خورطقت النغم الشجي واللحن الذي لا يمل

خورطقت النغم الشجي واللحن الذي لا يمل
محمد عثمان محمد جبرالله
[email protected]
خور طقت الفيحاء أمنا الرءوم , مجدنا التليد , حلمنا الموءود , و فرحتنا التي لم تكتمل. والتي كم رفعنا شعار ( سنعيدها سيرتها الأولى) وليتنا نفعل .
خور طقت أيتها الغانية من أين لك هذا الألق ؟ من أين لك بهذا السحر ؟ من أين لك هذه الجاذبية ؟ حقيقة أن لكي تأثير بالغ ولكي جاذبية تفوق الجاذبية الأرضية . لأن جاذبيتك تتحدي الزمان والمكان . فعشاقك من كل الأعمار، من كل الأجناس و على اختلاف اللهجات والسحنات . فقد كنت الوعاء الجامع والبوتقة التي ذابت فيها كل العناصر وصارت نسيجا واحدا زاهي الألوان زاده إختلاف ألواننا حسنا على حسن فصارت كسجادة أعجمية تداخلت فيها الألوان والخيوط مما جعلها لوحة زاهية تسحق أن تزين بها غرف الملوك والأمراء . وأجمل ما في مجتمع طقت أنه لا يتعامل مع النعرات القبلية بتاتا , فكانت بنود التعارف المتفق عليه هي إسمك ومدينتك والمدرسة التي أتيت منها فكنا نعرف أن هؤلاء أولاد الدلنج وهؤلاء أولاد الرهد ..
وإني لجد مستغرب من أن حبك لا يخبو أبدا , وألقك لا ينتهي أبدا , فجميع عشاقك يودعونك بالدموع بيد أنهم منتقلون لما هو أعلى منك ومرتحلون لما كانوا يسهرون ليالي الشتاء الطويلة لتحقيقه .
لقد كنا الدفعة التي أعقبت الإحتفال باليوبيل الفضي مباشرة.وليتكم تعلمون كم كان إنبهارنا بما كان يحكى لنا من زملائنا عن أحداث اليوبيل الفضي . وأن كيف قام الخريجون بتغيير جميع معدات المدرسة ، وأن هذه الأكواب المصنعة من الميلامين وعليها شعار المدرسة ، وهذه الصحون والطاسات كلها من خيرات اليوبيل الفضي . بل تم صرف ردائين وقميصين بالمقاس لكل طالب , وتم تغيير جميع السرائر .
لقد وصفوا لنا مشاركة الخريجين الأوائل في الإحتفال باليوبيل الفضي. كيف ناموا في الداخليات وكيف شاركوهم تناول الطعام في الصفرة وكيف إستعادوا ذكرياتهم من مرح ولعب ،ورجعوا طلابا أشقياء ، قاموا بإعادة الشريط كاملا . وهم الكبار في كل شيء سنا ومكانة وشأنا , كيف لا ومنهم خريجي أول دفعة ومنهم المهندس والمدير والطبيب والتاجر, وبمعنى آخر فهم أكبر من أن يعيشوا حياة الداخلية الصعبة ، يأكلون معنا الفول والعدس وطبيخ البامية القرون بالرغيف . ولذلك كنا نستمع لهم بشف ومتعة بالغة ونسأل بعض الأسئلة الساذجة. معقول دكتور فلان كان معاهم ؟؟؟ والمهندس علان نام في سريري دا ذاتو ،وعمك فلان لعب كرة السلة ؟؟؟ كنا نستغرب ونتعجب من شغفهم بخور طقت ولم ندر أنها تأسر كل من تطاول ودخل من بوابتها العريقة العريضة والتي لا يدخلها إلا المميزون. بل وما يزال من بقي منهم على قيد الحياة متيما ومفتونا بحبها والذي لم تستطع جميع المحطات الأخرى من إزاحته .وها نحن نقع في نفس الكلبشات ونحن الذين كنا نعتقد بأنها سوف تكون مثل كل المحطات السابقة خصوصا إننا تخطينا المرحلتين السابقتين بسلام ولم نحتفظ منهما إلا بالقليل من المواقف الهزلية أو المضحكة وأحيانا شر البلية ما يضحك . وكما يقال في المثل السوداني { كان الكرامة فأتتك إتمرمغ في ترابها ) وها نحن قد تمرمغنا في تراب اليوبيل الفضي . وقد عرفنا بأن اليوبيل الذهبى بعد ربع قرن إن شاء الله ، وبحساباتنا البسيطة رأينا أن هذا لجد بعيد ولكن لو ربنا مد في العمر سوف نأتي مع الخريجين هذا لو فضينا أو سمحت ظروفنا بذلك . لأننا لم نكن ندري بأن العدوى سوف تمتد إلينا ونكون من الأسرى ونكون من العشاق .وكانت أهم ما فاتنا في ذلك الأحتفال هو الليلة الساهرة الكبرى والتي تغنى فيها لفيف من فناني كردفان وأجمل ما فيها تلك الوصلة التي قدمها تيمان الدونكي وتغنوا فيها بالرائعة التي نذكر منها :
بين المدارس أنت الأميرة
فرص النجاح أمامنا وفيرة
لي طقت أمانينا الكثيرة
