علاقاتنا الخارجية “شلعوها” الكيزان

الأوضاع تسوء يوما بعد يوم مع دول الجوار الإثيوبي بالتعدي الإثيوبي على أراضي زراعية سودانية، لم يكن هذا التعدي ليظهر بصورته الحالية إلا بعد محاولة الخرطوم الزج بالجيش الإثيوبي في الصراع القائم حول تلك الأراضي بين عصابات معروفة للجانبين السوداني والإثيوبي “بالشفتة”، ولكن رئيس البرلمان السوداني اتهم الجيش الإثيوبي الذي يلاحق تلك الجماعات المتمردة على النظام الإثيوبي اتهمه بالاحتلال المباشر لثلاث مناطق شرقي السودان وهذا بمثابة إعلان حرب بين جيشي البلدين من قبل رئيس السلطة التشريعية في الخرطوم، وهذا حتما ما سيقابله رئيس وزراء إثيوبيا بدق طبول الحرب وإرسال إشارة الإستعداد للقوات الإثيوبية برا وجوا كما ترشح الأنباء.
ومن جهة الشمال الجوار المصري يتدخل يوما بعد يوم في المجال السوداني ويتعدى على أراضيه بإعلان انتخابات برلمانية في إحدى المدن والأقاليم السودانية أرضا وسكانا دون أن تنبس الخرطوم ببنت شفة، وذلك لبيعها حلايب وشلاتين “مقايضة” بملف محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك، فضلا عن اختلاف وجهاتنا واتجاهاتنا الدبلوماسية وتناقضها وتضارب مصالحنا، فمصر الداعمة والمتجهة لطبرق الليبية شرقا، تراقب الطائرات التي تدعم بها الخرطوم طرابلس غربا.
ولا مجال لتدارك التصعيد الحالي في ظل وجود هذا النظام إلا بعزله، وإقامة دولة الوطن التي فيها هيبة الجيش الذي يحافظ على سيادة الوطن وتكون فيها العلاقات الخارجية قائمة على الندية والإحترام والمنافع المتبادلة.
أما التعاون المعلن بين الحكومة السودانية وحكومة طرابلس وجماعات إسلامية متطرفة في ليبيا لا تنكره حتى تقارير الحكومة الرسمية بل إن أحد أجندة لقاء القمة بين الرئيس السوداني ورئيس الوزراء الهندي هو تفاوض الخرطوم مع إسلاميي ليبيا لإطلاق رهينتين هنديتين، ووجه التناقض الثاني والمقيت هو الدعم اللوجستي والعسكري المباشر من الخرطوم لمجموعة رياك مشار التي لا زالت في جيوب التمرد، والتغافل الرسمي من حكومتنا عن دعم مصر لجوبا ورئيسا سلفاكير، كلها مشاهد تنبيئ بخسارة كبيرة لاحترام الجوار الإقليمي العربي والإفريقي المتبادل ونذر مواجهة في عدة جبهات لن تقو دولتنا على تحمل تبعاتها.
فالجبهات الداخلية في المناطق الثلاث (جنوب كردفان- النيل الأزرق- دارفور) تنهك خزينة الدولة وتبدد مواردها وموارد تلك الأقاليم فضلا عن الكارثة الإنسانية التي خلفتها حرائق نظام الخرطوم في تلك المناطق.
وأخيرا سمعنا بكارثة دعم قوات “السيليكا” التي استجلبت من إفريقيا الوسطى لتدريبها وتأهيلها وتمكينها من التقدم غربا لتغيير النظام في دولتهم أو الاسهام في ردع أي عمل جماهيري تنظمه المعارضة السودانية بالخرطوم.
إذا العلاقات الخارجية ببساطة يمكن أن نقول:”شلعوها الكيزان” فهي تحتاج لسعي حثيث من الحادبين من دبلوماسيين، وقادة وطنيين، ومنظمات شعبية، وأهلية، لعقد مؤتمرات ولقاءات بين دبلوماسيي دولتنا والجوار وقادة الرأي من الشعبيين والإعلاميين وغيرهم من رجالات الإدارة الأهلية من تلك الدول لإخماد نار الحرب التي اتقدت. وتبيين الموقف الشعبي السوداني الذي لاقى أبرياء حتفهم جراء سوء التفاهم الرسمي بين الحكومات، وكذلك لإرجاع السودان لمكانته الحقيقية بين تلك الأمم، وتخرج الخرطوم من عاصفة الحزم لتضطلع بدورها الذي لعبته في سابق الزمن وتستحق أن يقال عنها “خرطوم اللاءات الثلاث”، فكل ما نأمله هو جعل ملفاتنا الخارجية تدار بمعادلة كسبية لا خاسر فيها منا ومن دول الجوار ولوضع بلادنا في طريقها الصحيح، أو فلنبشر بتدخلات سافرة، ومحاولات إنقلابية، وحروب من كل الجيران لا تبقي ولا تذر.

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..