اتجاهات القبضة الامنية

نبض المجالس
يبدو ان بلادنا تترقب بحذر تقلبات المشهد الاقتصادي الاني الذي بات وكانه مضطربا كسفينة في بحر متلاطم بلا ضفاف تغشاها العواصف “وهوج الرياح” بين الفينة والاخري .
تعددت محركات هذا المشهد الاقتصادي ومكوناته واختلطت اوراق السياسة والاقتصاد فارتسم هذا “الكشكول” ليشكل مرحلة قاسية وحاسمة في تاريخ السودان الحديث .. مرحلة تراجعت معها سقوفات الدولة تجاه بناء نهضتها ومجدها الموعود الى ارادة قاصرة لا تتجاوز حدود توفير الحد الادنى من معائش الناس ناهيل عن خدماتهم وضرورياتهم اليومية التي تتراجع هى الاخرى الى مستويات متدنية يوما بعد يوم خصوصا في ارياف السودان البعيدة .
ومع كل ذلك فان هذا المشهد اطلت عليه بعض محاولات تصحيح المسار حيث ينشط جهاز الامن الوطني هذه الايام في تلمس بعض الملفات الحساسة والموجعة التي اضرت بالاقتصاد السوداني وكادت ان تجهض الدولة السودانية من الداخل ..فكان حراك جهاز الامن في الحقبة الثانية للفريق قوش حراكا مطلوبا ولازما ينتظره عموم اهل السودان لانه في واقع الحال ان الجهاز صوب جهوده في اتجاه قطع راس الحية او بالاحري ان الحكومة كانما اطلقت يد الامن لملاحقة الروؤس الكبيرة والقطط السمان حتى لو كان ذلك من مبدأ التخويف .
هذا الحراك الاخير وما صاحبه من تداعيات سياسية (وتبدلات) داخل دولاب الدولة وجهازها السياسي “الحاكم” ربما ازال كثير من حواجز النفس واحباطاتها القديمة التي استحكت على رقاب السودانيين بسبب عسر المعائش والازمة الاقتصادية الضاغطة فكانما ابواب الامل والرجاء انفتحت من جديد ولهذا يمكن الاعتقاد او يمكننا ان نتوهم ان عودة (القبضة الامنية) للدولة كانما اوقدت الشمعة الاخيرة في النفق الاخير في جوف الليل وربما يتداعى هذا المشهد الى حراك اخر لا ندري كيف سيكون طابعه ؟
ليس من السهل ان تتبدل الاحوال بين ليلة وضحاها فبمثل ما ان اقتلاع الاشجار الكبيرة “والمعمرة” يحتاج الى آليات ثقيلة لاجتثاثها من الجذور فان القطط السمان ايضا سوف تنصب “مصداتها” وتبني حصونها وحواجزها وتنشب اظفارها في معركة الصراع من اجل البقاء لكن يبدو ان هذه الارادة الجديدة للحكومة عبر سلطة الامن ستمضي ايضا في مقاصدها رغم المقاومة القوية التي تعترضها لان الحكومة ايضا تمارس هذا الدور من اجل بقاءها على سدة الحكم , وربما استجابة لاشتراطات “دولية” , ودائما ما يعتقد البعض انه داخل كل قرار او توجه من الدولة له اسقاطات او “مكون خارجي” فالقضية الاقتصادية الحالية التي يعاني منها السودان الان هى في الاساس قضية سياسية “متشعبة” لها العديد من الاسباب والمبررات ” والموازنات” والتي من بينها بالتاكيد البعد الخارجي ولهذا لا يمكن النظر “لثورة قوش) بمعزل عن محيطها الخارجي وتاثيراتها السياسية الداخلية ولكن يبقي السؤال ..هل سيمضي قوش الى نهاية “الشوط” ؟.وعلى كل فان الحكومة يبدو انها ماضية في اتجاه المزيد من الخطوات تجاه ملف الامن الاقتصادي خصوصا بعد ان اقدمت على اسناد مسوؤليته هذا للفريق سليمان محمد احمد .