وكم حكي لي الأخ مكي محمود والذي كان ملح تلك الأمسية حيث أدى فاصلا غنائيا رائعا أبدع فيه أي ما إبداع, كيف لا وهو الذي يملك صوتا شجيا ويعتبر من أجمل الأصوات التي مرت على خورطقت حتى لقب بابن البادية ،وبهذه المناسبة أهنئه بالحصول على درجة البكالوريوس في القانون . ولقد كان الأخ مكي معنا في داخلية دقنة وكنا نتحصل في ليالي الداخليات على الدرجة الكاملة في فقرة الغناء الحديث . (فكما دوام الحال من المحال فقد ترك الأخ مكي مجال الفن تماما رغم تمكنه في هذا المجال )وعلى ذكر ليالي الداخليات فقد حدثت لنا حادثة طريفة جدا, فكما هو معلوم فإن جدول الليالي يعد قبل فترة كافية لتعرف أي داخلية ميعاد ليلتها .وعادة ما يكون الإستعداد في منتهي السرية
حتي لا تتسرب مواد الليلة ويذاع سر الليلة وتفقد بريقها عند التقديم . وخاصة المسرحية الرئيسية تعامل كالعروس , يجب أن تحجب من الجميع حتى أفراد الداخلية الغير مشتركين لا يعلمون عنها شيئا إلا في عرض البروفة الأخير .وفي تلك السنة وفي الميعاد المحدد بدأنا التجهيزات المطلوبة وأولها وأهما المسرحية الأساسية لأنها تحتاج لحفظ وإخراج وإعداد, فلذلك إخترنا مسرحيتنا الأساسية بعناية تامة وبدأنا البروفات بسرية تامة وجودناها تماما . .وكانت مسرحية جميلة وكنا مسرورين جدا بتلك المسرحية وكنا متفائلين بأننا سوف نحرز بها درجة عالية ،
وتتكون الليلة من مسرحية أساسية واحدة وهزلية وفولكور وتراث شعبي وغناء شعبي وغناء حديث ومنوعات مختلفة بحيث لا تزيد مدة العرض عن ساعة ونصف. ولكل جزء من الحفل درجة محددة ترصدها لجنة التحكيم المناط بها تحكيم الليلة .وتقريبا كنا قد أكملنا استعدادنا لتلك الليلة . وكانت داخلية ود تكتوك قبلنا مباشرة في الترتيب وجاءت ليلة ودتكتوك لنفاجأ بأن مسرحيتنا المصون والمحفوظة نصا وإخراجا وإعداد هي بشحمها ولحمها تعرض أمامنا ،فانهارت أمالنا وتبددت أحلامنا وكما يقال في المثل( الضحك شرطنا) فاضطررنا لعمل ورشة عمل مستعجلة للخروج من هذه الورطة .وفعلا كونت ورشة العمل من الزملاء الأعزاء المهندس المليح البشير من عنبر فور والأخ إبراهيم عبدا لودود كرداوي من عنبر سكس وشخصي الضعيف من عنبر فور لعمل أي شيء وفعلا بدأنا في تعديل مسرحية أمدنا بها الزميل بشير فرح بريمة من عنبر فايف . فبدأنا في معالجتها إلي أن أنقذنا الزميل محمد النور جبريل وكان رئيس الداخلية بمسرحية من تأليف الكاتب محمد مفتاح الفيتوري , وكانت بعنوان أحزان أفريقيا ، وكانت قد قدمها طلاب الأبيض الصناعية بقيادة الطالب الدقوني والذي ساعدنا كثيرا في إخراجها . وفعلا قد كانت مسرحية رائعة قدمناها بصورة رائعة . أنستنا مسرحيتنا المنهوبة بواسطة ودتكتوك . وعلمتنا ألا نبكي علي اللبن المسكوب .وكان المفروض أن نحرز بها المرتبة الأولى ولكن للأسف منحونا المركز الثاني .
وكما ذكرت لكم عندما تحسرنا على فوات الإحتفال باليوبيل الفضي ,خففوا علينا وواسونا بأن اليوبيل الذهبي علي الأبواب وسوف يأتي بعد ربع قرن إن شاء الله وبرغم استبعادنا لذلك التأريخ ,إلا أنه قد أتى . وفعلا صدق من قال إن غدا لناظره قريب فهاهو الموعد يحل ولكن أين طقت ؟ أين منارة الغرب ؟ أين منجم الرجال أين منبع العلم ؟؟؟
فهاهي الضمائر الميتة , والأحاسيس المتبلدة ، والأيدي العابثة تمتد وبدون أدنى حياء لتجتث صرحا شامخا وإرثا قيما وجزءا مهما من تأريخ السودان . امتدت تلك الأيادي الآثمة وفي ليلة ظلماء لم يطلع فيها بدر لاقتلاع ذلك الشموخ وتلك الأبهة خور طقت.
في نفس الليلة وكما يفعل الغزاة الهمجيين عندما يدخلون العواصم المنيرة صاحوا في الطلاب أن أخرجوا وليحمل كل منكم ما خف حمله ولا يلتفت للخلف وليذهب لأي مدرسة يختارها . والغريب في الأمر كان ذلك في شهر يناير وهو تأريخ ميلاد خورطقت .
