عمر إحساس .. قضية دارفور تشكل روح أغنياتي

حوار- سارة هاشم :

عمر احساس مطرب سوداني قادم من ارض دارفور والتي حمل قضيتها هما كبيرا وجاب بقاع العالم مبشرا بالسلام في ربوعها ومتغنيا بتراثها الغني وملامح تاريخها الثري وقبائلها المتشابكة في تواصلها الاجتماعي الفريد.. جاء «احساس» ضمن مجموعة سودانية مثلت هذا البلد المتعدد الثقافات والأعراق والفنون في الاسبوع الثقافي السوداني الذي أقيم ضمن فعاليات مهرجانات الدوحة عاصمة الثقافة العربية 2010 .

وقد أحيا أكثر من ليلة غنائية أمها جمهور غفير من محبي الفن السوداني وعشاق تراثه الغني وختم وجوده بالدوحة برحلة اقامتها على شرفه (رابطة ابناء دارفور) بقطر إلى (محمية الدوسري) الواقعة بمنطقة ( الشحانية ).

التقته (الراية) في هذا الحوار قبيل مغادرته عائدا إلى الخرطوم:
هل لك ان تحدثنا عن بداياتك الفنية وكيف كانت؟
ــ كانت أولى بداياتي بمدينة ( نيالا ) بأغنيات الحقيبة وهي نوع من أنماط الغناء السوداني التاريخي القديم يؤدى بمصاحبة مجموعة (كورال) من الرجال وغالباً مايرددون المقطع الأول من الاغنية عن طريق آلة (الرق) التي عادة ما تصاحب الإيقاع، ثم كانت خطوتي الثانية حين قدمت الأغنية السودانية الحديثة بمصاحبة الأوركسترا وهي الخطوة التي سبقت انتقالي للخرطوم حيث تمت إجازة صوتي في العام 1981م من قبل لجنة الأصوات في الإذاعة السودانية وبعد أن نلت الدرجة الأولى توجهت إلى الأغنية السودانية من منطقة دارفور وذلك باستخدام الموروث الإيقاعي بالمنطقة وتقديمه في قالب موسيقي حديث.

هل هذه أول زيارة لك لدولة قطر؟.. وما انطباعاتك عنها عامة؟
ــ لا بل هذه هي المرة الرابعة ولكن كثيراً ماأعبر من خلالها لدول أخرى وفيها قد رأيت شعبا مسالما ومهذبا و مضيافا يحترم الآخرين وثقافتهم وهذه من أهم المسائل.. حيث أقول: "إذا احتُرم الشخص في ثقافته يتملكه الإحساس أنه داخل بيته" ويمكنني القول بأن قطر- ومنذ أول رحلة لي في العام 1996- شهدت تقدما ملموسا في مختلف مجالات التنمية وذلك على المستوى الداخلي اما خارجيا فان لقطر علاقات واسعة تساعد بها على حل كثير من النزاعات بين الدول.
بمن تأثرت خلال مسيرتك الغنائية؟
ــ كل الشخصيات الفنية وغيرها على مر مسيرتي كان لها تأثير إيجابي على شخصي واستلهمت ذلك من تجاربي الشخصية ولكن لاأستطيع أن أقول إن هناك شخصاً بعينه كان له الفضل في اكتشافي أو احتضاني فنياً وأشار بالقول: "أنا ومجموعة من أبناء جيلي بدأنا سوية بمدينة نيالا, كل في مجاله".

