أخبار السودان

“فيل” الروات (1 من 2) ..

السر سيد أحمد

الاعلان التحريري المنشور في موقع “أويل برايس” المتخصص في الشؤون النفطية يوم الاحد الماضي عن حقل الروات جنوب غرب كوستي وأثار الكثير من الاهتمام واللغط لم يكن الوحيد من نوعه، فقد لحقه اعلان أخر في نفس الموقع بعد يومين لكن تحت أسم صحافي أخر ومختلف هذه المرة، كما انه مادة تسجيلية مثل الاول عن شركة “ستامبر للنفط والغاز”، التي تقول انها تتهيأ للدخول في مشروع مربع -25، المعروف بالروات. ويختلف الموضوع الاخير بالتركيز على الجانب الترويجي والدعوة الصريحة للمستثمرين المحتملين أن ينتهزوا الفرصة واتجاه أسعار النفط الى أعلى، ومستخدما في الاعلان كلمة “فيل” لوصف حقل الروات، وهي نفس الصفة/الكلمة التي استخدمها ديفيد قرينواي، المدير التنفيذي لشركة “ستامبر”. وبعد يومين اخرين تم نشر نفس الموضوع في موقع Next Big Future.com وقام موقع “ياهو” بإعادة نشره في موقعه يوم الخميس الماضي.
تستخدم كلمة “فيل” في أروقة الصناعة النفطية للإشارة الى الحقول النفطية الضخمة وارتبطت الى حد بعيد بمنطقة الشرق الاوسط يتقدمها حقل الغوار الضخم في السعودية، الذي يعتبر أكبر حقل في العالم اذ يعتقد أن الاحتياطيات فيه التي تقارب 100 مليار برميل تتجاوز كل احتياطي النفط في روسيا الذي يقدر بحوالي 70 مليار برميل. ولهذا فاستعمال كلمة “فيل” يبدو مقصودا لجذب الانتباه. وتمضي المادة التسجيلية لتشير الى ان شركة “ستامبر” صغيرة قيمتها السوقية تبلغ 14.6 مليون دولار فقط، لكنها مهيأة الى انطلاقة فيما اذا اكتملت اتفاقيتها مع السودان خاصة ويمكنها أن تبني على المعلومات الفنية التي تركها الصينيون نتيجة للمسح السيزمي وذلك الثلاثي الابعاد، الامر الذي يمكن أن يوفر وقتا وجهدا واستغلال الاحتياطيات النفطية مباشرة مما يعني عائدا سريعا على الاستثمار.
الاشكال الرئيسي في هذا الاعلان التحريري انه ليست لشركة “ستامبر للنفط والغاز” أية علاقة مع مربع-25 أو حقل الروات أو شركة “سودابت” العاملة في المربع حتى الان. فقط هناك مذكرة تفاهم بين “سودابت” وشركة “ستيت” الكندية المملوكة لرجل الاعمال الكندي من أصل باكستاني لطف الرحمن خان. “ستامبر” أبرمت بدورها مذكرة تفاهم مع شركة “ستيت” وإذا اكتملت العملية فسوف تتملك “ستامبر” شركة “ستيت” بنسبة 100 في المائة، لكن حتى إذا اكتملت هذه الخطوة فستظل في انتظار الخطوة المهمة وهي تحويل مذكرة التفاهم بين “سودابت” و “ستيت” الى اتفاقية ملزمة، وحتى ذلك الوقت فان مربع-25، أو الروات يظل مملوكا وبنسبة 100 في المائة ل”سودابت” التابعة لوزارة النفط والغاز حتى اشعار أخر، كما انه بهذا الاعلان حصل الروات على ترويج مجاني. ويبدو انه ولهذه الاسباب مجتمعة لم تتناول وكالات الاخبار الرئيسية وتلك المتخصصة في الشؤون النفطية هذا الموضوع اطلاقا.
لطف الرحمن خان هذا له تاريخ طويل مع السودان وعلى معرفة بالصناعة النفطية والقيادات السياسية فيه وكان يأمل في الحصول على امتياز “شيفرون” الذي تمكنت الحكومة من استخلاصه، على ان الفنيين في وزارة الطاقة وقفوا ضد فكرة اعطاء امتياز بمساحة ضخمة لآي شركة مهما كانت واللجوء الى فكرة المربعات التي يمكن توزيعها على عدة شركات ومن بينها شركة “ستيت” لصاحبها لطف الرحمن خان، لكن الشركة لم تستطع الوفاء باتفاقها بسبب ضعف مقدرتها المالية رغم عملها في السودان لفترة ثلاث سنوات بدون أن تشهد الفترة حادثا أمنيا، وهو أمر مهم بسبب تهديدات الحركة الشعبية وقتها التي أدت الى وقف نشاط “شيفرون”، كما تمكنت من رفع الاحتياطي المعروف وأهم من ذلك الترويج للمشروع دوليا، وهو ما أدى الى ظهور الشركات العالمية. الحكومة توصلت الى