طيب لا مانع ولكن دعونا نكمل العام ولم يبق منه إلا شهرين , لا بل الآن !!! وفعلا تمت المؤامرة الدنيئة والتي سوف يلاحقهم عارها وخزيها أبد الآبدين . ولك العتبى حتى ترضى أبننا حمد محمد حمد فلقد أشتد بك الغيظ ورفضت استبدال منارة الغرب أميرة المدارس بأي مدرسة في السودان ,وفضلت حمل ما خف من متاعك وتوجهت لقريتك رأسا وصرت تاجر خضار فليبارك لك الله في رزقك وليعوضك الله خيرا وليؤجرك في مصيبة خيرا . فعلا إنها مصيبة .
لو خلينا خورطقت وحنتوب حتى الان كمدارس ثانوية يا اهلنا الغرابة و" ياناس العوض" لتخرج الالاف من الجامعات وشكلوا حائط قوي وخطير ضد وجـودنا ، وكما قال أخـونا د. الجاز لعثمان مرغني في فطور شهر رمضان الاخير " نحنا من ساعة جينا مدورنها بنفس واحد" ،
لن نفرض في وجودنا والقلم في يدنـــــــــــــــا ، فهل فهمتم يا……………؟
كلامك صاح يا اخوى هى العنصرية بذاتها والتى لم نفهما حتى الان.
من نقطة فيحاء في افريقيا البلد العتيق —– من طقت الكبري ساهتف معلنا هذا النشيد
هذا النشيد الحلو رمز للسلام للحلود
هذه كانت انشودة الزمن الجميل في خور طقت وقد حدا بها علي عهدنا عالم اليوم الاخ ابراهيم محمد صالح كدام ان لم تخني الذاكرة واذكر ان الناس تفاعلوا ايجابا مع عدم تجفيف خور طقت وكان ذلك في كل الاتجاهات ولما كنا في الغربة بعثني اخوتي من رابطة دعم جامعة كردفان بما جادت به الانفس وحملوني رسالة تقطر اسا ومرارة علي طقت الفيحاء وابدوا استعدادهم لان يساهموا في اعادتها او يكونوا راس رمح في ذلك وبعد مقابلتي للاخ الدكتور التاج فضل الله ونائبه حمدت الله اكرموا وفادتي وهيؤوا لي لقاءا في منزل الاخ حمدت الله مع بعض من وزراء الحكومة وكان منهم الاخ عبد الوهاب حسن حسين الوزير المختص يومها وقدمت ادارة الجامعة للموضوع والذي كانوا هم من المتحمسين اليه لسعة علمهم وبعد نظرهم وان المدرسة كانت هي الفرصة الوحيدة المهياة لالتقاط النوابغ من بوادي كردفان لاكمال تعليمهم في مدرسة يهيأ فيها المعلم والاكل والسكن وحقيقة لم تقم للتعليم قائمة في كردفان منذ ان جففت طقت ويومها انبري للامر الوزير عبد الوهاب قائلا انه حقيقة من نفذ القرار لكنه لم يتخذه وقال بالنص كما تحمل مذكرتي انا لا اود ان يحملني التاريخ وزر هذا الامر ويومها كانت الانقاذ في عنفوانها لا تراجع ولا تتراجع ومضت حور طقت في ذاكرة الزمن الجميل حلم اثر الهوي ان يطيله ومازال عشاقها يبكون علي اطلالها ومالكردفان الا الصبر الجميل لانها ما اعتادت ان توثق رباط ابنائها علي حشاها حتي يكونوا جزءا من وجدانها فان وجدوا اكلا اطعموها وان وجدوا منصبا خصوهاوللاسف ان بعضهم الان ينكر ها لا لشئ الا ان سياسة اليوم تمقت كل ما هو غرب اما المتنفذين علي انصبة اهلها من السلطة فاليهم هذه القصة جمعتني بعد الغربة ظروف العمل مع مدير اجسبه اما شيوعي او ينتمي لناس محمود محمد طه وعند الانتحابات احذت منه اذنا لان ابناء المنطقة يريدون ان تمر الانتحابات بوفاق دون ان يتقاتل الناس ويموتوا في لا شئ فقال لي ماذا قدم لكم نائبكم فقلت له ربما شئ من العصيدة والملاح لمن يزوره من حيرانه فقال ان نائبنا قدم لنا 120 شئ من طريق ظلط لمدارس لمستشفيات لخلافه وكلها عبارة عن اعمال من شركات هو رئيس مجلس ادارتها او تسهيلات لمصالح متبادله فوجدت نفسي لا استطيع الا ان امنحه صوتي واصمت اما احوتنا الذين لا نري لهم سندا بين لكردفان فاليظلوا علي قوميتهم وانلا يستجيبوا لهذا الاستغفال الذي عمر ديار الغير وخرب ديارهم فان التاريخ يمكن ان يعيد نفسه فيكسر الناس صوب كردفان ويومها لا ينفع الندم لاعتادمضت
شوف ناس العوض واهل كرفادن الغره ام خيرا جوه وبرا، قادمون طبعا العنصرية بتاعت ناس الحكومة واضحة وما الكتاب الاسود ببعيد ، الآن عملوا جرتق وزيرة مالية من دارفور مع وزير العدل غير بشير عمر فضل الله كل وزراء المالية من الخرطوم حتي حلفا تخيل ما مامون بحيري خليط من الجزيرة والخرطوم. المدارس القومية كانت شجره ظليلة لكل السودان لان اولاد المنطقة المحدده كانوا اكثر ونوابغ لكن اهـ من لكن جاء المغول وتتار العصر وتجار الدين ، الله لايبارك فيهم.