برأيك لماذا ظل الغناء السوداني حبيس مجتمعه ولم ينتشر عربيا؟
ــ من خلال رؤيتي من المعروف عالمياً أن المحلية هي الطريق للعالمية وثبت ذلك في كثير من ضروب الفن كالتشكيل، النحت، الموسيقى، الشعر وغيرها وهناك أمثلة لذلك كموسيقى تشايكوفيسكي الذي نرى أنه استند على المحلية في طرح الموسيقى أما الآن في العصر الحديث منهم نجيب محفوظ الذي حصل على جائزة نوبل للسلام ولكن ألا يقبل الفن السوداني فهذه ليست مشكلة الفنانين السودانيين وإنما المتلقي العربي الذي تجمعنا به أواصر كثيرة من أهمها اللغة ومن الملاحظ أننا كمجتمع سوداني نستقبل وبصدر رحب كثير من اللهجات منها: التونسية، المغربية وغيرها ومن هذا المنطلق يطرح السؤال نفسه لماذا هذا الإستثناء حيث الفن السوداني وحده الذي لايفهم من بين سائر الفن العربي؟، أما من ناحية السلم الغنائي فأرى أن الخماسي ليس فيه مشكلة بل العكس هو أقرب للتواصل منه للسلم السباعي ويمتاز بالقوة ومن المثير أن الخماسي نسبة الدول التي تستخدمه هي الأكثر ويردف قائلاً: "أطالب إخوتنا في كل الشعوب العربية التغلب على هذا الاعتقاد وإيتاء الفرصة للاستماع للفن السوداني بشعور جديد". وأضاف لدينا خير مثال الفنان سيد خليفة الذي تغنى بنفس اللغة والمقام وانتشرت بشكل كبير في الوقت الذي كانت فيه نسبة القنوات الفضائية والوسائط الإعلامية قليلة ولكنني مطمئن أن إيقاعاتنا محتفى بها في كل الدول الأروبية والاسيوية والتي لاتشاركنا اللغة معللاً بذلك أن الموسيقى في الأصل لغة عالمية.
رأينا أن إيقاع موسيقاك مميز.. فمن أين تستمده؟
ــ أنا أقول أن تجربة عمر إحساس ماهي إلا طرح إيقاعي وأستمد هذا الإيقاع من دارفور وذلك لأنها قوية وهذا اللون الموسيقي يمثل هجيناً مابين أفريقيا والدول العربية ويتمثل بأجلى معانيه على الواقع الفني الشعبي الفلكلوري في منطقة غرب السودان ونرى أنها محتفظة بهذا الإيقاع ولاسيما في منطقة (حزام البقارة) الذي يمتد من ولاية دارفور إلى غرب كردفان وفي الخلاصة لايسعني إلا أن أقول: "الإنسان ابن بيئته ".

لماذا أخذت قضية دارفور أغلب أغنيات عمر إحساس دون غيرها من مناطق السودان؟
ــ لأنني فنان والفن ممارسة إنسانية وأرى أن الفن الصادق هو الذي يعبر عما حوله من متغيرات والفنان يعبر عن شعور الآخرين ومن قبل قضية دارفور كنت كثير التغني بالسلام ويقول في هذا الصدد: "الحمد لله لقد كنت شاهداً على سلام الجنوب بل وفي قلب الحدث" وتم تأليف أغنية (دارفور بلدنا) في العام 1991م وأخريات وهذه القضية حاضرة معي إلى أن تنتهي ثم أضاف: لدي مؤلفات في هذا المجال عن الإشكال القبلي لدارفور والسياسي منها: النهب المسلح، النزوح، المرأة، الطفل وأيضاً أغنيات تحث على إنهاء الصراع وعلق قائلا: "أنا لا أخلق السلام ولكن أدفع الآخرين له".
من وجهة نظرك هل ترى أن للفن الغنائي أثر على السياسة؟
ــ هذا يتوقف على فهم المتلقي لأنها خلاصة للتجارب الإنسانية فنرى مشاعر السياسي الفنان تختلف رؤيته عن السياسي المجرد ومن هذا المنطلق فان الفن بالتأكيد يؤثر على السياسة.
كيف جاءت مشاركتك بفعاليات الدوحة عاصمة للثقافة 2010؟
ــ أولاً أنا سعيد جداً بهذه المشاركة وهي ليست المرة الأولى بالنسبة لي خارج السودان حيث سبق أن شاركت ايضا في كل من الرباط، بيروت، عمان كدول للثقافة العربية خلال سنوات خليت وقد تم اختياري لفعاليات الدوحة من قبل وزارة الثقافة للجانب الذي أمثله وهو لون فني يجمع مابين الشعب السوداني والخليجي بشكل عام وهذه المشاركة نبعت من إحساسي برد الجميل لدولة قطر التي تحملت كل خلافاتنا (سلام دارفور) التي لم نتحملها في الداخل ومازالت وقد سخرت لذلك كل الإمكانيات من اجل سلام عادل يرضى كافة الأطراف.. وأتقدم شخصياً بالشكر الجزيل لأميرها حفظه الله وشعبها لكل مافعلته من أجل هذه القضية.
ليتك تحدنثا قليلا عن مشاركاتك الخارجية والمناسبات التي مثلت فيها السودان؟
ــ أغلبها مهرجانات وقد تغنيت في كل الدول العربية عدا الكويت والعراق وهذا ليس بسبب الظروف الأمنية والاضطراب ولكن كانت تأتيني الدعوات في أوقات لاتناسبني وأتطلع في القريب العاجل لزيارتهما. أما أفريقياً فقد شاركت في كينيا، يوغندا، جنوب أفريقيا.. وآسيوياً الهند، تركيا، سيريلانكا.. وفي أروبا: هولندا، ألمانيا، النمسا، سويسرا، إيطاليا وسنوياً.. كما انني أزور سنويا مالا يقل عن أربع دول أوروبية.

الراية القطرية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..