أخبار السودان

حكاية كوبر الأخرى ..!!

منى عبد الفتاح

كانت بدائية الإنسان قبل بزوغ أول خيط من إشعاع الحضارة الإنسانية تبيح له أن يفعل ما يراه بشأن الأسرى إذ كان مصيرهم أن يذبحوا أو يقدّموا قرابين للآلهة. ثم ذهب التفكير السلطوي الوحشي إلى أكثر من ذلك بأن حلّ استرقاقهم، فقد عذبت الفرس والإغريق ونكّلت بالأسرى وعرضتهم للتعذيب والصلب والقتل. ثم تطورت فكرة الإهانة والانتشاء بإذلال الآخر الضعيف فكان الرومان يستخدمون الأسرى كوسائل للتسلية والترفيه فقد كانوا يضعونهم في أقفاص مغلقة مع الحيوانات المفترسة ويستمتع الوزراء والأمراء بمشاهدتها وهي تفترسهم.

هذا تاريخ لا إنساني ظلامي ولّى بتحضر الإنسان وارتفاعه عن بدائيته وخلقه الحيواني الشره لمظاهر القتل والتعذيب، ولكن ما لنا نعود الآن من حيث ابتدأت الإنسانية. في هذه الألفية التي شهدت صراعات حقوقية مريرة من أجل الوصول إلى قوانين ومعاهدات تحفظ للإنسان كرامته وإنسانيته وحقوقه، نجد أنّ مدير عام السجون يتوعد المضربين عن الطعام من أسرى قوات العدل والمساواة الذين تم الإمساك بهم عقب غزوة أمدرمان 2008م، بالتصفية الجسدية إذا لم يعدلوا عن إضرابهم.
خمسون روحاً في سجن كوبر يتم التهديد بإزهاقها بالإضافة إلى عبد العزيز عشر الأخ غير الشقيق لرئيس حركة العدل والمساواة، هذا غير العدد الكبير في السجون الأخرى التي دخلت في الإضراب عن الطعام تضامناً معهم . يبدو أن لا وقت لدى إدارة السجون لتقف على دواعي هذا الإضراب، لتنقله للرأي العام في صيغة تبرير أو تكذيب لما تم نشره في بيان حركة العدل والمساواة من تفاصيل لمعاملة غير لائقة تتم بحق هؤلاء المساجين. وهذه التفاصيل لم نسمع بها إلا في قصص التعذيب في بيوت الأشباح في سنّي الإنقاذ الأولى والتي نفاها وزير الإعلام أحمد بلال مؤخراً وذلك لأنّه نسي أو تناسى كيف انتقل من زنزانته في ذات السجن إلى فنادق المعارضة بالخارج ثم عاد الآن ليحمل حقيبة وزارة الإعلام في نفس الحكومة التي نكّلت به وبصحبه.

أين خلق هؤلاء من احترام المعاهدات الدولية التي تحظر تعذيب أسرى الحرب ، بل أين هي من خلق نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم الذي أوصى أصحابه بعد معركة بدر بمعاملة أسرى المشركين معاملة حسنة ، وقال لهم : ” استوصوا بالأسارى خيراً “. وبهذه التوصية النبوية الكريمة جاء قول الله تعالى: ” وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً “.(الإنسان:8). ثم أين هم من امتثال الصحابة لوصية رسول الله حين ضربوا أروع الأمثال في معاملة الأسرى. قال أبو العاص بن الربيع : ” كنت في رهط من الأنصار جزاهم الله خيراً، كنا إذا تعشينا أو تغدينا آثروني بالخبز وأكلوا التمر، والخبز معهم قليل، والتمر زادهم، حتى إنّ الرجل لتقع في يده كسرة فيدفعها إليّ ” . وكان الوليد بن الوليد بن المغيرة يقول مثل ذلك ويزيد قوله: ” وكانوا يحملوننا ويمشون “.
ثم رأينا كيف كانت نتيجة تلك المعاملة حين عاد أولئك الأسرى إلى مكة وكل حديثهم عن كرم أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وعن محبته وسماحته.وكيف تركت هذه المعاملة الحسنة أثرها في قلوب أولئك الأسرى ، فأسلم كثير منهم.
أما حكاية سجن كوبر هذه فحكاية أخرى، هذا الحصن الحصين الذي تُزلزل بعض قوته ليهرب منه قتلة الديبلوماسي الأمريكي جون مايكل غرانفيل وسائقه السوداني عبد الرحمن عباس ، بينما يبحث فيه أسرى الحرب عن نسمة هواء وليس تمر ولا خبز .

