حزب القوات المسلحة !!

د. حامد برقو عبدالرحمن
(1) الطرفة التي يذكرها الكثيرون حول التاريخ الأوروبي بمنهج المرحلة الثانوية السودانية؛ عن الطالب الذي سئل في الامتحان عن سياسة بسمارك الخارجية (المستشار الألماني الروسي الأصل اوتو فون بسمارك) أو المستشار الحديدي.
ولأن الطالب لم يكن يعرف شيئاً عن سياسة بسمارك الخارجية (لإهماله) فلجأ الي حيلة ظنها مخرجاً عندما كتب عن السياسة الداخلية للمستشار الألماني قائلا: “بما ان السياسة الخارجية تنطلق من السياسات الداخلية فمن الأفضل ان نتحدث عن سياسة بسمارك الداخلية”.
وهي الطريقة التي ينتهجها جيشنا الوطني منذ إستقلال البلاد حتى تاريخ يومنا هذا.
اي ان الجيش آثر على التصدي للمارقين، المرجفين ، الفوضويين والمعارضين بشقيه (المدني السلمي والمسلح المقاتل) في الداخل اولا ثم التفرغ لحماية البلاد وربما (من تبقى من العباد) من اي غزو أو اعتداء خارجي (إن وجد للأخير الوقت والحماس المناسبين).
(2) بذلك الفهم العبقري كان قائد سلاح المدفعية بعطبرة اللواء أنذاك (ونائب رئيس هيئة الاركان – تدريب الحالي) عبدالمحمود حماد حسين يتواعد المتظاهرين السلميين بالويل والثبور ويصفهم بأقذع المفردات وهو يقف على بعد كيلومترات من حلايب وشلاتين المحتلتين من قبل ساكن قصر الإتحادية والذي يحج إليه قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان من حين الي آخر لأخذ أحدث الوصفات في إنهاك المدنيين السودانيين.
في أكثر من مناسبة تساءلت عن مصير ملايين الأطنان من الاسلحة التي اشتراها أو صنعها جيشنا خلال العقود السبع الماضية وخاصة أننا لم ندخل في اي حرب أقليمية أو دولية لحماية أراضي بلادنا أو مصالحها العليا ( على التوالي). ببساطة إستخدمت من قبل قوات شعبنا المسلحة في تقطيع أوصال الأطفال والنساء والشيوخ والعجزة السودانيين.
(3) مع بزوغ فجر ديسمبر ؛ غفر شعبنا موبقات أبنائه في القوات المسلحة أملاً في غد أفضل.
لكن (عادت حليمة لعادتها القديمة) عندما تهور قائد الجيش عبدالفتاح البرهان بإنقلاب 25 أكتوبر المشؤوم.
ان يحتفظ السارق بالمسروق لأكثر من 55 سنة ؛ ذلك الإحتفاظ يعطيه الإنطباع بأن المسروق أصبح ملكاً له (بالتقادم).
هو ما يفسر تصريحات قادة الجيش في هذه الأيام.
الذي ظل غائباً عن قادة الجيش الوطني من الذين في دمائهم (جينات إنقلابية) ان الدولة المدنية التي ظل الناس ينادون بها ويقدمون أرواحهم في سبيلها؛ منظومة متكاملة والجيش الوطني والمؤسسة العسكرية أساس تلك المنظومة وفقاً للمهام الدستورية وليست بالمغامرات الانقلابية.
(4) برأيي المتواضع فإن أكثر الناس معرفة بنوايا قائد الجيش هو نائبه في انقلاب 25 أكتوبر وقائد قوات الدعم السريع.
الفريق أول محمد حمدان دقلو أكثر الناس إدراكاً لحجم جوع السلطة الذي يشعر به الاخ عبدالفتاح البرهان – ببساطة لأنهما تعشيا مع بعض.
مر حوالي عام على خيانة 25 أكتوبر وقائد الجيش مازال يبحث عن من يتبنى لقيط تهوره ولم يجد.
برغم ان اللعبة قد شارفت نهايتها إلا انه لا أمان مع السيد عبدالفتاح البرهان.
غدا سيطل براسه من حيث لا يتوقعه أحد .
للقوات المسلحة السودانية خبرة تراكمية في الحكم قاربت ست عقود من الزمان وهي فرصة لم تتسنى لغيرها. وتدير أكثر من نصف إقتصاد البلاد خارج المنظومة الإقتصادية للدولة والتي تحت ولاية وزارة المالية (اليتيمة).
كما لديها صحيفة سياسية ناطقة بإسمها؛ يرأسها أمهر رئيس تحرير وهو (النابغة والناشط السياسي) والعقيد ابراهيم الحوري.
لذا ندعوها وبكل طيب الخاطر ان تسجل حزب القوات المسلحة عند مسجل التنظيمات السياسية.
بذلك نحتكم مع الجيش الي صناديق الاقتراع بديلا لسماع بيان سرقة سلطة الشعب عبر المذياع !!.
من أجمل المقالات التي قرأتها على الراكوبة
كل التحايا لكاتبها
كلام جميل يا برقو
الأخوين الكريمين:
عبدالهادي عوض
محمد زكريا سعد
لكما التحية و الاحترام
شكرا على التعليق الايجابي في حقي المتواضع.
في الأصل نحن شركاء في كل كلمة تسهم في تقويم مسار بلادنا.