ليلة ساهرة بمسرح خور طقت
في شتاء 1978م وفي بقعة فيحاء في أفريقيا البلد العتيد وعلى خشبة مسرح مدرسة خور طقت الفيحاء ومن ربوع داخلية دقنة الجسور كما يحلو لنا أن نسميها ، جرت وقائع هذه السهرة , والتي سوف أسردها لكم كما حدثت وبالتفصيل الدقيق . ليلة من حسنها وبهائها لم أنس منها مشهدا واحدا ، ليلة تشبه ليالي ألف ليلة وليلة .{ وبمناسبة الجسور هذه عندما جئنا جدد ( جنيورز ) لخور طقت سألني العم مدني الله يرحمه من أي داخلية أنت يا شاب ؟ فأجبته بكل فخر واعتزاز من دقنة الجسور , وما كان منه وبتلقائية شديدة وبعفوية أذهلتني أن رد عليّ ، وأنا { مدني النيرفوس ( Nervous ) لله درك يا عم مدني فأنت فعلا تشبه طقت }.
لقد ولدت تلك الليلة بمخاض عسير وبمعاناة قاسية ، وصراع عنيف مع الظروف . أولها وحسب نظام ليالي الداخليات المتبع ، أن تسمح الداخلية صاحبة الليلة الحالية للداخلية صاحبة الليلة القادمة أن تعمل دعاية لليلتها تبثها من خلال العرض . وفعلا تم إعداد دعايتنا وتجهيزها وكانت دعاية ضوئية استخدمنا فيها انعكاس الضوء . وذلك فن برع فيه أحد الزملاء يلقب بــ تاني دور لما يمتاز به من طول فارع بالإضافة لبراعته في مادة الفيزياء . وبخطأ فني بسيط ظهر حرف ( الأن ) N في كلمة DIGNA في وضع مقلوب ، وهذا ما ينتظره الشامتون ذوو الألسن الحداد والتي يجيدون بها السلق خير إجادة , ويحسنون بها اللسع واللدغ . وقد استطاع الشمات تحويل ذلك الموقف لمادة ساخرة حولت أنظار المشاهدين عن الليلة الأصلية إلى الـــ N المقلوبة . وأصبحوا يتنافسون في التعليق علينا والتندر بنا. مما أوغر صدورنا وأزعجنا أي ما إزعاج , وصار الذي يعرف والذي لا يعرف يتعقبنا بالتعليقات الساخرة أحيانا والماسخة في أكثر الأحيان , الشيء الذي جعلنا نتصبب عرقا ونذوب من شدة الحياء وبدأنا نتوارى خجلا من القوم خوفا من جملة ( دا شنو يا باحشين ؟) وهذه كانت أبسط صيغ التعليق . خصوصا أن ماضي الداخلية لم يكن مشرّفا في الأعوام السابقة في هذا المجال , فقد أحرزنا المركز التاسع في الترتيب في العام الماضي من عشرة .( عدد داخليات المدرسة عشرة , مسمية علي أسماء عظماء من بلادي وهي دينار , ود دوليب , الولي , ود التوم ، دقنة , ود زايد . زاكي الدين , ود تكتوك ، أبو سن وأخيرا أبوعنجة. ) وقد كنا حريصين كل الحرص على الخروج من القاع بتقديم ليلة ساهرة كبرى تليق بمقام دقنة الجسور.
ولكن هذه اللقطة لم تكن فألا حسنا أبدا ولا بشرى سارة لنا , خصوصا أن مسرحيتنا الأساسية والتي كنا نعول عليها كثيرا في مساعدتنا على إحراز موقع متقدم ، قد قدمتها داخلية تكتوك قبل منا , مما زادنا إحباطا على إحباط وأجهز على ما تبقى لنا من تماسك ورباطة جأش . ففقدنا الرغبة في متابعة من تبقى من تلك الليلة ، وبدأنا ننسحب من بهو المسرح بينما مقدم الحفل يبشّر المشاهدين بأن لهم نشاطا خارجيا فعلى السادة المشاهدون وخاصة الضيوف ألا ينصرفوا . ( النشاط الخارجي هو فاصل غنائي لا يدخل ضمن فقرات الحفل)
انقضت الليلة بخيرها وشرها ورجعنا من الجهاد الأصغر للجهاد الأكبر ، لأن التعليقات رغم مرارتها كانت ترسل من بعيد لبعيد وكانت بشكل فردي ولكن الآن ونحن متوجهين للصفرة . وما أدراك ما الصفرة , كل الداخليات على صعيد واحد وجها لوجه وكل داخلية لها صف كامل في داخل الصفرة والأدهى والأمرّ أن داخليتنا تحتل الصف الأول في الصفرة أي عند المدخل ، ولك أن تتصور حالنا ( الغاشي والماشي , الداخل والمارق , الأول والآخر ) الكل جرب لسانه ، الكل أدلى بدلوه . الشيء الذي أوغر صدورنا وسدّ نفوسنا من الأكل خصوصا أن النشاط الخارجي أخذ من زمننا الكثير حتى صار الفول باردا ( تنّش من البرد ) يا رب هل كلمة تنّش الدارجة مأخوذة من كلمة Tension ؟؟؟ يمكن ـــ ( ما كلو توتر سطحي ) ونحنا ذاتنا كنا متنشنين . وأصبحنا نبتلع اللقمة بصعوبة بالغة .ونزدردها ازدرادا, وبمثل ما لم نستمتع بالسهرة ،كذلك لم نهنأ بالعشاء ، وبسرعة فائقة خرجنا من الصفرة نلعق جراحنا . ونسرع الخطى لتبتلعنا أمنا دقنه . وتضمنا في صدرها الحنون وكأنها تواسينا أو هكذا كنا نبتغي منها.