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. جزاك الله خيرا فقد اوفيتى استاذة منى ولازم تعرفى انو الهروب المدبر لقتلة غرانفيل كان بعلم الاجهزة الامنية وبتدبير منهموحكاية حفر نفق بطول 600 متر من قبل اؤلئك الصبية مجرد هراء اما اسرى العدل والمساواة فاصلا تحت حراسة مشددة ومعاملة غير لائقة منذ البداية لاسباب لا اريد ذكرها هنا وقد يعلمها الجميع ولك الشكر والاحترام

  2. يا بت عبد الفتاح فتح الله عليك ولمعلوميتك وكذلك الجميع قتلة غرانفيل وسائقه السودانى استعان بهم خال الرئيس زعيم منبر الفتنة النكرة خبيث مصطفى وكان الغرض من العملية ارسال رسالة للغرب والامريكان ان القاعدة اضحى لديها موطىء قدم فى ارض السودان ووقتذاك كان اوكامبو دفع بمذكرته لاعضاء محكمة الجنايات الدولية طالبا استصدار امر قبض للرئيس الرقاص ولتاكيد صدقية هذه المعلومة فقد اصدرت المحكمة قرارها فى اوائل فبراير 2009 بينما تم اغتيال غرانفيل فى ليلة راس السنة بتاريخ 31/12/2008 فهذا العمل الاجرامى البغيض قصدت عصابة الرقاص ان تستبق به قرار المحكمة ظنا منها ان هذا العمل الارهابى سيخيف الغرب واعضاء المحكمة فهذه هى العقلية الموغلة فى الغباء والعته السياسى الذى تدار به الامور فى بلدنا المنكوب ودليل اخر على هذه العقلية الامنية غير الذكية هى الخطة الفاشلة لتهريب طائرة الرقاص عبر الاجواء السعودية فقل لى بربك اذا كانت هذه الحكومة تحترم نفسها ورئيسها الم يكن الاجدر بها محاكمة المسئولين عن هذه الفضيحة ان كانت فعلا القضية هى تقصير من سلطات الطيران المدنى ونخشى ان ينبرى احد افراد العصابة ويعزى ما حدث من فضيحة مدوية كان بسبب استهداف دول البغى والاستكبار للمشروع الحضارى الرسالى ولكن العصابة كعادتها تلعق كل صباح مرارات الخزى والندامة والحرج بسبب طيشها وافعالها الصبيانية واعمالها الاجرامية التى لاتشبه تصرفات الحكومات التى تحترم نفسها وشعوبها.

  3. هذه البقعة من الارض أزهقت فيها أرواح باسم العدالة حقا و جورا أحيانا كثيرة مثل روح الشهيد محمود محمد طه و مجدي محجوب محمد احمد في حفنة دولارات ورثة و غيرهم من أخطاء العدالة المرأية و غير المرأية و هي بقعة ارض في موقع استراتيجي تطل على النيل الازرق و يعلوها مسار جوي لمطار الخرطوم و لقاعدة الخرطوم الجوية كما انه اصبح اي الموقع يطل على شارع رئيسي يربط كل مناطق شرق النيل و كافوري و حلة كوكو و الحاج يوسف و كوبر بمناطق العاصمة الاخرى فلماذا لا يتم ترحيل هذا المبنى العجوز و يتم ترحيل كل القيادات العسكرية المجاورة و إنشاء دور إصلاح بالوسائل الحديثة في مناطق بعيدة عن المناطق السكنية و إلغاء السجون السياسية الى الابد و لا أرى أن أرض السجن تصلح لشئ غير ان تنشأ عليها حدائق عامة عسى أن تنسى الاجيال القادمة ما بها من ذكريات الامة المؤلمة و قد تملأ ضحكات الاطفال و قهقهات النساء جنبات المكان يوما ما .. لكن بالنسبة للموضوع فأنا لا أزيد على ما ذهبت اليه المعاملة الانسانية التي تنطلق من فهمنا لديننا الحنيف و التي يفترض ان تكون مضربا للمثل العليا بين الاممهي المطلب …لكن الا تعتقدين أن الشعب كله أسير!!

