معرض الكتاب… العرض والتعريض

من المنتظر أن يختتم اليوم الخميس الثاني عشر من سبتمبر الجاري معرض الخرطوم الدولي للكتاب في نسخته التاسعة فعالياته التي كانت قد بدأت في الفاتح من سبتمبر بأرض المعارض ببري تحت إشراف وزارة الثقافة والاعلام، ورغم ما يمكن أن يوجّه من نقد لهذه الدورة وتعريض بها من حيث قلة الاقبال وإحجام عدد من دور النشر العربية الكبرى التي شكلت حضوراً في الدورات السابقة، وغلبة دور النشر المصرية على ما عداها لدرجة تبدو معها هذه الدورة وكأنها خاصة بالكتاب المصري، وإقتصار المعروض من كتب بدرجة لافتة على نوعية محددة من الكتب، وغلاء الاسعار وغير ذلك من إنتقادات يمكن أن توجّه للمعرض، إلا أن مجرد الحرص على قيام المعرض، ورغم أي نقد يمكن أن ينتاشه، يظل أمراً محموداً يستحق التنويه به والاشادة ولو من باب الاعانة للمحافظة على هذا التقليد الحميد، الذي ينحو باتجاه تعظيم المعرفة والفكر والحض على القراءة والتعليم باعتبار أن القراءة هي مفتاح أبواب العلوم والمعارف المتنوعة، واذا كان لمعرض هذا العام مثله مثل أي جهد بشري ناقدون وناقمون، له أيضاً مستحسنون من الرواد الحريصين على إرتياد معارض الكتب ولهم فيها جولات وخبرات، يرون أنه في بعض جوانبه حقق ما لم يعهدوه فيما سبقه من معارض، ومن ذلك مما وقفنا عليه، ما وجده الناشرون من تحفيز في التخفيض المعتبر لقيمة الشحن والترحيل، بما يقرب من نصف قيمة الترحيل السابقة، وطريقة العرض الجيدة والتنظيم الجيد وغير ذلك من محاسن وميزات لهذه الدورة جرت على ألسنة ناشرين مشاركين ومثقفين ممن إرتادوا المعرض وتجولوا في ردهاته…
سُئل مرة أحد العلماء العباقرة: لماذا تقرأ كثيراً؟ فقال ويا أحكم ما قال «لأن حياة واحدة لا تكفيني»، وقد صدق فالكتاب والقراءة هي إحدى أهم الوسائل لاكتساب المعارف والعلوم المختلفة والاستفادة من منجزات المتقدمين والمتأخرين وخبراتهم، فلا الأفراد ولا الأمم تتقدم بدون القراءة والاطلاع، وشتان بين من يقرأ ويطالع ويقارن ويقارب ومن لا يقرأ، ذاك حي وصاحب حيوية وتجديد واستنارة، وهذا في عداد الموتى، والقراءة الحرة التي توفرها معارض الكتب يمكن أن يتعلم منها الانسان أكثر بكثير من تعليمه النظامي الذي تلقاه في المدارس والجامعات والمعاهد، والعالم يعج بالكثير من العباقرة الذين صنعت عبقريتهم القراءات الحرة التي عكفوا عليها دون أن يكون لهم نصيب يذكر في التعليم النظامي، ليس العالم بل في سوداننا هذا ووسطنا الصحفي هذا برزت أرقام وقامات صحفية علّمت نفسها بنفسها فقط من خلال الاطلاع والمطالعة والقراءة، ومن الحكم التي قيلت حول ذلك أن الأمكنة التي تمنع فيها الكتب يصعب أن يكون لها دور، تماماً كما يمكن القول أن الأمكنة التي رعت الكتب كان لها دورها ولا يزال، فالقراءة تفتح العقل وتنمي التفكير وتوسِّع الآفاق وتغذي الفكر، وبكلمة واحدة هي من أهم أدوات التقدم وبناء الحضارة، وما أوسع البون بين الأمة القارئة وغيرها، ولهذا يجيء حرصنا ونرجو أن يحرص غيرنا كذلك على تشجيع أية مبادرات أو فعاليات تجتهد في أن تجعل للكتاب مكانته وللقراءة موضعها الذي تستحقه خاصةً بعد التراجع الملحوظ للكتاب والقراءة في أوساط مجتمعنا اليوم…

الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..