قناعة بعدم قدرة شركة “ستيت” المالية والفنية على تحقيق الاختراق في ملف النفط وكان أن انهت الاتفاق معها بصورة قانونية وودية مما فتح الباب أمام تأسيس أول كونسورتيوم لإنتاج وتصدير النفط مع الصينيين والماليزيين. وقام وزير النفط الحالي دكتور عبد الرحمن عثمان بدور أساسي في الجوانب الفنية لتأسيس الكونسورتيوم، وأعطيت “ستيت” حصة في الترتيب الجديد قامت ببيعها فيما بعد الى شركة “تاليسمان” الكندية، التي باعت نصيبها بعد فترة الى شركة النفط والغاز الهندية. وعليه فيبدو الاعلان الاخير عن حقل الروات-الفيل وكأنه تكرار لعمليات قديمة لرفع قيمة أسهم الشركة وتعزيز قدراتها المالية.
أما مربع-25 الذي يعرف بالروات ويقع جنوب غرب كوستي فقد برز الى الوجود بعد انفصال الجنوب اذ كان جزءا من مربع 3 و7 الذي عمل فيه الصينيون والماليزيون، لكن معظم مساحة ذلك الامتياز خاصة المناطق المنتجة فيه ذهبت الى جنوب السودان. ومع انه تم تحقيق بعض الاكتشافات فيه، الا ان الوضع احتاج الى بعض الوقت لترتيب الجوانب الإدارية الجديدة عقب الانفصال وتأسيس أدارة للمربع وأصبح من الحقول التي يمكن أن تضيف الى الخام المنتج محليا خاصة وقد وضعت خطط أولية للبدء بإنتاج 2500 برميل يوميا، لكن أواخر العام الماضي شهد اكتشافات جديدة في الحقل اضافت 66 مليون برميل الى الاحتياطي الى 99 مليونا كانت معروفة من قبل، الامر الذي أدى الى تعديل التصميم لرفع الانتاج الى سبعة ألاف برميل يوميا. ويمتاز الخام المنتج فيه انه من النوع الجيد ويبلغ 29.7 درجة وفق مقياس معهد البترول الامريكي وهو بالتالي يقع في مرتبة وسطى بين خامي “مزيج النيل” و “دار” الذين تعرفهما الاسواق العالمية كخامين سودانيين، كما تمتاز عملية الاستكشاف التي تمت في الحقل ان عمليات الحفر والانتاج والاختبارات التي جرت قامت بها شركات خدمات نفطية سودانية.
ومع ان هناك مؤشرات عديدة على ان حقل الروات يبدو واعدا، الا انه لا يمكن الجزم بحجم احتياطياته الفعلية الا بعد الحفر وهو ما يتطلب إنفاقا ماليا كبيرا للقيام بعمليات الاستكشاف ومن ثم الاعداد للإنتاج من المناطق الواعدة وتطوير الابار حتى تتمكن من توفير مزيد من الخام للمصفاة وبالتالي تأمين احتياجات الاستهلاك المحلي. وفي الوقت الحالي لا يوفر الانتاج المحلي أكثر من 40 في المائة من تلك الاحتياجات. ووزارة النفط تعمل الان على برنامج لمدة عامين لإضافة 100 ألف برميل يوميا تضاف الى ما ينتج حاليا وهو 88 ألفا، لكن علامات الاستفهام تظلل قضية توفير الموارد المالية اللازمة للقيام لإنفاذ هذا البرنامج. وعدم وجود الموارد المالية خاصة مبلغ 92.5 مليون دولار لإطفاء المصفاة وصيانتها وتشغيلها، وهو ما أسهم في الازمة الحالية.
ومع انه يمكن القول ان الوضع الراهن وأزمة الامدادات التي يعايشها الناس من تداعيات انفصال الجنوب الذي حمل معه معظم الاحتياطيات النفطية المعروف وكذلك الانتاج الذي يغطي الاستهلاك المحلي، الا ان هذه الحقيقة تخفي وراءها حقيقة أكبر وأشد مرارة وهي انه لم يتم الاستعداد لهذه المرحلة سواء بتكثيف عمليات الاستكشاف ورفع حجم الانتاج النفطي في الشمال وأهم من ذلك ان جزءا من عائدات النفط لم تخصص للقطاع الزراعي ثروة السودان الحقيقية التي تعود عليه بالدخل المناسب للإنفاق العام والاستثمار كما هو مطلوب في الصناعة النفطية.
المفارقة أن أول وزير اهتم بالإنتاج النفطي في الشمال كان أول وأخر وزير جنوبي تولى وزارة النفط وهو الدكتور لوال دينق الذي قال انه يغادر الوزارة والسودان وفي نفسه شيء، من حتى لأنه لم يتمكن من بدء الانتاج من مربع 17 في الشمال الذي عمل على تأسيسه، وهذا ما يعيد الى دائرة الضوء قضية أمن الطاقة.