  4. الكيزان وافعالهم المنكرة وفقاً لفكرهم المنحرف لا يقاس بأفعل وتصرفات البشر ولا يستقيم محاججتهم بالكتاب والسنة فهم قد تركوا الكتاب والسنة واتبعوا اهوائهم في كل ضروب الحياة فقد اصبحو آلهة في الارض وقسموا الدنيا الي دار كفر ودار كيزان وفق هواهم .

  5. انا شخصيا مابصدق القصص والحكاوي البقولوها عن سجن كوبر وبالمنطق لو ان السجن بهذه الدرجة من الضبط والربط لما فر منه احد ولو في حجم نملة

  6. اختي الكريمة الي وقت قريب كانت هنالك شخصية سودانية معروفة لها خصائص وسمات وسلوك معروف لا تنحني للمال ولا لاصحاب المال يتعامل مع رؤسائه في العمل بالاحترام المتابدل لا بالتملق وكسب الود بالنميمة وسلوك غريب علينا نحن السودانيين وقد كنا نلاحظها في بعض شعوب المنطقة . في الماضي القريب لم اسمع ان احدا يتزوج فتاة من اجل المال ولكن الان عندما يحدثك صديق عن رغبته في الزواج ربما اول كلمة ينطقها من دون استيحاء انها تسكن في الحي الفلاني وان والدها كذا ومرطبة الي اخره………………
    الاخوة قراء الراكوبة هذه الشخصية السودانية المعروفة عبر التاريخ بالشهامة و بالكرم والكسب الحلال والامانة لم يعد موجودا الان وحل محلها جيل لا يفهم الا المصلحة وانا بصراحة وبكل امانة لم اسمع كلمة مصلحة في اللغة السودانية الا قبل عشرة او 15 سنة (يعني مصلحتك شنو? يا زول شوف مصلحتك وبس، في مصلحة والله لا في كدة).
    جيل يري في نهب الممتلكات العامة دردحة وفي الكذب واللف والدوران تفتيحة وفي الصادق الامين دقسة او داقس. نري اشخاص في المناسبات العامة لا احد يعرف مصدر اموالهم بل موظفين في مؤسسات الدولة تجد العشرات يلتفون حولهم ويكنون لهم الاحترام رغم انه علي علم تام ان قصره وسيارته تعادل راتب مجلس الوزراء باكمله لمدة عشرة سنوات او اكثر ويا اختي اي استدلال بالدين فقد قيمته لانه قديما قيل ليس بعد الكفر ذنب وما اسهل الاستدلال بالايات والاحاديث ختان البنات واجبة وزيارة الرئيس لمؤتمر ما حرمه هيئة علماء البشير وذات الهيئة كفر الحزب الشيوعي ومن يسوط له في موسم الانتخابات والقذافي كان له مفتي و بشار الاسد له مفتي من السنة وليس من الشيعة ويري في بشار اماما للمسلمين ومنقذ للامة الاسلامية والعربية من الغزو الصهيوني
    وانا يا اختي استدل لك بصحيح القول قال رئيس وزراء اسرائيل الاسبق شارون نحن نعيش وسط امة ثقافتها الكذب وضج العرب وغيرهم ولكنه اصيب الحقيقة بعينه
    انا اعتقد ان 80% منا اذا حدث يكذب واذا وعد يخلف و50% منااذا اؤتمن يخون والباقي ربما خوفا من العار او العقوبة واشك انها خوفا من الله
    وانا اقول للجميع لو لم نتحدث عن مشاكلنا علنا ونعترف ونقر به لم نصل الي الحلول وان لا انسي ان الشيخ عصام البشير ادان الانقلاب في مصر وان الانقلابي يجلس في الصف الاول في ذات المسجد وعلي بعد مترين
    يا اخوتي النفاق هو السائد وان المنافقين في الدرك الاسفل من النار وانا اتوقع اي شيء في سودان اليوم الاغتصاب في السجون والتعذيب لان احد المنسوبين في جهاز الامن قال لي بالحرف الواحد انهم تلقو تعليمات ايام المظاهرات بقتل اي متظاهر ورميه في البحر ثم النكران

