الذهب.. مورد تهدره السياسات

منذ مطلع الألفية الثانية اتجه السودان نحو التعدين بصورة كبيرة، فالبلاد تذخر بموارد معدنية ضخمة، لا تقل أهمية عن مواردها الطبيعية الأخرى. ونظراً للدور الذي يؤديه قطاع التعدين في دعم الاقتصاد الوطني كأحد أهم القطاعات من حيث خلق فرص متنوعة لقطاع عريض من المجتمعات وتنمية المناطق التي بها تلك الثروة لضمان استمرار النشاط التعديني لفترات طويلة ويساهم بشكل كبير في التطور الاقتصادي والاجتماعي.
إلا أن خبراء ومتخصين يرون أن القطاع يعاني من معوقات كثيرة تتمثل بعض جوانبها التقاطعات والتضاربات بين المركز والولايات، وتدخل الدولة بفرض رسوم علي شركات التعدين بخلاف الرسوم المنصوص عليها في العقود المبرمة مع وزارة المعادن.
وبحسب خبراء مختصين تحدثوا في ورشة اقتصاديات قطاع المعادن التي أقامتها الوزارة، الخميس، فإن المعوقات هذه قد تؤدي إلى كثير من الإشكالات التي تكبد الدولة خسائر مالية فادحة.
خروج من الصادر
كشف وكيل وزارة الطاقة والتعدين لقطاع المعادن د. محمد يحيى، عن إبعاد الوزارة عن سياسات صادر الذهب الأخيرة من قبل الآلية الاقتصادية، وقال إن مهمتهم أصبحت محصورة في تسليم الإنتاج إلى المصفاة الذهب فقط. وكشف أن صادر الذهب منذ سبتمبر 2019 وحتى أغسطس الحالي بلغ (32,4) طن.
إلغاء عقود
وكشف يحيى عن إلغاء وزارته لعقود ثلاث شركات خلال الأيام القادمة، بالإضافة إلى ثماني شركات تم إلغاؤها في يوليو الماضي.
وأعلن عن مراجعة كل الاتفاقيات المبرمة مع الشركات خلال الفترة الفائتة، ونوه إلى أن معظم الشركات التي تم إلغاء عقودها محلية.
كما أعلن يحيى عن عطاء لـ(75) من المربعات في سبتمبر المقبل، ولفت إلى أن اختيار الشركات سيتم بناءً على المقدرة الفنية والمالية للشركات، مشيراً إلى وجود عروض من شركات إماراتية بشأن الحد من استخدام الزئبق في عمليات إنتاج الذهب لها تجارب مماثلة في عدد من الدول حول السودان، وأردف: “من الصعوبة بمكان التخلص من استخدام الزئبق لجهة تهريبه من دول الجوار”.
إهدار الموارد
وطالب المستشار الجيولوجي بتخفيض الرسوم الحكومية في قطاع التعدين لتعظيم قيمة عائدات الدولة من الاستثمار الخارجية، بجانب على الدولة التأكد من أن النشاط التعديني يتم وفقاً للمعايير والضوابط المعتمدة، ولا يوجد إهدار لهذه الثروات سواء تم التعدين عن طريق الدولة نفسها أو عن طريق القطاع الخاص.
وحذر من استغلال الذهب دون التقيد باللوائح والقوانين، وقال إن الأمر يشكل إهداراً للموارد النفيس، إضافة إلى خطورة على صحة وسلامة الإنسان والحيوان والبيئة، عازياً ذلك لعدم وجود دراسات جدوى ولا إحصائيات حقيقية عن كميات الذهب الموجودة، وأشار إلى أن عدم التزام باللوائح والقوانين يؤدي إلى تهريب الذهب.
وطالب أبو القاسم بالتوقيع على اتفاقية ميناماتا للاستفادة من الدعم المتاح، بجانب منع نقل المخلفات والحجر بين الولايات والعمل على تجفيفها تدريجياً وإحكام الرقابة على الأسواق في الوقت الحالي منع الشركات الأجنبية من العمل في المخلفات، وتنظيم المعدنين في تعاونيات أو شركات جغرافيّاً.
وأوصي في ورقته بعنوان “السياسية المعدنية”، بتشكيل لجان متخصصة لمراجعة ووضع مقترحات إصلاح وتطوير التشريعات في مجال التعدين، خاصة اللوائح الصادرة بموجب قانون تنمية الثروة المعدنية لسنة 2015م، لتعظيم نصيب الحكومة في كل اتفاقيات وعقود التعدين وذلك بتفعيل مساهمة ومشاركة الحكومة في شركات الإنتاج والتمثيل المناسب لها في مجالس إداراتها واجتماعاتها العامة والوظائف الإدارية والتنفيذية فيها، بجانب إدراج أعمال التعدين في موارد الدخل القومي أسوة بالبترول لأنه يعول عليها في الاقتصاد لتفادي التعارض بين السلطات والاختصاصات القومية والولائية.
