المستبدّون أعداء العلم والمسّتنيرين

بلا انحناء

المستبدّون أعداء العلم والمسّتنيرين

فاطمة غزالي
[email protected]

لا شك في أنّ طبائع الاستبداد في القرن الـ(21) دولتها غريبة وأمرها عجيب، تتشكل كيفما تشاء، إذ أن المسستبدين في عصرنا هذا يحاورون كل محاولات الاصلاح كيما يرتعوا في غيّهم كالأنعام أو أضل سبيلا، كأنما يريد الله أن يمد لهم في الضلالة مدا، بالرغم من موجة الوعي التي ضربت الشعوب خاصة في منطقة الشرق الأوسط وأشرقت شمس التّحرر من الطغاة المستبدين في كل من تونس ومصر بعد ليل طويل من الظلم، إلا أنّ الطغاة المستبدين نجد بعض منهم ازدادوا استبداداً، متجاهلين في نجواهم ماهية ما يدور من حراك شعب سئم الاستعباد، والقهر، كأنما قصوره محصنة من رياح التغيير العاتية أو بينها وغضب الشعوب سداً منعياً، ولكن سرهم يرتعد خوفاً ويحسبون كل صيحة عليهم ويخشون من علوم الحياة في عنفوان استبدادهم.
فسّر عبد الرحمن الكواكبي قبل قرن من الزمان في كتابه “طبائع الاستبداد” لماذا يخاف المستبدون من علوم الحياة؟، وذكر أنّ المستبد ترتعد فرائصه من علوم الحياة مثل الحكمة النظرية، والفلسفة العقلية، وحقوق الأمم، وطبائع الاجتماع، والسياسية المدنية، والتأريخ المفصل، والخطابة الأدبية، ونحو ذلك من العلوم التي تُكبر النّفوس وتوسع العقول وتُعرّف الإنسان ماهية حقوقه وكم هو مغبون فيها؟، وكيف الطلب؟، وكيف النّوال؟، وكيف الحفظ؟.
أخوف ما يخاف المستبدّ من أصحاب هذه العلوم المندفعون منهم لتعليم النّاس الخطابة أو الكتابة، وهم المعبّر عنهم في القرآن بالصالحين والمصلحين في قوله تعالى” وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ”، وفي قوله تعالى “وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ”.
إذاً الاستبداد والعلم ضدان متغالبان، فكل مستبدّ يسعى بجهده في إطفاء نور العلم، وحصر الرعية في حالك الجهل، والعلماء الذين ينبتون أحياناً في مضايق صخور الاستبداد يسعون جهدهم في تنوير أفكار النّاس، والغالب أنّ رجال الاستبداد يُطاردون رجال العلم وينكلون بهم، فالسعيد منهم من يتمكن من مهاجرة دياره، وهذا سبب أنّ كلّ الأنبياء العظام عليهم الصلاة والسلام وأكثر العلماء الأعلام والأدباء والنبلاء تقلبوا في البلاد وماتوا غرباء.
وذكر الكواكبي أنّ المدققون قالوا: إنّ أخوف ما يخافه المستبدون الغربيون من العلم أن يعرف الناس حقيقة أنّ الحرية أفضل من الحياة، وأن يعرفوا النفس وعزّها والشّرف وعظمته، والحقوق وكيف تُحفظ، والظلم وكيف يُرفع، والإنسانية وما هي وظائفها، والرّحمة وما هي لذّتها.
أما المستبدون الشرقيون فأفئدتهم هواء ترتجف من صولة العلم، كأن العلم نار وأجسامهم بارود، ويخافون من العلم حتى من علم الناس معنى كلمة (لا إله إلا الله) لأنّها تعني لا يُعبد حقاً سوى الصانع الأعظم، ويكون معناها (لا يستحق الخضوع شيءُ غير الله )، وحرص الذاكرين لها تحذُّراً من الوقوع في ورطة شيء من الخضوع لغير الله وحده، وهذا لا يناسب غرض المستبدين أن يعلم عبيدهم أن لا سيادة ولا عبودية في الإسلام ولا ولاية فيه ولا خضوع، وإنما المؤمنون بعضهم أولياء بعض، وعليه كان المستبدون أنصار الشرك وأعداء العلم لأنّه ما انتشر نور العلم في أمةٍ قطّ وإلا تكسّرت فيها قيود الأسر وساء مصير المستبدّين من رؤساء سياسة أو رؤساء دين.

الجريدة

تعليق واحد

  1. بسم الله الرحمن الرحيم
    السلم عليكم فاطمه غزالى
    لااريد ان اعاق على هذا الموضوع لكن لدى موضوع هام جدا وقد شغل كافة افراد المجتمع من الطبقات الفقيرة وزوى الدخل المحدود الا وهو ايجار المنازل هذا الموضوع اعتقد انه من الاهمية بمكان ان تتناوله الاقلام الجريئة وهذه بمثابة دعوه لكل الصحفيين والاعلاميين ان يصخروا اقلامهم وصحفهم له لان اصحاب الاملاك هم مصاصين دماء ولا يعقل ان يكون هنالك موظف فى الدرجه الخامسه وراتيه لايتجاوز 500ج يسكن فى منزل ايجارة الشهرى 650ج ايعقل هذا من اين له بالاكل والشرب والعلاج والتعليم والمجاملات واحد من اثنين اما زيادة الرواتب او محاربت اصحاب الملك
    اما موضوع الاسكان الشعبى هذا امر اخر من اين لموظف راتبه بهذا الضعف ان يدفع مقدم

    4000الف ج وينتظر استلام المنزل وبعد هذا كله هنالك حساب درجات المولود فى الخرطوم درجاته اعلى من المولود فى بئر العربى اوبئر الباشا او حوش بانقا ليش مش كلنا اولاد تسعه؟ (عيش ياحمار)

  2. تحريرالدول من مستبد قديم وتسليمها لمستبد جديد لا يغير شيئا.
    ربما كان المستبد القديم أهون لتعود الناس عليه.
    أما ( الجديد شديد)

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..