  7. الاخ الكريم د/ نادر لا اسكت الله لك حسا ولا قلما ولا فكرا ولا وعيا لقد اصبت عين الحقيقة في ردك على مقال الاخت الكريمة فماذكرته الاخت الكريمة ليس بالشئ الجديد او المخفي او الدخيل علينا وماخفيى اعظم ولست انا الان في مقام من يسرد الاحداث او لان المقال شدني بمافيه من احداث وحقائق فمافيه ليس بالجديد ولكن وبكل صراحه شدني رد الاخ الكريم د/ نادر فما قاله دليل على نضوجه الفكري ومصداقيته التامه في ترجمة مايدور الان في السودان فلك مني كل التحيه اخي العزيز فنحن اليوم اذ نفتقد نفتقد الى امثالك من من يدركون ماحولهم من احداث وترجمتها الى ماهو معنى بها وبكل مصداقية والعمل الجاد على الوقف عليها لا الى من يعيد علينا حياتنا اليومية …………..

  8. ما يسمى بالمؤسسة الأمنية في الدولة السودانية (الجيش، الشرطة وجهاز الأمن)، التي ظل يسيطر عليها أبناء أقلية الجلابة من القبائل الثلاثة (جعلي، شايقي، دنقلاي) بصورة شبه حصرية، خاصة مراكز القيادة ومواقع اتخاذ القرار والرتب العليا والمتوسطة ومنذ خروج المستعمر البريطاني في 1956 م. حيث يعتبر الجيش السوداني، هو الجيش الوحيد في العالم الذي لم يعتاد الاحتفاظ بأسرى الحروب، حيث فشل هذا الجيش وعلى مدار نصف قرن من الحروب المستمرة في تقديم اسير واحد ليسجل في مضابط الأمم المتحدة كمثال لحالة تبادل أسرى مع خصومه، وطوال تاريخه المليء بالانتهاكات الجسيمة والتصفيات خارج القانون.

    وبالتالي فأن هذا الجيش ظل يفتقر لأبسط مقومات ثقافة معاملة أسرى الحرب، كما أن معظم قادته يجهلون القوانين والأعراف الدولية في مجال حقوق الانسان ومعاملة الأسرى، ربما لعدم أحتواء قوانينه ومناهج تدريبه على هكذا قوانين. حيث أعتاد القادة الجلابة، سوى كانوا سياسيين أو عسكريين تصفية خصومهم في ميادين المعركة وذلك حسب شعارهم المتوارث (أمسح ، أكسح ، قشو ، ما تجيبو حي ، ما دايرين تكاليف إدارية).

    لذلك فأن الساسيين والعسكريين الجلابة مهما حاولوا تحسين صورتهم أمام الرأي العام العالمي ومنظمات حقوق الأنسان، سرعان ما تفضحهم عاداتهم المتوارثة وعدم مقدرتهم على كبح جماح رغبتهم العارمة في تصفية خصومهم من الأسرى.

    عليه فأن المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الانسان الدولية وجميع أحرار العالم، مطالبين بتدخل أكثر قوة وحزم لردع نظام الفصل العنصري لأقلية الجلابة الحاكم في السودان (جغماس 1956 وحتى تاريخه Jallabah Minority Governing Apartheid System (Jagmas 1956 ? Up to date)، وإلزامه بأحترام كافة المعاهدات والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الأسرى والمدنيين أثناء الحرب.

    منقول

  9. كيف يقتنعوا بآدمية الاسرى، قبل ان يقتنعوا بحقوقهم!!..اذا كان مدير السجن يهددهم بالقتل متفاخراً بعدم مساءلته وكأنه يعبر عن رغبة النظام فى التخلص منهم..

  10. مني أبو زيد، كثيرا ما استثقلت كتاباتك، واليوم فقط تمكنت من قراءتك حتي الكمال، وجدتك واضحة وكاملة في تبيان والدفاع عن فكرتك، وجدتك واضحة فواصلت الوضوح فهو ما ينفعك وينفع الناس، وشكرا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..