نسوان تبني ..ورجال تدمّر !

نسوان تبني ..ورجال تدمّر !

محمد عبد الله برقاوي..
[email][email protected][/email]

كثيرا وكما أسلفت غير مرة ، ما نلاقي نحن الكتاب المعارضون لنظام الانقاذ انتقادات من مؤيديه تتهمنا باننا جاحدون لانجازات حققتها حكومة النظام يراها أولئك النفر انها عظيمة !
البعض يتحدث عن الطرق وآخرون يعددون الجسور والكباري والسدود ويستشهد جماعة بطفرة الاتصالات التي نشهد بانها تطورجدائل نجاحاتها باطراد ولو كان ذلك من فتلات لحى وضفائر زبائنها المتزايدون!
فيما يقف البعض يحسب للنظام توسيع رقعة التعليم في كل مراحله !
بينما يغيب عن حساباتهم ما يقابل تلك الانجازات الناقصة ، ما يمزق نياط القلوب التي أدماها تدمير المشروعات الكبيرة التي كان السودان يباهي بها الدول المتطورة في ذات المجالات كمشروع الجزيرة و السكة الحديد والخطوط البحرية ، وقوة جامعة الخرطوم وقد كانت طويلة الباع حذوك النعل بالنعل مع جامعات انجلترا ، وخدمتنا المدنية التي كانت تتسابق عليها الدول النامية للاستعانة بها في بناء هياكلها الناشئة ، وماذا نقول عن الجيش الذي أحاله النظام الى عسس لطرد طمأنينة المواطنيين ، لا توفير حماية حدودهم !
طبعا من المنطقي أن يحكم نظام لمدة ثلاثة وعشرون عاما و يقول للناس انه فعل المعجزات رغم ما يعانيه كما يقول مؤيدوه من حصار وحروب الخ تلك المعزوفة التي نسمعها كل يوم !
ونحن بعيدا من التشنج وبغض النظر عن مواقفنا المبدئية ولنتحدث كمواطنين عاديين ولسنا كمحللين ، نقر أيضا أن ما من نظام يحكم ولو سنتين لابد أن يخرج بما يمكن أن يتباهي به !
ولكن المنطق يقول ان العبرة ليست في كم الانجازات وبكيفيات الكل يعلم مصادرها وملابسات الفساد التي صاحبت تطور بنائها والتبعات التي تترتب على سداد مديونيات البلاد التي تراكمت عليها وسجلت في دفاتر موازناتها خسائر جمة حتى قبل أن تبدأ ضخ انتاجها ، وهاهو سد مروي الذي بشرتنا لانقاذ بأنه سينقلنا الى مصاف الدول العظمي ، وقبل أن يضيء حتى شوارع مددنا المعتمة ، يصل بنا متراجعا الى استيراد الكهرباء من أثيوبيا !
وقس على ذلك من اخفاقات التركيز على المد الأفقي للمشروعات ، دون التمعن في المردود منها !
ولعل السياسة التعليمية المترهلة في مبناها ومعناها كانت هي الأخرى وبالا على شبابنا أكثر من كونها نعمة تكون لهم مركبا يحملهم من الشاطي الآخر للحياة الطلابية الى مراسي تحقيق مستقبلهم بالعمل لبناء أنفسهم وخدمة بلادهم !

بالأمس لفت نظري خبر صغير مر كموجة تطفو في جدول شريط الأخبار اسفل شاشة احدى الفضائيات ، يقول
أن رئيسة البرازيل
( السيدة ديلما روسيف)
قررت ضمن خطة التنمية الشاملة لدروتها الرئاسية انشاء ( 800 ) فقط ثمانمائة مطار اقليمي لاغير!
انتهي الخبر !
ومن ثم قفز الى ذهني فشل حكومتنا التي يصفها مساندوها بالرشاد الانجازي ، في انشاء مطار واحد بعد أن أنفقت على بنياتة الأولية التحتية ملايين الدولارات ، دفنت في حفر الفشل وذابت في بؤر الفساد ، وتاهت القضية في اضابير السترة البينية في شراكة
( تبادل حك الظهور )

