لقد دنا أجل الإنقاذ

د. عمر بادي
في ظل ثقافة القوة و التحدي تتجلى آفة الخطابات المرتجلة في الجموع الهادرة في ما تحدثه في المتحدث القائد من إنتشاء بالسلطة يجعله يهوش على إثره و يهز بعصاه يمنة و يسرى فتتمايل الجموع معه أو يخيل إليه ذلك , فيسمعها ما يرى دون مراعاة لمتطلبات السياسة ! أليس هذا الشعور ما دعا فرعون أن يهوش و يصرخ في الجموع : ( لا أريكم إلا ما أرى )و( أنا ربكم الأعلى ) !
لقد حدث في مدينة بورتسودان قبل أيام مضت أن أعلن السيد رئيس الجمهورية في خطابه بمناسبة اليوم الختامي لمهرجان التسوق عن لاءاته الأربعة : لا حكومة قومية و لا فترة انتقالية و لا تأجيل للإنتخابات و لا تفكيك لدولة المؤتمر الوطني ! و زاد على ذلك ان للمؤتمر الوطني أجندته التي سوف يقام الحوار عليها , و على من شاء أن يقبل بها ! لقد ترسخت ثقافة الخطاب الجماهيري في فترة ربع القرن الماضي من السنين على نسق المصادمة و مهاجمة المعارضين و سبهم و نعتهم بأسوا الصفات و السخرية منهم و التقليل من شأنهم و دق طبول الحرب ثم الرقص على نيرانها … و حتما سوف يصعب التغلب على تلك الثقافة ما بين عشية و ضحاها , و لذلك لم أر غرابة في حديث الرئيس !
لقد كانت تصريحات السيد الرئيس قاصمة لظهر المصالحة الوطنية , بل كانت ناسفة لمساعي الحوار الوطني بعد أن أعادته إلى ما كانت تردده حكومة الإنقاذ من ان قطار الإنقاذ قد سلك طريقه و من اراد أن يلحق به فليركب ! كنت أتوقع ان يكون رد الفعل عنيفا من عضوية المؤتمر الوطني , و اقل تأثيرا على أحزاب تحالف قوى الإجماع الوطني التي لم تكن تثق في المؤتمر الوطني و تتوقع ان ينقض عهوده . أما عضوية المؤتمر الوطني من الإصلاحيين و الشباب فمن المؤكد أن هذه التصريحات قد نسفت كل ما أعدوه في لجانهم القاعدية و القيادية من دراسات و حلول في التسعة اشهر الماضية كما ذكروا و أجملوها في وثيقة الإصلاح الوطني المعروفة بوثيقة الوثبة . لذلك فقد قلت في نفسي : ( دعني أنتظر و ارى ) , و فعلا في اليومين التاليين لتصريحات بورتسودان هيمن السكون على كل أجهزة الإعلام و على تصريحات المسؤولين , و في اليوم الثالث أعادت لجان المؤتمر الوطني دعوتها للحوار الوطني و تناقلت أجهزة الإعلام أخبار الحوار و اللقاءات مع الأحزاب المعارضة , و كأن شيئا لم يكن ! هل تم حسم السيد الرئيس داخليا ؟ أم تراه قد شعر بانجرافه مع الخطاب الجماهيري المرتجل بحكم العادة فقال ما لم يكن عليه قوله ؟ كالعادة فليس ثمة أي بيان توضيحي من الرئاسة أو الحزب ليشرح للناس ما قد حدث !
لقد تزامن خطاب نسف الحوارالوطني مع قرار المملكة العربية السعودية بإعتبار تنظيمات القاعدة و الحوثيين و حزب الله و داعش ( دولة الإسلام في العراق و الشام ) و الإخوان المسلمين أنها كلها تنظيمات إرهابية , و قد سبق ذلك تجديد قرار المقاطعة الإقتصادية على السودان , و تبعه إيقاف البنوك الغربية و السعودية و الأماراتية من تعاملها مع بنك السودان و ما يعنيه ذلك من تشديد على الحصار الإقتصادي . لقد دعم إخوان الإنقاذ إخوان ليبيا بالسلاح عند مقاومتهم للقذافي , و دعموا إخوان مصر بالسلاح و ساعدوا في تهريب القياديين منهم إلى السودان , و دعموا شباب المجاهدين في الصومال , و دعموا الإسلاميين في إنقلابهم في أفريقيا الوسطى , و أتوا بالسفن الحربية الإيرانية في البحر الأحمر من أجل زعزعة أمنه و تهريب السلاح إلى حماس , و رغم كل ذلك فإن أمرهذه العقوبات في نظر الإنقاذيين لا تتعدي الإبتلاءات , مع انها في حقيقتها عقوبات قد أرادها الله جزاء حسابا لسؤ ما قدمت أيديهم , فالله يمهل و لا يهمل , و كما ذكرت في اكتوبر الماضي فإن دماء شهداء مظاهرات سبتمبر الطاهرة هي التي أسقطت القناع عن وجه الإنقاذيين الحقيقي فتكشف ذلك إلى دول الجوار و بقية دول العالم رغما عن آلتهم الإعلامية الضخمة التي كانوا يعتمدون عليها لتحسين صورتهم .