وبدون ترتيب وجدنا أنفسنا في اجتماع ناقشنا فيه ما حصل وكان أول قرار هو أن ننسى ما مضى ونركز في كيف الخلاص ؟ وفعلا كونا لجنة من ثلاثة طلاب وهم المليح البشير من عنبر فور وإبراهيم عبد الودود كرداوي من عنبر ستة وشخصي الضعيف من عنبر فور وأوكلت لنا مهمة البحث عن مسرحية بديلة . وبدأنا البحث في أضابير الذكرى المنسية عسى ولعل نجد ما يخرجنا من ورطتنا هذه خصوصا أن عامل الزمن لم يكن في صالحنا . وتكللت جهودنا بالحصول على مسرحية مع الزميل بشير فرح بريمة من عنبر فايف بعنوان نداء من وحي الدم , كانت مسرحية تحمل مضمونا جيدا وتطرح رؤية جديدة لم تطرح من قبل ولكنها تحتاج لبعض التعديلات . فبدأنا في تنقيحها ومعالجتها ، وصرنا نحذف جزءا ونضيف جزأين ونستبدل موقفا بمشهدين وكنا نسابق الزمن . إلى أن أنقذنا الزميل محمد النور جبريل وكان رئيس الداخلية ، بمسرحية من تأليف الكاتب الكبير محمد مفتاح الفيتوري بعنوان أحزان أفريقيا . عرفنا لاحقا أن أبناء الأبيض الصناعية قد قدموها سابقا ولكن لم نشاهدها . وقد ساعدنا الطالب الدقوني من الأبيض الصناعية في عملية الأخراج .
قراناها وأعجبنا بها جدا ,لأنها كانت تفضح استغلال الاستعمار لأفريقيا ونهب خيراتها , والتي سرقها وسلبها غصبا واغتصابا وما زال يسلبها . وكذلك مازال يؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن الاستعمار هم المسيح الدجال نفسه . وتم تجسيد الموقف في شخصية سولارا تلك الفتاه الأفريقية القاصر والتي أغتصبها المستعمر وزرع في أحشائها بذرة الخطيئة مما نتج عنه حملا سفاحا . الشيء الذي أغضبها وجعلها لا تستوعب الموقف فبدأت تصرخ مستنكرة ذلك الموقف مستنجدة بأخيها دينج ليثأر لها ويخلصها من هذا العار وإن لم يستطع فليقتلها هو بيده . فذاك خير لها ألف مرة من أن تكون طينة خصبة تنمو فيها بذرة المستعمر الغاصب البغيض ، وجسّد دور سولارا الطالب حمد سليمان حولي وكان بارعا رائعا تقمص الشخصية حتى كدت أصدق بأنني فعلا أمام سولارا الأفريقية، فما زال صوته يتردد في أذني وهو يطالبني بأن أقتص له من المغتصب باعتباري أنا دينج ( أقتلني أنت يا دينج ، دينج أقتلني أنت فأنا أختك . وقد كنت مهيض الجناح مغلوبا على أمري مسلوب الإرادة , ولا أملك إلا أن أقول لها , ماذا أقول لهم ، أأقول لهم أختي معبودتهم حبلى ؟؟ لا لا اقدر .
وبدأت أحداث المسرحية في التصاعد واستعان دينج بصديقه بوكمان الذي أدى دوره الطالب احمد محمد نور من عنبر ثري وتحركا سويا , وكان لزاما عليهما أن يقوما بزيارة العرافة لتبارك لهما جهودهما وتمنحهما القوة والتبريكات وتعطيهما صك النجاح وتعويذة السلامة. وتحركا وسط الغابة قاصدين كوخ العرافة , والتي أدى دورها أخونا إبراهيم كرداوي . عندما وصلنا إلي الكوخ فتح لنا الباب ابنها الصغير , الذي أدى دوره الطالب محمد عبد الصادق وقد كان دقيق الحجم قصيرا مما أكسب دور الأبن تناسقا وملائمة ( وكنت أناديه سانتو الخرطوم ) لمطابقة إسمه لأسم سانتو الخرطوم لاعب المريخ السابق . وما زال صوته يتردد على مسامعي وهو فرحان جزلان منتشيا بضيفانه ( أمي أمي ضيفان على بابك ضيفان يريدانك ) ودخلنا ووجدنا فعلا عرافة افريقية في كوخ أفريقي كل الأثاث أفريقي تتوسطه عجوز لا تملك إلا أن تلزم الصمت وتظل ساكنا أمامها مؤتمرا بأمرها . لم أصدق نفسي وأنا أشكو لها ظلمي وذلي وهواني حيث كنت أقول لها ( لم يؤلمني يا جدة عض القيد على لحمي يؤلم روحي يؤلمها إني عبد لم أعرف أني عبد . كما يزعجني مقولتهم لي دينج العبد …قم ، ألبسني النعل ، قبل يد سيدتك ) لم أصدق أن تلك العجوز هو كرداوي .