فالبرازيل التي كانت من أفقر الدول ، قفزت بفضل الشفافية في ديمقراطيتها الجديدة الى مصاف الدول السبع التي تحرك عجلة أقتصاد وصناعة العالم وهي التي لم يكن لها صيت الا عبر معجزة الكرة بيلية الى عهد قريب !
لسنا ضد النجاح حتى لو أتى به الاسلاميون في أى مكان ، وليعلم الكل أن معارضتنا للانقاذ ليست من منطلق عقائدي فحسب لاننا على قناعة أنها في ساحل والاسلام في ساحل آخر !
ومهما يكن اعتدادنا بدعوتنا لقيام الحكم العلماني الديمقراطي الحقيقي المدني المنفصل عن الدين باعتباره شأنا اجتماعيا نقدس تربعه في مواضعه بعيدا عن دنس السياسة ، فاننا لايمكن أن نخفي اعجابنا بالتجارب الاسلامية الناجحة حيثما كانت طالما أنها راشدة ومفيدة العائد وتتم من منطلق يهدف الى صالح الشعب في عموميات مكوناته وليس تفصيلا على مقاس فئة مقتدرة بعينها، وتضيق على فئات الطبقات الغالبة والغلبانة !
فتجربة تركيا على سبيل المثال التي تبؤات المركز السادس عشر في سلم اقتصاد العالم وخلال مدة قياسية لا تتجاوز السبع سنوات الأولى من حكم اوردغان الاسلامي ،و هي الأخرى كما الانقاذ تعاني من تمرد بعض الأقليات ولكن ذلك لم يدفعها لارتكاب حماقات تستدعي دخول قوات دولية لحماية مواطنيها ولا استعدت العالم ادعاءا باسم اسلام متشنج ولا هي ناطحت الكبار دون مروة أو تقدير المسافات الفاصلة بمنطق القوة والضعف !
ولا صعد قادتها المنابر ومنصات اللقاءات الجماهيرية التي يعطل لها دولاب الانتاج ، ورفعوا أحذيتهم بالسباب في وجه العالم ، فأشتكى عليهم في محاكمه الدولية ، يطلبهم متهمين وفي مقدمتهم رئيس النظام !
وبعد كل ذلك الا يحق لنا أن نذهب الى القول ، شتان بين رجال تتحدث وتهتف وتهدد من يلوّح بالمحاسبة أو مجرد المساءلة ، لأنها شيدّت ما تدعيه صروحا ، ولكنه في النهاية يسقط حطاما على رأس الوطن بكل ماهو ساحق وماحق ،وبين نساء تبني وتنجز وتنتظر الحساب الولد بجسارة الواثق في نهاية فترتها الرئاسية لتسلم الشعب كشفا ترجح فيه كفة الربح على الخسارة !
بينما يتراجع حكمنا الذي دام ثلاثة وعشرون عاما في كل شيء ، حتى باع كل محطاتنا الخارجية للخطوط السودانية التي باتت تلفظ أنفاسها الأخيرة بعد أن ملأت سابحة كل الأجواء على مدى نصف قرن من الزمان !
الا يكون من بعد ذلك التفكير في بناء المطارات الداخلية بسودان الأنقاذ التي فرطّت في أنجاز البترول وقد أهدته مغلفا في عيد ميلاد دولة انسلخت من جلد الوطن هربا من رعونة التعاطي الانقاذي ، من قبيل جلب الحبال دون وجود البقر أصلا !
اليس حقا نحن جاحدون ، حاقدون على نظام يهلل رجاله ويكبرون حينما يرفع رئيس البلاد المقص بعد قطع الشريط احتفالا بافتتاح ماكينة صرف آلي في بنك ، لايستحق في البلاد الأخرى أن يخرج في سبيل ذلك الانجاز مدير البنك من مكتبه معطلا عمله!
فيما نساء البلاد الأخرى تعمّر المطارات بالمئات في مدة توليها القصيرة و يمر الخبر مرور الكرام في جدول شريط الأخبار كموجة عابرة ليس الا !
وجمعة سعيدة ..على أهل وطننا رجالا ونساءا وفي كل مكان.

تعليق واحد

  1. نهضة تركيا لم يبتدرها اردوغان ولاحزبه فهى بدأت مع مصطفى كمال اتاتورك – واذا اردت ان تعرف اسلام تركيا قم بزيارة الى استطمبول .

