دروس الحرب

نهى محمد الأمين أحمد
علمتني الحرب أنه لا شيء ثابت في هذه الدنيا إلا وجود الله سبحانه وتعالى ، علمتني أن الأمر كله قد ينقلب رأسا على عقب بين عشية وضحاها، أنك في لحظة قد تفقد كل شئ عرفتني على أقبح وجه ممكن أن تقابلك به الحياة ، عندما تندك الأرض كلها تحت قدميك، أن القصور والممتلكات ، السيارات الفارهة والعقارات ، كل ذلك يضيع بلحظة ولا يهمك سوى أن تنجو بحياتك إن استطعت ، وأنه عندما يدق ناقوس الخطر ويكشر الموت عن أنيابه يتساوى الجميع ، غنيهم وفقيرهم ، عالمهم وجاهلهم ، تقيهم وسفيههم ويتسيد الموقف غلاوة الحياة والاجتهاد للمحافظة على الروح،،
أفقدتني الحرب عنصر الدهشة، فكل ما كان مستبعدا أصبح ممكنا ، وكل ما كان سهلا ، قد يصبح مستحيلا ، علمتني عندما يحيط بك الخطر من كل صوب ولا تدري ماذا تفعل ، فأنت لا تملك قرارك .
أقسى دروس الحرب كان أن النفس البشرية ضعيفة للغاية وأنه في سبيل الحصول على السلطة هدموا وطنا وأهدروا دماءا بريئة وخسروا مستقبلا ، أكدت لي الحرب أن السياسة لعبة في منتهى القذارة ، وأن من يتصارعون لأجل السلطة يدوسون على رقاب المغلوبين ويستخدمونهم دروعا بشرية في معارك لا تخصهم ولا يستفيدون منها ، عرفت ماذا يعني الخراب والدمار الذي تخلفه الحرب ، وكيف يتحول الوطن إلى أشلاء وأنقاض،،،
بسبب الحرب أعدت ترتيب أولوياتي ، عرفت أن البشر مبتلون بأمراض النفوس ، وأن من تظنه صديقك قد يكون من ألد أعدائك ، ويضمر لك الشرور وأنك ربما كان أمامك من كرام النفوس من تجاهلتهم ولم تنتبه لهم .
شاهدت في زمن الحرب كيف يتسيد العقل الجمعي المشهد ، وكيف يصم الكثيرون آذانهم عن الحقيقة ، كيف يتجاهلون الصواب ويؤيدون الخطأ لكيلا يخرجوا من القطيع،،،
أذاقتني الحرب مرارة الخذلان في الأصدقاء ، والإحباط في من كنت تعول عليهم وقضيت عمرا وأنت تحيطهم بالمودة والتقدير ، واكتشفت مؤخرا أنك ضيعت زمنك ومجهودك فيمن لا يستحق،،
فعلت في الحرب الأفاعيل ، لقتني دروسا قاسية ولكنها دروس قيمة ، فقد جعلتني أقوى،،،
شكرا ليك أجمل وصف للحاصل .