أخبار السودان

هل نحلم بسودانٍ يسع الجميع ..!

[CENTER]هل نحلم بسودانٍ يسع الجميع ..!

[/CENTER]

مشكلة البشر الأزلية ليست في الخلاف في حد ذاته ولا في الإختلاف كطبيعة ربانية .. لكنها في اساليب إدارة ذلك الخلاف أياً كان مصدره دينيا أوسياسيا أوإجتماعياً أو سمه ما شئت ..وفي كيفية التعايش في ظل ذلك الإختلاف في اللون أوالجنس أوالعرق أو اللسان وغيره من السمات التي جبلنا عليها الخالق وأمرنا أن نتعارف بها كشعوب ٍ وقبائل .
لكن حينما يشعر كل فريق أنه الأرفع نسبا و الأقوى جاها والأصوب عقيدة بما يعطيه الحق في حرمان الآخرين من عبور نهر الحياة الفانية على مركب واحد معه الى ضفة الرحيل الى عالم الخلود حيث تعود أمانة الأرواح الى باريها متساوية في كف من كلفه الله بقبضها .. فهنا سترتج أمواج تلك الرحلة على قصر مدها وحتمية إنكسارها و ينقلب القارب بالجميع فيتساوون في الهلاك ولن ينجو الشريف مثلما يغرق من كان يعده وضيعاً !
نحن في السودان تمثل فينا ذلك الإختلاف كحكمة ربانية يحسدنا عليها من فقدها كنعمة وتثاءب في ملل رتابة عدم التنوع أياً كان ..فكانت أمامنا الكثير من الفرص لإجتياز ذلك الإمتحان تعاشيا بادارة خلافتنا بالصورةالمثلى التي لا تعطي أحداً الأحقية بالغاء وجود الآخر .. فمن هومسلم فابواب مسجده مفتوحة للعبادة ملبيا نداء الآذان بالحق ومن كان مسيحيا فدونه كنيسته التي تدعوه أجراسها..والكل يعبد إلها واحداً .. ومن كان على ملة أخرى أو لا دينيا فكلا العابدين في المسجدوالكنيسة يمكنهما أن يدعوان له بالهداية دون إجبار لان الله أعطاه حق الإيمان و الكفر وسخر له باب التوبة ومفتاح العقل .
ومن كان يظن أنه عربي الجذور فليغني لأمجاد اسلافه دون أن يحقر غيره تذرعا بصفاء دمه المزعوم ..والذي يظن أنه أفريقي اللون والهوى فلندعه يرقص في غابات حلمه حاملاً حربته سعيا لإصطياد الأسدالذي يثبت فراسته ولكن من غير أن يصف الآخرين بالجبن .
إذن لكل منا دينه واصله وفصله ولونه السياسي وماضيه وحاضره وغده وعاداته ..ولكن ما ينقصنا تحديدا كيف لنا أن نجعل هذه الأرض لا تضيق بهذا التفرد البانورامي و الفسيفسائي المرسوم في لوحة بديعة الألوان و الذي هونعمة يستثمرها العقلاء عادة لإثراء الحياة وتعمير الدنيا بسواعد البناء لا لتصبح نقمة لتدميرها بأيد الإقصاء والتغول .
ماليزيا بلداسلامي ..غير أن قائد نهضته الحديثة مهاتير محمد لم ينبذ هندوسيا هندياً ولا بوذياً صينيا ولامسيحيا اصله أوربي أو طردهم عن المساواة في الوطنية مع أصحاب البلاد الأصلين من المسلمين الملاويين ..لذا كانت خُطى تطوره أسرع نحو العلا فأكمل مهمته بتوسيع رقعة الوطن وجلس مرتاح الضمير يسامر الناس في المقاهي الشعبية بعد أن ترجل عن سقالة التشييد لمن صعدوا عليها بعده ومن ثم سلم المسطرينة طائعا لمن خلفوه بسنة التداول ..ولم يقل أنا من بناها ولابد أن أجلس في علاها حتى يرث الآرض مولاها !

محمد عبد الله برقاوي..
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. لعَمرُكَ ما ضَاقَتْ بلادٌ بأهلِهَا … ولكنَّ أخلاقَ الرِّجالِ تَضِيقُ
    (الشاعر عمرو بن أهتم السعدي)

    إن التنوع الإثني والعرقي والقبلي، أو كما سميته أخي برقاوي بالاختلاف، هو سنة من سنن الله في الكون. انظر إلى قوله تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ).
    وحتى الاختلاف في الأديان هو سنة من سنن الله الذي له القدرة على أن يجعل الناس على قلب رجلٍ واحد: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ).
    إن دول العالم الأول قد فطنت إلى أهمية التنوع فعملت على إدارته بصورة تعزز من وحدة الدولة وتقلل من خطورة الاختلاف. فانتهجت أمريكا سياسة الوحدة من خلال التنوع Unity in Diversity وعملت دول أخرى تعاني من التداخل السكاني مع دول الجوار، مثل سويسرا، إلى نظام الكانتونات الذي يضمن للجميع تمثيلاً عادلاً في الحكومة بكل مستوياتها.
    ولكن في السودان تختلف الصورة تماماً بسبب العقلية الإقصائية للسودانيين وتجذر العنصرية والشوفينية. انظر إلى الطيب مصطفى يذبح ثوره الأسود، سواد قلبه، فرحاً بانفصال الجنوب، وانظر إلى ابن أخته البكشير يعلن من القضارف في حضرة وزير الخارجية القطري بأن زمن “شريعة الدغمسة” قد ولى وأن السودان قد أصبح إسلامياً عربياً خالصاً بذهاب الجنوب.
    إن أكبر ما يهدد السودان هو مدعي الأصل العروبي الذين يسعون لفرض عروبتهم الكاذبة على الآخرين، فقد أدى ذلك بالمقابل لرد فعل من بقية السكان الذي اتجهوا بكلياتهم نحو إفريقيا السوداء منكرين أي علاقة للسودان بالعروبة أو حتى بالدين الإسلامي. ولكنا في انفصال الجنوب خير نموذج.
    إن أرض السودان واسعة يا أستاذ برقاوي، تسع الجميع بمخلتف قبائلهم وألسنتهم وعقائدهم الدينية والسياسية ولكن ينقصنا الساسة والقادة الواعين الذين يستثمرون هذا التنوع في خلق سودان قوي ورائد يهابه الجميع، بدلاً من الاسثمار في سياسة “فرق تسد” التي انتهجها النظام الإبليسي الحاكم، فأشعل فتيل الفتنة في الشرق والغرب والشمال والجنوب، تماماً كما كان الحال أيام المستعمر، حتى يتمكن من حكم البلاد.

