تمثال الحرية وسط الخرطوم

المتأمل للمشهد السياسي الراهن بالبلاد ربما تجهده حالة الربكة التي فيها الا انه ـ المشهدـ يبدو عاريا من الغموض وربما التحول المفاجيء للدولة أو للدقة ـ لدولة الشعار الإسلاموي ولن نسميها بما إصطلح عليه البعض بالإنبراشية وفي رواية أخرى الإنبطاحية بل نكتفي بوصفها بحالةـ التراضي مع الوصفة الامريكية وإن شئت ـ الروشتة، ربما كان هذا التحول غير المتوقع لدي المتابع لإدبيات وقاموس الإنقاذ العدائي لامريكا بدءاً بالامريكان ليكم تسلحنا، مروراً بصريخ متواصل جل مضمونه ان القوم في وكالتهم للاسلام في الأرض قد حشدوا كنانتهم إستعدادا ليوم الزينة لمنازلة الامريكان مهددين بان جيش محمد بدأ يعود… وصولاً الى (امريكا وفرنسا وبريطانيا تحت جزمتي دي) ولم يترك المنقذين المواطن دون ان يجودوا عليه من قاموسهم السخي، وكان ان كالوا له من بذيء القول والكلم المستفز والإستهتار، فسمع المواطن المغلوب على أمره مما سمع ألحس كوعك والراجل يطلع الشارع… ونحنا العلمناكم الكبريتة والصابون والكهرباء وهم في ذلك محقين فمن غيرهم من أعاد البلاد والعباد الى العصر الحجري بعد ان امسكوا عن المواطن الكهرباء والماء والمواصلات ولم يتركوا له شجرا يحتطبه مستنبطا منه نارا تتيح له إداماً بات هو الالآخر كما الخل الوفي ورفقاء المستحيلات السبع ، ثم أتى مامون حميدة بالمناسبة (من أين إنبثق هذا الرجل؟) ليطيح بكل ما أسسه الرجال قبله من مشافي حكومية قام بـ(فرزعتها) في او قيامته لتظل ـ الزيتونة ـ وحدها كما (الصندوق الأسود) وسط الخرطوم ـ (الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود) والاخيرة قليل لا يذكرفي زخم سياسته الصحية العرجاء ومع ذلك يتم تكريمه وتحفيزه بـ(أرمي قدام!)
وليس بمستغرب ما يستغربه المتابع للتحول الماثل لمنظومة مرتبكة في ذاتها مُربِكة لكل من/ما ـ حولها، ويمكن قراءة حالة الإرتباك والإشتباك السياسي الراهن مصحوبة بتشخيص العرض في سياق انعدام علاقته بالعرض.. النقلة في حد ذاتها نوعية كونها عقدية الى سياسية فبديهي انتاجهها ربكة عارمة غير انها تؤكد براغميتها وعليه مبرر هو منع
منع الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح القيادي الاسلامي المصري من دخول الأراضي السودانية للمشاركة في الندوة النقدية التي تعقد علي هامش انعقاد المؤتمر الشعبي العام لمناقشة أفكار الراحل الدكتور حسن الترابي الزعيم الإسلامي السوداني، بعيدا عن جدلية من وراء ذلك وقريبا من ترجيح خبراء متخصصون في شأن الإسلام السياسي، أن تقف خلفه جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما أكده سامح عيد الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، الذي قال إن أبو الفتوح له علاقات وتحركات دولية مع أطراف داخل الإخوان وخارجها، وبعض الأوساط الإسلامية تعتبره نموذجًا مشابهًا لأردوغان، وهو الأمر الذي يقلق الإخوان من نجاح أبو الفتوح في إستقطاب جموع من المعارضين للقيادة الحالية في ظل إبتعاد القيادات الكبرى للجماعة عن الصورة، بسبب ظروف إحتجازهم على ذمة قضايا منذ الإطاحة بالإخوان من حكم مصر. من جهته أعرب أحمد إمام المتحدث الإعلامي لحزب مصر القوية، عن استيائه لمنع الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح من دخول الأراضي السودانية، واصفًا هذا التصرف بـ”المهين” وغير اللائق لشخصية سياسية بحجم الدكتور عبدالمنعم.
صدقت أم خابت القراءة يمكن القول بان التقارب الذي تنتهجه الخرطوم مع القاهرة مبرر للمنع وفي سياق آخر تكون القراءة هي جزء من تعاطي الخرطوم الإشتراطات/ الروشتة الامريكية فيما تبقى لها من جرعاتٍ ست وذلك مقرون بالممانعة التي ووجه بها الصادق المهدي لمخاطبة قواعد الأمة بالجزيرة الى ان حصروها داخل مبنى الحزب بمدني مقرونة كذلك بمنع حزب التحرير ولاية السودان من إقامة معرض كتاب (إسلامي)ـ ولم نقل شيعي ـ بمدينة الأييض حاضرة ولاية شمال كردفان. جملة هذه الأمور تقول بإنقلاب معلن على إسلاموية الانقاذ ـ غض النظرعن محض شعاريتها، تمهيدا لنصب (تمثال الحرية) وسط الخرطوم وعليه فالبلاد على وشك ان تبيع شيئا عزيزا.. وغداً المناهج التعليمية بالمدارس غير محصنة ضد رياح التغيير.. وكل شيء ..كل شيء..
وحسبنا الله ونعم الوكيل
[email][email protected][/email]