
سرف المداد
المفاوضات ما أشبه اليوم بالبارحة
لم يستغفل المؤتمر الوطني بالمكيدة ، ويستغمز بالشديدة إلاّ حينما ركن للمتصدية العنون ، والجامحة الحرون ، والمائنة الخؤون ، الدولة التي نشرت الجور في بقاع الأرضين ، وجثمت على رقاب العالمين، والتي تجرعت الغيظ عقداً ونيفاً من الزمان ، حينما كانت الأملاء مجتمعة ، والأهواء متفقة ، والقلوب معتدلة ، والأيدي مترادفة ، والآراء متناصرة ، فأصحاب الأجساد النحيفة والحاجات الخفيفة، والأنفس العفيفة ، كتائب المجاهدين كانت تقاتل في صف واحد مع أسود الشرى ، وليوث العرينة ، القوات المسلحة فلول الخونة والعملاء ، وتذهب بقرارات مجلس الأمن إلى منابت الشيح ، ومهافي الريح ، في تلك الأيام النواضر ، التي لم يكن فيها الحزب الصمد متخاذلاً خوفاً من العقاب ، أو متهافتاً شوقاً إلى الثواب ، من مجالس ومنظمات بغيضة سقتنا الصاب والعلقم.
أما الآن بعد أن نفض الحزب الحاكم يده من حبل الطاعة وثلم حصن الله المضروب عليه بالتزلف لتلك الدولة التي يخُالها تسقط البلاء ، وتبطل الجزاء ، وتجلب الرخاء ، أوكله من يعلم عجيج الوحوش في الفلوات ، ومعاصي العباد في الخلوات إليها ، فسلطت عليه شآبيب البلاء ، ونصبت أساس الفسوق ، وأحلاس العقوق ، عرمان وزمرته ، الذين سطروا تلك الخريدة التي عدّها “أمبيكي” وشيعته من وجوه البدور ، وجواهر النحور ، ودرر الثغور رغم أن تلك القلادة، لم تحتو على لب القضية ، وتناقش المعضلة العصية ، إلاّ في سطر ونصف السطر ، لقد صدّق المؤتمر الوطني مزاعم أبناء الحمّية، وإخوان العصبية ، وفرسان الغي والعلمانية ، فانقاد للتفاوض معهم بعد أن مخضتهم تلك الدولة المستبدة وعصبة أممها بالمكاره، واختبرتهم بالنوازل ، وابتلتهم بعداوات أشباه الرجال ، ففي بحر دار التي تمتد نحوها أعناق الرجال ، وتُشدُ إليها عُقدُ الرحال ، يفاوض سادتنا بين جنات وأنهار ، وسهل وقرار ، عرمان وعقار ، رغم يقين الوفد الحكومي ، والحزب الذي بعثه بأنهم لن يجنوا من هذا التفاوض كنوز الذهبان ، ومعادن العقيان ، بل هواناً لا انفصام لعروته ، وذلاً لا شفاء من حسكته ، وضنكاً لا انقطاع لدوحته ، فما هي الثمرة من تفاوض كدّ فيه الروبيضة عرمان طبعه ، وأسهر فيه جفنه ، وأجال فيه فكره الخرب؟
إن تفاوض الطائفة التي سهم وجهها ، وأسدف سناؤها مع مطايا الخطيئات ، وزوامل الأثام ، يجعل من إباء هذا الشعب أصواتاً هامدة ، ومن شموخه صخوراً مُسندة ، ومن عزته جسداً بالياً.
التجربة القبيحة دي إنتهت في العالم كله يا واهم ولن يحيها استخدامك لوحشي اللغة التعبيرات المتقعرة.
الدنيا ماشة إلى الأمام أيها الكوز المتحزلق.