ريما وعادتها القديمة

هل تفاءلت يوما وانتظرت خيرا من البرلمان (المنتخب)؟ هل أغمضت عينيك وقلت مهما كانت الأسباب والمبررات في المواقف “الملولوة” و”المغطغطة” ففي النهاية هؤلاء أبناؤنا وأخواننا، ولن يرضوا لنا الظلم والضيم والمسغبة والمذلة، وأنهم في النهاية خرجوا من بيننا، صحيح لأنهم لم يعودوا، لكن ليس مستحيلا أن يعودوا يوما. لو فعلت ذلك فلا ملامة عليك، فالرسول الكريم أنبأنا بان الخير في أمته، ومن حقك أن لا تقنع من خير فيهم، وأنت رجل فيك الخير، وتنتظر الخير من الناس.
كم مرة عرضت عليهم الميزانية، فثاروا وأرغوا وأزبدوا وقالوا أنها ستثقل كاهل المواطن بالأعباء والضرائب، وكرروا القول أنها لن تمر إلا على جثتهم، ثم بين ليلة وضحاها باركوها وأكثروا عليها الثناء، ومرروها بحذافيرها، ومرت على أبدانهم وهم أحياء. يقول قائل أن الاجتماعات المغلقة هي التي تقنعهم بتمرير ما اعلنوا أنهم لن يوافقوا عليه، ولعمري لا أعرف ماذا يدور في هذه الاجتماعات المغلقة، وليس لدي علم بتفاصيل ما يجري فيها من حوار، وبأي لغة، لكن يبدو أنها تحقق نجاحا في كل مرة.
نفس الاجتماعات المغلقة دارت عليهم حين أعلن وزير رفع الأسعار زيادة أسعار البترول، فهاجت القاعة وقامت ولم تقعد، ثم قعدت في قمة الراحة بعد بعض الاجتماعات المغلقة، وشاهدنا نفس الوجوه العابسة تبتسم وهي ترفع يديها بالموافقة. بل أنني شاهدت أحدهم يتقعر على شاشة التلفاز وهو يعطينا محاضرة عن الظروف التي تمر بها البلاد والحصار والمقاطعة، ثم يوصينا خيرا بالتمسك بالعروة الوثقى. صحيح أنني لم أجد علاقة بين رفع أسعار المنتجات البترولية والعروة الوثقى، لكن هل تجرؤ على رفض التمسك بالعروة الوثقى؟.
ثم هاهو قانون القوات المسلحة بتعديلاته المجافية لكل منطق وعرف ولكل مواثيق ومبادئ حقوق الإنسان يتم تمريره إلا من معارضة محدودة، بعد كل الهياج والصراخ السابق. تحدث مسؤول كبير في البرلمان عن خطورة هذه التعديلات، وبالذات محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وقدم منطقا متماسكا لرفض هذه التعديلات، ثم شاهدته يبارك ويؤيد حلا وسطا أبقى على كل هذه التعديلات التي كانت مرفوضة، ولا أعلم كيف هو حل وسط، لكني تذكرت العروة الوثقى مرة أخرى. الغريب أن السيد وزير الدفاع رابط في البرلمان طوال أيام مناقشة هذه التعديلات، ولعله انخرط أيضا في الاجتماعات المغلقة، رغم أنه في مرات سابقة رفض الحضور للبرلمان لأنه مشغول.
لن يترك أعضاء البرلمان عادتهم القديمة، ومن فات قديمه تاه، وفقد فرصته في ترشيح الحزب له في المرات القادمة. صحيح أن النائب يبغي خدمة المواطن والوطن، هكذا قال وسيقول في المرات القادمة، ولكنه معذور، فهو يطلب ايضا رضاء الحزب والمتنفذين، فلو لم يختاروه للترشيح، فكيف سيخدمكم؟ ربما يخدمكم في الدورة القادمة أو التي تليها،أو بعدها؟
أعلم أنهم مافتأوا يخذلونك، مرة تلو مرة، فأرفع يديك للسماء وأسأل الله أن يهديهم الصواب يوما، فيتذكروا أنهم جاءوك وعرضوا صفحاتهم عليك، ووعدوك بأن يمثلوك خير تمثيل، لا أن يمثلوا بك.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. يا خوى ما كلهم سجمانين. كان ما شيخنا كان مشغول بالمواضيع البيولوجية المعقدة دى كان بركاته ما خلت قانون وزير الدفاع بالنظر ده يمر حتى لو تم التصويت عليه بالاجماع.

  2. لله درك على هذا المقال الحصيف وبارك لكم فيه ولعمرى مثل هذ النقد البناء والتناول الموضوعى والحروف اللماحة خير من الف برلمان من برلمانات الزيف والدجل والعمامات والرؤوس الفارغة

  3. أسأل الله أن يفضح كل منافق عاجلا في هذه الدنيا…ليشف صدور قوم مؤمنين.
    “ثم يرحمه في الآخرة”

  4. الاخ فيصل تحياتى…كلما شاهدت جلسة من جلسات مجلسنا الموقر اندهش وانا اقرا الحضور…اولا معظم الكراسى تسجل غيابا…ولعله افضل من حضور بلا حراك..اما الحاضرين فبعضهم نائم وبعضهم حضر لرفع اليد فقط…لم نشاهد برلمانا مؤثرا حتى الان..ولم يخرج السادة ممثلو الشعب باى انجاز لمصلحة الذين رشحوهم..والادهى من ذلك اننى اعرف بعض اعضاء البرلمان الممثلين لبعض المناطق لم يحضروا جلسة حتى الان والاعجب من ذلك انهم يقيمون خارج البلاد بصفة دائمة..تخيل عضو غير متواجد بالسودان.فى وظيفة خارج السودان.وبالرغم من ذلك يصرف مخصصاته….عجبى!!!!
    لكن لا تتعجب يا استاذ..سيظل البرلمان قاعة للتصفيق والتكبير والتهليل بعيدا عن احلام وآمال الشعب الذى انتخبه ان كان فعلا قد انتخبه…اما السيد وزير الدفاع منو يقدر يقول ليهو تلت التلاته كم!!!يحضر وقت عايز….

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..