ليبيا .. مياه تنبض بالحياة للشعب بدلاً عن الدماء

عفراء فرح
بعد الإطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي واغتياله سنحت الفرص لهيمنة قوات أجنبية متباينة أدت إلى انقسام حاد في الداخل الليبي.
كما أصبح لدى الكثير من الناس صورة ذهنية ثابتة عن ليبيا فعند ذكر اسم هذا البلد الإفريقي تقفذ إلى الذهن صوراً كئيبة للإعدام الوحشي لسجناء يرتدون أردية برتقالية محكوم عليهم بالإعدام.
ومما عقد الوضع الليبي السياسي والأمني بعد الانقلاب العسكري وقصف الناتو ومن ثم التخلي عن ليبيا حرفياً ليتم تمزيقها من قبل مجموعات إرهابية مختلفة في الآونة الأخيرة .
جاء ذلك جراء العمل الإرهابي غير المسبوق الذي يرتكبه مقاتلو داعش “وهي منظمة إرهابية محظورة ” و رغم قبح التصور إلا إنه أصبح واقعاً مروعاً يجسد حقيقة ما آلت إليه الأوضاع .
وحسب تصريحات السياسيين الغربيين التي وجهت اتهاما لموسكو مدعيه فيه دعم موسكو لكلا من ابن القذافي وحفتر إلا أن إلينا يوسفي رئيسة مكتب الشرق الأوسط لمؤسسة الدبلوماسية العامة تري أن روسيا انتهجت “موقفا تقريبيا بنفس القدر فيما يتعلق بجميع أطراف النزاع”.
الجدير بالذكر أن بفضل مشاركة روسيا انطلقت بالفعل العملية السياسية لتحقيق الاستقرار في الجمهورية الليبية وكان الجانب الروسي هو الذي أصر على مشاركة ممثلين عن الجيش الوطني الليبي و(حكومة الوفاق الوطني) في مؤتمر برلين وكذلك مع تركيا ساهمت في المفاوضات الأولى في موسكو.
في 10 مارس 2021 ، تمت الموافقة على تشكيل حكومة الوفاق الوطني.
وحسب مصادر فأن الخدمة الصحفية بوزارة الخارجية أفادت أن وزارة الخارجية الروسية قيمت بشكل إيجابي قرار مجلس النواب الليبي الذي وافق على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية بعد ان تمت الموافقة علي تشكيل حكومة الوفاق الوطني في10 مارس 2021.
كما أكد البيان أن الدولتان تركزان على تطوير الاتصالات السياسية والاستعادة المبكرة للتعاون الثنائي على مستوى عالٍ ، بما في ذلك المجالات الاقتصادية والعسكرية والتقنية والإنسانية.
كما قالت وزارة الخارجية الروسية في بيانها إن ليبيا كانت وستظل شريكا مهما لروسيا في شمال إفريقيا.
و يدل ما ورد في البيان علي اهتمام روسيا الكبير بتسوية مبكرة للعملية السياسية في ليبيا من خلال العلاقات الثنائية طويلة الأمد.
يذكر أن العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفياتي وليبيا تأسست في عام 1955 وذلك عقب الانقلاب الثوري في ليبيا ووصول معمر القذافي إلى السلطة في 1 سبتمبر 1969 حيث أصبح الاتحاد السوفيتي أول دولة تعترف بالنظام الجمهوري الجديد.
وأعلنت قيادة الجمهورية العربية الليبية على الفور رغبتها في تطوير التعاون مع الاتحاد السوفياتي في جميع المجالات، وأصبحت السنوات التالية فترة مكثفة من العلاقات السياسية والتجارية والاقتصادية والثقافية وغيرها بين الدولتين.
ولعب الاتحاد السوفياتي ثم روسيا لاحقا ، دورا مهما في تطوير صناعات النفط والغاز في ليبيا في مجالات التعدين والطاقة الكهرومائية وتطوير خطوط النقل في الجمهورية الليبية وغيرها من المجالات الصناعية والاقتصادية والإنسانية.
كما أستخدم المهندسون الليبيون التقنيات الروسية في تطوير مشروع البنية التحتية للبحيرات الأربع التي تقع تحت الأرض في أعماق رمال الصحراء الذي شرع به القذافي كمورد مهم آخر في فترة الثمانينات بالإضافة للنفط.
الذي أطلق عليه القذافي أسم “النهر الصناعي العظيم” ثامن عجائب الدنيا في العالم وفي وسائل الإعلام الغربية أصبح يعرف باسم “نهر المجنون العظيم”.
وكان من المقرر نقل المياه الأحفورية للصحراء إلى شمال البلاد بمساعدة آلاف الكيلومترات من خطوط الأنابيب من أجل تحويل الصحراء إلى مخزن للحبوب في كل أفريقيا.
وفي مقابلة أجراها رئيس مجموعة الاتصال الروسية حول التسوية بين الليبيين في وزارة الخارجية الروسية مع صحيفة Gazeta الروسية قال”الآن يري العالم بصدق أن الحكومة الجديدة ستصبح “نهرا من صنع الإنسان” يجلب مياها جديدة تنبض بالحياة للشعب الليبي الذي سئم من الأزمات والصراعات العسكرية”.