أيام في ألمانيا (2)اا

أفق بعيد

فيصل محمد صالح

أيام في ألمانيا (2)

في يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من يونيو كنا نجلس على منصة إحدى القاعات متحدثين عن الدور المتوقع للإعلام في المجتمعات العربية على ضوء ثورات الربيع العربي. شاركني المنصة الكاتب الصحفي والمخرج السينمائي التونسي إبراهم لطايف، والصحفية المصرية الألمانية أميرة سيد الأهل، والباحثة الألمانية في الشؤون العربية آنا وورث من المعهد الألماني لحقوق الإنسان، وأدارت الحوار مقدمة البرامج التليفزيونية الألمانية قولينا آتا.
في البداية كان لدي إحساس بأن وجودي زائدا، على الأقل فإن المتحدثين من مصر وتونس أصحاب تجربة حدثت على الأرض، وحدثت تغييرات مباشرة في أداء الإعلام في كلا البلدين، وهناك تغييرات متوقعة، فماذا عساي أقول وليس لدينا تجربتهم. لكن مع مرور الوقت اكتشفت أن هناك اهتماما متزايدا بالأوضاع في السودان بشكل عام، وأوضاع الإعلام بشكل خاص. وكانت هناك تساؤلات كثيرة تبحث عن إجابة حول تأثير هذه الثورات في كل المنطقة العربية، وهل تأثرت بها الدول الأخرى أم لا. وقال أكثر من سائل ومتحدث إنه مهتم جدا ليعرف كيف تفكر بقية الحكومات العربية، وكيف تتعامل مع إعلامها، وهل تعلمت من دروس التجربتين المصرية والتونسية، أم أنها لا تفهم ولا تتعلم؟
وكان من حسن حظنا أن جلسات سابقة استهلكت موضوع دور الإعلام الاجتماعي، ومواقع الفيسبوك وتويتر، في هذه الثورات، وعما إذا كانت هذه الوسائل قد احتلت دور الإعلام التقليدي. هذا الجدل ظل حاضرا لشهور طويلة في كل المنتديات الإعلامية عبر العالم، وغالبا ما يثور خلاف بين جيل المدونين العرب، وبين الصحفيين العاملين في أجهزة الإعلام التقليدية، وكان من حسن حظنا أننا عبرنا من فوقه سريعا ولم نتوقف عنده.
وقد اتفق معظم المتحدثين على أن تأثير وانعكاسات هذه الثورات ستشمل كل المنطقة، ولن تتوقف عند ثلاث أو أربع من الدول، وقلت فيما قلت، إن حتى دول الخليج المحافظة امتد إليها التأثير، وهذا مؤشر على أن لا أحد بمنجاة عن التغيير. لكننا اتفقنا ايضا على أنه لا يوجد سيناريو واحد للتغيير، وأن السيناريوهات ستختلف باختلاف ظروف البلد ووضع التنظيمات السياسية والتكوينات الاجتماعية والقبلية ومستوى تأهيل المؤسسات…الخ، وأشرنا للسيناريو اليمني والليبي والسوري ولوجود احتمالات لسيناريوهات أخرى.
مصداقية الإعلام العربي كانت أيضا محل تساؤل، خاصة قناة الجزيرة، واندهش كثير من المشاركين الأجانب من وجود تحفظات لبعض المشاركين العرب على أسلوب وأداء قناة الجزيرة، فالفكرة السائدة عندهم أن القناة محل إعجاب ومتابعة كل المشاهدين العرب بلا استثناء، ولهذا أشار لهم بعض المشاركين العرب بأن أداء القناة الإنجليزية للجزيرة مختلف عن أداء القناة العربية، وأن القناة الإنجليزية تبدو أكثر مهنية واحترافية.
قبل بداية الحديث تم عرض فيلم تسجيلي تم تصويره في العراق تحت عنوان ” تحدث عن ما تحس به” عن أوضاع الصحفيين العراقيين، وكانت الصورة مرعبة، قتل واختطاف وتعذيب وتهديد، أجواء تبدو وكأنها مستوحاة من أفلام الجريمة الأمريكية، وكان السؤال الموجه لنا:هل أنتم أسوأ أم أفضل من العراق؟ وباتفاق الجميع، ورغم كل ما بنا من سوء، كانت الإجابة أنه لا يبدو أن هناك دولة في المنطقة أسوأ من العراق، في هذا المجال.

الاخبار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..