مهدد للدولة
من جانبه قال الخبير الاقتصادي، أشرف مأمون، إن الوضع الاقتصادي الحالي مهدد حقيقي لوجود الدولة، مشيراً إلى وجود مقاطعات وتضارب من جهات مختلفة، إضافة إلى استهداف من دول مجاورة، فيما يتعلق بتهريب الذهب، الأمر الذي اعتبره مأمون السبب الرئيس فيما ما وصلت إلى البلاد حالياً، مطالباً بتسخير إمكانيات الشركات الأجنبية لانتشال البلاد من الهاوية الحالية، بجانب تشديد الرقابة والمتابعة على إنتاج الذهب من خلال تطبيق القوانين المنظمة، وأضاف أن عدم وجود رقابة على مصروفات تشغيل الشركات في بداية الإنتاج وراء فقدان للدولة لعائداتها ضخمة من الذهب.
رفع الإنتاج
ودعا لرفع الإنتاج الحكومي من الذهب دون التقليل من دور القطاع الخاص وجعل الكفة متوازنة بين القطاعين، بجانب ضرورة مراجعة الاتفاقيات والأخطاء والتجاوزات بشرط ألا تكون منفرة، لجهة أنها حق الدولة، إضافة إلى تقنين التعدين العشوائي بدون أن يظلم، مبدياً استغرابه لقطاع التعدين التقليدي الذي يفوق إنتاجه 80% في نفس الوقت إيراداته لا تجاوز 15% من إجمالي إيرادات الذهب، وأرجع ذلك إلى شراء الذهب من المنتجين التقليدي بأسعار وصفها بالمجحفة، لا سيما وأنهم يبذلون جزء كبيراً من طاقتهم، وقال إن أكبر مشكلات التعدين التقليدي الشراء المجفف للمنتجين، خاصة وأن يبذلون جزءاً كبيراً من صحتهم، داعياً لفرض الدولة سيطرتها على التعدين التقليدي بكل أشكاله.
ارتفاع الدولار
وانتقد سياسات صادر الذهب المعلنة من قبل بنك السودان، وقال إن هناك تجاوزاً للعوائد المستفادة بواسطة شركة مصفاة الخرطوم وزيادة الطلب على النقد الأجنبي، مما انعكس سلباً على زيادة معدلات التضخم، وخلق مضاربات غير منطقية في شراء الذهب وإتاحة وسيلة سريعة لغسل الأموال وإخراجها من البلاد، وفقدان الدولة لحصائل الصادر وعدم تحكمها في استخدامها. واقترح مأمون حلولاً بإنشاء بورصة للذهب والمعادن للتداول المحلي فقط لتحقيق عوائد مجزية تشجع على منع التهريب لمرور كل إنتاج الذهب عبر شركة مصفاة الخرطوم، وخلق الآلية والسياسات المناسبة التي تتيح للدولة أن تصبح المُصدّر الوحيد للذهب، وضبط استخدام حصائل الصادر بواسطة وزارة التجارة لترشيد الاستيراد، ووضع السياسات التي تمنع المضاربة في تجارة الذهب والحد من دخول السماسرة.
سلعة سيادية
وأوصي مأمون في ورقته بعنوان “الرؤية الاقتصادية”، بالتعامل مع الذهب كسلعة سيادية ويقصر تصديره على الدولة فقط، لتوفير الدعم المباشر للعملة المحلية، بجانب مراجعة سياسات البنك المركزي للمساعدة في استقطاب إنتاج الدول المجاورة من الذهب، فضلاً عن استخدام الذهب كاحتياطي وضمان يتحصل بموجبه السودان على خطوط تمويل لتوفير الاحتياجات الأساسية حسب أولويات الدولة.
كما أوصى بالعمل على أن تكون المصفاة معتمدة دولياً وأن تكون الجهة الوحيدة لتصفية الذهب وإصدار شهادات الصادر وإلزام الشركات برفع تأكيد احتياطاتها من الذهب بالصورة المثلى المتبعة عالمياً، إضافة إلى تقييد بيع ونقل الذهب السوداني باتفاقيات إقليمية وعالمية بواسطة اعتماد شهادات الصادر الموثقة من الخارجية السودانية وسفارة الدولة المعنية بالسودان وتجريم شراء الذهب عالمياً إذا لم تتبع هذه الإجراءات، وآخر دراسة إمكانية قبول الذهب كجزء من الاحتياطي النقدي للمصارف التجارية، وقبول الذهب من العملاء كضمان للتمويل، قبول الذهب كودائع استثمارية للشركات والأفراد.
استلموا بالدولار كشرط اساسي لكل الصادر وذهب الزينة يحدد افتحوا وزن ذهب في المطار عديل كدا لانهم بيعربوا كدا في مراءة تتزين بتمن بيت في المطار