  2. ” فهنا سترتج أمواج تلك الرحلة على قصر مدها وحتمية إنكسارها و ينقلب القارب بالجميع فيتساوون في الهلاك ولن ينجو الشريف مثلما يغرق من كان يعده وضيعاً ”

    هذا هو مربط الفرس !!! سلمت يا أديب..

  3. إبداع كالعادة.

    آمل أن تكتب سيرتك الذاتية الأدبية بهذا الأسلوب فوق الممتع.

    ولا تحرمنا تفصيل التفاصيل.

  4. والذي يظن أنه أفريقي اللون والهوى فلندعه يرقص في غابات حلمه حاملاً حربته سعيا لإصطياد الأسدالذي يثبت فراسته ولكن من غير أن يصف الآخرين بالجبن .

    ما أثقل وطء الإستعراب علينا فحتى الذي تصدق نواياه تخذله لغته وتقعده التصورات التقليدية عن رؤية الآخر في فضاء أرحب

  5. لعَمرُكَ ما ضَاقَتْ بلادٌ بأهلِهَا … ولكنَّ أخلاقَ الرِّجالِ تَضِيقُ
    (الشاعر عمرو بن أهتم السعدي)

    إن التنوع الإثني والعرقي والقبلي، أو كما سميته أخي برقاوي بالاختلاف، هو سنة من سنن الله في الكون. انظر إلى قوله تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ).
    وحتى الاختلاف في الأديان هو سنة من سنن الله الذي له القدرة على أن يجعل الناس على قلب رجلٍ واحد: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ).
    إن دول العالم الأول قد فطنت إلى أهمية التنوع فعملت على إدارته بصورة تعزز من وحدة الدولة وتقلل من خطورة الاختلاف. فانتهجت أمريكا سياسة الوحدة من خلال التنوع Unity in Diversity وعملت دول أخرى تعاني من التداخل السكاني مع دول الجوار، مثل سويسرا، إلى نظام الكانتونات الذي يضمن للجميع تمثيلاً عادلاً في الحكومة بكل مستوياتها.
    ولكن في السودان تختلف الصورة تماماً بسبب العقلية الإقصائية للسودانيين وتجذر العنصرية والشوفينية. انظر إلى الطيب مصطفى يذبح ثوره الأسود، سواد قلبه، فرحاً بانفصال الجنوب، وانظر إلى ابن أخته البكشير يعلن من القضارف في حضرة وزير الخارجية القطري بأن زمن “شريعة الدغمسة” قد ولى وأن السودان قد أصبح إسلامياً عربياً خالصاً بذهاب الجنوب.
    إن أكبر ما يهدد السودان هو مدعي الأصل العروبي الذين يسعون لفرض عروبتهم الكاذبة على الآخرين، فقد أدى ذلك بالمقابل لرد فعل من بقية السكان الذي اتجهوا بكلياتهم نحو إفريقيا السوداء منكرين أي علاقة للسودان بالعروبة أو حتى بالدين الإسلامي. ولكنا في انفصال الجنوب خير نموذج.
    إن أرض السودان واسعة يا أستاذ برقاوي، تسع الجميع بمخلتف قبائلهم وألسنتهم وعقائدهم الدينية والسياسية ولكن ينقصنا الساسة والقادة الواعين الذين يستثمرون هذا التنوع في خلق سودان قوي ورائد يهابه الجميع، بدلاً من الاسثمار في سياسة “فرق تسد” التي انتهجها النظام الإبليسي الحاكم، فأشعل فتيل الفتنة في الشرق والغرب والشمال والجنوب، تماماً كما كان الحال أيام المستعمر، حتى يتمكن من حكم البلاد.

  6. ” فهنا سترتج أمواج تلك الرحلة على قصر مدها وحتمية إنكسارها و ينقلب القارب بالجميع فيتساوون في الهلاك ولن ينجو الشريف مثلما يغرق من كان يعده وضيعاً ”

    هذا هو مربط الفرس !!! سلمت يا أديب..

  7. إبداع كالعادة.

    آمل أن تكتب سيرتك الذاتية الأدبية بهذا الأسلوب فوق الممتع.

    ولا تحرمنا تفصيل التفاصيل.

  8. والذي يظن أنه أفريقي اللون والهوى فلندعه يرقص في غابات حلمه حاملاً حربته سعيا لإصطياد الأسدالذي يثبت فراسته ولكن من غير أن يصف الآخرين بالجبن .

    ما أثقل وطء الإستعراب علينا فحتى الذي تصدق نواياه تخذله لغته وتقعده التصورات التقليدية عن رؤية الآخر في فضاء أرحب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..