ظاهرة ثقافية تجتاح العاصمة والمدن الإثيوبية.. طوابير الزهرة الجديدة

أديس أبابا – أنور إبراهيم
يُعدُّ (الاصطفاف) ظاهرة ثقافية ظلت ملازمة للإثيوبيين في المواقع كافة، فعند تجوالك في عديد المدن تجد صفوفًا هنا وأخرى هناك، تحاول أن تعرف سبب انتظام الناس في تلك الصفوف، لماذا؟ هل هناك أمر ملح، لكنك تفاجأ بأن السبب ربما يكون من أجل (ركوب الحافلات)، أو شراء سلع ما من ـحد المجمعات الاستهلاكية أو للحصول على منتج محدد كالجازولين أو أي سلعة يومية أخرى. إذن، فالوقوف ضمن صفوف أمر معتاد وثقافة يومية لدة الإثيوبيين، لا أحد يتضجر ولا أحد يفكر في فرصة قبل آخر، كل يحترم (دوره) وينتظره بصبر ودأب وأناة.
الحرب على النشالين
التدافع وعدم الاصطفاف كان سمة في الماضي، حيث تجد الناس بعضهم فوق بعض في المرافق الخدمية كافة، محطات التاكسي والحافلات منافذ الجمعيات الاستهلاكية، ما كان يعرضهم للسرقة والنشل، خاصة كبار السن والحوامل والمرضى الذين لا قدرة لهم للتدافع مع الآخرين، بجانب القرويين الذي غالباً ما يكونون الضحايا، وهم أكثر الفئات بالسرقة وفي الأماكن المزدحمة.
كل ذلك تقلص إلى حده الأدنى، إن لم يكن انتهى تمامًا مع بروز ظاهرة الاصطفاف التي ساهمت في تنظيم الناس، حتى أضحت رويدًا رويدًا ظاهرة ثقافية، فصاروا ينتظمون تلقائياً، وبالتالي ينال الكل بغيتهم دونما تدافع ولا تعرض للنشل.
المشهد الآن
الآن، يبدو كل شيء منظم، فما إن يشرق صباح يوم جديد حتى تنتظم صفوف كثيرة، صفوف من أجل الحصول على مقاعد في التاكسيات الحافلات، وأخرى بغية شراء بعض السلع، وأحيانًا ينتظم الناس في أكثر من صف للحصول على نفس الشيء، إذ يخصص صف بعينه للفئات الأكثر ضعفًا مثل كبار السن.
وفي السياق، يقول أحد الشيوخ حين وجدناه في صف يتكون من أربعة أشخاص فقط: “كان الناس في الماضي يتدافعون، وكان كبار السن والحوامل من النساء يعانون في الحصول على مقاعد في المواصلات، كما كنا نتعرض للنشل كثيرًا خاصة القرويين منا، الآن أصبحنا ننظم أنفسنا في صفوف عندما تحضر تقف آخر الصف باحترام، ولا يمكن لأحد أن يأخذ مكان الآخر، الكل يحصل على الخدمة بحسب ترتيبه في الصف، سواء أكان ذلك في الحي والمستشفى والسوق والدكان.
من جهته، أبدى حسن – زائر إلى إثيوبيا من دولة مجاورة – إعجابه الشديد من النظام الذي يتبعه الإثيوبيون. وأضاف: “هم يقفون في صفوف لكل شيء حتى لو كان عددهم قليل، إنهم يحترمون النظام”.
رغم قسوة الطقس
رغم هطول الأمطار المتواصل الذي يكاد يكون شبه يومي في العاصمة أديس أبابا، إلا أن ذلك لا يمنع انتظام الصفوف ولا يحول دونها. فالكل يحمل (مظلته) وينخرط في الصف، فالاصطفاف أضحى من الأمور والمشاهد المتكررة، والصفوف في إثيوبيا تشمل كل الفئات الكبار والصغار والنساء والرجل، ولا تجد هنالك طوابير مخصصة لفئة دون أخرى بل للجميع.
كسر الملل
ولأن الانتظار ممل، فإن الصفوف تنتج ثقافتها ونكاتها الساخرة وحكاياتها الرائعة وأخبارها المثيرة، من أجل كسر الملل والرتابة، فيُحدثك كبار السن عن حكايات الماضي ومقارنتها مع الحاضر، بجانب أن الصفوف خلقت قطاعًا جديدًا للخدمات وأنعشت الحركة التجارية فيه، فبرزت ظاهرة إيجار الصحف للمصطفين، وبيع تذاكر اليانصيب وكافة السلع، فأصبح الوقوف طوابير يمنح المصطف ترفيهًا ومعلومات وأخباراً، وهنا ينبغي الإشارة إلى أن السباب هم أكثر الفئات حرصًا على الانتظام في الكم الطوابير، يصطفون في دور السينما والمسارح والملاعب وأندية المشاهدة، حتى صارت الصفوف من أجمل المشاهد في الزهرة الجديد وضواحيها.
اليوم التالي
الأثيوبيون شعب راقي ومتحضر ..
في القرن الماضي ذهبنا إلى جوبا وما ان راينا بص أبورجيلة اندفعنا للباب بسرعة اشاًن نركب قبلي الناس ….،
خجلنا لنظرة الناس لنا حيث أنهم مصطفون والخجل الأكبر كان من الكمسارية القالت لينا … مندكورو بيجر قايلين ده خرطوم هه
الكلام دا كان عندنا في الخرطوم زمن الخرطوم خرطوم.
الاثيوبيون شعب راقي ومتحضر .. ظاهرة الوقوف في صفوف طويلة كانت ام قصيرة هي ظاهرة قديمة ومتجذرة في المجتمع الاثيوبي .. ولقد شاهدت وعايشت تلك الظاهرة الراقية منذ اكثر من ثلاثون عاما هي تاريخ علاقتي باثيوبيا وعشت فيها عاما كامل الدسم قبل عشرون عاما ومنها انطلقت الي امريكا حزينا لفراقها والله العظيم.. ياله من شعب راق ومتحضر!!!!
هذه الصفوف لا تشاهد الا فى دول العالم الثالث خصوصا من اجل سلعة او ركوب مواصلات