فبدأت الجدة في حرق البخور وعمل التعويذات والدعاء لنا ليباركنا الرب ويساعدنا في محنتنا . وكان كرداوي رائعا أدى دور العرافة وكأنها جدته أو هو إبنها .
ولا ننسى كورال الموتى وهم مزجيين في ركن المسرح عليهم غطاءا ابيض . وكانوا يؤدون الترانيم الأفريقية طيلة فترة عرض المسرحية ولأن الترانيم كانت كلاما نثريا ويحتاج لمقدرة حفظ قوية فقد اخترنا لها ثلاثة من أكثر الطلاب مقدرة على الحفظ وهم الطالب عبد الله محمد نور الشاهرمن عنبر ون والطالب ضوالبيت المليح ضوالبيت من عنبر تو والطالب يحي محمد ابوبكرمن سكس . وفعلا كانوا مبدعين . فأن من يراهم وهم ملففين بعمم الموسليني البيضاء يعتقد جازما بأنهم موتى رغم الترانيم التي تصدر منهم بشكل كورالي عجيب .( الموسليني قماش أبيض شفاف % بوليستر ) كان يلبس عمائم قبل الكنيبو .
أما في مجال الرقصات الشعبية فلا ننسي رقصة النحلة دي وهي من تراث منطقة كاجا بشمال كردفان أبدع وأجاد فيها الطالب زريبة محمد مراح والتي تقول ( النحلة دي , النقشتني ,قشّوها مني ) ويعقبها أزيز من الصدر يبدأ الإيقاع بطيئا ويتصاعد إلى أن يصير مثل هجوم النحل ) ويبدأ الراقص في الزوغان والاحتماء من النحلة بيديه متجاوبا مع اللحن والإيقاع . ولا يعرف المشاهد هل يضحك أو يبتهج مع الإيقاع وحركات الراقص, ولكن ليس له خيار سوى الانبهار مما يراه فزريبة كان قادرا على محاورة الريح ناهيك عن النحل ( لذا أنبه المهتمين بأمر التراث الكردفاني وخاصة فرقة فنون كردفان ( إن كانت لا تزال حية ولم تطلها يد العابثين ) إلي الاهتمام برقصات دار الريح مثل أم هلمة . القطر , التوية والنحلة دي . ولو تذكر يا قش التوية التي كان يقدمها أولاد دار حامد الغربية بقيادة الطالب الجدّ علي مسرح مدرسة بارا الثانوية العامة والتي تقول ( رقيصا لأم سنونا غر قنين ود البشاري الحر ) .
وهناك هزلية جريبيع ذالك الشاب المتطلع ومدّعي الحضارة والمدنية والذي يريد أن يظهر بحجم أكبر من حجمه وبثوب غير ثوبه . أجاد ذاك الدور الأمين حسن الحاج من عنبر فور ولن ننسى منظره عندما جاء لزيارة أحد معارفه مرتديا أجمل الملابس والتي تمثل آخر صيحة وبينما هو يتبجح على قريبه ويتنطع ويقص عليه مغامراته في سنغافورة ذات الجليد والبرد القارص ، يحضر صاحب جريبيع { مثل القضاء المستعجل ) ويبدأ في الصياح موبخا جريبيع في كونه لبس ملابسه بدون الرجوع إليه مما جعل رقبة جريبيع تبدو (اصغر من السمسماية ) فبدأ جريبيع في الاعتذار طالبا من صاحبه أن يكف عن الصياح وألا يفضحه أمام قريبه وسوف يعيد له ملابسه حالا , ولكن كان الصاحب بدون إنسانية وقليل ذوق ولئيما ، رفض السكوت بل زاد وألح في طلبه على جريبيع أن يعطيه ملابسه حالا ولم تنفع توسلات جريبيع ورجاءاته ، فما كان منه إلا أن خلع الجاكيت وبعده القميص وبدأت صرخات المشاهدين ترتفع كلما خلع جريبيع قطعة . ترتفع الصيحات شماتة فيه . وذلك لأنه كان يتبجح علي قريبه المسكين ويطلع به (العالي ) مستغلا بساطته وعدم معرفته بالجغرافيا مما أغاظ المشاهدين لذلك عندما وجدوا فيه الفرصة أرادوا أن يغيظوه كما أغاظهم وبدأوا يحرضون الصديق ويطلبون منه ألا يتنازل عن طلباته بل يزيد فيها (التسوي كريت في القرض تلقاه في جلدها ) ولم يسكت الصديق إلا بعد أن خلع له جريبيع كل ملابسه بما فيها البنطلون وعندما بدأ جريبيع في خلع البنطلون حبس المشاهدون أنفاسهم خوفا من رؤية المنظر القادم وهو رِؤية جريبيع بالملابس الداخلية . وأظن أن جريبيع كان محتاطا لهذه اللحظة أو أنه يعرف نفسية صاحبه جيدا فأتى وهو يلبس عراقي وسروال طويل تحت ملابس صاحبه . مما خفف وقع المنظر .