  2. نحن أخي برقاوي في عهد يصر على الغاء العقول وتدمير خلايا التفكير في رؤوسنا التي يريد احالتها الى مجرد حجارة مستديرة للف العمائم..ونمضي خلفه اينما سار في طرق التهلكة وكأننا البهائم !
    وعلى ذكر البرازيل ورئيستها الجديدة ، لاننسى رئيسها السابق السيد دي سلفا الذي نقل البلاد خلال ثمان سنوات فقط هي دورتي حكمه البناء ، فرفع دولته من القاع الى سقف الدنيا ، وحينما أقترح عليه شعبه بالحاح أن يعدل الدستور ليمنحه فرصه ثالثة بالانتخاب ، بكى الرجل خوفا من المسئؤلية ، وقال وسط دموعه ، هنالك من هم أحق مني وأكثر كفاءة خرجوا من نفس رحم الوطن مثلي !
    بينما تجد رئيسنا بعد كل هذا التعثر في الاخفاق وتقطع شرايين التواصل مع العالم المتحضر ، والدوران في دائرة حريق الحروب و تناحر حركته الاسلامية في نهاية طريقها المسدود الأفق بعد أن قسمت الوطن ايدي سبأ ،مثل انقسامات حزبه الأشتر ونظامه ذلك الكيان المنغولي الذي وقف نموه منذ ولادته سفاحا ، واعتلال صحة الرجل شخصيا وخروج قادته العسكريين عن شبكة السيطرة على البلاد جوا وأرضا وبحرا ، وانفلات الأمن في كل الأطراف حتى أصبحت مليشيات الجريوات التي رباها تشكل حكومات موازية في دارفور تنهب نهارا وتقتحم المحاكم التي أفرغت من هيبة القضاء التي أسس لها المحجوب وزروق وغيرهم ، ومع ذلك يقول رئيسنا الهمام ، لن تلد حواء السودان مثلما انجبت أمه هدية للسودان من غضنفر ضرغام على شعبه ونعامة يتوارى خلف الجعجعة الفارغة هربا من فاتو بن سودا قاضية المحكمة الجنائية التي أنتهي اليها مطافة المذل ، مثل وضاعة رموز معارضتنا التي أرخت للنظام تكة عورتها وأنثنت !
    مما جعلنا نسأل الله أن ينعم علينا بسيدة تحكمنا بنفس جسارة تلك السيدة البرازيلية ، لتضمد فينا جرحا نزف سلسلا من دماء الحسرة على ضياع عمرنا وراء السراب وتسرب وطننا من بين أصابع غفلتنا وراء الوهم ، باننا نحن ونحن ونحن ولا زلنا نقتات على تراث الشرف الباذخ ونأكله اكلا جما وأأخخخخخخخخ واههههههههين يا د يلما أيتها الخلاصية الجميلة بانجازاتك لو تزورينا مرة.
    ولو في طيف نومتنا الطويلة لتوقظينا!
    شكرا لك الأخ محمد ..على جرأة الأمثلة التي نستوحي منها العبر ان كنا حقيقة سنعتبر !

  3. المقال جميل و معبّر للغاية!.. استوقفتنى الفقرة التالية:

    (ومهما يكن اعتدادنا بدعوتنا لقيام الحكم العلماني الديمقراطي الحقيقي المدني المنفصل عن الدين باعتباره شأنا اجتماعيا نقدس تربعه في مواضعه بعيدا عن دنس السياسة ، فاننا لايمكن أن نخفي اعجابنا بالتجارب الاسلامية الناجحة حيثما كانت طالما أنها راشدة ومفيدة العائد وتتم من منطلق يهدف الى صالح الشعب في عموميات مكوناته وليس تفصيلا على مقاس فئة مقتدرة بعينها، وتضيق على فئات الطبقات الغالبة والغلبانة ! )

    نعم العلمانية والديموقراطية هى التى تهيئ المناخ السليم للعمل الجاد فى تطوير ونهظة البلدان.. و لولا التزام حزب اردوغان الاسلامى بدستور تركيا العلمانى لما استطاع ان يقدم لبلده ما قدمه الآن.. الاسلاميون الرافضون للديموقراطية لا يقدمون لبلدانهم سوى الخراب والجهل والتنكيل بكل من لا يوافقهم.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..