مقالات وآراء

تزايد العنف ضد المتظاهرين!!

 

 

نقوش

لؤي قور

العنف المُتزايد، الذي ظل عسكر الانقلاب يواجهون به المتظاهرين خلال مليونيات أكتوبر الجاري – ما أدى لسقوط شهيدين وعشرات الجرحى – يقدح وبشدة في مصداقية الحديث عن قبول العسكر بحل سياسي يُفضي إلى ابتعادهم عن المشهد، ويتيح الفرصة لانتقال مدني يمهد لإجراء انتخابات حرة ونزيهة في نهاية الفترة الانتقالية، مع ضمان قيام جيش وطني موحد.

ولا تتسق هذه الممارسات القمعية التي ترقى لدرجة الجرائم، مع ما هو مفترض حدوثه من إجراءات لتهيئة المناخ من إطلاق سراح المعتقلين، ووقف العنف ضد المتظاهرين، وما إليه من بديهيات تسبق أي حديث عن حل سياسي يُراد له أن يضع نهاية للأزمة. ويبدو أن الانقلاب ماضٍ في سياساته القمعية تجاه المحتجين، بما يقلل وبشدة من احتمالات الوصول لحل سياسي في المدى المنظور.

فخلال تظاهرات السادس من الشهر الجاري، تم حصر (28) حالة إصابة. من بينها: خمس حالات إصابة برصاص مطاطي، من بينها إصابة في العين، وست حالات إصابة في الرأس بعبوات الغاز، وحالات إصابة في أجزاء متفرقة من الجسم نتيجة التصويب المباشر لعبوات الغاز، والرشق بالحجارة، والتدافع، والاختناق جراء استنشاق الغاز.

وخلال تظاهرات الثالث عشر من هذا الشهر، تم حصر (45) حالة إصابة. من بينها إصابتان بالرصاص الحي، إحداهما في الصدر، وثلاث حالات إصابة بالرصاص المطاطي، من بينها إصابة في العين، وحالة دهس بعربة تتبع للقوات النظامية، وخمس إصابات في الرأس بعبوات الغاز، وإصابة بقنبلة صوتية.

وتم حصر (31) حالة إصابة خلال تظاهرات الحادي والعشرين من أكتوبر، من بينها: ثلاث حالات إصابة في العين بعبوات الغاز، وخمس إصابات في الرأس نتيجة التصويب المباشر لقنابل الغاز.

وبحسب هيئة محامي دارفور، فقد استلمت أسرة الشهيد (مدثر كمال) التقرير النهائي للتشريح، مثبتاً أن الوفاة كانت نتيجة مباشرة للتعذيب، وضربه بآلة حادة إبان اعتقاله داخل حراسة قسم الشرطة. وخلال تظاهرات الثاني والعشرين من هذا الشهر، ارتقى الشهيد (عيسى عمر) ذو الثمانية عشر عاماً، نتيجة الضرب بالرصاص الحي في الصدر.

يكذب الانقلاب تصريحاته عن الحل السياسي بنفسه من خلال قمع التظاهرات السلمية الوحشي، ويبدو أن تضارب المصالح بين أطراف الانقلاب جعلهم جُزراً معزولة عن بعضها، وإن بدت مجتمعة. فما بين فلول النظام البائد المحتمين بالعسكر، والحركات المسلحة الموالية للانقلاب، ووكلاء الانقلاب من المدنيين، تتباين الآراء، سواء فيما يتعلق بإنهاء الانقلاب، أو العودة للوضع الانتقالي، أو خروج العسكر من العملية السياسية.

وهُم في ذلك ملل ونحل، ومنهم بالطبع من يراهن على استمرار الانقلاب وعدم العودة للوضع الانتقالي (كفلول النظام المُباد)، لمنع اجراءات الانتقال نفسها، باعتبار أن الفلول أكبر متضرر من تلك العودة، سواء بتفكيك تمكين نظام الثلاثين من يونيو، أو إنفاذ مشروع العدالة الانتقالية ضد مرتكبي الجرائم من رموز الإنقاذ، وهؤلاء على استعداد لفعل ما بوسعهم لإفشال أي مشروع لحل سياسي يضعهم في مكانهم المناسب من المعادلة.

أما العسكر، وإن كانت دعواهم للحل السياسي ذات مصداقية، فعليهم أولاً أن يطلقوا سراح المعتقلين، وأن يتوقفوا عن قمع المواكب الاحتجاجية السلمية كمقدمات صحيحة للحل السياسي، وأن يقوم تحقيق ذو مصداقية في جرائم قتل المتظاهرين. وغني عن القول إن أي حل لا يلبي مطالب الشارع الثائر، ويحظي بقبوله والالتفاف حوله، سيولد ميتاً في كل الظروف والأحوال، ولو جاء من أكثر المنصات ثورية. ومن الواضح أن السودانيين لن يقبلوا بأقل من أهداف ثورة ديسمبر كاملة ودون أي انتقاص، وهو الشيء الذي سيفهمه العسكر عاجلاً أم آجلاً.

جرب العسكر قمع التظاهرات لعام كامل منذ انقلابهم في الخامس والعشرين من أكتوبر من العام الماضي، فما أغنى ذلك عنهم شيئاً، ولا فت في عضد الشعب التواق لدولة العدالة والحقوق والحريات. وجرب الفلول التآمر ومحاولة إشعال البلاد من الأطراف سعياً للانتقام من الشعب السوداني لقيامه بثورة ديسمبر، فما استطاعوا لذلك سبيلاً. يبقى أمن المواطنين مسؤولية حكومة الانقلاب بلا شك، أما تزايد العنف ضد المتظاهرين، فلن يقود الشعب السوداني للاستسلام ولا للتنازل.

حفظ الله السودان وشعب السودان

الديمقراطي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..