أما الفشارة وما أدراك ما الفشارة , فكان سيف الدين عبد الرحمن السيد فعلا خير من يجيد دور سيدة المجتمع الراقي وست البيت الممتازة ( الهانم ) والتي تعرف الأوتكيت وأصول الديكور المنزلي مما جعل المستمعات إليها يصدقن بأنها فعلا من المجتمع المخملي وأن منزلها فعلا كما وصفته لهم ، ثلاجة وغسالة وشوفنيرة وسايد بورد ويمكن ساوند سيستم ، بينما هي لا تملك إلا عنقريب قــد . بكسر القاف وتربيزة بها شوية كبايات شاي وبراد طلس مشجر أحمر بالبرتقالي ( مظلوط بالجنبة اليمين) . أجاد سيف الدين الدور تماما كيف لا وهو ابن مدينة الدويم ومن خريجي الدويم الريفية والتي كانت مدرسة متكاملة المنهج تهتم بإعداد الطالب إعدادا متكاملا وأهم حصة هي تنسيق الحدائق في التربية الريفية ( علي فكرة هنالك أكثر من ملك عربي درس في الدويم الريفية ) وأحب أن أنوه بأن صديق جريبيع في الهزلية السابقة هو سيف الدين بشحمه ولحمه فأجاد هنا في الفشارة كما أبدع في دور صديق جريبيع اللئيم ،
وجاء دور الطرب جاء دور الموسيقي ليصعد إلى خشبة المسرح الطالب إبراهيم بشرى من عنبر فايف ليؤدي فاصلا غنائيا جميلا من الغناء الحديث شنف به آذان المستمعين ورقصت على أنغامه المجموعة .
وقاد الطالب موسى محمود من عنبر فايف فريق رقصة الكمبلا التي تجاوب معها جميع طلاب ولاية جنوب وغرب كردفان مما جعل خشبة المسرح ترتج ارتجاجا من ضرب أرجلهم .
وكان تيوتر الداخلية هو الأستاذ محمد التجاني حسن ( حلاوة رغيف ) أستاذ اللغة الانجليزية ، فقد كان شريكا أصليا في إعداد تلك الليلة بل وقدم لنا رقصة لم أرها من قبل ، منبعها ولاية دار فور لم أحفظ منها إلا ( زهروكي حواري ) تقال بلحن جميل وإيقاع جماعي أجمل .
أما في وصلة الغناء الشعبي غناء الحماسة والدلوكة فكان الطالب صلاح الشامي من عنبر ون والذي كان يجيد أغاني الحقيبة بشكل عام وأغاني ترباس بشكل خاص فأجاد وأبدع وألهب حماس مجموعة الغناء الشعبي حتى كادوا أن يخلعوا الجلاليب والقمصان تمهيدا للبطان . ( الجلد بسوط العنج )
أما مدرسة العشاق على وزن ( مدرسة المشاغبين ) فكانت حكاية أخرى وهي من تأليف أحد خريجي خور طقت من الدفعات السابقة لنا أسمه عبد الرحمن محمد ابوبكر شقيق الطالب يحي محمد أبوبكر من عنبر سكس السكرتير الرياضي للداخلية . لقد كانت اسكيتشا رائعا لمدرسة جميع طلابها من العشاق بقيادة معلمهم والذي قام به الطالب علي النور الشاهر من عنبر سكس ومازالت صورته ماثلة أمامي وهو يرتدي قبعة من السعف يلبسها بشكل مائل للجهة اليسرى حاله حال كل المتيمين في العالم ( لقد شرّفنا الشاهر بإحرازه أكبر درجة في مادة اللغة الانجليزية على نطاق الإقليم في امتحان الشهادة السودانية لعام 1978م ولقد كرمته الولاية على ذلك بالإضافة لإحراز المدرسة للمركز الأول على نطاق السودان). ولقد اخترنا له طلابا أكثر ما كان يميزهم خفة الدم وسرعة البديهة مع خفة الحركة في الأداء حتى يكسبوا العرض إيقاعا سريعا حاميا يتناسب مع هذا النوع من العروض . وكان على رأسهم الطالب خالد محمد فرح الفحل والطالب أبو الغيث إبراهيم الأمين وكلاهما من عنبر فايف ولا ننسى الطالب أنور محي الدين العبيد من عنبر تو والذي كان حريفا في كرة القدم إلا أنه كان ضعيف البنية صغير الحجم ورغم هذا فقد كنا نعتمد عليه كثيرا في مسابقات كرة القدم . لقد كان طلاب مدرسة العشاق متيمين أكثر من معلمهم وكانوا يحفظون أحاديث كازينوفا عن ظهر قلب و يتبارون في الإجابة على أسئلة معلمهم المتعلقة بأصول العشق والهيام وقوانين الحب والغرام . لقد قدم أولئك الفتية صورة رائعة في كيف يتعامل الطالب مع معلمه حتى ولو كان معلما في مدرسة للعشاق .وخاصة الطالب خالد محمد فرح والذي كان يبالغ في تسميع أحاديث كازينو فا. وخاصة عندما يقول رويّ عن كازينوفا رضي العشاق عنه .
