مسجد الخليفة من أكبر مسجد إلى مكب قاذورات

كل يوم يمر على السودان يدرك السودانيون أنهم وقعوا في فخ أكبر عصابة تاجرت باسم الله الأعلى وآي القرآن الكريم، وزيفوا ديباجة الاسلام الوضاءة.
ففي أيام قلائل تبينت صفقة لبيع بيت من بيوت الله لوقوعه وساحته في منطقة ذهبية مطلة على ملتقى النيلين وقبالة جزيرة من أجمل جزر العالم كما صنفتها الأمم المتحدة.
إلا أن مواصلة حبس مسجد خليفة المهدي عليهما السلام وبيت الإمام المهدي ورهنهما لسلطة الجور أشد فظاعة من بيع مسجد النيلين، إذ أن المسجد صار مكبا للنفايات فعمال النظافة قد ملأوا الاتجاه الجنوبي الغربي بما يكنسونه من شارع الموردة وصار المسجد هو المكب الآمن لمخلفاتهم.
فضلا عن تزايد كمية القاذورات من فضلات البشر والكلاب الضالة وغيرها في ساحة المسجد وأركانه الأربعة، ويحدثوننا عن الدين وخدامة القرآن وحراسة بيوت الله!!.
صار المسجد ملاذا للصوص الليل وفاقدي السند والمتسولين والمشردين إذ تعج ساحته ليلا بالعشرات منهم ويفعل بعضهم أفاعيلا يشيب لها رأس الوليد، فمنهم من يأت الكبائر ومنهم من يعاقر الخمر ويتعاطى المخدرات، وتراقبهم سلطة أم درمان التي لا يبعد مركز شرطتها إلا يضعة أمتار ولكن سلطة الخرطوم أو أمدرمان لا تكلف نفسها بتعيين فردي حراسة لإيقاف هذا العبث ببيت من بيوت الله!!.
المسجد لا يتبع كغيره من المساجد لوزارة الأوقاف والشئون الدينية، بل ظل مسخرا لخدمة محلية أم درمان التي تجني من إيجاره في كل شهر ربيع الثاني آلافا مؤلفة من الجنيهات التي تأخذها من أصحاب الطرق الصوفية وبائعي الحلوى وبائعات الأطعمة والشاي وغيرهم من المتجولين في ساحتة التي اصطلح على تسميتها بساحة المولد، دون أن تدخل فيه جنيها واحدا لخدمات أو إقامة مرافق يقضى الناس حاجتهم فيها بدلا عن قضائها في باحة المسجد التي تقابل مقر حكومتهم المحلية.
وبالرجوع إلى المولد، فاحتفالات المولد في بلادنا صارت تنتحي منحا تفاخريا بذخيا صوريا تشوبه كثير من الضلالات والمشاهد القبيحة، فالخيام التي تعد لذكر الله تضج بأفعال لا تستقيم والدين بل صارت ميادين المولد ملتقى لكل من أراد أن يفسد في الأرض فتجد بائعي الهوى والبائعات ومروجي المخدرات وهذا حفز الفكر التكفيري للهجوم مرات ومرات على خيام صوفية والعكس، حتى صارت ذكرى المولد الشريف التي من المفترض أن تجمع الأمة هي ذكرى لتفريق كلمة الأمة وضرب المسلمين لبعضهم البعض.
وهؤلاء عن الدين يحدثوننا وهم يعلمون أن هذا المسجد كان يؤمه سبعون ألفا من المصلين الأتقياء الأنقاء المجاهدين، الذين ذادوا عن حما الدين والعقيدة والوطن، وظل مؤذنهم يؤذن حتى سقوط دولة المهدية.
ما فعلته الإنقاذ لم يفعله حتى الرئيس الأسبق جعفر نميري فقد جعل من المسجد ساحة لطلائع مايو وظلت حبيسة طيلة فترة بقائه في السلطة، إلأ أن الإنقاذ جعلت من هذا المسجد مكبا للقاذورات وملاذا للمفسدين والفاسدين ومأوى للمجرمين.
يحدثونا عن التاريخ وكأنهم لم يسمعوا بساحة تقسيم في تركيا، أو ميدان التحرير في مصر، أو ميدان الشهداء في بنغازي أو دوار اللؤلؤة في البحرين أو التغيير في صنعاء،أو ساحة الأمويين في سوريا، أو ساحة البوعزيزي في سيدي بوزيد في تونس أو حتى ساحة الباستيل في فرنسا.
هؤلاء لا يريدون لشعوبهم أن تستذكر أمجادها وتاريخها الناصع ولكنهم اصطنعوا تاريخا مزيفا آفلا لا محالة فجعلوا القبلة التي يتجه لها الشباب بأنشطتهم الساحة الخضراء رمز بؤسهم وشقائهم.
ولكن هذا لن يغير التاريخ ولن يمحو آثر خليفة المهدي عليهما السلام ولن يفل عزم الأنصار، بل حتما سيكون هذا الصرح قبلة طلاب الحرية والتحرر والانعتاق من الشمولية وسيكون قبلة الأعمال التطوعية والنفرات الخيرية وسيكون رمزا لاستقلال السودان من الاحتلال الداخلي الاستبدادي إن شاء الله.
نعم للمسجد خصوصية أسرية ولكن هذه الخصوصية تجاوزتها أسرة المهدي بتنازلها عن الجزيرة أبا لساكنيها، ومن الممكن أن يوقف مسجد خليفة المهدي وبيت المهدي للأنصار ولأهل السودان عامة، حتى يجد القادمون ميادين تجمعهم بعد شتتهم حكومة الإنقاذ وبعد أن باعت كل السوح أو لا زال بعضها تضرب له أجراس البيع في مزادات الخراب الوطني.
[email][email protected][/email]