(يتبع غدا)
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. البترول في دارفور ولكن أمريكا سوف لن تسمح بإستخراجه الآن حتى لا تذهب لجيوب القطط السمينة من الجلابة،،

    أنظروا أين ذهبت عائدات النفط وماذا فمل عوض الجاز وعصابته.

  2. يا الجيولجى بطل الكذب ، لا يوجد بترول و لا يحزنون فى دارفور ، هنالك شويه خام فى منطقة زرقه ام حديد بشرق دارفور ،و قد قامت الحكومة باستخراجه الان و لكن الكميه محدوده جدا و ليست ذات اثر يذكر ، و هذا الحقل اى حقل زرقه فهو مملوك لشركة بتروانرجى و يمثل امتدادا لحقل بليله بغرب كردفان و هو ايضا مملوك لشركة بتروانرجى احدى ازرع وزارة النفط و الغاز السودانيه ، اما باقى اراضى دارفور ففبها احتياطى ضخم من المياه الجوفيه و لكن لا يوجد بترول. فى عام 2016 قامت شركة بترونيد السودانيه بحفر استكشافى فى المنطقة الواقعه شمال الفاشر و غرب دنقلا و لكنها لم تجد اى بترول فى تلك المنطقه الصحراويه النائيه.

  3. البترول في دارفور ولكن أمريكا سوف لن تسمح بإستخراجه الآن حتى لا تذهب لجيوب القطط السمينة من الجلابة،،

    أنظروا أين ذهبت عائدات النفط وماذا فمل عوض الجاز وعصابته.

  4. يا الجيولجى بطل الكذب ، لا يوجد بترول و لا يحزنون فى دارفور ، هنالك شويه خام فى منطقة زرقه ام حديد بشرق دارفور ،و قد قامت الحكومة باستخراجه الان و لكن الكميه محدوده جدا و ليست ذات اثر يذكر ، و هذا الحقل اى حقل زرقه فهو مملوك لشركة بتروانرجى و يمثل امتدادا لحقل بليله بغرب كردفان و هو ايضا مملوك لشركة بتروانرجى احدى ازرع وزارة النفط و الغاز السودانيه ، اما باقى اراضى دارفور ففبها احتياطى ضخم من المياه الجوفيه و لكن لا يوجد بترول. فى عام 2016 قامت شركة بترونيد السودانيه بحفر استكشافى فى المنطقة الواقعه شمال الفاشر و غرب دنقلا و لكنها لم تجد اى بترول فى تلك المنطقه الصحراويه النائيه.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..