراف دون التقيد بأن هذه الخدمات هي موجودة أم لا، وهل سيجد المرضى الرعاية التي كانوا يجدونها في مستشفى الخرطوم، في متناول أياديهم وهم يسددون (تذاكر) دخولهم لمستشفيات بشائر أو إبراهيم مالك أو في مراكز الرعاية الصحية المنتشرة في مناطق متعددة من الولاية التي تستضيف أكثر من ثمانية ملايين مواطن سوداني؟ وهو أمر قد يشكل ضغطاً متزايداً على الخدمات الصحية وعلى الأطباء الذين ما يزالون يتمسكون بجمر البقاء داخل الوطن.
مؤكد أن الدعم السياسي سيستمر في ما يتعلق ببقاء مامون في كرسيه خصوصاً وأن الرجل يعمل بلا مقابل ويتبرع بمرتبه كاملاً لدار المايقوما لرعاية الأطفال فاقدي السند.. الدكتور بتعبير آخر مسنود مسنود من الحزب الحاكم وبعض من أعضاء المجلس التشريعي في الخرطوم لدرجة أن يأتي في الأحلام متوشحاً بالأبيض، إن لم يكن ذلك صحيحاً فما كان للرجل أن يعود في التشكيل الجديد للخرطوم رغماً عن ألسنة النقد التي تتطاول كلما تطاول بقاؤه في المقعد، لكن على كل هي ألسنة لا تهز عرشه الثابت برضاء الحكومة عن استراتيجية نقل الخدمات الصحية للأطراف.
وبالنسبة للدكتور سيد قنات فهو غير مشغول الآن بمآلات الاستفتاء المستحيل، كما إصلاح حال الصحة في البلاد، باعتبار مجمل المشكلات التي تحيط بها، مع غياب الرؤية الواضحة عند الوزارة والأطباء معاً، وطالما أن الأمر كذلك فإن ذهاب الوزير لن يغير المشهد، في ظل ثبات السياسات المنفذة، لكن الطبيب يعاين بمجهره الخاص ويقول: إن أرادت الحكومة أن ترفع يدها كلياً عن دعم الصحة، فعليها التعبير عن ذلك بمنتهى الوضوح.. حديثه ربما يقود للنقطة الأهم وهي استمرار الرجل في منصبه لحين إنجاز مشاريع الاستثمار في صحة المواطن

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. لقد بلغ السيل الزبى للرئيس عمر البشير سؤال واضح و صريح انتا معانا والا مع الخيانه؟ارجو قريبا

  2. إستفتاء؟؟؟ وكأنكم تقولون لا تذبحنا بهذه السكين. بالطبع الإستفتاء وسيلة غير شرعية لو وافقت عليها الحكومة ستكون سابقة وهذه مفسدة كبرى.

  3. والله لم يبق لنا غير النزول الى الشوارع وفي كل مدن السودان لاسقاط النظام .وهذه مكافاة السيد الرئيس لنا بالجزمة لان كل الشعب السوداني وقف معك في خندق واحد عندما تعرضت لكثير من المشاكل وخاصة الجنائية.وهذا هو رد الجميل لشعب عانى وصبر عسى ولعل يتبدل الحال .ولكن…….{ضاقت ولما استحكمت حلقاتها تاني ضاقت}.مالمانع ياسيادة الرئيس من النزول للشارع لتقف على الحال بنفسك وتترك عنك تقارير المسئولين الكذابين ؟كله تمام سعادتك .

  4. خروج الاطباء الى الخارج لا يعنى باى حال من الاحوال عدم الرضاء من الواقع الصحى و تدنى المرتبات فقط و انما يعنى ايضاالبحث عن الافضل حتى و لو كان الاطباء ياخذون رواتب عالية فى السودان فلن تكون مثل رواتب اطباء الخليج ولاينبغى لنا ان ننظر لفشل الحكومة فى ادارة قطاع الصحة فقط انماالفشل فى كل القطاعات بما فى ذلك قطاع الصحة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..