مقالات سياسية

لجان المقاومة بين الممكن والمستحيل (2-2)

مهيلم أبراهيم

ان تاخير تنفيذ مطلوبات الفترة الانتقالية من العدالة ونتائج التحقيقات  في الجرائم المختلفة اضافة الي عدم استكمال هياكل السلطة وغيرها , جعل من الحاضنة السياسية ولجان المقاومة التي رجحت كفة التغيير وجعل كل القوي ذات المصلحة خارج المساهمة في صنع القرار من داخل هياكل السلطة ولو بالتمثيل في المجلس التشريعي الذي يستوعب كل الاراء المطلبية والتشريعية ثم يسن القوانين ويمثل السلطة الشعبية القانونية لمراقبة الاداء التنفيذي ويساهم في وضع اولويات البرنامج الانتقالي .

بعض قوى الشراكة تدرك ان افساح المجال للشباب ولجان المقاومة بالقري والمدن والاحياء  سيخلق من ديسمبر ثورة بعد ان ارادوا لها ان تكون مجرد انتفاضة عابرة وذلك لان تمثيل الجيل الحالي ٦٠٪؜ شباب فوق السادسة عشر ودون الخمسين  كلهم خارج السلطة والاداء الحكومي غير ملبي لطموحاتهم اضافة الي اداء النخبة ومواصلة فشل ايجاد مشروع وطني يحدد الملامح للمرحلة ويفرز برنامج مستقلبي يتيح للشباب امكانية المشاركة في بناء الجمهورية الثانية .

في ظل هذا الواقع تجد لجان المقاومة والشباب علي العموم مهموم بكيفية صياغة المستقبل وطرح بدائل سياسية جديدة تتجاوز العجز الحزبي عن تطوير الافكار والبرامج الحزبية المواكبة لتطلعاتهم ، اذن الشباب معذور في تخبطه ولكن قوانا السياسية لن نجد لها العذر الكافي لذلك عليها ان تدرك ضرورة انجاز مشاريع برامج وتطوير رؤي تناسب الحداثة والتطور و ان تستوعب هموم هذا الجيل وذلك باتاحة فرص التقدم له في داخل الاحزاب نفسها وانتخاب وترفيع عضوية تمثل هذه النسبة الكبيرة من المجتمع لتسهم في هذه الصياغة وتعبر باحزبها والوطن  من محطة الجمود .

اثبتت ثورة ديسمبر انها مستمرة رغم الخمود والمنعرجات الخطرة والتي كادت ان تعصف بالتجربة السياسية و بوحدة البلاد وذلك لان التغيير المنشود تغيير شامل وساهم نظام عصبة الانقاذ في توحيد جميع افراد المجتمع ضد حكم البشير وذمرته الفاسدة , وقد حرم اغلب الشباب السوداني من الحلم بالمستقبل أو حتي الاستقرار علي واقع محدد وتجارب الحروب الاهلية شردت خيرة الشباب والاف الاسر كلاجئين ونازحين في بقاع العالم وداخل المدن السودانية مع حرمان للجميع من ان يكونو منتجين .

التغيير يحتاج الي الامل والنفس الطويل مع الصبر والعمل وتضرب هذه اللجان بروحها الشبابية اروع الامثال لتقديم الامل المتجدد بصلابة وجسارة الكنداكات والشباب وهي اعلي قيمة جماعية بذرت في المدن والارياف بذرة المدنية المنشودة والتي رويت بدماء شهداء لذلك لن تموت .

اكدت التجربة السياسية بعد زوال نظام البشير عن سدة الحكم أن قوانا السياسية لازال بعضها لم يصل الي تشريح حقيقي وتوصيف دقيق لما يجري من تحول , وهذا يعيق تقدم المجتمع لان عدم فهم التغيير الذي يحدث والاحساس بالمشكلة المشتركة يؤدي الي تقديم حلول لا تنسجم مع الواقع ويقود الي التخبط واحيانا الفوضي السياسية لان الفرتة الانتقالية هي فترة تهيئة لنمو التجربة الديموقراطية , عجز التوصيف ادي الان الي تعطيل استصحاب المساهمة الشعبية من خلال توفير المناخ عبر المجالس التشريعية وادي الي رفض الشباب ولجان المقاومة للفشل المتوارث في الحفاظ علي الديموقراطية في الماضي ومقدماته في التشظي وعدم الرؤية والتواضع علي مشروع وظني .

 من اغرب ملاحظات التجربة السياسية الانتقالية الحالية اختلاف المصالح ومن الاعجب تمثيل هذا الاختلاف في حكومة الثورة , وهذا ناتج من منطلقات التوصيف نفسها ! 

القوي السياسية للحكومة الانتقالية منها من يتوافق مع الثورة في حدود تغيير راس النظام وتمانع حد العنف ان يصل التغيير الي ضرب مراكز النظام القديم الاقتصادية مما اسهم في تأخير عمل لجنة ازالة التمكين عن النفاذ الي عمق بؤر الفساد .

وبالممارسة وجدت القوي صاحبة المصلحة في التغيير مواجهة بتنظيمات بعضها عجز عن المحافظة عن الديموقراطية السابقة وتعمل الان علي ايقاف قطارالتغيير في هذه المحطة .

ورثنا مؤسسة عسكرية ذات مصالح مع النظام القديم الذي اسس لها موارد مستقلة عن الدولة ولم تستطع الحكومة بشقها المدني حتي الان ان تصحح هذا الوضع الاقتصادي المشوه , مع العلم ان الاصرار علي الشراكة من قبل العسكر والذي وصل حد المجذرة مبني في الاساس علي المحافظة علي هذه المؤسسات الاقتصادية الموازية علي الاقل او الوصول الي مرحلة الحكم العسكري المنفرد .

في ظل حكومة من التكنوقراط بدأت تفقد الحاضنة السياسية التي تعاني من ازماتها الداخلية المستمرة والمزمنة والتي الق بظلالها علي الشارع وهذه اللجان اصبح الواقع يتحرك باتجاهات حلول متعددة ومنها :

العمل الداخلي لشباب الاحزاب المؤمن بالتغيير ومؤمن بالتجديد الفكري وتجديد الممارسة وهذا طريق صحيح بالضرورة ويستند علي ارث غني من الافكار والتجارب التي تستحق النقد والتطوير والتقويم .

طريق تاسيس جمعيات ومجموعات سياسية حديثة تنطلق من الرفض الكلي للماضي السياسي والتجربة وهو طريق طويل لانه مبني علي مبدأ التجربة والخطأ , ولا يتاسس علي النقد المنهجي للوصول الي حلول لمشكلات الواقع .

في ظل هذه الاوضاع حلول هذه المشكلات تبدأ بتقييم التجربة وعدم الانزلاق في في تجارب الشيطنة المتعمد والمتبادل بين الاحزاب ولجان المقاومة  والتي لن نستفيد منها شيئا وتساهم في تغييب الهدف كما ان محاولة اقصاء الاحزاب تؤدي الي الهدم اكثر من البناء الذي يقوم علي الفراغ والذي يؤسس لعهد شمولي جديد يرفض التعدد والعمل الديموقراطي .

مهيلم ابراهيم
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..