لقد شرع الإخوان المسلمون المنسلخون من التنظيم الحاكم و جلهم من الأكاديميين و أساتذة الجامعات الذين كانوا ينقدون الحكومة نقدا لينا و يوجهون مسارها , لقد شرعوا في تكوين حزبهم السياسي قبل يومين و اسموه حزب الحركة الوطنية للتغيير و يقولون أن الحزب ليست له صفة الإسلامي , و قد سبقهم في ذلك حزب الإصلاح الآن الذي كونه الدكتور غازي صلاح الدين و المنشقون معه من الإصلاحيين و ذكروا أن حزبهم لا يحمل صفة الإسلامي . سوف يبقى حزب المؤتمر الشعبي في مهب رياح التغيير الخليجية الجديدة , فإن عاد إلى المؤتمر الوطني أصابه الإعصار الذي فيه نار , و إن تمسك بتحالف قوى الإجماع الوطني فسوف ينجو حينا و لكن سيصيبه بعد هنيهة الإعصار الذي فيه نار !
هاهي محادثات منطقتي جنوب كردفان و النيل الأزرق بين الحركة الشعبية قطاع الشمال و الحكومة تنفض دون إتفاق للعام الثاني , و ها هي الحركات المسلحة في دارفور قد إحتلت مواقع عدة , و هاهو الشعب السوداني لم يعد يخاف على شيء بعد أن فقد مقومات الحياة و ذاق الذل و البؤس و القهر و التقتيل و التشريد , و هاهو الشهيد علي أبكر موسى يموت برصاص الأمن بالأمس في أحداث جامعة الخرطوم و الذي كانت شهادة وفاته شهادة لوفاة الحوار الوطني ! سوف يؤدي الحصار الإقتصادي الجديد إلى عزلة النظام الإنقاذي داخليا و إقليميا و عالميا , و إلى تفاقم الوضع الداخلي المتأزم فيزيد من العجز في الموازنة و يزيد الغلاء , و عندما تضيق و تستحكم حلقاتها يكون الخروج و لن يكون هنالك هبوط آمن !
أخيرا أكرر و أقول : إن الحل لكل مشاكل السودان السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية يكون في العودة إلى مكون السودان القديم و هو التعايش السلمي بين العروبة و الأفريقانية و التمازج بينهما في سبيل تنمية الموارد و العيش سويا دون إكراه أو تعالٍ أو عنصرية . قبل ألف عام كانت في السودان ثلاث ممالك افريقية في قمة التحضر , و طيلة ألف عام توافد المهاجرون العرب إلى الأراضي السودانية ناشرين رسالتهم الإسلامية و متمسكين بأنبل القيم , فكان الإحترام المتبادل هو ديدن التعامل بين العنصرين العربي و الأفريقاني . إن العودة إلى المكون السوداني القديم تتطلب تغييرا جذريا في المفاهيم و في الرؤى المستحدثة و في الوجوه الكالحة التي ملها الناس !
[email][email protected][/email]
شي جيد ،،،تتمني للراكوبة الازدهار والتقدم،،كيف لا وهي راكوبتنا التي نستريح تحت ظلها من وهج شمس الحياة،،مزيدا من العطاء أيتهما الراكوبة الغراء ،،الشكر موصول للقائمين عليها ،،،وان كنا نعيب عليكم احيانا إلغاء مساهماتنا في سلة المهملات ،،،،علي كل نضع عمائمنا لكم احتراما ودمتم ،،،سنلتقيكم يوما تحت الركوبة لنحتسي معكم أكواب الشاي او القهوة بالحليب ،so long.
و كما ذكرت في اكتوبر الماضي فإن دماء شهداء مظاهرات سبتمبر الطاهرة هي التي أسقطت القناع عن وجه الإنقاذيين الحقيقي فتكشف ذلك إلى دول الجوار و بقية دول العالم رغما عن آلتهم الإعلامية الضخمة التي كانوا يعتمدون عليها لتحسين صورتهم …….
هذا هو مربط الفرس. ولكن يبدو ان حكومة الانقاذ و حتى هذه اللحظه لا تعى البلاوى التى جرتها على نفسها جراء قتل المتظاهرين المسالمين فقد ساهمت فى توحيد النظره الدوليه لها بأنها حكومه دمويه لا فرق بينها وبين نظام صدام حسين او القذافى وعليه يجب ان تذهب وما تسارع وتيرة العقوبات الا دليل توافق دولى على ذهابها ومع الاوضاع المأساويه فى مناطق الحرب لم يتبق الا ان يسارع المجتمع الدولى الى فرض حظر طيران ووووووالخ وعندها سيعى الجماعه اى مصير ينتظرهم عندما يجدون انفسهم غير قادرين على مغادرة البلد
اللهم ارحم شهداءنا وعجل بذهابهم آمين
ود بادي كتب
إن الحل لكل مشاكل السودان السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية يكون في العودة إلى مكون السودان القديم”
يا ود بادي البتنقد فيهو ده ما السودان القديم الجايي من مملكة سنار مروراً بالمهدية؛ الحل في السودان الجديد.