وبهذا نكون قد وصلنا لختام ليلتنا هذه قدمناها لكم من خشبة مسرح خور طقت الثانوية وكان الطالب المليح البشير يقوم بدور مديع الربط, ورغم أن شهادتي تكون مجروحة في الحكم على هذه الليلة وذلك بحكم الانتماء إلا أنها كانت ليلة متفردة لم يجمع طلاب خور طقت على أمر ما كإجماعهم على جودة تلك الليلة وأكبر دليل على ذلك هو منظرنا ونحن متوجهين على الصفرة بعد العرض , ولو تذكرون صورتنا يوم الدعاية والأن N )) المقلوبة وكيف دخلنا إلى الصفرة ونحن نتوارى خجلا خوفا من كلمة دا شنو يا باحشين . اليوم دخلنا الصفرة ونحن محاطين بالمعجبين تشنف آذاننا كلمات الإعجاب والإطراء من كل جانب فالبعض يتغزل في مواقف جريبيع والبعض الآخر يناقش أحاديث كازينوفا رضي العشاق عنه وهنالك من يواسي سولارا في محنتها , أما كلمة دينج فصارت تلازمني إلا أن خلصت السنة. أما كلمة جريبيع فقد عملت مشكلة للأمين حسن الحاج حتى طلع من طوره وأصبح يتحسس من سماعها ولا يريد أن يسمعها أبدا وذلك دليل على قوة الارتباط والأثر الذي تركته .
وكان سوق عكاظ هو المرآة الحقيقية التي تعكس الصورة واضحة لكل النشاط الثقافي في المدرسة فلذلك خرجت كل التحليلات صادقة تصف جودة الليلية وتحلل مواد السهرة تحليلا دقيقا أثلج صدورنا وأنسانا يوم الدعاية . وأجمل تعليق كان من أحد الظرفاء حيث قال أن دقنة عندما ظهرت بالأن N )) المقلوبة لم تكن غافلة بل كانت تعلن عن تغيير جلدها القديم ( من باب حسن التعليل ) فكانت جميع الأصوات ترشح دقنة للمركز الأول الشيء الذي لم يكن مألوفا في الأعوام السابق حيث كانت النتيجة تكون مبهمة إلى يوم النتائج وذلك لتقارب المستويات ، وعندما تعلن النتيجة غالبا ما تكون مرضية للجميع . ولكن في هذه المرة الكل أجمع على تفرد داخلية دقنة مما جعل الداخليات الأخرى تزهد في المركز الأول , ( قيافة وفايت الناس مسافة ) وبالتالي من خلال هذه الحيثيات جهزنا نحن دولابنا للكأس وهيأنا مشاعرنا للأحتفال بالفوز . ولكن لم تكتمل فرحتنا فوأدت لجنة التحكيم فرحتنا بإرجاعنا للمركز الثاني الشيء الذي خيب آمال الكل وأصاب الجميع بالدهشة حتى عندما أزيعت النتيجة تردد رئيس الداخلية المذاعة في الطلوع للخشبة لإستلام الكأس . وقد كان محقا لأن طلوعه لم يسبق بتصفيق أو تهليل , وبدأت بعض الأصوات تصيح استهجانا , وعندما جاء دورنا طلب بعض المشاهدين من رئيس داخليتنا عدم الصعود لخشبة المسرح وعدم إستلام الجائزة الثانية ولكن كان رئيسا واسع الأفق واسع الصدر تقبل الأمر بكل روح رياضية وصعد لإستلام الجائزة الثانية وسط تصفيق المشاهدين وصياحهم فقد منحنا المشاهد المركز الأول وتعامل معنا معاملة البطل وهذا ما كنا نبغي . ولأن مجتمع طقت كان مجتمعا واعيا متفتحا تسوده المحبة والأخوة الصادقة فقد فاجأنا رئيس الداخلية التي فازت بالكأس ( الرئيس المنتخب للعام القادم ) فاجأنا في حفلة وداع طلاب الصف الثالث ممثلا لداخليته وهذا عرف سائد بأن ترسل كل داخلية ممثلا لها لمشاركة الداخلية الأخرى ولكن الغير مألوف هو أن يأتي رئيس الداخلية شخصيا فكانت لفتة بارعة منه خصوصا عندما لمحّ في مشاركته لموضوع كأس الداخليات وأجمل تعليق قاله هو( أن الملك لا يحتاج لتاج حتى يقال له ملك ، والشمس الطالعة لا تحتاج أن يشار عليها بالبنان ) فكانت أجمل من الكأس قمنا بعمل برواز لتلك الكلمة ووضعناها في الدولاب ، وحقا تلك لفتة لا يقدر عليها إلا مجتبى الزاكي . فلا نملك إلا أن نرفع لك القبعات تقديرا وإحتراما .